إذا أردت أن تقصم وطنا فرق بين أبنائه، اجعل بأسهم بينهم شديدًا، اجعل حرصهم على النزاع أهم لديهم من الحرص على وحدتهم، فالوطن المنقسم يغرق مهما حاول أن يتماسك، وهذا ما يريده أعداؤنا فالفرقة عدو كل همة ونجاح وتطور وتقدم ورقى، وما نهضت أمة دون وحدة وتعاضد. هذا ما صنعناه بأيدينا بدعاوى حب الوطن أعلينا من انتماءاتنا وولاءنا السياسى ليكون أكبر من الولاء للوطن ذاته وبات الحرص على هدم الآخر أهم وأبقى من الحرص على وحدة الوطن وتماسكه هذا ما نفعله حاليا حيث فرقتنا الولاءات السياسية والتحزب والتشبث بالرأى وادعاء الصح المطلق ألا نبحث أبدا عن نقطة لقاء وشعاع ضوء فبات همنا أن يكسر كل منا الآخر. رغم ادعاء الحب والولاء له انقسم الوطن بين مؤيد للنظام الحاكم لا يرى فيه خطأ ويوافقه على طول الخط، وبين معارض كاره يفعل كل شىء ليحطم النظام حتى لو حطم الوطن ذاته لا يفرق بين واجب الحب والحرص وواجب الولاء والانتماء وبين لا مبال متفرج لا يهتم. السفينة تحمل الجميع الحاكم والمحكوم الموالى والمعارض لكن من يحرص عليها قليل ومن يدفعها ألا تغرق لا يعدون على أصابع اليد الواحدة واحتمال الغرق آت بالفرقة بين موالى ومعارض وسلبى ينتظر من يفعل له كل شىء ولا يفعل شيئا وعدو متربص هدفه سقوط الجميع. أنظر حولى أجد من لا يرحم بعضه بعضا كل فى مجاله بلا استثناء فهناك من يسمون ملائكة الرحمة وصل قيمة الفحص لديهم 600 جنيه يعادل قيمة راتب شهر لبعض الناس فمن يستطيع أن يدفع له إلا أن أنانيته وحرصه على المال أقرب لنفسه من إنسانية ضاعت وواجب لا يفهمه والمدرس إن لم يحصل التلميذ على دروس خصوصية لديه يضطهده وإن حضر فالحصة بالساعة ليبتز كامل الدخل لكثير من العائلات تجعل تعليم أبنائها قبل الأكل والشرب والحياة، والحرفى لبعض المهن المتخصصة بات قيمة العمل أو الخدمة التى يؤديها أو حتى أجر اليومية التى يعمل بها ولا يرضى التنازل عنها ترهق ميزانية أى أسرة بسيطة تحتاج لعمله وخدماته، سائق التاكسى لا يرضى بقيمة الأجرة وقراءة العداد التى حددتها له الدولة فيبتز الراكب حسب نظرته له ولا يرضيه إلا أن يحصل على ما يريد. ارتفعت أسعار كل شىء فأين لشاب فى بداية حياته قيمة مقدم شقة وفرش وجهاز ومهر وذهب ومستلزمات فرح ليستطيع أن يفتح بيتا ليحفظ نفسه ويعيش فيه بل أين له من عمل أصلا. صعبنا الحياة على بعضنا البعض ونزعت الرحمة من القلوب والحكمة من العقول وبات هم كل واحد فينا أن يحصل على ما فى جيب الآخر ثم إن تركنا المال ودورة الحياة وذهبنا لمستقبل وطن وبنائه ادعينا محبة كاذبة وانتماء مشوها وولاء مفقودا. قيادات الإخوان يعلمون جيدا أنهم خسروا كل المعارك السياسية الأخيرة ويتاجرون بولاء وانتماء من يتبعهم ولا توجد لديهم ملكة الشجاعة لإعلان خسارة المرحلة والتبرؤ منها يراهنون فيها على تأزم الوضع وخداع الموالين لآخر نفس مستغلين التجارة بالدين فأى دين هذا يأمر بالحرق وإلقاء القنابل و المولوتوف والتفجير فى الأبرياء كل يوم لمجرد لفت الانتباه ومعارضة النظام دون النظر لحجم الخسارة التى تعود على كامل الوطن وتحاول هدمه. والدولة تعلم جيدا أنه لابد من نهاية لهذا الصراع فأى فكر فى حصار المعارضين بالقبض عليهم ووضعهم رهن التحقيق فى سجون لن تتسع للكل سواء الإرهابى منهم أو المعارض السياسى بدلا من البحث عن حل ونقطة بداية. الوطن فى مرحلة دقيقة جدا بين مشاريع قومية كبرى متعددة ومتنوعة تحتاج لدعم وتعاضد ووحدة وإمكانيات مادية هائلة تتطلب استقرار كامل ليكتب لها النجاح ويعم الخير على الجميع وهناك البعض من لا يجيد الانتظار ويتمنى اشعال النيران وبعض الشباب ليس لديه ترف الصبر الدائم والنظر إلى المستقبل البعيد متعجلا حاضرا يحاصره لذا فقد آن الأوان لحكمة تنتظر من يعلنها ليفتح بابا للرجوع لحضن الوطن لمن أراد شرط أن تكون يداه بريئتان من كل دم وفقد أرواح وترويع آمنين وليغلق الباب فقط فى وجه من أبى واستعدى شئنا أم أبينا مهما بلغت أحقاد القلوب والكراهية لابد من وقفة ومن لحظة يتواجد فيها من لديه القدرة والشجاعة والحكمة ليجمع فتات وطن يئن ويعانى بين انتهازية وضياع حكمة وفساد عقول وأمراض قلوب همها الدنيا وإن ادعت محبة دين يبرأ من كل فرقة وشقاق وانقسام.