«سلامتك في سرية بياناتك».. إطلاق حملة «شفرة» لتوعية المجتمع بخطورة الجرائم الإلكترونية    اسعار اللحوم اليوم الخمبس 16-5-2024 في الدقهلية    الحكومة الإيطالية تبيع كمية من أسهم شركة إيني بقيمة 1.5 مليار دولار    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    رئيس وزراء اليابان يدين محاولة اغتيال نظيره السلوفاكي    اليوم.. الرئيس السيسي يشارك في القمة العربية بالبحرين ويلتقي عددا من القادة العرب    عاجل.. قصف مدفعي وغارات جوية في محيط معبر رفح    بوتين: العلاقة بين الصين وروسيا عامل استقرار في العالم    نجم المنتخب: أتمنى تتويج الأهلي والزمالك ببطولتي دوري الأبطال والكونفدرالية    الأهلي يُبلغ مروان عطية بقرار عاجل قبل مباراة الترجي التونسي بدوري الأبطال    حالة الطقس اليوم الخميس 16-5-2024 في محافظة قنا    طلاب الصف الثاني الثانوي بالدقهلية يؤدوا امتحان الرياضيات البحتة    طلاب الصف الثاني الثانوي في القاهرة يؤدون امتحان "الجبر والتفاضل"    طلاب الشهادة الإعدادية بالقاهرة يؤدون امتحان اللغة العربية داخل 1223 لجنة    بعد عرض الحلقة 7 و8.. مسلسل "البيت بيتي 2" يتصدر تريند "جوجل"    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    تخفيض 25% من مقابل التصالح بمخالفات البناء حال السداد الفوري.. تفاصيل    إبراهيم عيسى: "في أي لحظة انفلات أو تسامح حكومي البلاعات السلفية هتطلع تاني"    تشكيل برشلونة المتوقع أمام ألميريا في الدوري الإسباني    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الخميس 16-5-2024 بالمصنعية    شقيقة ضحية «أوبر» تكشف القصة الكاملة ل حادث الاعتداء وترد على محامي المتهم (فيديو)    ترامب عن بايدن بعد تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل: متخلف عقليا    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    تراجع الوفيات بسبب جرعات المخدرات الزائدة لأول مرة في الولايات المتحدة منذ الجائحة    "في الخلاط" حضري أحلى جاتو    طريقة طهي الكبدة بطريقة صحيحة: الفن في التحضير    رضا عبد العال: «حسام حسن كان عاوز يفوز بكأس عاصمة مصر عشان يستبعد محمد صلاح»    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    الانخفاض يسيطر.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 16 مايو بالمصانع والأسواق    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    فوائد تعلم القراءة السريعة    وزير النقل يكشف موعد افتتاح محطة قطارات الصعيد الجديدة- فيديو    بوتين يصل إلى الصين في "زيارة دولة" تمتد ليومين    الرئيس السيسى يصل البحرين ويلتقى الملك حمد بن عيسى ويعقد لقاءات غدًا    تين هاج: لا نفكر في نهائي كأس الاتحاد ضد مانشستر سيتي    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    ماذا قال نجل الوزير السابق هشام عرفات في نعي والده؟    بعد 40 يوما من دفنها، شقيقان وراء مقتل والدتهما بالدقهلية، والسر الزواج العرفي    رئيس الترجي يستقبل بعثة الأهلي في مطار قرطاج    طلعت فهمي: حكام العرب يحاولون تكرار نكبة فلسطين و"الطوفان" حطم أحلامهم    طريقة عمل الدجاج المشوي بالفرن "زي المطاعم"    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    أسما إبراهيم تعلن حصولها على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    «الخامس عشر».. يوفنتوس يحرز لقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا (فيديو)    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    ماجدة خير الله : منى زكي وضعت نفسها في تحدي لتقديم شخصية أم كلثوم ومش هتنجح (فيديو)    وزير النقل يشرح تفاصيل تعويض الأهالي بعد نزع ملكيتهم في مسار القطار الكهربائي    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    كامل الوزير يعلن موعد تشغيل القطار الكهربائي السريع    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الخميس 16 مايو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هم رجال الدولة فى مصر؟
