يطالعنا الإعلام الإسرائيلى يومًا تلو الآخر بمشروعات تنموية عملاقة تخطط لها إسرائيل، وتنفذها بالفعل حكومتها فى صحراء النقب الشاسعة المترامية الأطراف، والتى يجاور جزء كبير منها الحدود المصرية. ومما يؤكد نية إسرائيل توجهها جنوبا نحو الحدود مع مصر، وتعمير الصحراء المترامية الأطراف معها، تأكيد يعالون خلال افتتاحه مشروع «الهاكرز الوطنى» قائلا: «نحن نريد أن نرى الذين يخدمون فى الجيش وهم يبنون حياتهم فى الجنوب فهذا مهم لنا جدًا، ولقد تشرفت كرئيس للأركان بأن أضع حجر الزاوية لمجمع التدريب فى مدينة البهديم فى يروحام، وكوزير دفاع فأنا أرى الفرصة العظيمة للدولة وللنقب لتطبيق رؤية بن جوريون، فمن ناحية جغرافية مدينة بئر السبع هى وسط البلاد، ويجب أن نرى ذلك، فمدينة بئر السبع ستكون عاصمة الهاكرز الوطنى». وأعلنت إسرائيل تحويل «بئر السبع» كمركز ل«الهاكرز الوطنى» بموجب قرار الحكومة الإسرائيلية يوم 14 يونيو 2013 الذى تناول الاستعدادات التى يقوم بها الجيش الإسرائيلى على خلفية تنقل وحداته الكبرى إلى النقب، وتم تكليف هيئة «السايبر الوطنية» التابعة لمكتب رئيس الوزراء ببلورة مخطط لإقامة مركز «سايبر» خاص بمدينة «بئر السبع» يدمج بين الصناعة والبحث والتطوير والتعليم، كما أنه من المتوقع أن يكون مركز الهاكرز الذى يتم بناؤه فى إطار المجمع التكنولوجى فريدًا من نوعه فى إسرائيل والعالم، حيث سيتحول إلى نقطة جذب لشركات تريد أن تستثمر فى مجال «السايبر»، وتقيم مراكز بحث وتطوير، أو تشترى خدمات وبحوثا فى هذا المجال. وخصصت الحكومة الإسرائيلية 40 مليون شيكل على مدى 3 سنوات من أجل دعم الشركات التى تقيم مراكز إبداع فى مجال الهاكرز فى مدينة «بئر السبع»، كما أقامت الشركات الإسرائيلية والدولية التالية مكاتبها فى هذه المدينة. ومن بين المؤشرات التى تجعلنا نتأكد من نية تل أبيب التوجه جنوبًا بكل قوة، إعلانها منذ أيام أيضًا نقل مصانع الأمونيا من حيفا التى تقع أقصى شمال إسرائيل إلى النقب، حيث أقرت الحكومة الإسرائيلية فى جلستها الأسبوعية الأخيرة مشروع القانون الذى تقدم به وزير حماية البيئة الإسرائيلى، عامير بيرتس، مع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى، ببناء مصنع ل«الأمونيا» فى النقب، ليكون بديلاً للمصنع الحالى فى مدينة حيفا. ونشرت الصحف الإسرائيلية فى حينها عدة تقارير تتحدث بأن المصنع الجديد سوف يقام فى المنطقة الصناعية بالنقب، بديلاً للمصنع الحالى فى حيفا، لتجنب المخاطر والأضرار الهائلة من تعرض مصنع الأمونيا فى حيفا لأى هجوم، حيث تخشى تل أبيب من استهداف المنطقة الصناعية فى الشمال، خصوصًا من صواريخ يوجهها «حزب الله» اللبنانى فى أى معركة مستقبلًا. وخلال الأسبوع الماضى أذاعت الإذاعة الرسمية فى تل أبيب خبرًا يفيد بأن مجلس الوزراء الإسرائيلى صدّق على مشروع مد خط للسكة الحديد يصل مدينة إيلات الواقعة على البحر الأحمر بميناء تل أبيب بمشاركة عدة