كنا نجلس على المقهى نتابع فيلما أجنبيا مهما فى إحدى الفضائيات، فإذا بالفيلم يقطع كل قليل لتأتى فقرة إعلانية طويلة، فبدأ أحدهم يعد الإعلانات بصوت مرتفع، ومعه نفر قليل من الجالسين، حتى صارت القهوة كلها تهتف فى نفس واحد بعد أن زاد الموضوع عن حده: 36، 37، 38. انتهى الفيلم دون أن نفهم منه شيئا، لكننا جميعا كنا نذكر الإعلانات جيدا، وحين نزلت كلمة «THE END» فرحنا لانتهاء الفواصل الإعلانية. الإعلان غير الإعلام، فالثانى له وزارة أما الأول فله كل شىء، الإعلام فى خدمة الإعلان، والأشياء التى لا تدخلها الإعلانات فى الإعلام تعد على أصابع اليد، وربما نصحو ذات يوم على خطبة الجمعة فى التليفزيون، فنرى الخطيب يقف فى الاستراحة بين الخطبتين ويقول: فاصل ونواصل. من منا لا يذكر الإعلانات الخالدة التى ترسخت فى وجدان الأمة: انسف حمامك القديم، وبم بم بيقدم جوايز، والشمعدان زى ما بتحبه بيحبك كمان وكمان، وسلام عشانه سافو.. حافظ كيانه سافو، ولانج يخلى غسيلك لانج، والسحرى لبان طعمه يا جدعان مية المية، ورايحة فين يا فاطمة رايحة أجيب أومو، وعبد الرحيم عمرو وهتجوز هتجوز، وكوفرتينا ع العريس.. موافقين.. يبقى هيتجوز ويهيص، هاتلنا ريرى هاتلنا ريرى، ولو جاله جفاف إديله محلول، اشرب شاى الفراشة هتشوف وشك ع الشاشة، شاى البراد الأزرق.. مزاجى عال العال. هذه كلها إعلانات قديمة نشأنا وترعرعنا عليها، كان قدر الإعلانات معقولا، وكانت طريفة ومهذبة وفنية، لكن يرحم زمان وليالى زمان وإعلانات زمان، الدنيا كانت شمعة ووردة ولسه ما اخترعوش إعلان من الإعلانات الهابطة التى تهاجم كل منا حتى وهو نائم فى أحلامه، فينقطع الحلم من أجل فاصل إعلانى، واللى مش عاجبه يغير القناة، أو يغير السرير.