قبل الآذان ب10 دقائق يبدأ الناس فى الاستعداد للإفطار وتحضير الطعام منتظرين مدفع الإفطار، بينما هناك من ينسى عطشه وجوعه ويفكر فقط فى إفطار من لم تسعفهم الظروف للوصول إلى منازلهم، مشهد يتكرر يوميا فى مناطق مصر المختلفة، مجموعة من الشباب والأطفال يبدأون عملهم اليومى بكل إخلاص فى تحضير معدات موائدهم البسيطة والتى يحملونها فوق أيديهم فى صوانى من فوقها تتراص أكواب الخشاف أو أكياس التمر والسوبيا أو حتى شنطة البلح والعجوة. يحملون ابتسامة بجوار الشنط كل يوم وينطلقون إلى الشوارع، لتبدأ مهمة الإفطار، يقفون على النواصى منتظرين لحظة انطلاق المدفع وتكبير الآذان، يوزعون على المارة ما يكسرون به صيامهم دون أن ينتظروا مقابل سوى ثواب إفطار صائم على الطريق، حتى يعيدون لجملة "البركة بالشباب" معناها الحقيقى. البركة بشباب دار السلام .. "بلحة واحدة تكفى" ليس بالضرورة أن تكون صاحب مائدة عامرة بأطياب الطعام والشراب حتى تكسب ثواب إطعام صائم، فبلحة واحدة تكفى لكسر صيام المارة، من هذا المنطلق قرر شباب منطقة دار السلام أن يجمعوا ما معهم، مبالغ بسيطة تكفى لشراء شوال من البلح ليقفوا كل يوم فى نفس الميعاد منتظرين إطلاق مدفع الإفطار ليجودوا على الناس بما جاد به الله عليهم. يقول توفيق عبد الهادى 14 سنة أحد سكان منطقة "أبو أشرف بدار السلام": أهلى معودنى من صغرى إنى أشترك مع شباب الحتة كل سنة فى رمضان فى كسر صيام الناس بالبلح، وكلنا بنشارك باللى نقدر عليه أنا عن نفسى ممكن يوم أشارك بجزء من مصروفى ويوم تانى أكتفى بمجهودى، واخترنا البلح لأنه سنة عن النبى (ص) ولأنه برضو من أرخص الحاجات اللى نقدر نساعد بيها صايم أنه يفطر وتكون عل قدنا. شباب نواصى الخير بالمعادى.. فطارك عندنا شربات أهالى حى المعادى اعتبروا رمضان عرسا دينيا، وقرروا أن يسقوا أهالى الحى والمارة شربات، فخرجوا عن فكرة تقديم العصائر التقليدية الخاصة برمضان كالتمر والسوبيا وجعلوا من الشربات المشروب الرسمى لأهالى الحى ساعة تكبير الآذان. يحكى الحاج "عادل صبرى" عن فكرة توزيع شباب الحى للشربات: رمضان والصوم والسحور مش مجرد طقوس دينية أو فريضة بنقوم بيها كمسلمين، إنما هو فرحة لكل الناس وعيد لازم نحتفل به على طريقتنا الخاصة، ومن هنا جاءت لنا فكرة توزيع الشربات على الصايمين، بمناسبة فرحة الفطار على آذان ربنا وإتمام اللى أمرنا به والبعد عن الأكل والشرب أكتر من 15 ساعة، وبنغض البصر عن المحرمات.. وكمان بنمنع لسانا من السب والألفاظ السيئة، وأعتقد كل ده محتاج نشرب له شربات نجاحنا فى صون نفسنا من مغريات وشهوات الحياة. شباب منطقة المذبح يرفعون شعار.. "لاااازم" تفطر "حتفطر يعنى حتفطر" تعتبر هذه الجملة هى لسان حال أهالى منطقة المذبح فليس هناك سبيل لهروب الناس من السوبيا والتمر، لأنهم ببساطة قرروا أن يفطروا المارة بالذوق أو العافية رافعين شعار مش "هنتنازل عن الثواب مهما يكون". يقول "جمال الباز" أحد سكان منطقة المذبح: إحنا ناس شعبيين والكرم فى دمنا وبنحب طول الوقت نتقرب من ربنا، عشان كده ما بيفوتش سنة غير لما المنطقة كلها بتبقى مليانة موائد، واللى ربنا مش مقدره بيقف بعصاير أو أى حاجة بسيطة يوزعها على الناس اللى على الطريق. مضيفا: وعلى الرغم من أن عائلتى من العائلات اللى بتعمل أكبر الموائد كل سنة، إلا إنى أنا وشباب العائلة بنقف بالعصاير والحلويات نوزعها على الناس، ولما لقينا فى ناس بتتكسف تمد إديها وتاخد العصير، وناس بتكسل تفتح شباك العربية، قررنا نوقف العربيات ونديهم العصاير.. وممنوع شخص ولا عربية تعدى من غير ما تكسر صيامها منعا للإحراج. مستكملا "والعادة دى ممكن تكون ورثتها العائلة عن جددها الصعايدة، وزى ما معروف عن أهل الصعيد إنهم بيوقفوا العربيات بالسلاح علشان يفطروهم ويكسبوا فيهم ثواب". عجوة هنية تفطر من سكان الزهراء 100: لمتنا بالعجوة تحلى.. هكذا بدا "محمد إبراهيم" أحد سكان منطقة زهراء مصر القديمة، حديثه بعد أن قرر أن يكون رئيس مائدة نفسه، فكل يوم فى نفس الميعاد ينزل إلى ناصية شارعه وينتظر السيارات وخاصة الأطفال ليفرحهم بعجوة "عم هيما" كما يطلق عليها، ولم تكن هذه العادة هى وليدة اللحظة إنما اعتاد عليها منذ طفولته عندما كان يشارك أهالى منطقته إفطار الصائمين على الطريق وتقديم العصائر والبلح لهم. يقول: من وأنا لسه فى ابتدائى كنت بنزل وأشارك مع شباب الحى فى توزيع البلح والعصير على أهالى المنطقة، والناس اللى رايحه تصلى المغرب قبل الفطار، وكمان كنا بنقف على ناصية الشارع نوزع شنطة صغيرة فيها بلح على العربيات. مضيفا: استمرت العادة دى معانا كل سنة نجمع من بعض فلوس من مصروفنا الشخصى لغاية دلوقت، كبرت وعجزت ولسه بقوم بنفس العمل مع اختلاف إنى قررت أحول نشاطى للعجوة وأقف لوحدى وأفرح الناس اللى بتبقى راجعة من شغلها تعبانة وعطشانة وابتسم فى وشهم واديهم العجوة يحلوا بوقهم. أخبار متعلقة.. "اليوم السابع" يستعرض أسعار كحك العيد فى منافذ القوات المسلحة ومحلات الحلوى