لا يرتدون الملابس الرسمية وأحيانا يهتفون بسقوط النظام ومع ذلك يحملون تكليفات رسمية للكلام أو التفاوض باسمه فى الأزمات الداخلية والخارجية
نشر في اليوم السابع يوم 25 - 06 - 2009

◄ما هو مفهوم رجل الدولة؟ ومتى تلجأ لهم الحكومة؟ وهل يعنى لجوء الحكومة إليهم اعترافا صريحا بضعف رجالها غير الرسميين؟
◄رجل الدولة هو الشخص الذى يمارس القيادة السياسية بحكمة متحررة من الحزبية الضيقة.. أما رجل السياسة فهو الذى يهتم بالحصول على موقع رسمى فى السلطة لأغراض شخصية
◄كمال الشاذلى وحسين سالم ومحمود أباظة ورفعت السعيد وعبد المنعم سعيد ومنير فخرى عبدالنور والدكتور حمدى السيد والبابا شنودة وسعد الدين إبراهيم وأسامة الغزالى حرب أشهر رجال الدولة فى مصر
◄البابا شنودة يدير ملف أقباط المهجر ويواجه الاتهامات الغربية بوجود اضطهاد للمسيحيين فى مصر وهو من رجال الدولة الذين نجحوا فى التفرقة بين خدمة الوطن وخدمة النظام
◄مهدى عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين رفض أن يلعب دور رجل الدولة ويتولى ملف حماس رغم أن المرشد الراحل عمر التلمسانى كان من أشهر وأنشط رجال الدولة فى عهد السادات
فى اللعبة السياسية ستخسر إن كانت مفاتيح لعبتك محدودة، لابد أن تمتلك منها الكثير ولابد أن تكون متنوعة وإلا فبعض الأبواب قد تظل مغلقة فى وجهك ولن ينفع معها كتف يمين أو كتف شمال أو طفاشة..الأبواب فى لعبة السياسة لا تخضع لمنطق لصوص المنازل وليس بالضرورة أن تلين كوالينها أمام البدل الرسمية، لكل دولة باب وأكثر يمكنك أن تقفز إليها من خلاله تمرر مصلحتك وتحقق هدفك، الأبواب الرسمية كثيرا ما تكون مغلقة، وغالبا ما تكون معقدة تحتاج إلى أكثر من 6 تكات لكى تفتحها، لهذا ستخسر الدولة أى دولة - إن اكتفت فقط بالمفاتيح الأصلية الرسمية، لأن الكثير من العلاقات بين الدولة والكثير من الأزمات التى تتطلب حلا، لا تفلح معها اللقاءات الرسمية ولا المؤتمرات الكبرى، الكثير من الأزمات والكثير من العلاقات يحتاج إلى طرق ودية تفض تشابكها وتمهد للآلة الرسمية طريقا للتحرك دون أن تتعرض للخسارة او الإحراج الدولى، لهذا طبيعى جدا أن تجد فى ميدالية الدولة مفاتيح للعب على المستوى الدولى يملكها من هو ليس وزيرا أو رئيس وزراء أو حتى ينتظر أن يكون وزيرا، مجرد شخصيات عامة لا تملك أى صفة رسمية داخل مؤسسات الدولة، بل قد ينتمى بعضهم لصفوف المعارضة ولكن ثقلهم الفكرى والسياسى وعلاقاتهم تؤهلهم للقيام بمهمات سريعة غالبا ما تكون لخدمة الدولة لا النظام الذى يقود الدولة.
الكلام هنا عن طابور يقف فى تلك المناطق «المدّارية» ويرفع راية الاستعداد لخدمة الدولة، طابور قد يضم بين صفوفه الكثيرين ممن تزج بهم الدولة فى السجون أو ممن هم يقفون على المنصات ليلعنوا ماضى النظام الحاكم ومستقبله ويطالبون بسقوطه فى اليوم تلات مرات قبل الأكل وبعده، ولكنهم فى الوقت نفسه قادرون على ارتداء بدلة رجل الدولة والتحرك لتنفيذ مهام دولية وداخلية باسم هذا النظام ولكن ليس من أجله، بل من أجل الدولة نفسها.
