أكد أيمن الجمال سفير مصر فى جنوب السودان حرص مصر الشديد على استعادة الأمن والاستقرار فى كل ولايات الدولة، قائلا:"إننا نتابع بالتنسيق مع منظمة التنمية فى إفريقيا (إيجاد) الجهود المبذولة فى هذا الصدد، مشيرا إلى "التزام القاهرة بتقديم كل أوجه المساعدة لتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين الجنوبيين تفعيلا لما تم الاتفاق عليه فى قمة الرئيسين عبد الفتاح السيسى وسلفاكير ميارديت فى القاهرة الشهر الماضى". وقال الجمال، فى حديث تصريح له، إن تقييم مصر للوضع الأمنى مختلف عن باقى الدول الأخرى التى تفرض حظرا على السفر وعلى تقديم معونات إلى جنوب السودان بسبب تردى الأوضاع الأمنية. وأضاف الجمال أن الأوضاع الأمنية متردية فى ثلاث ولايات فقط من بين عشر ولايات، مشيرا إلى أن مصر تركز فى مساعداتها على هذه الولايات السبع إلى حين وقف أعمال العنف والقلاقل فى الولايات الأخرى وعودة الأمن والاستقرار لها، وحينها سنساعد أشقاءنا فى جنوب السودان فى إعادة إعمار وتنمية هذه الولايات التى دمرتها الحرب وخاصة مدينة ملكال التى شهدت دمارا كبيرا بما فى ذلك مقارات مصرية. وحول اتفاقية التعاون المائى التى وقعتها مصر وجنوب السودان مؤخرا خلال زيارة جيما نونو وزيرة المياه والكهرباء والسدود بجنوب السودان لمصر واجتماعها مع دكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى، ومدى صلة هذه الاتفاقية باتفاقية تقاسم حصص مياه النيل الموقعة بين مصر والسودان عام 1959، قال السفير المصرى إنها مختلفة تماما حيث تركز فقط على أوجه التعاون الفنى والاستفادة من الخبرات المصرية فى إقامة السدود والخزانات وحماية الشواطئ وتطهير القنوات المائية وتطوير وتحديث أساليب الرى، وتشكيل لجنة تعاون فنى بين الدولتين تتولى وضع برامج تنفيذ الاتفاقيات والإشراف على المساعدات المقدمة من مصر لجنوب السودان. وشدد الجمال على أن حصة مصر فى مياه النيل مضمونة بقوة العلاقات لافتا إلى تأكيد رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير وغيره من كبار المسئولين أكثر من مرة أن بلادهم لايمكن أن تفكر فى إقامة أى مشروعات تضر بالمصالح المائية لمصر، بل على العكس تسعى لإقامة مشروعات شراكة حقيقية فى مختلف أوجه التنمية بما فيها المياه لما فيه خدمة شعوب الدولتين الشقيقين، وبناء عليه فإن مصر تكتفى بهذا الالتزام وتعتبره وثيقة تبدد أى مخاوف، ولم يتم طرح موضوع الحصص المائية لنهر النيل فى أى اجتماع أو لقاء حتى الآن. وحول أسباب توقف مشروع قناة جونجلى الذى كان يهدف إلى زيادة حصة مصر من مياه النيل، قال السفير إن مشروع قناة جونجلى يوصف بأنه من المشروعات العملاقة وعندما طرح تطويره واستكماله (تم سابقا الانتهاء من حفر 70% من هذه القناة) عام 2010 قدرت التكلفة بنحو مليارى دولار، وهذا المبلغ كبير وغير متوفر تدبيره بسهولة فى الوقت الحاضر، مما لايجعله فى قائمة أولويات الحكومة المصرية مقارنة بمشروعات عملاقة تحتل أولوية خاصة مثل "محور قناة السويس واستصلاح مليون فدان واستكمال مشروع توشكى.."