المجازر تفتح أبوابها مجانا للأضاحي.. تحذيرات من الذبح في الشوارع وأمام البيوت    "القاهرة الإخبارية": توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي غرب رفح الفلسطينية باتجاه الطريق الساحلي وسط إطلاق نار مكثف    بوساطة عُمانية، إطلاق سراح فرنسي كان معتقلا في إيران    إعلام حوثي: إصابة 5 مدنيين جراء عدوان أمريكي بريطاني يستهدف إذاعة محافظة ريمة    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يوجه له رسالة شديدة اللهجة لنتنياهو    حزب الله ينفذ 19 عملية نوعية ضد إسرائيل ومئات الصواريخ تسقط على شمالها    الأهلي: طلبنا السعة الكاملة أمام الزمالك.. ولا نعلم موعد السوبر الإفريقي    محمد عبد الجليل: أتمنى أن يتعاقد الأهلي مع هذا اللاعب    رد رسمي من الأهلي بشأن تفاصيل عقد مارسيل كولر    مصرع 4 أشخاص وإصابة 2 في حادث سير بالمنيا    المفاجآت في قضية سفاح التجمع تتوالى| ارتكب جرائمه ببث مباشر عبر «الإنترنت المظلم»    رسميًا.. تعرف على مواعيد صلاة عيد الأضحى 2024 بجميع محافظات الجمهورية (تفاصيل)    كيف رد هشام عاشور على لقب "جوز نيللي كريم" قبل انفصالهما؟    التليفزيون هذا المساء.. الأرصاد تحذر: الخميس والجمعة والسبت ذروة الموجة الحارة    شاهد مهرجان «القاضية» من فيلم «ولاد رزق 3» (فيديو)    هل يقبل حج محتكرى السلع؟ عالمة أزهرية تفجر مفاجأة    أبرزها المكملات.. 4 أشياء تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان    بث مباشر افتتاح يورو 2024 بين ألمانيا واسكتلندا    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    مصدر يكشف مفاجأة بعد العثور على جثتي شاب وفتاة بكورنيش المعادي    الحج السياحي 2024.. وزارة السياحة والآثار توجه تحذيرا للشركات    صدمة قطار.. إصابة شخص أثناء عبور شريط السكة الحديد فى أسوان    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    إصابة العشرات خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في أرمينيا    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    بعد ساعات من تحديد جلسة محاكمته، عمرو دياب يطرح أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    10 سنوات إنجازات.. 3 مدن جديدة و10 آلاف وحدة سكنية لأهالي قنا    عيد الأضحى 2024.. ما المستحب للمضحي فعله عند التضحية    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    اعتقال شخصين بالسويد بسبب إطلاق نار قرب السفارة الإسرائيلية    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    «الصحفيين» تعلن جوائز دورة هيكل الثانية في «تغطية النزاعات والحروب» (تفاصيل)    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    الأهلي يكشف حقيقة مكافآت كأس العالم للأندية 2025    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 13 يونيو: انصت للتعليمات    أستاذ تراث: "العيد فى مصر حاجة تانية وتراثنا ظاهر فى عاداتنا وتقاليدنا"    صور.. دار الكتب تحتفل بمسار العائلة المقدسة    «الأهلي» يزف نبأ سارًا قبل مباراة الزمالك المقبلة في الدوري المصري    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    أخبار × 24 ساعة.. الزراعة: مصر من أكبر مصدرى الفول السودانى للاتحاد الأوروبى    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    هيئة الدواء: توفير جميع الخدمات الدوائية خلال العيد.. وخط ساخن للاستفسارات    احذري تخطي هذه المدة.. أفضل طرق تخزين لحم الأضحية    وكيل صحة سوهاج يعقد اجتماع لمناقشة خطة التأمين الطبي أثناء العيد    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    حكم ذبح الأضحية ليلا في أيام التشريق.. «الإفتاء» توضح    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حافر العامية على حافر الفصحى!!
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 03 - 2010

فى بداياتنا الأولى، فى النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضى، كان شعراء السبعينيات فرحين بالمجاز كشكل حداثى لبناء الصورة الشعرية، فراحوا يباعدون، ما شاءوا، بين المشبه والمشبه به إنصاتًا لتعليمات نقاد الحداثة وشعراء جماعة "شعر"، فأصبحنا نقرأ صورًا وتراكيب لغوية عجيبة مثل "حليب الوقت" و"لبن النهار".. الخ.. وبالطبع راح معظمنا من شعراء الثمانينيات يقلدون هذه الألاعيب، حتى إننا كنا نظن أن الأشعر هو من يفعل ذلك!
