من الآن فصاعدا ستتمكن المرأة الإسبانية التى تعانى من العنف الزوجى أن تعيش فى أمان بفضل ما أطلقت عليه إحدى الإسبانيات "الملاك الحارس"، أو السوار الزوجى الذى سيساعد فى تخفيض عدد الوفيات الناجمة عن العنف الزوجى. وهذا "الملاك الحارس" هو باختصار، كما تقول مراسلة صحيفة "لوفيجارو" فى مدريد، عبارة عن مبادرة إسبانية لحماية المرأة من التعرض لعنف زوجها السابق بفضل جهاز تحديد الموقع GPS المثبت فى سوار يرتديه الزوج، ويرصد تحركاته خلال ال24 ساعة فى اليوم. ويشبه هذا السوار ساعة سوداء تقوم السلطة القضائية بتثبيتها فى يد الزوج المعتدى، ويظل متصل طوال اليوم بنظام مراقبة داخل مركز التحكم، فى حين تحتفظ الزوجة بجهاز إلكترونى صغير، لا يتجاوز حجمه حجم الهاتف المحمول، يجعلها على اتصال مستمر بمركز التحكم من خلال نظام GPS، حيث يمكنها إجراء اتصال صوتى أو إرسال رسالة نصية إذا اقترب زوجها منها. ويرسل نظام الGPS إشارات تحدد موقع المرأة وزوجها على شاشات عملاقة، تظهر عليها نقطة حمراء تمثل تنقل المرأة وخضراء للرجل.، وإذا اقتربت هاتان النقطتان إلى أقل من 400 مترا، يصدر على الفور إنذار، وتتجه دورية تابعة للشرطة إلى موقع تواجد الشخصين فى أقل من عشر دقائق. وفى الوقت نفسه تتلقى الزوجة اتصالا هاتفيا من مركز التحكم ينبهها إلى مكان وجود الزوج بالتحديد وأفضل طريق عليها السير فيه لتتمكن من تجنبه. ويحظر على الزوج المعتدى فى معظم الحالات التواجد فى أماكن بعينها مثل مدارس أطفالهما، ومنازل أقارب الضحية، ومكان عمل الزوجة. وفى حال مخالفته لهذا النظام أو محاولته نزع السوار، تتوجه إليه على الفور دورية شرطة، أما إذا كان الزوج فى حاجة إلى خلعه لأسباب طبية أو غيرها، يتحتم عليه فى تلك الحالة إبلاغ مركز المراقبة. أما عن كيفية إعادة شحن هذا السوار، فهو يتم شحنه عن طريق تحركات معصم الزوج!! وقد بدأت العدالة الإسبانية فى تطبيق تلك الفكرة عندما تقدمت سيدة إسبانية، اسمها مار، فى فبراير الماضى ببلاغ ضد زوجها بعد أن فاض بها الكيل من العنف والإهانات التى ظلت تتعرض لها من جانبه لمدة تسع سنوات، وقد أصدر القاضى حكما ضده بالبقاء بعيدا عن زوجته، وهو ما لم يكن كافيا، نظرا لحدة العنف المعروفة عن هذا الزوج، ومن ثم قررت السلطة القضائية فى مدريد اللجوء إلى فكرة سوار ال GPS، وتمتلك العدالة الإسبانية بالفعل فى حوزتها الآن نحو 000 3 سوار متاح منذ 24 يوليو الماضى. ومن جانبهم يرى علماء النفس أن هذا الإجراء القضائى يسهم فى إعادة تأهيل الجانى على نحو أفضل؛ حيث يعلق المدير العام لإدارة العدل التابعة لمدينة مدريد قائلا إن ارتداء سوار الحماية هذا يعد أقل إهانة بالنسبة للرجل من أن يٌحكم عليه بالسجن. وقد استفادت بالفعل 165 سيدة فى مدريد من نظام الحماية هذا الذى أتى بثماره، حتى أنه قد تقرر تعميم استخدامه فى جميع أنحاء إسبانيا. وهو ما تؤكده أحدث البيانات الصادرة عن وزارة المساواة الإسبانية، التى تشير إلى أنه ولأول مرة منذ سبع سنوات، انخفض عدد الوفيات الناجمة عن العنف الزوجى بنحو 14٪، ويظهر هذا الانخفاض بوضوح فى أوساط المهاجرين الأكثر عرضة لهذه الجرائم التى تسمى ب"الإرهاب الزوجى".