الكلام هنا عن رجال دولة لايرتدون زيها الرسمى ولا يحملون من حقائبها الرسمية شيئا، عن رجال بلا مناصب رسمية أو كانوا أصحاب مناصب رسمية فيما مضى، ولكنهم أحيانا ما يخدمون الدولة أكثر مما يستطيع رجالها الرسميون أن يفعلوا، ولدينا من هؤلاء فى مصر الكثيرون قد تستغرب وأنت تقرأ أسماءهم مقرونة بتحركات تخص النظام أو الحكومة، قد تندهش أو تسمح لخيالات نظرية المؤامرة أن تتحرك داخل خلايا مخك وأنت تشاهدهم يتحدثون فى الخارج باسم الدولة، أو يتفاوضون مع من هم فى الداخل عبر تكليف رسمى، الغالبية من هؤلاء الذين يحملون لقب رجال دولة غير رسميين سواء من كانوا فى مصر أو خارجها يعملون بشكل تطوعى ويجيدون التفرقة بشكل جيد بين الدولة والنظام الحاكم، وعلى هذا الأساس يمكنك أن تتقبل فكرة أن يحمل رجل من حزب معارض أو من الإخوان او من حركة كفاية لقب رجل دولة دون أن تشوه رتوش الصفقة أو العمالة صورته الموجودة بذهنك.
إذن من هم رجال الدولة فى مصر؟ وماهو مفهوم رجل الدولة؟ ومتى تلجأ لهم الحكومة؟ وهل يعنى لجوء الحكومة إليهم اعترافا صريحا بضعف رجالها غير الرسميين؟.. السؤال الأخير قد يكون بداية جيدة للحديث، خاصة إذا أشرنا إلى أن التوسع فى استخدام رجال الدولة فى مصر قد يعبر عن ظاهرة صحية خلاصتها أن هناك اتفاقا بين الطوائف المختلفة على العمل لصالح الدولة، كما أنه يعنى أن هناك وعيا لدى النظام الحاكم بضرورة الاستفادة من الخبرات، كما أن الكثير من الأزمات أو العلاقات التى تربط مصر بدول مختلفة أو قضايا مختلفة يكون فى حاجة إلى التحرر من القيود الرسمية والدبلوماسية للتعامل معها.
فى مصر أسماء مختلفة منها القديم ومنها الجديد كانت مفاتيح مهمة استخدمتها الدولة لحل أزمات معقدة فى الداخل والخارج، قائمة طويلة تضم أسماء قريبة من النظام وأسماء أخرى تقف على النقيض منه، أسماء تبدأ بكمال الشاذلى وعلى الدين هلال وحسين سالم، وتمر بمحمود أباظة ورفعت السعيد وعبد المنعم سعيد ومنير فخرى عبدالنور وتنتهى بمكرم محمد أحمد والدكتور حمدى السيد والبابا شنودة وسعد الدين إبراهيم فى مرحلة سابقة، وأسماء أخرى تملأ قائمة طويلة لأسماء حملت لقب رجل دولة ولكن بعضها سقط فى فخ الخلط بين خدمة الدولة وخدمة النظام.
وقبل أن تذهب معى لمعرفة كيف يستخدم النظام المصرى هؤلاء كمفاتيح لتسهيل المرور عبر الأبواب المغلقة، تعالى إلى القواميس السياسية لعلها تعطينا وتعطيك مفهوما واضحا لرجل الدولة الذى لايرتدى بدلة رسمية، البعض من الكتب السياسية يعرّف هذا النوع من رجال الدولة بأنه شخص له معرفة عامة ودراية واسعة بشؤون الحكم والسياسة، بحيث يؤدى دورًا قياديًا فى الشؤون العامة، ويرى معظم الناس أن رجال الدولة يهتمون باحتياجاتهم ومصالح بلادهم ككل، وهذا على عكس وجهة نظرهم فى السياسيين أصحاب المناصب الذين يراهم الناس أصحاب أهداف حزبية وسلطوية ومنصبية فقط.
ووصل البعض إلى أن ربط بعض العلماء بين عملية بناء الدولة ووجود رجال دولة، مفسرا ذلك بأن بناء الدولة يحتاج إلى رجال دولة أكثر من الحاجة إلى رجال سياسة على اعتبار أن رجل الدولة هو ذلك الشخص الذى يمارس القيادة السياسية بحكمة متحررة من الحزبية الضيقة، أما رجل السياسة فهو ذلك الشخص الذى يهتم بالحصول على موقع رسمى فى السلطة لأغراض شخصية أو لأهداف ضيقة قصيرة المدى.
