لم يلمسنى أحد غيره قلبى لا يعرف فى الكلمات إلا حروف اسمه.. عيناى لا ترى من الرجال سواه.. مصطفى جارنا.. وعدنى ألا يفرقنا إلا الموت.. ووعدته ألا ينبض قلبى لغيره تحرك حلمنا فى أحشائى فانقبض قلبى لا أحد يعرف مادار بينى وبينه إلا الله.. جفونى خاصمها النوم أياماً وليالى.. يأتينى صوت عبدالحليم دافئاً (أنا لك على طول) ليقتحم على خلوتى الإجبارية.. فرضتها على نفسى وجسدى وروحى بعيداً عن العالم فى انتظار مصطفى.. أمسك بهاتفى المحمول فأوقف صوت العندليب.. لتستقبل أذنى ماهو أجمل من كل قصائد الحب والعشق.. إنه مصطفى يخبرنى أنه حصل على سلفة من عمله.. أياما قليلة ويصبح بين يدى يحمل معى همى. اتفقنا على إعلان خطبتنا فور التخلص من فضيحتنا.. لو كان أهلى يتفهمون لكان لابننا مكان فى هذا العالم.. مر يومان.. لم يعد مصطفى.. انتظرته كثيراً فى شباك حجرتى.. قبضت على تليفونى المحمول وركزت بصرى على شاشته حتى ظننت أن أرقامها تتحرك ويظهر اسم مصطفى وأسمع صدى غنوة عبدالحليم داخلى.. لكن أوهام الانتظار حاصرتنى.. شطرت كيانى مابين الواقع الصادم الذى أحياه بعيداً عنه.. وبين أحلام اللقاء الذى سيبلل شفتى شهداً يروى ظمأى راحتى وسعادتى.. دق جرس الباب فانتفضت.. مصطفى.. مصطفى.. اندفعت أركض بملء حواسى سعيدة لكننى اصطدمت بأبى يفتح الباب.. لم يكن مصطفى.. إنه محمد أخو مصطفى وجهه تملؤْه الدموع.. يعطى لوالدى ورقة يفتحها والدى يقرأ سطورها.. يغشى عليه من هول الصدمة.. الجميع ينسى محمد ومصيبته ويلتف حول والدى تتبادل العيون الورقة التى انهار بسببها أبى.. تعلقت عيناى بتلك الورقة.. فى حين تعلقت عيون الجميع أمى أخى أختى.. حتى محمد شقيق مصطفى بى تحملق غير مصدقة.. وجاءتنى دموع والدى الساخنة تغرس فى قلبى خنجرا يشطر جسدى نصفين.. صرخت فيهم.. ماذا حدث أين مصطفى؟ ماهذه الورقة؟ انطقوا انطلق صوت محمد مخذولاً مصطفى مات.. البقية فى حياتى.. مصطفى قبل مايموت كتب الورقة دى واعترف بابنه اللى فى بطنك.. لم أسمع ما قاله رفضت أن يموت مصطفى الآن.. لطمت.. شققت ملابسى.. حاولت شقيقتى أن تجعلنى أتوقف.. لكننى لم أتوقف إلا عندما سمعت وصية مصطفى قالها محمد وهو يحنى رأسه خجلاً وعاراً يتقطر جبينه تخاذلاً وحيرة.. مصطفى وصانى عليكى.. انتى خطيبتى من النهاردة.. مافيش حل تانى؟!! قالها واستشعرت كرهاً دفيناً بين كلماته.. فلم أبال!! آخر كلمة سمعتها بعدها سقطت.. أياماً وأسابيع لم أذق طعماً للراحة ولا زاداً للجسد.. مرت الشهور ومازال ما فى قلبى فى قلبى وما فى قلب محمد فيه.. استسلمت لقضاء الله.. لم أقاومه عندما حكم على بالموت.. سلمت روحى لمقصلته فلم يعد بعد مصطفى فى جسدى روح..