حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى بكرى يكشف: أخطر الأسرار فى علاقة الإخوان والجيش.. الورقة الدوارة كلمة السر فى وقائع تزوير الانتخابات الرئاسية.. معركة الإخوان والمجلس العسكرى وصلت أقصاها بعد حكم الدستورية بحل مجلس الشعب
نشر في اليوم السابع يوم 23 - 04 - 2013

قبيل إغلاق باب الترشيح للانتخابات الرئاسية بقليل أدرك المجلس الأعلى للقوات المسلحة من خلال المعلومات المتوافرة لديه أن الأمر قد يحسم لمصلحة مرشح الإخوان المسلمين فى نهاية الأمر، خاصة أن الإخوان وحدهم يمتلكون القوة الأكثر تنظيما.
حتى هذا الوقت لم يكن اللواء عمر سليمان قد قرر الترشح، كانت المعلومات تتردد، إلا أن الرجل لم يكن قد حسم خياره الأخير.
وأمام تطورات الأحداث التى كانت تشهدها البلاد فى هذا الوقت أدرك قادة الجيش أن الإصرار على عدم السماح لأى منهم بالترشح لانتخابات الرئاسة، ربما يكون سببا فى دفع البلاد إلى مزيد من المشكلات والأزمات والفوضى، خاصة إذا نجح مرشح جماعة الإخوان، وأصبحت الدولة بأسرها فى قبضتهم.
كان الفريق سامى عنان يقرأ خريطة المستقبل جيدًا، كان يحذر، ولكنه كان دومًا ينصاع لتعليمات المشير طنطاوى، ويرفض الخروج عليها، مهما كانت درجة الخلافات فى وجهات النظر، وكان أخطر ما يقلق الفريق سامى هو شعوره بأن وصول التيار الإسلامى للحكم قد يؤدى إلى زيادة حدة الانقسام فى البلاد، وقد ينهى الدولة المدنية إلى الأبد، ويضع البلاد على شفا نزاع وانقسام قد يؤدى إلى اندلاع حروب أهلية بين المصريين.
لقد تحدثت مع الفريق سامى قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة عندما طلب منى الترشح أكثر من مرة لانتخابات الرئاسة، فاعتذرت، وقلت له: «لماذا لا تترشح أنت؟»، فقال لى: «ليس لدىَ مانع، المهم أن يوافق المشير على ذلك».
كان المشير يرفض ترشيح أى من أعضاء المجلس العسكرى لانتخابات الرئاسة، ورغم الضغوط التى مورست عليه، والتحذير من خطورة المرحلة المقبلة، فى ظل التوترات والأزمات التى كانت تسود البلاد فإنه ظل ولفترة طويلة يرفض ذلك.
وقبيل الانتخابات الرئاسية بقليل كنت فى لقاء مع المشير طنطاوى فى مكتبه بوزارة الدفاع، ثم انضم إلينا بعد قليل الفريق سامى عنان، وفى هذا اللقاء كان المشير طنطاوى قلقا على مستقبل مصر، خاصة أنه أدرك أن الإخوان حتما سيحسمون الانتخابات الرئاسية لصالحهم.
-- سألنى: ما رأيك فى الفترة المقبلة؟!
- قلت له: يا سيادة المشير.. الإخوان قادمون، وأنا أخاف أنهم لو وصلوا إلى السلطة فلن يتركوها، وسيحملكم التاريخ المسؤولية الكاملة عما ستصل إليه أحوال البلاد.
-- قال المشير: وإحنا إيه ذنبنا؟ أنا أشاركك القلق لأنه من الخطر الشديد أن يسقط البلد فى يد تيار واحد، لكن قل لى: ما العمل.. إيه المخرج؟!
- قلت له: أنا أعرف نبل أهدافك، ومقاصدك، وأدرك أنك لن تسمح بتزوير الانتخابات لصالح مرشح ضد آخر مهما كان، ولكن أتخوف من أنه إذا سقطت البلد فى يد الإخوان، فلن تعود إلينا مرة أخرى، لأنهم إذا جاءوا فلن يتركوها مرة أخرى إلا بثمن فادح، لكن لابد من مخرج، لقد كانوا هم أنفسهم يقولون إنه ليس من المصلحة أن يكون رئيس الدولة فى هذه الفترة منتميا إلى التيار الإسلامى، ولكنهم تراجعوا فى موقفهم، وأنا أتوقع أن يفوز مرشحهم محمد مرسى!!
ثم قلت: إننى أذكر للفريق سامى عنان مقولة قالها لى عقب اجتماع للمجلس العسكرى مع الأحزاب، عندما تم استبعاد خيرت الشاطر من الترشيح، قال لى الفريق ساعتها: «إن الجولة الأولى من الانتخابات سوف تسفر عن إعادة بين د. محمد مرسى، ود. عبدالمنعم أبوالفتوح» والخيار سيكون بين الاثنين ولا ثالث لهما!!
