السفير وحيد جودة رمضان عمل مديرا لمكتب المشير عبدالحكيم عامر، أثناء أزمة مارس 1954. قال وحيد رمضان إنه كان موجودا فى مكتب«اللواء»عامر القائد العام للقوات المسلحة، وفى الوقت نفسه كان قائدا لمنظمات الشباب ورئيسا لتحرير مجلة الثورة، وحينما اشتعل الصراع بين محمد نجيب وجمال عبدالناصر ترك عامر أستاذه وقائده نجيب وانحاز لصديقه عبدالناصر، وعن طريقه ضمن عبدالناصر السيطرة على الجيش، وعدم حدوث انقلاب ضده. ويقول: كادت الحرب أن تندلع بين أسلحة الجيش، وكانت القاهرة على استعداد لتحترق مرة أخرى فى خلال سنتين بسبب تلك الفوضى التى ضغطت على جهاز الحكم نتيجة لقرار مجلس قيادة الثورة بالعودة إلى الثكنات وإلغاء الرقابة على الصحف وإلغاء قرار حل الأحزاب، وهو ما أدى إلى توافد الضباط الأحرار إلى مقر القيادة، معلنين عن رفضهم للقرار، ويتذكر رمضان أنه لقى خالد محيى الدين فى فناء مبنى مجلس قيادة الثورة وهو يسعى للخروج منها، فأمسك بزيه العسكرى وتحاور معه بعنف قائلا له: «انت عايز الإنجليز يدخلوا مصر ونرجع زى أيام عرابى يا خالد»، فرد خالد: «أنا يا وحيد» فرددت عليه بحدة: «أنت السبب فى كل ما يحدث هل تريد ديمقراطية على ظهور الدبابات؟» ويضيف رمضان: وصل ضباط الفرسان إلى مكتب عبدالحكيم عامر وأخذت أناقشهم، وأثبت لهم بالمنطق الهادئ أنهم ضحية عملية تضليل خطيرة من نجيب وخالد محيى الدين وكانت النية مبيتة للقبض على الفرسان فاتفق جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر على إبعاد كل الضباط الفرسان الذين يعملون فى السياسة وصدر قرار بأن يتم تعيين ثروت عكاشة أحد هؤلاء الضباط ملحقا عسكريا فى سويسرا، وصدرت أحكام بعد ذلك بالسجن على قيادات سلاح الفرسان فى محكمة ترأسها زكريا محيى الدين، وبنهاية ما يسمى تاريخيا بحركة سلاح الفرسان نجح عبدالحكيم عامر فى تأمين الثورة ضد أى اتجاه مضاد من الضباط الذين يمارسون السياسة. يستخلص وحيد رمضان من الأحداث السابقة رأيا بأن دور عبدالحكيم عامر البارز فى شبح انهيار الثورة الذى كان يؤرق جمال عبدالناصر، كان سببا فى تعزيز فكرة أن يقوم عبدالناصر بالاعتماد كلية على عامر فى قيادة القوات المسلحة وتفرغ عبدالناصر لقيادة العمل السياسى. ويرى رمضان أن طيبة عامر وشهامته جعلته يثق فى من حوله من ضباط الصفين الثانى والثالث فى الثورة والذين أخذوا يصدرون قرارات دون الرجوع إليه، وهم الذين عرفوا فيما بعد ب«مجموعة المشير» وكان منهم شمس بدران الذى اشتهر بتعذيب المعارضين من مختلف الاتجاهات من شيوعيين وإخوان ومثقفين مستقلين وأساتذة جامعات بالسجن الحربى، ورغم ذلك وافق عبدالناصر على تعيينه وزيراً للحربية عام 67، وأصبح الرجل الذى أغرق نفسه فى دوامة الأمن الداخلى منذ قيام ثورة 23 يوليو مسئولاً عن كل مهام القوات المسلحة، التدريب والعمليات والتنظيم والتسليح والمعنويات والانضباط، وهى اختصاصات المشير أخذها بدران لنفسه ثم ضم إليه السجن الحربى والقضاء وشئون الضباط والشئون الإدارية وشئون الأفراد والميزانية. كان بدران مسيطراً على كل ما يخص القوات المسلحة وكل ما يخص المشير عبدالحكيم عامر وأصبح أمن القوات المسلحة هو الموضوع الأول الذى يشغل بال قمتى القوات المسلحة (المشير عامر وشمس بدران) وبينما عملت إدارة المخابرات الحربية على أمن القوات المسلحة فقط، فإن إدارة المخابرات العامة برئاسة صلاح نصر بدأت تمد جذورها إلى مختلف شئون الدولة أيضاً ودخلت القوات المسلحة فى الإصلاح الزراعى والإسكان والنقل الداخلى وأعمال مباحث أمن الدولة والسد العالى.