سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قضاة: البرامج التليفزيونية والصحافة ترتكب جرائم كبرى ويجب وضع خطوط حمراء لها.. وقنصوة: نحن لسنا نجوم مجتمع والإعلام مفسدة للقضاء جدل فى مؤتمر "الإعلام والقضاء"..
شهد مؤتمر "الإعلام والقضاء" اليوم بكلية الإعلام جامعة القاهرة، جدلاً ساخناً، حيث وجه رجال القضاء هجوماً عنيفاً للإعلام والبرامج التلفزيوينة والصحف، ووصفوها بأنها ترتكب جرائم كبرى، وطالبوا بوضع خطوط حمراء لحفظ هيبة القضاء، فيما رد الإعلاميون مؤكدين رفضهم التام للقدسية التى يريدها القضاة على حد وصفهم، وتساءلوا كيف تستقيم هذه القدسية مع ندبهم فى السلطة التنفيدية ومشاركتهم فى كل ما يهم المجتمع. وبدأت الندوة بهجوم حاد من المستشار خيرى الكباش، الذى أكد أن الإعلام والبرامج التليفزيونية زعزعا ثقة المواطن فى الأحكام القضائية دون فحص وتمحيص، مؤكداً أن هذه الطريقة تهدف لهدم الصرح القضائى، بما يؤدى لهدم الجدار الذى يحتمى به المجتمع. وشدد كباش على ضوروة عدم نقل أى خبر من القضايا التى تنظر أمام القضاء ونظره إلا بعد الحكم النهائى، مؤكداً أن الإعلام يجعل الصغير كبيراً والكبير صغيراً، وداعياً لضرورة التزام الإعلام بالقانون والدستور وميثاق الشرف الصحفى. وانتقد الدكتور أحمد الصاوى عميد كلية حقوق السابق بجامعة القاهرة القنوات الفضائية، مؤكداً أنها تُشكل محاكم موازية للقضاء، فى القضايا، يوجهون الرأى العام، واصفا هذا بأنه جريمة كبرى وانتهاك للعدالة يجب الوقوف ضدها وقفة جادة. وشدد "الصاوى" على ضرورة وضع خطوط حمراء للصحافة والتليفزيون، فى معالجة القضايا الذى ينظرها القضاء، مؤكداً أن عدداً كبيراً من المواطنين ذاقوا مرارة هذا النشر، وتمت إدانتهم من قبل الإعلام فى الوقت الذى انتهى فيه الحكم القضائى ببراءتهم. وقال الصاوى، "أناشد الصحافة أن تكف عن تجريح الناس وتشويه سمعتهم، والإساءة إليهم، ولا يجوز بدعوى حرية الرأى والنشر تناول القضايا وتحليلها والتعليق عليها". فيما أكد الدكتور محمد سعد نائب رئيس كلية الآداب بجامعة المنيا إلى أنه يجب التعرض للسلطة القضائية فى حال وجود تجاوز وانحراف، لأنه لا قداسة للدولة وتصرفات القائمين على السلطة القضائية، مشيراً فى الوقت نفسه إلى وجود تجاوزات. الدكتور حسن راتب رئيس قناة المحور أبدى استغرابه من المطالبات بعدم تناول القضاة واعتبارهم سلطة مقدسة بشكل مطلق، وتساءل "عندما ينزل القضاة إلى الشارع ويعرضون آراءهم السياسية ومطالبهم، عل لا نختلف معهم. وأكد راتب، أن ندب القضاة فى وظائف بالسلطة التنفيذية، وصعودهم بعد ذلك للمنصة يؤدى إلى اختلاط المصالح، متسائلا كيف نحافظ على هذه الهيبة للقضاة إذا كان بعضهم ينظر من أى شخص أن يمن عليه بمنصب أو وظيفة"، لافتاً إلى أن الإعلام فعل ثقافى يبدى الرأى الآخر وأنه عندما يعتمد على رأى قانوى كبير فى قضية، فهذا فعل ثقافى من حق المجتمع الاطلاع عليه، وليس ضد