وقتها كان أصدقاؤنا من شعراء العامية وَلِعِينَ بهذا اللعب، فراحوا ينقلونه حرفيًّا: مجدى الجابرى ومسعود شومان ومحمد الحسينى وخالد عبد المنعم- رحمه الله وشحاتة العريان، وبدرجة أقل محمود الحلوانى، وفى النهاية يأتى طاهر البرنبالى كشاعر ملتزم يحتفى بالمضمون ثم يبحث له عن شكل وصور تناسبه.. فكان خالد عبد المنعم، مثلاً، يبدأ إحدى قصائده بقوله: "البحر واقف تحت جلدى بيعيط!"، وكان مسعود شومان يكتب قصائد طويلة، فيها مزاوجة بين العامية والفصحى تتخللها شتائم مثل "يا أبناء الكلب"، ويختار لها عناوين غريبة، مثل "ملح المزيكا سقط.. رصفان بكون"!، هذه القصائد كانت تشبه كثيرًا القصائد الصادمة التى كان وما يزال- يكتبها الشاعر رفعت سلام، أحد شعراء السبعينيات.
هذه الحكاية جعلتنى أنتبه- مبكِّرًا إلى أن حركة شعر العامية المصرية تقتفى حركة الشعر الفصيح، الحافر على الحافر، لكنها دائماً تأتى متأخرة قليلاً أو كثيرًا، حسب الظرف السياسى والاجتماعى والفنى الحاكم، وحسب موهبة الشعراء.
مثلاً.. كان الشعر العامى فى أغلبه قبل جيل الستينيات: الأبنودى وصلاح جاهين ومجدى نجيب وفؤاد قاعود وغيرهم، يُكتب على شكل القالب الشعرى الكلاسيكى ذى الأشطُر المتماثلة المتساوية فى عدد التفعيلات، ثم انتقل على يد هذا الجيل إلى الشكل الحر بحمولته الفنية التى تتكئ على الواقعية الاشتراكية، بعد سنوات من نضال شعراء الفصحى، ونقادهم، للدفاع عن هذا الشكل، بدءًا من باكثير ولويس عوض.. ثم صلاح عبد الصبور وحجازى ود.عبد القادر القط ورجاء النقاش.. الخ. وعندما بدأت حركة أصدقائى الذين أشرت إليهم للتحول إلى ما عرف ب"قصيدة الحداثة" فى منتصف الثمانينيات، كان شعراء السبعينيات قد قطعوا شوطًا فى هذا التحول الذى انبنى- كما قلت- على منجز جماعة شعر بلبنان فى الستينيات. أى أن شعراء الفصحى كانوا يهجرون الواقعية حينما شرع شعراء العامية فى دخولها!
كثيرًا ما سألت نفسى إن كان هذا طبيعيًّا، خاصة أن شعر العامية مؤهل أكثر لإحداث التغيير، لأنه بطبيعته غير ملزم بالحمولة الثقافية والفنية والتاريخية لشعر الفصحى، وهو أسهل، نظريًّا ربما، فى ولوج مناطق غائرة وحميمة بحكم قدرته على التعبير عما يحدث فى الشارع والحارة.. الخ، ويكفى أن نعرف أن نسبة غير قليلة من شعراء العامية لا يعرفون العروض الشعرى بشكل كافٍ، فنجد الواحد منهم ينتقل من بحرٍ إلى بحرٍ دونما سبب، يجره الصوت وراءه فينتقل أكثر من مرة، ثم إن بعضهم فى مرات كثيرة يكسرون الإيقاع فى سياق غنائى، ويقحمون الغنائيات فى سياق نثرى، لا لشىء إلا لجهل بمقتضيات الإيقاع التقليدى.
هذه الملاحقة الفنية قد تكون مفهومة فى سياق أن الأنواع الأدبية كلها تستفيد من بعضها بعضًا، وأنه ليس مهمًّا من جاء أولاً.. إلخ، لكننى مازلت عاجزًا عن فهم السبب الذى من أجله ذهبت قصيدة العامية إلى ما يسمونه "قصيدة نثر العامية"، تلك التى بدأت بديوان مجدى الجابرى "عيل بيصطاد الحواديت"، ففلسفة الكتابة العامية فى جوهرها لا تتناسب فى ظنى مع فلسفة "قصيدة النثر"، فالأولى خطابية شفاهية تستخدم لغة الناس وتتوجه إلى بسطائهم، وتهتم بالعام والمشترك وتنتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية، دون أن يقلل هذا من شأنها، والثانية كتابية تقوم على موروث ثقافى وعلى تعمد الانتقال بالشعر من كونه خطابًا إعلاميًّا إلى الكتابة الذاتية التى تهتم بما يدور داخل النفس لا خارجها.
أنا أفهم تمامًا أن اللغة مجرد وعاء هذا ما سيقولونه فى نقض فكرتى وهدمها وأفهم أن ما نقوله بالفصحى يمكن جدًّا قوله بالعامية، لكننى مازلت لا أفهم أن تكون العامية نثرية تهرب إلى الداخل وتهتم بالهامشى وغير ذى القيمة والفردى، لأن هذا عكس رسالتها التى وجدت من أجلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.