الواضح من التعريفات السابقة أن قواميس اللغة والعلوم السياسية تقدم صورة إيجابية لرجل الدولة، فيما تقدم صورة ضبابية ببرواز سلبى لرجل السياسة، وهذا يتطابق مع ماسبق وقلناه حول خدمة رجل الدولة للوطن نفسه لا للنظام، وهذا على عكس أدوار رجل السياسة التى تقتصر على خدمة النظام بغض النظر عن مستقبل الدولة نفسها، والنقطة الأخيرة تمثل الخط الفاصل فى تاريخ رجل الدولة ومدى استقبال المجتمع له، فإن نجح أن ينجو من فخ خدمة النظام، نجح فى دخول قلوب الناس، وهى النقطة التى مازالت محل خلاف حول طبيعة رجل الدولة المصرى الذى يراه البعض إما محققا لأهداف النظام ويعكس هذا، الاتهامات الجاهزة بوجود صفقات بين أى رجل معارضة يتطوع للقيام بدور رجل الدولة، أو أنه خدام سلطة يقدم ما لديه من مميزات فى مقابل الحصول على فائدة مستقبلية قد تكون منصبا رسميا.
وبعيدا عن التعريفات، هناك عدة مقومات لاغنى عنها لكل من تطوع للعب دور رجل الدولة يأتى على رأسها ما يمتلكه من الفطنة والمعلوماتية والوعى بحركة الزمن وبإيقاع العصر، وقدرته على التعامل مع جميع المعطيات بما يساعد بلاده على الاستفادة من علاقاتها الخارجية، ولابد أن يكون على وعى بأنه رجل علاقات، مهمته الأساسية تسويق علاقة بلاده السلمية للعالم أجمع وأن يعرف أن العوامل المحيطة قد تتحكم به، خاصة وضعية المجتمع، والموقع الجغرافى لبلده.
التعريفات السابقة قد تتداخل قليلا فى مصر، نظرا لظروف تداخل الدولة مع النظام وعدم وجود خطوط فاصلة بين الطرفين، ولذلك ربما يكون التعريف الأدق لرجل الدولة فى مصر بالإضافة إلى كل ماسبق هو الرجل البعيد عن السلطة أو الموجود فى صفوف المعارضة أو صاحب منصب سابق وتعرف عن الطريق الصدفة عبر خبر صغير فى إحدى الصحف أنه تم تكليفه شفهيا بأداء مهمة سياسية تحت شعار خدمة الوطن، قد تتعلق بجس نبض دولة ما تجاه الأوضاع فى مصر مثلما فعل عبدالمنعم سعيد ومنير فخرى عبدالنور حينما سافرا قبل الزيارة التى كان من المتوقع أن يقوم بها الرئيس مبارك إلى واشنطن وتم تأجيلها بسبب وفاة حفيده من أجل جس نبض المؤسسات الأمريكية المختلفة تجاه مصر والتمهيد لزيارة الرئيس، أو قد تكون مهمة الرد على كل ما يثار حول النظام أو الدولة فى وسائل الإعلام مثلما يفعل اللواء فؤاد علام ورئيس الوزراء الأسبق على لطفى أو مهمة تخص العلاقات الثنائية بين مصر ودولة بعينها مثلما فعل الدكتور أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة فى السودان، أو مهمات اقتصادية وسياسية كما يفعل رجل الدولة الأول فى مصر حسين سالم، ومع ذلك كله لا يكتمل تعريف رجل الدولة فى مصر إلا إذا كنا نتحدث عن رجل تشاركه السلطة الرسمية فى كل احتفالاته وأفراحه، مع احتمالية كبيرة أن تجد الرئيس أو نجليه فى جنازته أو مناسبة تخصه.
