سعر الخضراوات والفاكهة اليوم الأحد 9-6-2024 في جميع أسواق الجمهورية    قصف إسرائيلي على رفح الفلسطينية بعد تحرير 4 رهائن    سعر الدينار الكويتي في البنوك اليوم الأحد 9 يونيو 2024    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    واشنطن: إسرائيل لم تستخدم الرصيف البحري لإنقاذ الرهائن الإسرائيليين في غزة    هيئة التجارة البحرية البريطانية تعلن عن هجوم استهدف سفينة في السواحل اليمنية    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    ترتيب مجموعات تصفيات كأس العالم لقارة افريقيا 2026    بيلينجهام الأعلى قيمة سوقية بين لاعبي أمم أوروبا 2024    ننشر أوائل الشهادات الإعدادية والإبتدائية الأزهرية بالوادي الجديد    أطول إجازة للموظفين في مصر خلال 2024.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى    حبس 8 مسجلين خطر بينهم سيدة ضبط بحوزتهم 13 كيلو مخدرات بالقاهرة    دعا لمقاطعة أعمال «الهضبة».. عمر هريدي: ابناء الصعيد يتضامنون مع الشاب «سعد» الذي صفعه عمرو دياب    كوميديا وإثارة وظهور مُفاجئ ل السقا وحمو بيكا..شاهد برومو «عصابة الماكس» (فيديو)    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    مقتل 45 شخصا على الأقل جراء صراع عشائري في الصومال    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء استهداف طيران الاحتلال لشقة في غزة    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    خلال الربع الأول.. 129% نموًا بصافى أرباح بنك القاهرة والإيرادات تقفز إلى 7.8 مليار جنيه    استمرار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس المتوقعة اليوم    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    ضبط مصري يسرق أحذية المصلين بمسجد في الكويت وجار إبعاده عن البلاد (فيديو)    "نيويورك تايمز": قنبلة أمريكية صغيرة تقتل عشرات الفلسطينيين في غزة    لميس الحديدي توجه رسالة للحكومة بشأن قطع الغاز الطبيعي عن مصانع الأسمدة    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    "دا مينفعش يتقاله لا".. القيعي يكشف أسرار تعاقد الأهلي مع ميدو    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    السعودية تبعد 300 ألف شخص من مكة لعدم حملهم تصاريح الحج    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    أيمن موكا: الجونة لم يبلغني بمفاوضات الزمالك ولم أوقع    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    دعاء ثالث ليالي العشر من ذي الحجة.. اللهم بشرنا بالفرح    حظك اليوم برج الجدي الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة والضبعة المركزي بمحافظة مطروح    «تخلص منه فورًا».. تحذير لأصحاب هواتف آيفون القديمة «قائمة الموت» (صور)    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    استقرار سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الاحد 9 يونيو 2024    قومي حقوق الإنسان يكرم مسلسل بدون سابق إنذار (صور)    وزير الصحة يوجه بسرعة توفير جهاز مناظير بمستشفى الضبعة المركزي    حظك اليوم برج الميزان الأحد 9-6-2024 مهنيا وعاطفيا    تحرير 40 مخالفة تموينية فى حملة على المخابز والمحال والأسواق بالإسماعيلية    وزير التعليم الفلسطيني: تدمير 75% من جامعاتنا والمدارس أصبحت مراكز للإيواء    حظك اليوم برج العذراء الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    جامعة المنوفية تشارك في مبادرات "تحالف وتنمية" و"أنت الحياة" بقوافل تنموية شاملة    فضل صيام العشر من ذي الحجة 1445.. والأعمال المستحبة فيها    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى أبو كبير المركزي    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشهيدان بدر "المصرى". ومحمد "الجزائرى"
نشر في اليوم السابع يوم 19 - 11 - 2009

انتهت المنافسة بين مصر والجزائر للوصول إلى مونديال جنوب أفريقيا، وسيكون نصيب تلك المنافسة فى التاريخ، مجرد مباراة أحاطتها ظروف سيئة فى العلاقات بين البلدين، ظروف دفعت ذكريات التاريخ إلى التراجع للوراء، وجعلت آلام الحاضر تقفز إلى السطح جعلت بعض الإعلاميين فى الطرفين يختزلون الحياة والعلاقات التاريخية بين البلدين فى مجرد مباراة كرة قدم، وبدلا من استدعاء حكايات التاريخ المضيئة بين البلدين لنتحصن بها أمام هؤلاء، وقفنا وكأننا نبدأ من الصفر، فلنذهب إلى التاريخ الملىء بحكايات العون والمساعدة بين البلدين فى أوقات الشدة، والغائب عن الأجيال التى لم تعاصره، ربما يعرفون أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا.
