لم تكن منى عراقى، مراسلة برنامج "بلدنا" على قناة OTV""، تتوقع وهى فى طريقها إلى الصومال لعمل تحقيق تليفزيونى عن القراصنة الذين احتجزوا 34 صيادا مصريا قبل ثلاثة أشهر، أن تلقى كل هذه الصعوبات، فقد تعرضت للخطف على يد القراصنة وكادت أن تموت بمرض الملاريا، وبقيت 4 أيام دون طعام، وكان رصاص مسلحى الصومال قريباً من رأسها، لكن كل هذه العوائق لم تمنعها من الوصول إلى هدفها الذى سافرت من أجله، وهو تحقيق سبق إعلامى بلقاء القراصنة الصوماليين.. فكرة التحقيق المصور بالصومال تبادرت إلى ذهن منى عراقى منذ بثت وكالات الأنباء العالمية خبراً عاجلاً عن احتجاز القراصنة الصوماليين ل 34 صيادا مصريا بالقرب من السواحل الصومالية، حينها عزمت عراقى على السفر إلى مكان الحدث لتنقله بالصوت والصورة إلى المصريين. 4 أيام قضتها منى عراقى فى الطريق إلى القراصنة مارة باليمن وجيبوتى لعدم وجود رحلات طيران دولية الى الصومال مباشرة بسبب انعزالها عن العالم، ولما وطأت قدماها إقليم "صومالى لاند" اكتشفت أن كل فرد من الشعب الصومالى يحمى نفسه بامتلاك السلاح فى ظل عدم وجود حكومة مستقرة وسيطرة المليشيات المسلحة على البلاد، فاعتقدت أن مهمتها فى الوصول إلى القراصنة أشبه بالمستحيلة. ولكن، بمساعدة صوماليين عاشوا فى الخارج، نجحت عراقى فى الانتقال إلى إقليم "بونت لاند" قاطعة مسافة قدرها 1400 كم خلال يومين داخل سيارة "جيب" بعيداً عن أعين الحكومة وبحراسة مسلحين صوماليين، أرسلهم إليها القراصنة الذين أجرت معهم عراقى عدة اتصالات أقنعتهم خلالها بأنها تمثل عدة منظمات مصرية ستتولى جمع تبرعات لتقديم الفدية المطلوبة مقابل إطلاق الصيادين المختطفين. وخلال تلك المسافة واجهت عراقى أخطاراً جسيمة، كان أولها الجراد البرى المسبب للملاريا، والذى هاجم السيارة التى كانت عراقى تستقلها خلال رحلتها، كما واجهت سيلاً من المياه جرف السيارة أمامه لأكثر من ثلاث ساعات ونجت بأعجوبة من الكمائن التى ينصبها مسلحون فى كل طرق الصومال يطلقون الرصاص على كل من يقابلهم من الأجانب دون دفع الإتاوة. ولما وصلت عراقى إلى "لاسكوراى"، المنطقة التى يتواجد المصريون المختطفون فى مياهها، استقبلها أحد الصوماليين التابعين للقراصنة وذهب بها إلى منزله بحجة أنها إحدى قريباته، وفجأة رحل وتركها فى المنزل المهجور وحيدة، لتفاجأ منى بعدها بأن عدداً من القراصنة يقتحمون المنزل لتفتيشها، بعدما شكوا أنها عميلة لجهة أجنبية، وبعد أن استولوا على جميع أغراضها أغلقوا باب المنزل عليها دون أن تعرف مصيرها. داخل المنزل المهجور وجدت منى عراقى نفسها حبيسة لمدة 4 أيام مع عدد من التماسيح الصغيرة أو "الجوب" كما يطلق عليه فى الصومال، ولا تملك إلا زجاجتين من المياه وعلبتى تونة لتدخل فى حالة من الهلوسة خشية الموت فى هذا المنزل وخشية الاغتصاب، فهى لم تكن تعرف مصيرها، خاصة أن القراصنة اختلفوا فيما بينهم حول كيفية التعامل معها، فمنهم من قال بضرورة ضمها ل 34 مصريا المختطفين من أجل زيادة الفدية، فيما رأى آخرون أن يتركوها أملاً فى تجميع الفدية لهم، ولما لم يتفقوا على رأى رحلوا عنها وتركوها وحيدة. وفى اليوم الرابع، فوجئت عراقى بسيدة صومالية تدعى عائشة، فى العقد الخامس من عمرها، تدخل عليها منزل القراصنة محاولة إنقاذها من بين براثنهم، وبعد مفاوضات طويلة بين عائشة التى شغلت منصباً وزارياً فى حكومة الصومال الموحدة وبين القراصنة بدا أن مصير عراقى لن يكون مظلماً كما كانت تتوقع خلال الأيام الأربعة التى قضتها بمحبسها.. وبواسطة من عائشة صاحبة الكلمة المسموعة بين القراصنة، لم تخرج عراقى فقط من محبسها، وإنما نجحت فى الوصول إلى المركب التى تحمل فوق ظهرها القراصنة، لتجلس مع زعيمهم على عمر الذى أكد لها أن الصيادين المصريين يستحقون العقاب لأنهم تعدوا على الثروة السمكية بالصومال، وخرجوا من المنطقة المصرح لهم الصيد فيها إلى "لاسكوراى" دون تصريح، وقال لها "نحن لا نعتبر الأموال التى نطلبها من مصر فدية لمختطفين إنما هى ضرائب من حق الصوماليين". ولم تستطع عراقى التحدث مع المختطفين المصريين فهو أمر ممنوع تماماً فى عرف القراصنة، لكنها نجحت فى التقاط صور لهم على المركب المختطفين على سطحها لتصبح بذلك أول إعلامية مصرية تصل إليهم، قبل أن تقرر الرحيل من "بونت لاند" إلى "صومالى لاند" تمهيداً للعودة إلى مصر. وقبل أن ترحل منى عراقى، بمساعدة عائشة التى أمنت طريق خروجها من الصومال، لم يفتها أن تسأل "هل هناك مصريون فى الصومال؟".. وبالفعل اكتشفت أن هناك جالية كبيرة من المصريين تعيش هناك منذ زمن طويل، وأغلبهم يعملون بالتجارة، وخاصة فى تجارة المواشى، أما الباقون فيعملون فى مجال تدريس اللغة العربية، لكن منى تقول بأسى "من خلال التجربة شعرت وللأسف بأن المصريين هناك غير خدومين لأبناء وطنهم إلا تاجر مواشى يدعى صلاح هندى ساعدنى فى طريق الخروج من الصومال". ورغم أن رحلة منى إلى الصومال كانت مليئة بالصعاب والمخاطر، إلا أن ذلك لم يمنع من وقوع مواقف طريفة أبرزها، كما تحكى لليوم السابع أن شاباً صومالياً عرض عليها الزواج مقابل أن يدفع لها مهراً عبارة عن 100 جمل و100 حصان وعدد من الأسلحة والبنادق.