والأسماء التى سيرد ذكرها لاحقا ستدعو إلى ذاكرتك ما يتطابق مع التعريف السابق لرجل الدولة الذى لا يرتدى بدلة رسمية، ولذلك ركز قليلا وتعال نبدأ بمن هو على رأس القائمة، رجل الأعمال حسين سالم أو المعروف بصديق الرئيس، سالم برغم كل الانتقادات التى يتعرض لها بسبب قربه من الرئيس يمثل أحد النماذج المثلى لرجل الدولة ولكنه نموذج أيضا فيما يخص الخلط بين خدمة الدولة وخدمة النظام، حسين سالم هو أحد رجال الجيش المصرى الذين عاصروا هزيمة 67 ولد فى نفس العام الذى ولد فيه الرئيس مبارك 1928 عمل طيارا ثم فى المخابرات العسكرية وبدأت علاقته بالرئيس فى عام الهزيمة 1967 وشكل قرب الرجل من الرئيس عاملا مهما فى تحوله إلى رجل دولة يقوم بمهمات لا تصلح معها الصفة الرسمية، غير أن اتجاه حسين سالم ظل واحدا.. ناحية إسرائيل، وإن كانت المهمات الخاصة تنوعت بين ما هو سياسى وما هو اقتصادى، فسالم هو الذى يمثل الدولة فيما يخص ملف الغاز مع إسرائيل، وهو الذى يلعب باسمها فيما يخص الجانب الاستثمارى مع إسرائيل على حسب قول الكاتب الصحفى الأمريكى الشهير «بوب وادوارد» الذى قال عن سالم إنه نموذج لرجل دبلوماسية الظل، الذى يلعب باسم الدولة المصرية فى الصفقات التى لا يمكن أن يتقبل الشعب أن تتم بشكل رسمى، علاقات حسين سالم الاقتصادية مع إسرائيل مهدت له الطريق لأن يكون مفتاحا مهما تستخدمه مصر للعب دور الوسيط فى فترة الحرب الإسرائيلية على لبنان فى صيف 2006 حينما نشرت صحيفة «هاآرتس» فى شهر يوليو 2006 أخبارا عن زيارة متوقعة لحسين سالم إلى إسرائيل فى محاولة مصرية للضغط على تل أبيب من أجل وقف حالة التدمير التى كانت تمارسها الآلة العسكرية تجاه بيروت، وقالت الصحيفة وقتها إن حسين سالم سافر إلى إسرائيل لعرض وجهة النظر المصرية الخاصة بوقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الجنديين الأسيرين لدى حزب الله.
وإن كان حسين سالم ضمن قائمة رجال الدولة الذين وقعوا فى فخ خدمة النظام بدلا من خدمة الدولة، فإن رجلا مثل الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام حاليا، ومعه منير فخرى عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد نجحا فى النجاة من هذا الفخ أو عدم السقوط فيه بشكل فج، الاثنان سعيد وفخرى عبدالنور يحملان مفاتيح خدمة الدولة فى واشنطن، فالأول رجل أكاديمى محترم ولا يختلف عليه معارض أو حكومى فى مصر، والثانى واحد من أقطاب المعارضة فى مصر وقيادى فى واحد من الأحزاب الكبرى، كما أنه أحد أبرز الأقباط فى الحياة السياسية المصرية ويمثل النموذج القبطى الذى تريد مصر أن يراه العالم، وبسبب ذلك كانا هما الأنسب فيما يخص التمهيد لزيارة الرئيس مبارك وفتح قنوات جديدة للاتصال مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وجاء تكليفهما بالسفر إلى الولايات المتحدة من جانب وزارة الخارجية ليعكس اتجاها جديدا داخل النظام المصرى الذى أراد أن يخاطب الأمريكان كما يحبون، المهمة التى تم تكليف الدكتور عبدالمنعم سعيد ومنير فخرى عبدالنور ومعهما حسام بدراوى كانت كالآتى -حسب وصف الدكتور عبدالمنعم: (أن يذهب ثلاثتنا لكى نستمع لما يجرى فى واشنطن بعد التغييرات الهائلة التى جرت هناك وفى مقدمتها وصول إدارة جديدة إلى السلطة, ولكى نتحدث عما نتصوره جاريا فى مصر والمنطقة, وبشكل من الأشكال فإن الحديث عن الدور الإقليمى لمصر قد تغلب على ما كان معتادا من الحديث عن الظروف الداخلية المصرية) الصحف الأمريكية وعلى رأسها «الفورين بولسى» وصفت وقتها زيارة المصريين الثلاثة بأنها محاولة جديدة من جانب النظام المصرى لاستخدام المجتمع المدنى لتحسين صورة النظام ومد جسر للتواصل بين القاهرة وواشنطن.
محمود أباظة رئيس حزب الوفد حمل لقب رجل دولة منذ فوزه بمقعده البرلمانى ورئاسته حزب الوفد، فقد حملته الإدارة المصرية بعض الملفات التى تخص العلاقات المصرية الأمريكية والتى سافر أباظة بناء عليها تحت غطاء برلمانى إلى واشنطن ليدافع عن مصر أمام تعنت إدارة بوش خصوصا أثناء أزمة سجن الدكتور أيمن نور أو بيانات المنظمات الحقوقية التى كانت تسبب حرجا كبيرا للنظام المصرى فيما يخص ملفات حقوق الإنسان والممارسات السياسية، أباظة سافر بعض رحلاته تحت مسمى برلمانى بصحبة الدكتور فتحى سرور، بينما الرحلات الأخرى قام بها وتحدث فيها تحت مسمى زعيم المعارضة المصرية والتى دار الكلام فيها عن رفض مصر التدخل فى شئونها ورفضها ربط المعونة الأمريكية بمسألة الديمقراطية.
الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع ارتدى هو الآخر عباءة رجل الدولة وحمل سيف كتبه ولعب دوره كحائط صد لجماعة الإخوان المسلمين فى الأوقات التى تتدخل فيها الدولة ووقف كثيرا أمام محاولات الإخوان للدخول فى حوارات مع الأحزاب، وإذا كانت مهام الدكتور رفعت السعيد كرجل دولة تقلصت فى الشأن الداخلى فإن لقيادات حزب التجمع السابقين جولات لعبوا فيها دور رجل الدولة وخدموا فيها مصر بداية من لطفى الخولى أحد مؤسسى حزب التجمع، الذى لعب دورا مهما فيما يخص الملف الفلسطينى المصرى نظرا لعلاقة الصداقة القوية التى كانت تربطه بالزعيم الراحل ياسر عرفات، بالإضافة إلى استخدامه هو والدكتور محمد أحمد خلف الله نائب رئيس حزب التجمع للقيام ببعض المهام الخاصة بالعلاقات مع الدول العربية نظرا للقبول الذى كان يتمتع به الشخصان وحزب التجمع فى هذه البلدان، وتحديدا سوريا والعراق ولبنان.
الدكتور أسامة الغزالى حرب نجح فى أن ينضم إلى قائمة رجال الدولة رغم حداثة حزبه -الجبهة الديمقراطية- خاصة بعد التوأمة التى تمت بينه وبين أحد الأحزاب البريطانية، وكان طبيعيا أن تستغل الدولة هذه العلاقات فى مخاطبة بريطانيا عن طريق الدكتور أسامة وأعضاء حزبه هذا بخلاف ملف الفصائل السودانية الذى أداره الغزالى حرب حينما تمت استضافتهم للحوار بالقاهرة من أجل أزمة دارفور.
وقبل أن نترك الأحزاب لابد من الإشارة إلى أول من لعب دور رجل الدولة من داخل الأحزاب المصرية وهو الراحل إبراهيم شكرى الذى يعتبر من أشهر وأهم الشخصيات التى قامت بأدوار مهمة لصالح الحكومة المصرية، والذى استغل علاقات قوية مع الحكومتين السودانية والليبية لتنقية الأجواء مع مصر فى الفترات التى كانت تزداد فيها حالة التوتر مع هذه البلاد.
وبعيدا عن رجال الدولة القادمين من الأحزاب يبقى أشهر المعارضين الذين لعبوا أدوارا مهمة لصالح الدولة، هو الدكتور سعد الدين إبراهيم الذى كان فى بعض الفترات قريبا من الرئيس وأسرته وتولى مهمة الدفاع عن مصر والتواصل مع الإدارة الأمريكية لدرجة أنه قام لفترة زمنية بكتابة خطابات ورسائل الإدارة المصرية إلى الإدارة الأمريكية، كما يقول فى كتاباته، بل إن فكرة إنشاء أمانة السياسات التى يرأسها جمال مبارك خرجت من مركز ابن خلدون الذى أنشأه إبراهيم.
وقريبا من المعارضة تبقى شخصيات لا هى قريبة من السلطة ولا هى ضدها تلعب بعض الأدوار الصغيرة فيما يخص الشأن الداخلى وتراهم فى بعض المواقف وكأنهم رجال تابعون للدولة، يأتى على رأسهم الدكتور حمدى السيد نقيب الأطباء، وما يتبناه من مواقف الدولة فيما يخص النقابة ومشروع قانون زرع الأعضاء مثلا، ومثله نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد الذى يلعب دور رجل الدولة باقتدار داخل نقابة الصحفيين وهو دور لعبه مكرم فى عصر الرئيس السادات حينما اعترف فى حوار له فى جريدة العربى بأنه طلب منه أن يقف فى صف الدولة فى زمن المصادمات مع الصحفيين، وبخلاف مكرم وحمدى السيد يبقى نوع آخر من رجال الدولة وهم أصحاب المناصب الرسمية سابقا ويأتى على رأس هؤلاء الوزير السابق كمال الشاذلى، الذى تطوع لخدمة الدولة داخل البرلمان، فالرجل يقوم بمهمة احتواء نواب المعارضة والضغط عليهم أحيانا، بالإضافة إلى دوره فى قيادة نواب الأغلبية داخل البرلمان حتى وإن تصدى عز لهذا الدور تبقى صورة كمال الشاذلى -وهو جالس بين هذا النائب وذاك، ويهمس فى أذن النائب الفلانى- خير دليل على ما يقوم به داخل البرلمان.
الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق حمل مهمة أثقل من كمال الشاذلى حينما ارتدى بدلة رجل الدولة وذهب ليقود المصرف العربى الدولى، ذلك اللغز الذى لا تهدى الدولة أمانته إلا لرجال تثق فيهم، أيضا الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق يلعب دور رجل الدولة، ولكن على طريقته، فهو بصمته يخدم الدولة كما لم يخدمها من قبل، لأنه وكما تعلمون إذا تكلم واحد مثل كمال الجنزورى سيكفى كلامه للإطاحة بألف نظام وليس نظاما واحدا فقط.
رئيس الوزراء الأسبق الدكتور على لطفى يمارس هو الآخر لعبة رجل الدولة، ولكن بشكل شعبى قليلا، فالرجل لايترك فرصة إلا ويظهر عبر وسائل الإعلام والندوات، ليمدح فى الرئيس والنظام وفى الوقت نفسه يلعب دور الوسيط فيما يخص العلاقات الكويتية المصرية عبر جمعية للصداقة يرأسها ويمرر من خلالها الكثير فيما يتعلق بوجهات النظر والمشروعات الاستثمارية.
البابا شنودة واحد من أهم رجال الدولة فى مصر وهو رجل دولة -زى ما بيقول الكتاب- وواحد من أولئك الذين يلعبون لمصلحة الوطن لا النظام، فهو الوسيط الذى يهدئ من غليان أقباط المهجر وكثيرا ما سافر بعد اتفاق مع الدولة لتهدئة الأجواء، وهو صوت الحكمة الذى تخاطبه الدولة فى الكنيسة لتهدئة الأقباط فى أوقات الأزمات، وهو المتطوع لنفى كل ما تثيره الصحف الأجنبية حول أن مصر تضطهد الأقباط وتسىء معاملتهم.
وعلى عكس البابا شنودة الذى قد يكون على خلاف مع الدولة وعلى عكس المعارضين الذين لعبوا دور رجل الدولة رغم عداء الحكومة لهم وعدائهم للحكومة، هناك الكثيرون ممن رفضوا لعب هذا الدور ربما يكون أشهرهم المرشد العام للإخوان المسلمين مهدى عاكف الذى كانت أمامه فرصة العمر ليرتدى بدلة رجل الدولة، خاصة فى أزمة حماس، فالرجل هو الوحيد الذى يصلح للعب دور الوسيط بين حماس والنظام المصرى وهو الوحيد القادر على المحاولة مع قادة حماس للاستماع إلى الإدارة المصرية، غير أنه لم يفعل وتخلى عن دور كان من الممكن أن يغير كثيرا من وضع الإخوان المسلمين على الساحة السياسية، مثلما حدث فى عصر السادات حينما رضى المرشد الراحل عمر التلمسانى أن يلعب دور رجل الدولة خارجيا وداخليا ووافق على تكليف السادات ونزل إلى الساحة السياسية ليواجه المد الشيوعى واليسارى طبقا لتعليمات الرئيس السادات، هذا بخلاف موافقته على التدخل من أجل المساعدة فى أزمة احتجاز الأسرى الأمريكان فى إيران ثم تراجع الدولة عن التدخل بعد استخراج جواز سفر خاص به من أجل تلك المهمة.
