الشعر والثورة العلاقة بينهما مثل العلاقة بين الروح والجسد فى الحياة، والشعر فى عالمنا العربى منذ قديم وهو له دور سياسى يسبق الفعل أو يتبعه، وعندما هتفت الجماهير التونسية فى ثورة الياسمين: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ومن بعدها أصبح الربيع العربى مرتبطا بالشعر ارتباط وجود، وفى ميدان التحرير تم إحياء قصائد وأغانٍ قالها الشعراء الكبار، حيث ردد الثوار «كلمات سبارتكوس الأخيرة، ولا تصالح لأمل دنقل وقصيدة الأحزان العادية لعبدالرحمن الأبنودى وغيرها. وبعد ال18 يوما من الاعتصام فى قلب ميدان التحرير وتخلى مبارك عن الحكم حدث نوع من التدفق الشعرى الكبير الذى جاء وصفا أو تعليقا أو تذكيرا أو تنبيها للحادث أو للقادم. أحمد عبدالمعطى حجازى.. والعودة للشعر وأحيانا يكون للثورة دور فى تفجير الطاقة الشعرية، فمن وحى الثورة القائمة على إعادة إشعال الروح وبعد أكثر من عشرين عاما من توقفه عن نشر الشعر فاجأ الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى جمهوره بنشر ديوان جديد بعنوان «طلل الوقت» عن هيئة الكتاب. كما نشر حجازى قصيدته «الطغاة» ويرمى إلى نفى سمة البشرية عن الطغاة ويجعل منها كائنات أسطورية. قنابل مسيلة للدموع.. كريم عبدالسلام المتتبع لسيرة كريم عبدالسلام الشعرية، وعلى رأسها «كتاب الخبز»، وغيرها من الدواوين الشعرية المهمة، يجده مهموما فى قصائده ودواوينه بانتمائه للمهمشين فى هذا العالم يدافع عنهم بالشعر ويجعلهم موضوعا جماليا يرى بداخلهم ما يستحق أن يكون نورا شعريا ربما يضىء لنا جانبا من حياتنا. وبعد ثورة ال25 من يناير أصدر كريم عبدالسلام ديوان «قنابل مسيلة للدموع» وذلك من خلال 38 قصيدة أعاد من خلالها الشاعر تحديد علاقته بمفاهيم الوطن والثورة والشباب والديمقراطية والديكتاتورية وربما بالشعر، وكذلك تحديد كثير من العلاقات داخل البلاد الحزينة، كما يطلق هو عليها. وفى «قنابل مسيلة للدموع» يتحدى كريم عبدالسلام ويدعو بقوة لمحو الظلم المنتشر فى أرجاء الدولة، ويدين الأنظمة المستبدة الفاسدة وينتصر للشباب والثورة ويشهد الميلاد الجديد للثوار، وقد جاءت القصائد تميل للقصر لأنها بقدر ما يحتمل الإنسان من قنبلة مسيلة للدموع. ديوان «الميدان» عبدالرحمن الأبنودى كان الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى من أسرع الذين علقوا على ثورة الخامس والعشرين من يناير بالشعر، وكان لقصيدته «الميدان» التى كتبها والثورة ما زالت فى قلب ميدان التحرير فعل السحر على الشباب هناك وسرعان ما ترددت أبياتها فى جنبات الميدان «ارحلى يا دولة العواجيز». وفى معرض القاهرة الدولى للكتاب 2012، كانت المفاجأة بوجود ديوان الأبنودى «الميدان» الذى يشمل جميع القصائد التى كتبها الأبنودى منذ اندلاع ثورة 25 يناير ومرفق معه «CD»يتضمن القصائد، بعد أن سجلها الأبنودى بصوته، وقد حصل الديوان على جائزة المعرض فى الشعر. واحتوى الديوان قصائد جديدة، منها «غيطان الحلم»، و«عيون الوطن»، وقصائد قديمة يسميها الأبنودى «المبشرة بالثورة» ولم تنشر فى ديوان من قبل، ومنها القصيدة الشهيرة «مرثية البطل عبدالعاطى صائد الدبابات»، وكذلك قصيدة مهداة إلى جمال عبدالناصر، والأخرى إلى الشاعر الراحل صلاح جاهين، إضافة لقصيدة «الأحزان العادية» بكل تأثيرها الذى اختصر العلاقة بين الشعب الحزين والأنظمة الأمنية المستبدة. كذلك كانت قصيدة «ضحكة المساجين» التى كتبها الأبنودى دفاعا عن الناشطين السياسيين المسجونين نتيجة لمواقفهم الشجاعة ورفضهم للقهر. فاروق جويدة.. ارحل ارحل كزين العابدين وما نراه أضل منك ربما جاءت اللقطة من كون فاروق جويدة ذلك الثائر فى عقل، الهادئ الطباع، يصرخ فى وجه مبارك بما كان يصرخ به باقى الشعب فى ميدان التحرير: الشعب يريد إسقاط النظام وعيش حرية عدالة اجتماعية وارحل، وصرخ فاروق جويدة بينما كان البعض ما زال يراهن على بقاء مبارك واستمرار النظام السابق ويتهم الثوار بالعمالة. «ارفع رأسك عالية».. حلمى سالم رحل حلمى سالم تاركا وراءه كثيرا من كتاباته الشعرية المهمة فى مسيرة الشعر العربى، وبعد ثورة 25 يناير وفى معرض القاهرة الدولى للكتاب يناير 2012، حصل ديوانه «ارفع رأسك عالية» على جائزة الشعر من الهيئة المصرية العامة للكتاب. والديوان تشكل من ثمانى قصائد تصف وتؤرخ ل«ثورة يناير»، ومنها «أغنية الميدان، العسكر، نشيد الفساد، نشيد اللوتس، شكوى القبطى الفصيح، ربيع العرب». وعندما هتف المصريون «ارفع رأسك فوق أنت مصرى» هتف حلمى «ارفع رأسك عالية». يد على كتف الميدان.. مفرح كريم ضمن سلسلة إبداعات الثورة التى أصدرتها الهيئة العامة لقصور الثقافة صدر ديوان «يد على كتف الميدان» ضم بين طياته حوالى 16 قصيدة متنوعة حملت عناوين من بينها ضع يدك على كتف، مؤتمر فى الميدان، وردة الثورة بتول الحداد، أحبك.. ووت كوم كريستيرو. والديوان الذى يتراوح بين الحزن والفرح يمتلئ بأغنيات أمهات الشهداء والغضب العام المسيطر على الشباب الثائر. كالرسل أتوا.. محمد سليمان أما الشاعر محمد سليمان فكتب ديوان «كالرسل أتوا» الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة، والذى يعتبره الشاعر بالنسبة لمسيرته الشعرية نقلة من الموت والعقم إلى الخصوبة وتفجر الحياة، وأن هناك ثوارا مهمتهم المقدسة تفجير الثورة من دون الحصول على أى مغنم أو مكسب، وهذه وظيفتهم الأساسية، وربما يستشهدون فى سبيلها وهناك فى المقابل الانتهازية المنتظر لحظة النصر ليبحث عن الغنائم.