أن يموت عزيز ونتألم لفراقه.. أيام صعبة ومشاعر حزن وحداد تخف حدتها وتنتهى مع الأيام التى تطول وتقصر قدر احتمال وحجم محبة واحتياج.. أن تفارق من أحببت فيحيا بعيدا طالبا الموت بذاكرتك لتتمنى أنت الموت فلا تدرك النسيان ما زال أبى صورة لم يدركها عقلى الصغير يوم رحل قبل سنوات طويلة.. رأيته دون ألم فى منامى فما زارنى إلا قليلا. روح شقيقتى التى رحلت تزورنى رغم الفراق غائبا بغربتى تسامحنى ولا تعاتبنى تدعو لى وتشهد بمعاناتى فأجد السلوى والعون والاحتمال وجسد شقيقى الراحل يوم رأيته فى وداع أخير لا يزال ملىء عينى وعذاب وحدتى ورحيله أمى التى آلمتها بغربتى نصف عمرى ودعتنى بدعائها لى بالستر لتترك الدنيا ودمعتى لم تجف ليلة طوال شهور مضت . أنتى يا من شهدتى فعلمتى موت الفراق وفراق الموت هل أرحل عنك أم ترحل الدنيا معك؟ هل يستوى الموت والفراق؟ هل تعيدى قراءة هذه الكلمات- أنا من عاش معانيها فكتبتها بصدق وأحببت كل حروفى فيها هل تذكرين أنى قلت: كنت أحلم أن أكون شاعرك وكنت أنوى أن أهجر كل محراب قصدته.. كانت الدنيا همى لزمن ليست لأنى أعيش ما فيها من متاع، بل لأنى عانيت فيها أنواعا من الحرمان.. حين انتظمت قصيدتى على نهج ما من الأوجاع أيقنت أنى لا محالة ذاهب إلى ما لا أستطيع.. زهدت نفسى وأطلقت قرينى وبعدت عمرا حتى عن كلمات اعتنقها.. قابلت من يبحث عنى، وكنت أبحث عنك فقلت لها بعضا مما أحمله فى سراب البحث عنك، وتصورت أنى ماض إلى يومى الأخير فى رحلة بلامتاع. حين التقينا وكنا من قبل نبحث عن سفينة ما.. كل فى بحره يصارع أمواجا وقراصنة أيضا.. فما الهم والوحدة إلا من ذات الكيان. حين التقينا على صفات لم يعلمها كلانا للآخر، وحين استمعنا إلى همسات الوحدة كانت فرصة النجاة عشناها كل فى قارب . يوم التقينا تصالحت أمواج، وتيارات وبات البحر خليجا والمرسى قريبا.. وظننت أن كلانا سيلتقط حقيبته ويعود أدراجة إلى حضن وطن من الأمان . اليوم أصرخ شاكيا باكيا مهموما أنا اليتيم الصغير.. أنا من أعجزه قهر الاغتراب فغاب يوم رحيل الأعزاء.. أنا الغريب بلا دار بلا وطن بلا حب سكن كيانى. فأنسانى أنى لم أدرك النسيان..