ربما تخيل عاكف أن قيامه بلعب دور الوسيط نوع من التقليل للجماعة، أو إدانة لها بوجود علاقة تربطها بالحكومة مثلما يتخيل كل من يرفض أن يلعب دور رجل الدولة فى مصر خوفا من بصمة قربه من النظام، وهى التهمة التى كان من الممكن ألا يرد ذكرها فى مجال رجال الدولة لو كانت الإجابات واضحة منذ البداية فيما يخص من يخدم الدولة، ومن يخدم النظام، مثلما يحدث فى الخارج ونرى الفارق واضحا بين ما يقوم به تونى بلير وبيل كلينتون وغيرهما من رجال الدولة الذين يعملون للوطن فقط لا غير، على عكس الحال فى مصر التى يصعب فيها فصل ما هو تابع للنظام عما هو تابع للدولة على اعتبار أن القائمين على النظام نجحوا فى ختم الدولة بأسمائهم بعد سنوات طويلة من البقاء قدموا فيها أنفسهم على أنهم المرادف الطبيعى للدولة، فأصبح من العار لدى الأغلب الأعم من المصريين أن يصبحوا رجالا لدولة يعلمون جيدا أن اسمها لم يعد مصر!!
لمعلوماتك....
◄2006 قام حسين سالم بزيارة اسرائيل بسبب حرب لبنان
◄البابا شنودة:
بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية
المهمة:
هو ملجأ الدولة حينما تشتد هجمات أقباط المهجرهذا بخلاف تصريحاته التى ترد على كل اتهام خارجى موجه لمصر باضطهاد الأقباط قائلا: «الرئيس المحبوب مبارك من أفضل الرؤساء فى معاملته مع الكنيسة.
◄محمود أباظة:
انتخب فى يونيو من عام 2006 رئيسا لحزب الوفد الجديد,عضو بمجلس الشعب.
المهمة:
يركز على الملف الأمريكى ويقدم صورة جيدة للعلاقة بين المعارضة والنظام خلال زياراته لواشنطن وحمل لواء الدفاع عن موقف الإدارة المصرية أثناء أزمة سجن أيمن نور.
◄كمال الشاذلى:
وزير شئون مجلسى الشعب والشورى السابق.
المهمة:
هو نموذج لتحول لرجل الدولة القادم من المناصب الرسمية، وواحد من أهم أصحاب المهمات الداخلية خاصة فيما يتعلق بملف مجلس الشعب يتدخل فى أوقات الأزمات ليحول دفة الأمور لمصلحة الحكومة.
◄رفعت السعيد:
رئيس حزب التجمع الوطنى الوحدوى المصرى خلفا لخالد محيى الدين ونائب فى مجلس الشورى المصرى، وهو من مواليد 11 أكتوبر 1932.
المهمة:
هو نموذج لرجل المعارضة الشاكر دائما لرأس النظام والمشيد دائما بحكمة الرئيس، وكان واحدا من أبرز رجال الدولة الذين حملوا ملفا داخليا تلخص فى إنشاء حائط صد فى وجه الإخوان المسلمين سواء باستخدام قلمه ومؤلفاته أو عبر منصة الحزب.
◄حسين سالم:
معروف باسم صديق الرئيس وإمبراطور شرم الشيخ ولد عام 1928
المهمة:
حملته الدولة ملف تصدر واجهة العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، فهو وسيط صفقة تصدير الغاز المصرى إلى إسرائيل، وأحيانا ما يقوم بمهمات سياسية كنوع من الوساطة بين الإدارة المصرية والمسئولين فى تل أبيب.
◄أسامة الغزالى حرب:
رئيس حزب الجبهة الديمقراطى الليبرالى.
المهمة:
أحد رجال المعارضة الذين تستخدم الدولة علاقاتهم الجيدة بالمجتمع الدولى، مثلما حدث مؤخرا ولعب حزبه دور الوسيط مع الأوساط السياسية، أو قيامه بدور الوسيط فيما يخص بعض العوالق فى العلاقات المصرية السودانية.
◄عبدالمنعم سعيد:
تم اختياره مؤخرا لرئاسة مجلس إدارة مؤسسة الأهرام
المهمة:
هو نموذج للمفكر الذى يرتدى بدلة رجل الدولة، اعتاد أن يقوم برحلات إلى واشنطن يقوم من خلالها بدور مهم فى جس نبض الأوساط البحثية والصحفية والأكاديمية تجاه القضايا المصرية والعلاقات الأمريكية المصرية.
◄منير فخرى عبدالنور:
سكرتير عام حزب الوفد الجديد.
المهمة:
هو أحد رجال المعارضة الذين يحملون رسائل النظام للخارج ويحملون حقائبهم ويسافرون لتهدئة الأجواء، مثلما حدث مؤخرا حينما سافر إلى واشنطن فى محاولة لتهدئة الأجواء التى اشتعلت ضد مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.