منذ أيام قليلة وبعد مقاطعتى لبرامج التوك شو منذ فتر بعيدة شاهدت بالمصادفة برنامج منى الشاذلى، والتى كانت مستضيفة الشاعر أمين الديب أو كما يطلق عليه شاعر الفلاحين أو الفلاح الفصيح.. ومنذ فترة لم أسمع أو أشاهد مواطنا مصريا جدا كالحاج محمد الديب، وخاصة بعد وفاة عمنا الشاعر أحمد فؤاد نجم، شاعر يتحدث عن مصر الحقيقية، التى بين الغيطان وقنايا الماء التى تشق الخضار قبل أن تحتلها بلوكات الخرسانة وتحول حقول القمح والذرة إلى صناديق تخنق ساكنيها من الفلاحين، الذين تركوا جلابيبهم ليرتدوا القمصان الصينية بلاستيكية الصنع. كان الحاج أمين الديب يقرأ على منى الشاذلى شعره العامى عن(البت باتعة) التى نست أصلها وعاشت حياة غير حياتها باعت ماضيها وماضى أهلها العريق وتعرت على أمل الحصول على الحياة الرغدة والعيشة السهلة، فما نالت من سعيها غير خيبة الأمل والضياع على أيدى خاطبيها الماكرين، قصيدة تتحدث عن مصر، التى تغيرت وعن الفلاح الذى ضاع بين مدنية زائفة وماض ابتعد. البنت دى بنت أم باتعة مش عاجبة حد فى مشيها إكمنًّها.. مشيت طريقها لوحدها والأسرة غابت عنًّها مشغولة عنها بعبئها سايبينها هى وشأنها وإكمنًّها مستهدفة الأجنبى ومعاه غبى فكّر لها قال أولا: ترفض معيشة أهلها ترفض أوامر ربها ترمى الحياء والانتماء ورا ضهرها تقطع جدورها بنفسها أوعز لها إزاى حتعرض لحمها وتبان مفاتن جسمها من ضفرها.. لأعلى خصلة ف شعرها عمل الصالات... تعرض موضات والإعلانات... مالية الشاشات بالشنبوهات والتسريحات وحاجات كتير فرحت بها تاهت ونسيت نفسها وتكلًّمك ربع الكلام بالأجنبى وتقول هالو... بنت أم باتعة تقول هالو مرسيه يا شوشو وثانك يو وكَمٍ يا توتو وياللا جو وكبار شيوخ المسلمين ما عرفش ليه مًتلجًّمين والمسئولين... فتحوا الببان على وًسعها ما لفت انتباهى لهذه القصيدة وهذا الشاعر العريق هو الفهم العميق للوطنية وتأصيل الأخلاق فى المجتمع المصرى ونضاله للحفاظ على الهوية، التى تاهت عمدا أو جهلا، وفهمه الفطرى للحياة السليمة والعودة إلى الطبيعة والتى انتشرت الدعوات إليها فى كل العالم، وهى باختصار تتلخص فى العديد من النقاط المهمة، منها مثلا البعد عن الأغذية المستخدم فيها الكيماويات التى تسبب العديد من الأمراض السرطانية، وزراعة الأطعمة الأورجانج، شرب الألبان من المزارع الصغيرة والفلاحين والابتعاد عن الألبان المليئة بالمضادات الحيوية، والتى تحقن فى الحيوانات لتدر ألبانا أكثر ولكنها المسبب الرئيسى للكثير من الأمراض الصدرية ومنها الربو وضعف المناعة، عدم المغالاة فى الاستهلاك وإعادة تدوير المخلفات البلاستيكية، والابتعاد عن كل ماهو معلب ومجمد والاتجاه إلى كل ما هو طازج و(صابح) وليست الفائدة من كل هذا هو فقط حياة صحية جيدة ووقاية من الأمراض الخطيرة التى أصابت الإنسان الحديث، وإنما أيضا مكافحة سيطرة الشركات متعددة الجنسيات، والتى أصبحت سيطرتها على الإنسان أكثر قوة وهيمنة من الدول نفسها وأصبحت ميزانياتها أضعاف كبريات الدول فى العالم، وفى نفس الوقت تعطى المواطن الفرد عملا مستقلا وحرفة يتكسب من ورائها وياكل من عمل يده دون الاعتماد على وظيفة أو الخوف من تسريحه بمعاش مبكر. ليست الأزمة مصرية ولكنا أزمة عالمية تهدد الإنسان وتهدد البيئة على حد سواء وقد بدأت أثار هذا التطور العشوائى واستخدام الإنسان الجائر لموارد الأرض البشرية، مما أدى إلى تغيرات وطفرات كبيرة فى درجة حرارة الأرض وكثرة الزلازل والبراكين وفياضانات تسونامى ولن تتوقف الأرض عن غضبها قبل أن يعود الإنسان إلى رشده، وكما قال النبى ولا تحقرن من المعروف شيئا، أى لا تستصغر شيئا أو مساهمة منك فى تغيير العالم.