فنان بالفطرة هذه الجملة دائما ما كانت تتردد على آذننا، دون أن نعطى لها قيمة، أو دون حتى أن نصدقها ونسلم بها، ولكن جاء محمود عبد الله "نحات التماثيل الفيبر"، ليكون مثال حى لتحقيقها على أرض الواقع، فانطلق فى سماء الصناعات والإبداعات المتميزة دون أن توقفه أى عوائق خاصة بالتعليم والدراسة. فمحمود لم يساعده الحظ والظروف على نيل قسط كبير من التعليم، بل ترك دراسته منذ المرحلة الابتدائية، ولذلك لم يتخذ من العلم سلاحا يحتمى به من غدر وتقلبات الأيام، ولذلك قرر أن يصنع سلاحا مميز خاص به يعينه على الحياة، ويعطى له دورا يشعره بأنه مازال ينبض قلبه على حد تعبيره. موهبة، فيبر، جبس، ألوان وسكينة نحت، هذا وباختصار هو سلاح عم محمود، الذى جعل منه من مجرد شخص "عادى" إلى شخص ناجح فى مهنته "صناعة التماثيل". يقول محمود ل"اليوم السابع" إنه طول حياته كان يعيش لأمل واحد وهو أن يدخل كلية الهندسة أو حتى كلية الفنون الجميلة قسم نحت، لأنه من صغره كان يتميز بصنع أشكال رائعة من مادة الصلصال والفيبر، ويتابع قائلا "كانت الناس تستغرب إزاى طفل يحول من مادة زى الصلصال أو الفيبر لإشكال حيوانات وتماثيل صغيرة بنى آدميين، وكانوا كلهم ينادونى بالفنان". ومن هنا جاء حب محمود لتلك المهنة، ولكن ظروفه المادية التى تأثرت بموت أبيه ونزوله للحياة العملية للبحث عن قوت يومه هو وأسرته، وقفت بوجه أحلامه وطموحاته فى أن يصبح نحاتا دارسا لفن النحت. ويستكمل حديثة مشيرا إلى أن الحياة بالنسبة له لم تتوقف عند هذا الحد، فنزل إلى منطقة "الجباسة" ليعمل كعامل فى مصانع الجبس التى تنتج أشكال الديكور المختلفة، والتى ساعدته على تطوير موهبته والتمكن من أدواته، ومن ثم فتح مصنع صغير خاص به متخصص فى صناعة التماثيل الفيبر المغطاة بالجبس، والتى يقوم بنحتها بنفسه دون تدخل من نحاتين دارسين. أما عن سوق تلك المهنة فيقول "إن لهذه المهنة على وجه الخصوص سوق خاص جدا، فزبائنها من أصحاب القصور والفلل والحدائق الكبيرة التى توضع هذه التماثيل بها كنوع من أنواع الديكور، ويضيف أن هذه المهنة على الرغم من أنها مغمورة إلا أن محبين سواء السائحين أو محبى الفنون. كما يقول إن هذه الصناعة تتألق فى رمضان لأنهم يتجهون لصناعة الفوانيس الضخمة التى لا يمكن صناعتها من أى خامات أخرى مثل الصاج، والتى توضع فى الشركات الكبيرة والقصور.