ومن هذه الحكايات ما رواه لى ضابط المخابرات المصرى فتحى الديب فى حوارات أجريتها معه، وكان الديب هو حلقة الوصل بين جمال عبد الناصر وثوار الجزائر الذين أطلقوا شرارة بدء الثورة ضد الاستعمار الفرنسى الذى احتل الجزائر 130 عاما، وهو الذى قدم الزعيم الجزائرى قائد الثورة الجزائرية إلى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وفى زياراتى المتعددة له فى ضاحية مصر الجديدة قبل رحيله منذ سنوات، وكان يعيش فيها مع السيدة الفاضلة زوجته، أخبرنى أن الشقة المواجهة له هى شقة بن بيلا.
قال فتحى الديب تنوعت المساعدات المصرية للثورة الجزائرية ما بين السلاح والمال، وحتى الرجال، ولعبت المخابرات المصرية أعظم أدوارها على الإطلاق فى تهيئة كل السبل لانطلاق الثورة.. وأضاف، أن أول مرحلة فى خطة اندلاع الثورة الجزائرية، بدأت بعودة بن بيلا إلى القاهرة يوم 9 أكتوبر 1954 بعد اجتماع فى العاصمة السويسرية برن، حضره كل من مصطفى بن بو العبد وديدوش مراد وكريم بلقاس وبن مهيدى العربى، ومحمد بو ضياف، وبيطاط محمد وأحمد بن بيلا.
أبلغهم بن بيلا فى هذا الاجتماع، موافقة عبد الناصر على دعم كفاحهم مادياً وأدبياً، ووافقوا بالإجماع على خطة بدء الكفاح المسلح التى تمت مناقشتها فى القاهرة مع بن بيلا.. وتحدد لها ساعة الصفر 30 أكتوبر، وغادر بن بيلا القاهرة إلى ليبيا يوم 22 أكتوبر ليتابع عملية التنفيذ منها، وزوده الديب بمبلغ 5 آلاف جنيه لشراء كميات الأسلحة والذخيرة المتوفرة من السوق السوداء الليبية لمباشرة عملية التهريب فوراً لحين تزويدهم بالكميات اللازمة من مخازن الجيش المصرى، وتوالت المساعدات بعد ذلك لتشمل شحنات من البنادق والرشاشات وذخائر وأسلحة أخرى أدخلتها المخابرات المصرية إلى الجزائر عبر الحدود مع المغرب، وليبيا، ويحتوى كتاب فتحى الديب: "عبد الناصر وثورة الجزائر" على عشرات الوثائق التى تحمل توقيعات تسلم هذه الأسلحة التى قدمتها مصر إلى جيش التحرير الجزائرى دون مقابل.
لم يكن السلاح وحده هو العون والمدد الذى قدمته مصر، بل قدمت شهداء ربما لا تحوى الكتب عنهم شيئاً، ومن القصص التى رواها لى الديب بتأثر بالغ قصة الصحفى إلهامى بدر الدين الذى استشهد على أرض الجزائر وعمره 23 عاما فقط.
