المتابع لتطورات الأزمة السورية وتحديداً على الصعيد الدولى، يجد أن هناك عدة دول ترفض وبشدة العدوان الأمريكى على الدولة السورية ومن أبرز هذه الدول وأقواها هى روسيا الاتحادية . فى البداية الموقف الأمريكى الظاهرى يهدف إلى توجيه ضربة عسكرية محددة لأهداف بعينها فى سوريا، ولكن الموقف الحقيقى هو توجيه ضربة مُوجعة لأقوى مؤسسة فى سوريا، وهى مؤسسة الجيش، وإضعافها وهى وسيلة ضغط حازمة لتغيير النظام السورى وإحلال نظام جديد بمواصفات جديدة تُناسب الرؤية الأمريكية لأنظمة المنطقة، وقالها وزير الدفاع الأمريكى "نحن مستعدون لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا إذا قرر أوباما ذالك" وعند انتظار قرار أوباما تجد أنه يذهب إلى الكونجرس ليحصل على تفويض منه لتوجيه تلك الضربة، وتجلس دول العالم لتتابع موقف الكونجرس وهناك البعض يقول إن الكونجرس لن يوافق على توجيه الضربة، ونسى هؤلاء أن الكونجرس هو مؤسسة أمريكية تخضع لهيمنة الإدارة السياسية الأمريكية، فيكفى خروج مستشارة الأمن القومى لتقول إن ضرب سوريا هو مسألة أمن قومى أمريكى، وهنا فقط ستجد إجماع من الكونجرس على توجيه الضربة، وهنا رسالة غير مباشرة من أمريكا تفيد أن مسقبل العالم موضوع بين أيدى الشعب الأمريكى. ومن جانب آخر نجد الموقف المُشرف للرئيس الروسى "فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين" الرافض لتوجيه أى ضربة عسكرية خصوصاً لدولة ذات سيادة مثل سوريا، ويحذر الكونجرس الأمريكى من الموافقة على ضرب سوريا قائلاً بأن الموافقة على ضرب سوريا تعتبر عدوانا، وعندما سُئل عن الدبلوماسية الأمريكية فى طريقة إقناعها للكونجرس بتوجيه ضربة لسوريا، قال "إنهم يكذبون"، فمن من العرب يستطيع أن يقول هذا؟ ومن منهم يستطيع أن يقول لا لأمريكا حينما تتدخل فى الشأن العربى؟ . وربما يُعارضنى البعض قائلاً السياسة هى لغة مصالح ولو كان من صالح روسيا ضرب سوريا لكانت هى الأولى فى توجيه هذه الضربة، وأنا أقول لو وضعنا أمامنا نظرية المصالح هى المقياس، فالسؤال هنا هل من مصلحة العرب ضرب سوريا؟ بالطبع لا، إذاً فأين الموقف العربى القوى الرافض لهذ العدوان والذى ستُعانى أول من تعانى منه هى الدول العربية جمعاء خصوصاً بأن البعض يرى أنه ستوجه هذه الضربة تزامناً مع ذكرى أحداث الحادى عشر من سبتمبر. كل الدول العربية فى خندقٍ واحد وضرب سوريا أو إضعافها ليس من مصلحة الأمة العربية أبداً، لأنه سيعود بالتبعية على سائر البلدان العربية، وإن كان موقف العرب مُخزى فيجب أن نقول شكراً لمن يقف فى مصلحة العرب دون أن يشعروا ودون أن يوجهوا له أى دعم حتى لو كان دعماً سياسياً، نقولها "شكراً لك بوتين" لأنك استطعت أن تقول ما لم يستطع العرب أجمع قوله .