اعتبر الشيخ يوسف البدرى نفسه أحد المثقفين وأكد فى تصريحات سابقة لليوم السابع أنه لا يعاديهم، وإنما يقف ضد من يقذف عباد الله ويجرحهم، ودعا فى تصريحه لفتح صفحة جديدة مع المثقفين والعيش معهم فى سلام، فى هذا التحقيق سألنا عددا من المثقفين هل يوسف البدرى واحد من المثقفين، وإذا كان واحدا منهم فهل يجوز للمثقفين أن تكون ساحات القضاء مجالا للفصل بين خلافاتهم. قال الدكتور عمار على حسن إن الثقافة لو كانت هى المعرفة والإلمام بكم من المعلومات ربما يكون يوسف البدرى أحد المثقفين، لكن إذا أخذنا الثقافة بمعناها الحقيقى، وهى بناء العقل الناقد المبدع، فإن البدرى لا يمكن أن يحشر فى زمرة المثقفين. وأكد عمار على حسن أنه لا يوجد شخص يؤمن باختلاف الرأى وحرية الإبداع ثم يقوم برفع دعوة قضائية على آخر لأنه قال رأيه حتى لو كان سبا وقذفا، مشيرا إلى أن الساحات المصرية عرفت معارك ثقافية وخالطها سب وقذف ولم يلجأ أحد إلى التقاضى. وأضاف حسن: مثل هذه المساجلات أثرت الحياة الثقافية، وكانت تتم بين العقاد وطه حسين، وبين شوقى والعقاد، لكن الشيخ يوسف البدرى اعتاد ممارسة الحسبة بأوسع نطاقها واعتبر نفسه قيما على الدين الإسلامى، ويلجأ إلى القضايا المثيرة للجدل والتى تلفت انتباه الجماهير، حتى صار ينظر إليه باعتباره المحتسب الأول ضد المثقفين فى مصر. وأشار حسن إلى أن هذا المسلك الذى يسلكه البدرى يجعل اعتباره لنفسه واحدا من منتجى الثقافة مجروحا، فليس من حق أحد أن يحكم على كفر أحد، وليس بالتبعية من حقنا أن نحكم عليه إذا كان مثقفا أم لا، فهذه المسألة تخضع دائما للجدل. وختم عمار على حسن حديثه بالتأكيد على أن القضية الحقيقية هى معقولية ما يفعله البدرى مع المثقفين وقال: يوسف البدرى يقيد حرية الإبداع من خلال القضاء. فيما اعتبر الشاعر عبد المنعم رمضان أن القضية ليس الحكم على كون البدرى مثقفا أم لا، وقال إن ما يعنينى هو رأيى الذى ذكرته فى مقال سابق نشرته فى جريدة النهار اللبنانية بعنوان "حلمى سالم شاعر وأنا مع يوسف البدرى، لكنهم لدواعى صحفية غيروا العنوان وجعلوه "أنا مع يوسف البدرى"، فالبدرى له حق كامل فى أن نكتب ما نكتبه، وله الحق فى أن يقول رأيه فى الوسائط المسموح له بها سواء صحيفة أو مجلة أو تليفزيون، وله الحق أيضا فى أن يرفع القضايا طالما يسمح القانون بذلك، فهو خصم مجازى وليس خصمى أو خصم حجازى، وإنما الخصم الحقيقى فى هذه القضية هم هؤلاء الأيدولوجيون الذين سمحوا للبدرى بأن يقاضى قصيدة. وأكد رمضان أن معركة المثقفين الحقيقية ليست مع يوسف البدرى، لكن مع هذا النظام الأيدولوجى الذى لا يرغب فى الدخول فى معركة مباشرة مع الدين، فيسندها إلى المثقفين يخوضونها عنه بالوكالة، وأشار رمضان إلى أن النظام يعلم أن الكتلة العمياء التى هى رجل الشارع سوف تقف ضده، لذلك يضع المثقفين فى مواجهة التيارات الدينية، والمثقفون الذين يصرون على أن تكون المعركة مع يوسف البدرى فقط هم خدم للنظام. وأضاف رمضان: أحيانا أظن أن يوسف البدرى يقوم بدور ربما لا يكون بالضرورة شريكا فيه، وقد يكون بريئا منه، لكن المثقفين لا يعرفون أن معركتهم معه، وإنما مع من منحه الحق فى مقاضاتهم. وأكد رمضان أن النظام يتخلى عن هؤلاء المثقفين الذين يرتضون أن يكون خدما له، وضرب المثل بقضية نصر حامد أبو زيد، وقال: كنت فى بيت غالى شكرى قبل أن تثار مشكلة نصر أبو زيد، وقال لى أبلغنى أحد مستشارى الرئاسة الكبار أنهم طلبوا عرض قضيته على الناس، وإخراجه من الجامعة. وختم رمضان حديثه بالتأكيد على أن خدام النظام من المثقفين يحققون مكاسب يومية نظير طبع كتاب، أو جائزة ما. ومن جانبها، أعربت الدكتورة عفاف عبد المعطى عن دهشتها من اعتبار يوسف البدرى نفسه واحدا من المثقفين، وقالت إن إدوارد سعيد عرف المثقف بأنه الحر الذى يعيش فى مجتمع حر، والذى لا ينتمى إلى شلة ما، كما أنه الذى يقبل الرأى والرأى الآخر، أما الشيخ يوسف البدرى فهو لا يستطيع أن يتفهم قصيدة الشاعر حلمى سالم، "شرفة ليلى مراد" كما أنه ليس مبدعا ليحكم على الشعر، فكيف يصف نفسه بالمثقف. وأكدت عبد المعطى فى ختام حديثها على أن رجل الشارع العادى الذى يقرأ "الجرنان" يعتبر نفسه مثقفا، فالثقافة سلوك ولا يمكن أن نصف من يتصيد أخطاء الآخرين ويقاضيهم فى المحاكم بأنه مثقف.