قال الديب: دخل إلهامى الصحافة من أبوابها العنيفة.. كان فى بدايات عمله.. مقداماً فى اندفاعه.. لا يخاف الموت ويحدوه الأمل فى أن يكون صحفياً كبيراً من خلال معايشته للثورة الجزائرية.. فطلب منى التوجه إلى هناك، وأعطيته الإذن بذلك مع تقديم جميع التسهيلات له، ونزل بالفعل فى منطقة وهران، وظل فيها ثلاثة أشهر، وطلب بعدها أن يدخل إلى منطقة القبائل، وكان يقودها كريم بلقاس.. وبعد 15 يوما من وجوده فى هذه المنطقة، وكانت شديدة الحساسية، وفيها قتال ضار مع الفرنسيين استشهد إلهامى مع مئات من الجزائريين ودفن هناك، ولما تلقيت خبر استشهاده أبلغت الرئيس جمال عبد الناصر فأوصانى بالبحث عن طريقة لإبلاغ أهله، ونقل جثمانه إلى القاهرة، ولما فشلنا فى نقل الجثمان اعتبرنا أنه استشهد فى أرض الله الواسعة بجانب أشقائه من الجزائريين، وتذكر الديب أنه حين تم إبلاغ أهله بالخبر تلقوه باحترام بالغ وألم فى الوقت نفسه، قائلين: نشهد أن لا إله إلا الله، ونحتسبه شهيدا عند الله".
فى المقابل لم تنس القيادة السياسية الجزائرية من بيلا إلى هوارى بومدين وحتى بوتفليقة أبدا هذه الوقفة من مصر ، فبعد نكسة 5 يونيه 1967 كان أول زعيم عربى يصل إلى مصر هو الرئيس الجزائرى هوارى بومدين الذى أبلغ عبد الناصر بوضع كل إمكانيات الجزائر تحت أمر مصر، وظل يلح فى الاستفسار من عبد الناصر عن الدور الغامض فيما حدث للعاهل الأردنى الراحل الملك حسين، وتواصلت المساعدات الجزائرية إلى مصر، وأنقل هنا رواية سمعتها من أسير مصرى لدى إسرائيل فى حرب 1967، وهو من قريتى وقريب لى، قال، والعهدة عليه فى الرواية، أنهم وبعد فترة من الأسر، حل عليهم أسير جزائرى وكان طيارا حربيا قدم فاصل من البطولة قبل أسره، وطلب منه الضباط الإسرائيليون تقديم نفسه وترديد هتاف: "يسقط جمال عبد الناصر"، لكنه وبعد ترديد اسمه محمد...، فاجأ الجميع بهتاف: "يعيش جمال عبد الناصر.. يعيش جمال عبد الناصر"، وبعدها سقط شهيدا برصاص الغدر الإسرائيلى.
تواصلت المساعدات الجزائرية لمصر وبلغت ذروتها فى حرب أكتوبر المجيدة، وتحفظ كتب التاريخ قصة سفر الرئيس الجزائرى هوارى بومدين إلى الاتحاد السوفيتى (سابقا)، لشراء أسلحة لمصر، ودفع ثمنها للقيادة السوفيتية فى شيكات على بياض، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل شاركت الجزائر فى الحرب ب 3 آلاف جندى و50 طائرة، وما يقرب من 100 دبابة.
هذه الخلفية التاريخية تؤكد أن ما بين البلدين فى حصة التاريخ أكبر من مجرد مباراة، فعلى أرض مصر جاء جزائريون للدفاع عنها، وعلى أرض الجزائر استشهد مصريون من أجل حريتها واستقلالها، وهذا هو العناق الطبيعى، وليكن ما حدث من أجواء التنافس من أجل الوصول إلى المونديال فرصة لتذكير الأجيال بقصص التضحيات المتبادلة بين البلدين، فهذا أبقى وأنفع لحاضرنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.