كل يوم تقريبا سوف تعرف عن جولة مفاجئة لوزير النقل الجديد علاء فهمى، مع العلم أنه لاتوجد مفاجآت فى مصر، وتسمع تصريحات عن عدم رضاه عن أحوال السكك الحديدية، وسوء أحوالها ووعود بالتطوير والحاجة للتمويل. جولات مفاجئة يركب فيها القطارات، ويوجه انتقادات لسوء حالة النظافة، نفس القطارات التى يفترض أنه تم تطويرها فى عهد وزير النقل السابق محمد منصور، وتعانى من أنيميا إدارية ومواصلاتية حادة. التصريحات والتحركات التى يقوم بها الوزير علاء فهمى، تكرار بالكربون لتحركات وجولات كل وزير جديد للنقل. القطارات هى التى تطيح بالوزراء وتأتى بغيرهم، وكان المهندس محمد منصور هو أكثر وزير اقترب من السكك الحديدية وراح ضحيتها. كأنها تحمل كل مشكلات مصر. يبدو الوزير علاء فهمى متحمسا، لكنه لايمتلك تصورا للنقل، وفى القلب منه القطارات. ينفى تركيز كل الاهتمام على السكك الحديدية، فإن الواقع حتى الآن يشير إلى ذلك، خاصة وأن وزير النقل السابق كانت لديه خطط لتنظيم مرفق النقل الداخلى العام والخاص. ربما يكون تركيز الوزير علاء فهمى على القطارات أن سلفه استقال وقبله أقيل وزيران أو أكثر وعدد كبير من رؤساء الهيئة على خلفية حوادث القطارات. لكن النقل ليس القطارات فقط، هناك السلامة على الطرق، والنقل العام والخاص والبحرى، وكلها تزدحم بالمشكلات، ويقترب منها المهندس علاء فهمى بالتصريحات. دون أن يبدو مدركا لها أكثر من غيره. ولا أحد يطالب وزير النقل أن يكون سوبرمان، لكن الدعوة لوزراء سياسيين هى دعوة لوزراء لايتعاملون فقط بنظام عسكرى، لكن أن يكون لديهم القدرة على تشكيل فريق يعمل مع بعضه. بصورة تراكمية وليس بسياسة فردية يبدأ فيها كل وزير من السفح. علاء فهمى بخلفيته العسكرية، يرفض الاحتجاجات، فقد قال أثناء زيارة للعمال «أنا مش بحب نظام الإضرابات، تتعاونوا معايا هعملكم اللى انتم عايزينه». وهو يعتمد على حلول أمنية، لانظن أنها تصلح بعد أن اعتاد العاملون فى السكك الحديدية على الاحتجاج والمطالبة بحقوقهم، التى تمثل قلب التحديث، وخير مثال هو أحوال سائقى القطارات، وتهديدهم بتقديم بلاغ للنائب العام ضد رئيس هيئة السكك الحديدية مصطفى قناوى لأن لهم مطالب خاصة بتسوية أوضاع أصحاب المؤهلات، وزيادة حافز الكيلو بنسبة 20 % وهدد السائقون بالإضراب، وزير النقل هو الآخر لديه انتقادات للهيئة، فقد استقل أحد القطارات وأبدى استياءه من تدنى نظافة العربات ودورات المياه بالقطار. وسأل «فين المناديل والمنظفات، قضية القطارات أكثر عمقا من النظافة، التى تمثل أضعف العناصر. كان وزير النقل السابق محمد منصور عندما جاء وزار السكك الحديدية قد أبدى استياءه من الحالة التى وصلت إليها، واستنكر حالة الورش والسائقين والجرارات القديمة والصيانة، ورفع تقريرا لرئيس الوزراء طالب فيه بضخ 7 مليارات جنيه لصيانة وشراء الجرارات والعربات وكهربة الإشارات وتغيير الخطوط، وقال إن الهيئة تعانى من مشاكل وإهمال شديد، نتيجة التراكمات لسنوات طويلة، وحذر من كارثة تفوق كارثة قطار العياط الذى راح ضحيته حوالى 340 مواطناً فى مارس 2003. وحصل عام 2006 على 5 مليارات. استخدم بعضها فى شراء جرارات جديدة، وتركيب إشارات كهربائية ونظام اتصال. وبعد ثلاثة أعوام تكرر حادث القطار وفى العياط. وكان سببا فى خروج الوزير قبل أن ينهى خطته. استقال محمد منصور بعد إنفاق مليارات، وانتظرت الحكومة شهورا لتأتى بعلاء فهمى الذى بدأ عمله بزيارات مفاجئة يركب فيها القطارات والمترو، ويركز ويعلن عدم رضاه عن أحوال القطارات. كل وزير للنقل يأتى بخطة مختلفة يضعها مساعدوه و سرعان ماتتكرر الحوادث، لتتكرر الاستقالة أو الخروج. ويبقى الوزير علاء فهمى حتى الآن فى طريق سابقيه، يحاول فهم الوزارة وتشعباتها ومشكلاتها، ويقدم وعودا تبدو تكرارا لوعود سابقة. ويظل وزيرا جديدا ربما حتى يرحل. عزل نفسه عن الصحافة، واكتفى ببيانات رسمية وركز تصريحاته على القطارات والمترو، ويشير إلى إجراءات السلامة فى النقل البحرى، ويبدو حتى الآن بعيدا عن مشاكل النقل الداخلى والميكروباص والتاكسى. وكان سلفه محمد منصور أعلن عن خطة لتطوير النقل، والدمج بين النقل العام والخاص فى منظومة يمكنها ان تحل الأزمة والتكدس ومشكلات النقل. فهل يبقى المهندس علاء فهمى وزيرا للنقل تحت التمرين، ينتظر أن تتطور القطارات، التى تحمل أزمات عقود وسنوات من الإهمال، بينما هو لم يقترب من العنصر البشرى، الذى يحتاج إلى تدريب وتطوير مثل الآلات؟. أو ينتظر شيئا من اثنين: إما حادث يطيح به، أو ينتبه إلى أن الأزمة فى وزارة النقل أكبر كثيرا من وزير، وأنها تحتاج إلى وزير يفهمها وتفهمه، أم يبقى تحت التمرين لحين قدوم وزير آخر يظل جديدا حتى يرحل.