إذا كان الدستور عندما يوضع يجب أن يكون دستوراً توافقياً، فكيف يكون هناك دستور سيتم الاستفتاء عليه يتم تعديله بل وضعه من جديد فى ظل الاستقطاب السياسى والطائفى غير المسبوق، والفرقة التى تزيد، والتشرذم الذى يتزايد، والتفتت الذى يتجذر؟ حتى إننا نرى الجميع يتسابق فى التهديد بالتصعيد والوعيد برفض هذا الدستور والدعوة إلى رفضه بالتصويت بلا، إذا لم تلب لجنة الاستفتاء طلبات كل فصيل وتحقق مطالب كل فئة، حتى إننا قد وجدنا لجنة تستبدل وضع دستور بوضع قانون بل وضع عدة لوائح نقابية وحزبية وفئوية بل طائفية، وهذا هو الخطر بعينه، معتقدة تلك اللجنة أن دستور الثورة أو دستور ما بعد دستور الإخوان، يجب أن يرضى الجميع، متناسين أن من يتصور أنه يرضى الجميع بهذه الصورة، هو لن يرضى أحداً، بل سيغضب الجميع، وعلى ذلك نجد تلك المعركة غير المقبولة على الإطلاق بين السلطة القضائية تلك المعركة التى تخطت كل القيم المستقرة، والتى هى عنوان احترام وتقدير القضاء، وجدنا اللجنة تتحدث عن ما يسمى بالتمييز الإيجابى، وهو قولة حق يراد بها باطل، بل هذا التمييز سيكون هو باب جهنم الذى سيحرق فيها توحد الوطن ووحدته، أقرت اللجنة إلغاء نسبة ال%50 عمال وفلاحين، بحجة عدم تحقيق الهدف من إقرارها باستغلال هذه النسبة لوصول فئات وطبقات لا علاقة لها بالعمال ولا الفلاحين، بل تتناقض مصالحها مع مصالحهم، نعم هذا حادث، ولكن هل المبدأ نفسه هو الخطأ؟ إذا كان كذلك فلماذا تريدون فتح باب التمييز بطريقة أوسع بإضافة العمال والفلاحين والمرأة والشباب والأقباط؟ وهل هذه الفئات المهمشة قد كان تهميشها نتيجة لدستور طائفى أو لقانون فئوى؟ أم أن هذا التهميش هو نتيجة ونتاج لتراكم ثقافى واجتماعى متخلف، خاصة أن تهميش المرأة والأقباط هو نتاج هذا التراث المتخلف مدعوماً بتفسير دينى حسب رؤية أصحابه، مما يجعل الحل لا بدستور ولا قانون، وهل التمييز الإيجابى الذى كان للمرأة فى عهد السادات وفى مجلس 2010 كان قد غير الواقع المتخلف فى نظرته للمرأة؟ وهل هذا دفع المرأة لمزيد من المشاركة السياسية الفعلية والتواجد الجماهيرى الحقيقى؟ أم أن هذه الكوتة كانت للمنظرة لا أكثر ولا أقل، وبالرغم من أن هذه الكوتات تشمل الجميع، فالعمال والفلاحون هم المسملون والمسيحيون هم المرأة والرجل هم الشباب والشيوخ، وهذا غير كوتة الأقباط التى ستقسم الوطن قسمة دينية بين مسلم ومسيحى، ومع ذلك فهل هذه الكوتة ستحل مشاكل الأقباط؟ وهل بالضرورة من يدافع عن مشاكلهم لابد أن يكون قبطياً؟ وإذا كان كذلك فأى طائفية وأى بلوى ستحل بالوطن بعد ذلك؟ وكيف ستقبل الاستقطاب الطائفى الذى نعيشه الآن، وبعد حرق الكنائس، هذه الكوتة؟ وما هو رد التيار الإسلامى هل هو القبول أم الإثارة والشحن والحشد ضد الدستور، باعتبار أنه قد أصبح دستور الأقباط والمرأة؟ وما هى الحكمة من هذه الفكرة الخطيرة هل تريدون لبننة مصر؟ فدستور لبنان الطائفى لم يؤت الاستقرار والتوحد، بل أنجب حربا أهلية لمدة خمسة عشر عاماً مازالت مستمرة بصورة مختلفة حتى الآن، أم هل تريدون استنساخ تجربة السودان؟ مصر يا سادة يا من لا تعلمون من هى مصر وما هو تاريخها ولا تدرون كنه هويتها الفريدة، مصر لا تقبل التجزئة وقد تحدت التقسيم منذ مئات السنين ومازالت تواجه مخططات الفتنة بقسمة الوطن على أسس طائفية، وتاريخ الأقباط يقول: إنهم هم من أبدعوا قيمة التعايش، الحل ليس هو الكوتة بل وطن ديمقراطى مدنى يعلى المواطنة ويطبق القانون ويضع الرجل المناسب فى المكان المناسب دون النظر لغير قدرته وكفاءته، حتى تظل مصر بعيداً عن التقسيم ووطنا لكل أبنائها.