شركات مقاولات صينية، وهذا المشروع الذى أثار جدلا منذ بدأ التخطيط له فى مصر لما له من أهداف صهيونية خبيثة بضرب الملاحة وحركة البضائع فى قناة السويس من خلال قطار بضائع سريع يربط البحرين الأحمر والمتوسط. كان عدد من الصحف العبرية قد نشر مطلع العام الجارى صورًا وخرائط لهذا المشروع الإسرائيلى الاستراتيجى الضخم، والذى توليه تل أبيب أهمية قصوى لربطه مدينة إيلات الساحلية على البحر الأحمر، بعدة مدن ساحلية مطلة على البحر المتوسط، ومن بينها تل أبيب، وحيفا، وأشدود، لنقل الركاب والبضائع ليكون بديلاً ومنافسًا قويًا لقناة السويس المصرية. وتعهد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، بإنفاق عشرات المليارات فى ميزانية تقدر ب 30 مليار دولار، لتصل تكلفة المشروع عند انتهائه ل100 مليار دولار، وذلك لنقل البضائع بين البحرين الأحمر والمتوسط فى مدة لا تزيد على ساعتين فقط، وهى المدة التى تقل عن نقل البضائع عبر القناة. كما تنوى إسرائيل إنشاء مطار دولى على طراز عالمى فى إيلات ليخدم المدينة الساحلية، وتنشيط السياحة بها، لتكون مدينة سياحية نموذجية على غرار مدينة شرم الشيخ. وقام المسؤولون الإسرائيليون بعدة زيارات مكوكية للصين لبدء تنفيذ المشروع فى أسرع وقت بتكلفة منخفضة لتوفير جزء كبير من تكلفة التمويل لبناء الموانى الجديدة فى إيلات، وحيفا، وأشدود، وتل أبيب، وفق خطة نتنياهو الاستراتيجية للربط بين الموانى الإسرائيلية، وإنشاء الجسر البرى الذى سيعد الطريق التجارى البديل لقناة السويس، حيث سيجعل المشروع لإسرائيل رصيدًا استراتيجيًا عند الصين، القوة العظمى الصاعدة عند إتمامها لهذا المشروع الضخم. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن الفوائد الاقتصادية للمشروع ستساهم بصورة مذهلة فى نمو الاقتصاد الإسرائيلى، وأن مدينة إيلات التى تتلقى اليوم حوالى مليونى سائح سنويا، سيتجاوز عدد السائحين إليها هذا العد بعد الانتهاء من مشروع السكك الحديدية والمطار الدولى، كما يقول خبراء الاقتصاد الإسرائيليون إن الأهمية القصوى من هذا المشروع هو تحويل إيلات مركزًا للنقل فى إسرائيل، حيث تسمح للسيارات والشاحنات والبضائع التى تأتى من الشرق الأقصى وتصديرها إلى الهند والصين. كل هذه المشروعات الإسرائيلية الاستراتيجية العملاقة فى النقب من بناء مفاعلات نووية جديدة لم يسع التقرير للحديث عنها بالتفصيل، ومصانع أمونيا، وخطوط سكك حديدية، ومطارات، وموانى، ومركز للهاكرز والحرب الإكترونية، وغيرها من المشروعات التى لم تكشف عنها إسرائيل حتى الآن يجب أن تجعلنا فى يقظة تامة لما تخطط له إسرائيل مستقبلا، كما علينا إدراك أهمية حدودنا الغربية والصحراء الشاسعة الممتدة فى سيناء لكى نستغلها أفضل استغلال لتعود على الاقتصاد المصرى بالنمو السريع، فما تفعله إسرائيل من تنمية وبناء فى النقب، السواعد المصرية قادرة على تحقيق ما هو أفضل منه إذا توافرت الإرادة السياسية والشعبية.