القضاء والقضاة. بينما اختلف الكاتب الصحفى وائل الإبراشى مع رأى الدكتور أحمد الصاوى، رافضاً وضع خطوط حمراء أمام وسائل الإعلام فى متابعة القضايا والابتعاد عن القضاء وقضاته، قائلاً "لو حدث ذلك فما فائدة الإعلام، فمن الأولى أن نغلق الصحف والفضائيات ونجلس فى البيت"، وأضاف قائلا يجب علينا أن نجيب على تساؤل مهم، وهو "هل القضاء والقضاة مجتمع بشرى أم ملائكى مقدس؟". ورفض الإبراشى اعتبار مجتمع القضاة ملائكياً وكهنوتياً وعدم نقده، قائلاً "إذا أردت انهيار أى مجتمع، عليك بزيادة القداسة فيه"، معبراً عن تأييده لخصوصية المجتمع القضائى البشرى بهدف الحفاظ على هيبة ووقار القاضى، وأضاف "فى الوقت نفسه الذى نحافظ فيها على خصوصية القضاء، لكن يجب الحفاظ أيضا على حق المواطن فى المعرفة، مؤكداً أن الإساءة الحقيقة للقضاء تكمن فى إخفاء الانحرافات وأوجه الفساد التى تحدث من جانب بعض القضاة، وهو الأمر الذى يجب أن تتصدى له وسائل الإعلام. وانتقد الإبراشى تدخل الدولة فى تحديد العلاقة بين الإعلام والقضاء، حيث قال فى فترة من الفترات لم تكن الدولة تسمح للصحفيين بنشر وقائع فساد يقع فيها أحد القضاة، ولكن بعد سنة 1992 تقريبا فوجئنا بتغيير هذه السياسة، وأصبح متاح أمامنا نشر مثل تلك الوقائع، مضيفاً أن السبب وراء ذلك قد يكون أن الدولة اكتشفت أن القاضى مثل أى شخص، ومحاربة الفساد الذى يقع فيه يمثل عقاب مناسب أمام الجميع لتفادى تلك الأخطاء، أو أن النظام قد يريد كسر شوكة القضاة. وأكد الإبراشى، أن وسائل الإعلام ليست بلا أخطاء بل تقع العديد منها فى تجاوزات، مطالباً بضرورة وضع ميثاق شرف يضعه القضاة من ناحية والصحفيين والإعلاميين من ناحية أخرى. ورداً على حديث الإبراشى، أكد المستشار المحمدى قنصوة رئيس بمحكمة استئناف القاهرة، أن القضاة بشر وعملهم الإنسانى بدليل أن القضاء يتم على أكثر من درجة لتصحيح الخطأ الذى قد يقع فيه القاضى أثناء مباشرة الدعاوى القضائية. وفرق قنصوة بين مفهوم الإعلام كأداة الأولى لتنوير المجتمع ومخاطبة عقله وتثقيفه فى جميع امور حياته، ومفهوم القضاء الذى تكمن مهمته فى الفصل فى المنازعات، مؤكداً على عدم وجود صراع بينهما. وأضاف قائلا القضاة ليسوا نجوم مجتمع، لأن من يقصد التلميع والشهرة ليس قاضيا، ولكن يمكن للقاضى الظهور فى الإعلام إذا طلب منه الإدلاء برأيه كخبير فى الشأن القضائى. وأكد قنصوة أن الإعلام مفسد للقضاء إذا تدخل فى عمله، مشيراً إلى حظر النشر فى مرحلة التحقيق الابتدائى، لأن العلانية فيها قاصرة على أطراف القضية، بينما النشر مباح فى مرحلة المحاكمة العلانية، ولكن هذه المحاكمات تمس متهمين قد يكون من بينهم أبرياء، وتساءل "ما هو التعويض الذى يحصل عليه المتهم بعد براءته من تلك الفضائح؟". وذكر قنصوة مثالاً على تدخل الإعلام فى عمل القضاء، حيث قال "لقد نشرت إحدى الصحف نشرت وجود 50 دليلاً على براءة أحد المتهمين الذين تباشر قضيته أمام المحكمة.