نقلا عن اليومى.. عرف المصريون فنون النحت منذ آلاف السنين وبرعوا فيها، وازدانت المعابد القديمة بتماثيل شاهقة للفراعنة والحكام وكبار الشخصيات فى العهود الغابرة، ولما شيدت القاهرة الحديثة على الطراز الباريسى فى القرن التاسع عشر ظهرت الميادين، وانبثقت الحاجة إلى تزيينها بتماثيل جميلة، وهو ما كان بالفعل. هنا.. سنتجول سريعًا فى بعض ميادين القاهرة لنتعرف على أهمها، وأشهر الشخصيات التى تجسدت فى تماثيل بديعة توسطت هذه الميادين. ميدان طلعت حرب.. سليمان باشا سابقًا يعتبر هذا الميدان إشراقة شمس لاهتمام الخديو إسماعيل بإقامة ميادين على الطراز الأوروبى، حيث أمر بعمل تمثال لسليمان باشا الفرنساوى، آخر ضباط الحملة الفرنسية، مؤسس الجيش المصرى بأمر محمد على باشا. قام بالتصميم النحات الفرنسى هنرى الفريد، وهو النحات نفسه الذى قام بتنفيذ تماثيل الأسود الأربعة بكوبرى قصر النيل، وتمثال محمد على بالإسكندرية. يتوسط الميدان تمثال لرجل الاقتصاد طلعت حرب، وهو مصنوع من البرونز، يقف على قاعدة ارتفاعها ثلاثة أمتار ونصف المتر، وهو من أعمال الفنان فتحى محمود. ميدان سيمون بوليفار ميدان سيمون بوليفار يعرف بميدان قصر الدوبارة، نسبة إلى القصر الذى يجاوره فى عهد الأسرة المالكة.. تم التخطيط له فى عهد إسماعيل باشا، فهو تمثال للقائد الذى حرر أمريكا اللاتينية من احتلال الإسبان، قامت بإهدائه سيدة فنزويلا الأولى ودنابلانكا لمصر، وصممه الفنان الفنزويلى كارملو تباكو من البرونز حيث برع فى إبراز الظل والنور الناتجين عن حركة القماش المنسدل من ملابسه، والذى يوضح مدى العظمة والثراء لدى هذا البطل القومى. تمثال نهضة مصر تمثال «نهضة مصر» للمثال محمود مختار عندما كان فى بعثة إلى باريس عرضه بأشهر معارض باريس، وفاز بالميدالية الذهبية فى معرض الفنون الجميلة، وعندما عاد إلى مصر طلبت الحكومة المصرية إقامة هذا التمثال بأحد ميادينها، وقام مختار بتنفيذ التمثال بعد موافقة البرلمان، وتم تصميمه من الجرانيت بحجم كبير، ووضع فى ميدان رمسيس، ثم انتقل إلى مدخل شارع جامعة القاهرة. يعد هذا التمثال من أنجح تماثيل العاصمة، حيث جسده مختار على هيئة امرأة قروية تمثل مصر، وكأنها تنتظر المستقبل، وتحاول إيقاظ أبوالهول من سباته لتحقيق آمالها. ميدان سعد زغلول توفى سعد زغلول عام 1927، وبدأت الفكرة تراود محمود مختار إلى أن قام بتصميمه من الجرانيت ووضع التمثال فى مكان بديع دائرى الشكل، متفرع منه خمسة محاور مرورية، وقاعدة التمثال الجرانيتية تحمل أربعة أعمدة فرعونية مأخوذة من نبات اللوتس، وعليها رموز الدستور، والعدالة، والإرادة. وحرص مختار على الارتفاع بالزعيم تعبيرًا عن مكانته عند الشعب. ميدان إبراهيم باشا «الأوبرا» أنشئ ميدان الأوبرا فى عهد الخديو إسماعيل، وعرف فى البداية بميدان التياترو، وتم نقل تمثال إبراهيم باشا من العتبة إلى ميدان الأوبرا، وأقام هذا التمثال لتخليد ذكرى والده، على يد المثال الفرنسى شارل هنرى كوردبيه. شهدت صناعة التمثال أزمة بين مصر وتركيا بسبب لوحتين تمثلان معركة تيتثريب وعكا، صنعهما المثال الفرنسى بغرض تثبيتهما على قاعدة التمثال، ورفضت تركيا رمزهما لهزيمتها أمام الجيش المصرى، وقام المثالان أحمد عثمان، ومنصور فرج بطبع لوحتين شبيهتين لهما على قاعدة التمثال. ميدان مصطفى كامل الزعيم الذى كرس حياته لخدمة قضايا وطنه، فقد صنع له التمثال الفنان الفرنسى لوبولد سافان، وهو أول تمثال اكتتب فيه الشعب، وصنع فى فرنسا. التمثال من البرونز، ويرتفع على قاعدة رخامية مربعة، والجانب الأيمن كتب عليه عبارة «لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة»، أما الواجهة فوضع عليها لوحة تمثل فتاة جالسة تود النهوض والتحرر. تمثال الزعيم عمر مكرم زعيم شعبى من صعيد مصر، قاوم الفرنسيين فى ثورة القاهرة الثانية، وتوفى عام 1922 فقام الفنان فاروق إبراهيم بالشروع فى إنشاء تمثال له، تخليدًا لذكراه ودوره السياسى، وتم وضعه أمام المسجد الذى أطلق عليه نفس الاسم، ويظهر الزعيم كأنه فى إحدى الثورات الشعبية وهو ينادى بالاستقلال. تمثال عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية.. يعتبر واحدًا من أشهر العسكريين العرب فى النصف الثانى من القرن العشرين، حيث شارك فى الحرب العالمية الثانية ضد الألمان والإيطاليين بين عامى 1941 و1942، وشارك فى حرب فلسطين عام 1948، والعدوان الثلاثى عام 1956، وحرب 1967، وحرب الاستنزاف، إلى أن استشهد فى فى 9 مارس 1969. صممه الفنان فاروق إبراهيم، وهو تحفة فنية ومن أجمل التماثيل، حيث يظهر فيه الفريق عبدالمنعم رياض وهو يرتدى الزى العسكرى، وكأنه يقوم بتوجيه جنوده. تمثال طه حسين عميد الأدب العربى، توفى فى 28 أكتوبر 1973، ويعد من أبرز دعاة التنوير فى العالم العربى، وصاحب النهضة الأدبية فى العالم العربى، وكان من أقل الأشياء تخليدًا لذكراه إنشاء تمثال يحمل اسمه، وصممه الفنان حسن كامل من خامة البرونز، فهو من التصميمات الحديثة، ويلوم علماء الآثار على المصمم أن حجم الرأس صغيرة جدا، لا يتناسب مع فكر عميد الأدب العربى، وما تحمله رأسه من أفكار. ميدان سفنكس.. تمثال نجيب محفوظ هو أول عربى حائز على جائزة نوبل فى الأدب، وتدور أحداث جميع رواياته فى مصر، وتتكرر فيها الحارة التى تعادل العالم، فترجمت إلى عشرات اللغات.. فُتن بالقاهرة وأحيائها ودروبها وأزقتها، توفى فى 30 أغسطس 2006 فصمم الفنان أكرم المجدوب تمثالًا رائعًا من البرونز، ويقف على قاعدة خرسانية مغلفة بالجرانيت، ولكنى ألوم على المسؤولين المكان الحالى للتمثال بميدان سفنكس بالجيزة، والأفضل أن يكون فى ميدان الحسين المنبع الثرى لمعظم رواياته الجميلة.