زادت حدة مشكلة الدعم فى مصر خلال الفترة الأخيرة والتى تصدرتها مشكلة "رغيف الخبز أو العيش". قبل نحو ربع قرن تقريبا، كان المصريون فى الحضر وفى عواصم الأقاليم فقط يعتمدون على المخابز التجارية فى الحصول على احتياجاتهم من الخبز البلدى، فى حين كان الميسورون فقط هم من يقبلون على الخبز " الأفرنجى" أو "الفينو"، وأما عن بقية المصريين فى الريف فقد كانوا يخبزون الدقيق فى أفرانهم المنزلية مستغلين القمح الذى يحصدونه من حقولهم. الآن لم تعد القرى المصرية كما كانت عليه من قبل، حيث تسلل نمط الحياة الحضرية إلى الريف، فحينها تخلت القرية عن أولويات كثيرة ومنها زراعة القمح، وبات أبناء الريف أعضاء دائمين فى طوابير طويلة تصطف أمام نوافذ المخابز للحصول على رغيف العيش. وأصبحت أفران الخبز هى آمال القرى الريفية والمناطق الحضرية، وحتى من يقوم بعمل الخبز فى منزله من الريف فيجد صعوبة فى الحصول على القمح ما لم يكن هو من يقوم بزراعته. ويحتاج كل فرد فى الأسر المصرية فى المتوسط إلى رغيفين أو ثلاثة ويعنى ذلك أن أى أسرة تتكون من 6 أفراد تحصل على 18 رغيفاً فى الوجبة الواحدة، ووصل سعر الرغيف غير المدعم إلى 25 و 50 قرشاً، فمن أين يستطيع محدود الدخل أن يدفع 5 جنيهات على الأقل للحصول على الخبز فقط دون أى شئ آخر؟. وكان صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطنى الديمقراطى قد أعلن أن الرئيس حسنى مبارك يتابع بصورة دائمة كافة التقارير التى يتم رفعها من قبل الأمين العام للحزب إلى سيادته والتى تحمل رأى المواطن المصرى فى كافة المحافظات تجاه القضايا الملحة ذات الأولوية وعلى رأسها قضايا الأسعار ورغيف الخبز. بعد أن سار رغيف الخبز هو الوجبة الأساسية للكثير من المصريين أصبحت الطوابير أمام الأفران لا ترى نهايتها لطولها ولكثرة الزحام ويضم الطابور الواحد أمام بعض المخابز أكثر من خمسين أو ستين شخصاً، معظمهم من ربات البيوت، ويستمر الحال لساعتين أو أكثر للحصول على 15 أو 20 رغيفا فقط، وليس ذلك فقط بل يطبق المثل الذى يقول "عض قلبى ولا تعض رغيفى" وهو ما يفسر المعارك المتكررة أمام الأفران للحصول على الخبز ووقوع العديد من الضحايا. وتقوم بعض الأفران ببيع بعض من حصتها من الدقيق المقررة لها من وزارة التموين فى السوق السوداء لتعويض الخسارة التى يفرضها النظام التموينى عليهم، ويقومون بتحديد عدد الخبز الذى يحصل عليه المواطن. وفى النهاية، هل يمكن أن تحل المشكلة دون المزيد من الضحايا؟!