، مما يشكل عبئا ضخما على ميزانية الدولة تتراجع أمامه أى مشروعات خارج مصر فى الوقت الحاضر، ويجعلنا لا نفكر فى طرحه حاليا على مائدة المفاوضات مع الأشقاء فى دولة جنوب السودان. ونبه الجمال إلى أن حكومة جنوب السودان هى التى ستبادر بطرح المشروع على مصر عاجلا أم آجلا، خاصة أن المنطقة هناك تعانى من فيضانات كبيرة تهدد حياة الناس، ولا مخرج لمواجهة مخاطر الفيضانات إلا بعمل قناة يتم صرف المياه فيها، كاشفا أن الحكومة اليابانية تقوم بإعداد دراسة عن كيفية مكافحة الفيضانات والتقليل من مخاطرها ويمكن أن تشمل هذه الدراسة قناة جونجلى. وحول استغلال فواقد مياه الفيضانات فى منطقة بحر الغزال، أوضح أن هناك قناة تربط بين هذه المنطقة وتصب فى مجرى نهر النيل وأننا نتعاون مع الأشقاء فى جنوب السودان من أجل تطهير مجرى هذه القناة من الحشائش وإقامة سدود صغيرة وخزانات لمياه الفيضانات يتم استخدامها فى شهور الجفاف وكذلك إقامة خط ملاحى يسهل حركة التجارة ونقل البضائع داخل ولايات الجنوب ويكون جزءا من مشروع الخط الملاحى المقترح لمجرى نهر النيل بين الإسكندرية وبحيرة فيكتوريا. وأكد أن ما تقوم به مصر من مشروعات تنموية فى مجال الموارد المائية فى جنوب السودان لايهدف إلى زيادة إيرادات نهر النيل لمصر بقدر مايهدف لتقوية وتدعيم البنية الأساسية لمشروعات مياه الشرب والرى من أجل تمكين الأشقاء الجنوبيين من حسن إدارة مواردهم المائية خلال شهور الفيضانات والتى تشكل خطرا على حياة السكان وتذهب فى المستنقعات بلا فائدة واستغلالها فى شهور الجفاف. وأشار إلى أن المواطنين فى دولة جنوب السودان لا يحتاجون إلى مياه النيل كثيرا لأنهم يعتمدون على الأمطار التى تسقط خلال مختلف المواسم الزراعية، ولكنهم يحتاجون إلى كوادر فنية وحسن إدارة وتنظيم للمياه لاستخدامها فى زراعة مساحات شاسعة كبيرة من الأراضى القابلة للزراعة وغير المستغلة. وأوضح سفير مصر فى جوبا أن الزراعة فى جنوب السودان ما زالت تعتمد على الزراعات الصغيرة وهو مايسمى "الزراعة لتوفير الطعام فقط" لعدم وجود الخبرات والإمكانيات اللازمة للتوسع الزراعى فضلا عن الافتقار للبنية الأساسية ووسائل النقل التى تسهل نقل المنتجات والسلع بين الولايات فضلا عن تصديرها خارج البلاد. ونوه إلى أن مشروعات البنية الأساسية والطرق تعد من المشروعات ذات الأولوية لحكومة جنوب السودان من أجل نقل البضائع والأفراد ومن ثم تشجيع الاستثمار، مشيرا إلى أنهم يولون اهتماما أيضا بالخط الملاحى المزمع إقامته فى بحر الغزال لأنه لايتأثر بالفيضانات بعد استقرار الأوضاع اأتمنية فى الولايات المضطربة والتى كانت السبب الرئيسى فى تدمير كثير من الصنادل (مراكب لاتحتاج إلى غاطس كبير) وإلحاق أضرار كبيرة بمجرى النهر فى هذه المناطق يحتاج إلى إعادة تأهيل وتطوير. وحول فكرة التعاون الثلاثى قال السفير أيمن الجمال إنها قائمة بالفعل وتقوم بها "وكالة الشراكة من أجل التنمية" (تابعة لوزارة الخارجية بدلا من اسم الصندوق الفنى) وتهدف إلى توسيع المساعدات وإقامة المشروعات المشتركة فى أفريقيا بالتعاون مع جهة ثالثة مانحة، فيما تقدم مصر الخبرات والعمالة الفنية للمشروع المستهدف حسب قائمة أولويات الدول النامية والفقيرة فى أفريقيا وغيرها. وأوضح أن الشراكة ليست قاصرة على الدول والجهات الأجنبية المانحة فقط ولكن هناك شراكة محلية مثل مايتم الاتفاق عليه مع بعض الجامعات لتقديم منح دراسية للأشقاء الأفارقة كما حدث مع جامعة الإسكندرية التى طرحت عددا من المنح للحصول على شهادات بكالوريوس وماجيستير ودكتوراة لدولة جنوب السودان.