قرية شبرا ملس مركز زفتى بمحافظة الغربية من أكبر القرى التى يتركها شبابها وأطفالها بالسفر عن طريق الهجرة غير الشرعية إلى فرنسا وإيطاليا أملا فى تحسين مستواهم المادى. فما يسيطر على عقول الشباب هناك فكرة واحدة هى السفر عبر أى مركب لإيطاليا أو فرنسا، فالطفل الذى لم يبلغ عمره 10 أعوام مثله مثل الشاب الذى يبلغ من العمر 30 سنة، فالفكرة واحدة هى الحلم بالسفر والهجرة إلى الخارج من أجل عيشة كريمة يظنون أن الحصول عليها أمرا سهلا. وتسيطر الآن حالة من الحزن والترقب والتحفظ الشديد على أهالى قرية شبرا ملس بعد مصرع أحد أبنائها الذى لم يتجاوز عمره 15 عاما وفقدان 3 آخرين لا أحد يعرف مصيرهم حتى الآن أحياء أم أموات، فالصغير قبل الكبير ليس له حديث إلا المركب الغارقة، وعلى متنها المئات من الشباب الذين لقى بعضهم مصرعه والبعض الآخر لا أحد يعلم عنه شيئا. فيقول عبد العليم أبو عيسى "50 سنة" يعمل بإيطاليا منذ سنوات طويلة ووالد محمد عبد العليم "15 سنة" طالب بالصف الثالث الإعدادى ولقى مصرعه غرقا بعد انقلاب مركب كانت تقله هو وآخرون بحجة تسفيرهم إلى إيطاليا، إنه لم يعلم شيئا عن فكرة سفر نجله، بل إنه فوجئ بنجله قد اختفى من يومين وعلم من أهالى القرية بغرق مركب كانت تقل عددا من أبناء القرية، متجهين إلى إيطاليا، وأكد أن نجله توجه إلى شخص يدعى محمود محمد جاد الله من أبناء القرية، وقال له "سفرنى وبابا هيديك الفلوس"، وقام باصطحابه يوم الأحد الماضى وفوجئنا بخبر انقلاب المركب وهو عليها قمنا بالتوجه إلى مدينة رشيد للبحث عن أبنائنا، ووجدت جثة محمد داخل مشرحة أحد المستشفيات هناك وقد فارق الحياة بعد غرقه بالبحر، وتم دفنه صباح اليوم. ويضيف لقد علمت بالخبر من سيدة تدعى يسرية من سيدات القرية ونجلها كان بصحبة نجلى، وأكدت أن ابنها رجع وأن نجله كان معهم لكنه لم يعلم عنه شيئا. ويضيف أنا وعدت ابنى لما يتم 16 سنة ويطلع بطاقته الشخصية هاسفره لإيطاليا مثلى ومثل شقيقه، ولكنه ذهب مع أصدقائه لرغبته فى السفر ولكن دون علمى. أما نورا على "22 سنة" زوجة رفعت محمد حماد "28 سنة" وأحد المفقودين حتى الآن لم يعثر عليه، فتقول رفعت يعمل بسوبر ماركت بميت غمر ويحصل على 500 جنيه شهريا، ولديه طفل يدعى محمود يبلغ من العمر سنة وشهرين وهى حامل، وتؤكد أن رفعت يوم الأحد الماضى ذهب كعادته فى الثامنة مساء إلى عملة فوجئت به يتصل بى فى الثانية فى منتصف الليل يقول لى أنا ركبت مركب علشان أسافر علشان أخلص من السواد اللى أنا شايفة ومعايا ناس من البلد ماتقلقوش. وأكدت أنه لم يكن فى نيته السفر إلا أنه تقابل مع خالها ويدعى محمود جاد الله وهو أحد المفقودين، وقال له فى مركب مسافرة تعالى نسافر واصطحبه معه ولم نكن نعلم شيئا عن سفره وليس لديه أى أوراق ولا جواز سفر ولا أى شىء ولا حتى ملابس. أما أسرة فوزى محمد أحمد أبو عصر "15 سنة" طالب بالصف الثالث الإعدادى فوجئوا به عائدا أمس فى حالة لا يرثى لها، وقال لهم أنا نجيت من الموت بإعجوبة بعد غرق المركب التى كنا نركبها للسفر. وتقول والدته والد فوزى مسافر بكوريا منذ 4 سنوات وفوزى لا يغوى التعليم، وطلب منى السفر إلى إيطاليا وقام بالتغيب عن المنزل يومين وفوجئنا به عائدا ويقول ركبنا مركبا للسفر لإيطاليا عن طريق شخص يدعى محمود من رشيد، قام بأخذنا وأركبنا مركبا صغيرا واصطدمت المركب بمصنع طوب وحدث عطل بها وانقلبت وكان فى وسط الليل لا أحد يرى أحدا ولا أحد يعلم أين الآخر حتى أمسكت بقطعة خشبية وعدت بها إلى الشاطئ، وعندما وصلت إلى الشاطئ وجدت الشرطة بكل مكان فقمت بالتخفى داخل النباتات الموجودة على الشاطئ وعدت إلى قريتى. وأكد أنه كان بصحبة خاله ويدعى محمود جاد الله "24 سنة" ومحمد وحيد جاد الله ابن شقيقه ورفعت محمد حماد زوج نجلة شقيقته ولم يعثر عليهم حتى الآن. وأكد المهندس إبراهيم عصر عم الشاب فوزى الذى نجا من الموت أن الأطفال فى القرية قبل الشباب يفكرون فى السفر للخارج ومعهم أرقام تليفونات سماسرة الموت، كما وصفهم، ويقومون بالاتصال بهم والتوجه إليهم فى أحد الأماكن، ويؤكدون لهم على قدرتهم على تحقيق حلمهم وتسفيرهم إلى الخارج مقابل 5000 جنيه مقدم والمبلغ الإجمالى 50 ألف جنيه يحصل عليهم عند وصول الشباب إلى إيطاليا. وتعيش القرية حالة من الترقب لحين عودة المفقودين أو انتشال جثثهم من المياه بعد مرور يومين من الحادث الأليم الذى يتحدث عنه الصغير قبل الكبير، لكن دون أخذ عظة مما حدث بل يؤكد الشباب على استمرارهم فى السفر عن طريق الهجرة غير الشرعية عن طريق سماسرة تجارة البشر الذين يستغلون شغف الشباب ورغبتهم الشديدة فى السفر للخارج ويحصلون منهم على مبالغ مالية كبيرة ويردون لهم المقابل بالموت والغرق والضياع داخل مياه البحر دون أن يعلم أحد مصيرهم. وقامت مباحث الأموال العامة بالقبض على الطالب الوحيد الذى نجا من المركب الغارقة بقرية شبرا ملس.
