أقامت مؤسسة أخبار اليوم العريقة، وهى إحدى المؤسسات الصحفية القومية الكبرى، مؤتمرًا كبيرًا تحت عنوان «الإبداع.. مستقبل مصر»، تحت رعاية السيد المهندس رئيس مجلس الوزراء، وبحضور العديد من الوزراء على رأسهم السيد الدكتور وزير الثقافة، والسادة وزراء السياحة والتعليم والأوقاف والإسكان والتخطيط والآثار والإنتاج الحربى والاستثمار. شارك فى هذا المؤتمر نحو 1200 مشارك من مختلف حقول ومجالات الإبداع.. ولم يدعَ إليه فنان تشكيلى واحد! فكيف يغيب عن هذه المؤسسة الرائدة ما للفن التشكيلى من إضافات واسعة ة فى المسيرة الإبداعية المصرية؟ كيف يغيب عن "أخبار اليوم" أن الفن التشكيلى أبو الحضارة المصرية.. فقد عرف المصريون «الإبداع الفنى» منذ آلاف السنين، وبلغوا منه ما بنى الحضارات وأقام الأمم.. فجدران المعابد وغيرها من الآثار خير شاهد على براعة المصريين فى فنون الرسم والتلوين من خلال الجداريات الفرعونية الرائعة والتى نقش عليها تاريخ مصر وحضارتها منذ عصر الدولة القديمة، كما عرفوا فنون النحت والعمارة وغيرها وأقاموا منها الصروح والتماثيل والمسلات الشاهقة والتى كانت ومازالت رمزًا للإنسان المصرى واعتزازه بقوته وفنه وإبداعه الذى أبهر العالم.. ولا ننسى كذلك فنون الخزف والزخرفة وكل ما أبدعته يد الإنسان المصرى القديم وعبقريته فى ابتكار أدوات المعيشة اليومية من أبسط الأفكار وبأفضل الطرق والخامات. وفى العصور التالية.. كان «الفنان» هو العنصر الأساسى فى تصميم وتخطيط وزخرفة الكنائس والأديرة، وتطور هذه الفنون العريقة بعد ذلك فى المساجد والمدارس الدينية والأسبلة ومن بعدها القصور والقلاع وغيرها.. وكذلك من خلال العناصر المعمارية والزخرفية وفنون الرسم والمخطوطات والزخارف المرسومة والمنحوتة. وفى العصر الحديث.. ومع حكم الأسرة العلوية، كانت مصر «أم الفنون» أكدها إنشاء أول مدرسة للفنون الجميلة عام 1908، وكانت هى نقطة البداية للحركة الفنية التشكيلية بمصر. وبعد كل ما سبق نرى هذا المؤتمر الذى أقيم تحت رعاية مؤسسة صحفية قومية كبرى وبمباركة الحكومة قد تطرق من خلال جلساته العديدة سبل تشجيع صناعات السينما والمسرح والدراما والتلفزيون والموسيقى والأغنية. دون التطرق لأى من الفنون التشكيلية !!! ولا المشاكل التى تعانى منها الحركة الفنية التشكيلية !!! لقد ناقشوا مشاكل المبدعين فى مؤتمر «الإبداع.. مستقبل مصر» دون أن يأتى أى ذكر للفن التشكيلى ، أبو الحضارة المصرية.. تطرق المؤتمر لمحاور عديدة مثل مشاكل القرصنة وحقوق الملكية الفكرية وصناعة الدراما التليفزيونية وإعادة أصول السينما، ولم يذكروا حقوق الفنان التشكيلى !!!. ألا تعتبرون فنون «التصوير والنحت والزخرفة والرسم والتصميم» وغيرها من فنون الإبداع ؟؟؟ أم هو الفن الأقل أهمية بالنسبة للسينما والمسرح والموسيقى ؟؟؟. وكيف تجاهل القائمون على تنظيم المؤتمر هذا القطاع المهم من الفن الذى يعانى من الإهمال والتهميش ؟؟؟ هل إنتهت مشاكل وتحديات هذا الفن فى عصرنا الحالى؟؟؟ هل حاولوا مجرد المحاولة أو السؤال عن مشاكل وهموم وتحديات الفنان التشكيلى، والمصاعب التى تعوقه عن إتمام رسالته فى بناء الحضارة المصرية الحديثة ؟؟؟ د. أشرف رضا أستاذ بكلية الفنون الجميلة جامعة القاهرة رئيس مؤسسة أراك للفنون والثقافة