سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حفرها مليون مصرى فى عشر سنوات وتكلفت 369 مليون فرنك فرنسى!.. قناة السويس.. رحلة شعب عظيم من العبودية إلى التحرر! .. ديليسبس تخيلها وإسماعيل افتتحها وعبدالناصر أممها!
نقلا عن العدد اليومى: كان لحفر القنوات المائية أثر بالغ فى تطوير حياة المصريين القدماء، وشهدت مصر منذ عهد الفراعنة حتى الفتح الإسلامى محاولات ناجحة لحفر بعض القنوات. بداية المشروع بعد أن احتلت بريطانيا العظمى الهند وضمتها لمستعمراتها أصبح طريق رأس الرجاء الصالح حكراً عليها وحدها، الأمر الذى أزعج فرنسا كثيرًا، فما كان من نابليون قائد الحملة الفرنسية على مصر «1798/ 1801» إلا الذهاب إلى السويس مصطحبًا معه عددا من علماء الحملة للبحث فى كيفية شق قناة تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط لييسر على فرنسا عملية اكتشاف طرق بحرية جديدة تخدم تجارتها، وبالفعل ذهب فريق من العلماء فى 14 نوفمبر 1799 إلى السويس وبرفقتهم نابليون نفسه، وبعد أن تولى محمد سعيد باشا حكم مصر فى 14 يوليو 1854 تمكن ديليسبس، والذى كان مقرباً من سعيد باشا - حاكم مصر - من الحصول على فرمان عقد امتياز قناة السويس، وكان العقد مكونا من 12 بنداً أهمها حفر قناة تصل بين البحر الأحمر والمتوسط ومدة الامتياز 99 عاما من تاريخ فتح القناة. وقام ديليسبس بزيارة برزخ القناة وسرعان ما قدم تقريرا لسعيد باشا فى 20 مارس 1855 يفيد بإمكانية تحقيق المشروع، وتمكن ديليسبس بعدها من تأسيس شركة قناة السويس وتكوين مجلس إدارتها. السخرة والاحتفال فى 25 إبريل 1859 أقيمت مراسم البدء فى حفر قناة السويس، وضرب ديليسبس بيده أول فأس على أرض بورسعيد، ولكن سرعان ما توقف بسبب معارضة إنجلترا، وبعد تدخل السيدة أوجينى إمبراطورة فرنسا لدى السلطان العثمانى عاد الحفر فى 30 نوفمبر 1859، ثم قام الوالى سعيد باشا فى 12 إبريل 1861 بزيارة الميناء، وفى أواخر عام 1861 قام إسماعيل باشا - الذى سيتولى حكم مصر عام 1863 - بزيارة مناطق الحفر بجوار بحيرة التمساح، واختار موقع المدينة التى تحمل اسمه وهى الإسماعيلية حاليا، واستمر الحفر من 1859 - 1869 وبلغ عدد العمال المشاركين فى الحفر مليون مصرى، وكان عدد الذين توفوا أثناء الحفر 125 ألفا حتى اتصلت مياه البحرين، بعدما تم استخراج 74 مليون متر مكعب من الرمال وبلغت تكاليف الحفر 369 مليون فرنك فرنسى، وفى 16 نوفمبر عام 1869 احتفل الخديو إسماعيل بافتتاح القناة، وقد كان حفلا أسطوريا أقيم فى مدينة بورسعيد، حضره الفلاحون بالجلباب المصرى المميز على ضفاف القناة، مصطحبين زوجاتهم وأولادهم فى استقبال أباطرة وملوك العالم وقريناتهم لحضور هذا الاحتفال البديع. لعنة الديون للأسف.. حلق غراب الديون فوق مياه القناة بعد ما توفى سعيد باشا عام 1863، تاركًا مصر غارقة فى مستنقع ديون قيمتها 11 مليونا ومائة وستين ألف جنيه. وبعده تولى الخديو إسماعيل الحكم ولكنه مارس سياسة الاقتراض، الأمر الذى أقلق أصحاب الديون على أموالهم، ولجأوا إلى دولهم للقيام بالإجراءات اللازمة تجاه الحكومة المصرية لسداد الديون. كانت إنجلترا فى مقدمة الدول التى استجابت لضغط الدائنين، ورأت فى ذلك فرصة لتحقيق أطماعها، فاضطر الخديو إسماعيل تحت ضغط الدول الدائنة على استقدام بعثة كييف 1875 من بريطانيا للمعاونة فى حل الأزمة المالية. فدفع ذلك فرنسا إلى إرسال خبير باسمها هو المسيو فييه للمعاونة، وذلك حتى لا تنفرد إنجلترا بمصر، ويكون لها نصيب فى الاستيلاء على خيراتها أيضا. هكذا إذن صارت فرنساوإنجلترا هما المراقب المالى على مصر، وبالرغم من وجود هذه الرقابة سارت الأمور المالية فى مصر من سيئ إلى أسوأ، حتى ضغطت الحكومات الأوروبية على السلطان العثمانى لعزل الخديو إسماعيل، وفى يونيو 1879 غادر إسماعيل مصر متجها إلى إيطاليا، وبلغت ديون مصر عند عزله 126 مليونا و354 ألفا و360 جنيهاً. عبقرية التأميم فى 26 يوليو عام 1956 قام الزعيم جمال عبدالناصر بتأميم شركة قناة السويس، واعتبارها شركة مساهمة مصرية، وذلك بنقل الملكية من الحكومة الفرنسية إلى الحكومة المصرية مقابل تعويضات تمنح للأجانب. ويرجع سبب التأميم إلى رفض البنك الدولى تمويل الحكومة المصرية لبناء السد العالى، فكان التأميم سبباً للعدوان الثلاثى الذى قامت به بريطانياوفرنسا وإسرائيل على مصر، وسرعان ما أغلقت القناة عام 1956، حيث أعيد افتتاحها 10 / 4 /1957 إلى أن أغلقت نهائيًا عام 1967 أثناء العدوان الإسرائيلى على مصر لمدة 8 سنوات، وفى فترة الغلق خسرت القناة 1500 مليون جنيه، وكان على مصر أن تدفع 120 مليون جنيه لإعادة فتح القناة. هذا موجز لرحلة شعب مع قطعة غالية من بلده.. ما أحوجنا إلى دراسة هذه الرحلة الآن لنستفيد ونتعظ!