- هنا تحدث الفريق سامى عنان وقال: وأنا أكرر مرة أخرى والأيام بيننا، النتيجة ستكون محصورة بين الاثنين، والاثنان ينتميان إلى مدرسة الإخوان المسلمين، ولكن ما هو الحل؟!
كانت تلك هى المرة الأولى التى أشعر فيها بقلق عارم يعترى المشير ورئيس الأركان، كان مبعث القلق هو الخوف على مصر فى مرحلة ما بعد انتخاب الرئيس، الذى حتمًا سيكون إخوانيًا أو منتميًا للمدرسة الإخوانية الفكرية.
كان المشير يشعر بأن إجراء الانتخابات الرئاسية دون دستور سيفتح الباب أمام مخاطر شتى، حاول كثيرًا، لكنه كان دومًا يستجيب للمناورات والمراوغات التى كان يقوم بها الإخوان خلال اجتماعات المجلس العسكرى مع الأحزاب، يوافقون، ثم يترددون، ثم يطلبون التعديلات، ثم ينتظرون الإذن من قياداتهم، ثم يطرحون نقطة خلافية، فينتهى الاجتماع دون التوصل إلى حل ينهى هذه الأزمة، ويدفع إلى خطوات للانتهاء من الاتفاق على معايير تشكيل الجمعية التأسيسية وبدء إعداد الدستور.
فى أكثر من مرة كان المشير يؤكد وبحزم «أنه لا انتخابات رئاسية دون دستور»، لكنه الآن وجد نفسه أمام خيار واحد ووحيد، لابد من إجراء الانتخابات الرئاسية لتسليم السلطة فى الموعد الذى قطعه على نفسه.
كان الموقف محيرًا أمام المشير، فهو وعد فى وقت سابق بتسليم السلطة فى 30 يونيو 2012، لكنه أيضًا يجد نفسه فى موقع الحيرة، لأنه أيضًا وعد بعدم إجراء انتخابات رئاسية قبل الانتهاء من وضع الدستور.
- قلت للمشير: ولكن لابد أن يكون هناك حل لهذه المعضلة، يجب عدم إجراء الانتخابات دون دستور، لأنه إذا تُرك الأمر بلا حسم، فالرئيس القادم «الإسلامى» ستكون له الكلمة العليا على الدستور!!
-- قال الفريق سامى عنان: كل ما تقوله نحن متفقون عليه، ولكن كيف الطريق؟ ما الحل؟
- قلت: لقد سمعت أن هناك اتجاهًا لمد الفترة الانتقالية عدة شهور لحين إنجاز الدستور.
-- قال المشير: لكن هذا أمر ليس سهلاً، أنت تعرف أن هناك من يتربصون بنا، وأنت تعرف أننا لسنا طامعين فى سلطة أو مركز.
- قلت للمشير: أتذكر مقولتك التى قلتها لنا فى حضور وفد من مجلس الشعب برئاسة د. الكتاتنى فى لقائنا معك مؤخرًا، عندما قلت «ربنا ما يحكم على أكون رئيس».
ابتسم المشير، صمت، لم يعلق، ولكن الفريق سامى عنان قال: «لو الشعب عاوزنا نمد الفترة الانتقالية لحين الانتهاء من الدستور، يمكن أن نبحث ذلك».
كان كلام الفريق فى حضور المشير، يعنى موافقة المشير على هذا الاقتراح.
ثم أردف الفريق سامى: ولكن هل تضمن أن يقبل بذلك هؤلاء الذين لا يتوقفون عن الهتاف «يسقط.. يسقط حكم العسكر»؟ قلت للفريق: بصراحة لا أضمن موقفهم، هناك حالة احتقان وتحريض ضد المجلس العسكرى، وهو مخطط، هدفه بالأساس ممارسة الضغوط ضد الجيش، لتذهب السلطة إلى يد الإخوان، ولكن هناك طرقا عديدة من بينها استفتاء الشعب على استمراركم لفترة من الوقت، لحين الانتهاء من الدستور.
أدرك المشير أن هناك مشكلة حقيقية ستضاف إلى مجمل المشكلات المتفاقمة فى البلاد، لم يعطِ ردًا حول الاقتراح، وبعد مناقشة مطولة حول الجمعية التأسيسية وإمكانية تشكيلها فى ضوء الاجتماعات التى جرت بين المجلس العسكرى والأحزاب، كان موعد الاجتماع قد قارب على الانتهاء.
فى هذا الوقت أدركت أن المشير يشعر بقلق حقيقى على الأوضاع فى البلاد، قلت له: يا سيادة المشير، لقد أبلغتك أكثر من مرة رسالة من الأستاذ هيكل تقول «نجاحك فى خطابك»، وأنه بدون مواجهة الشعب بالحقائق وإشراكه فيها، فأنت بذلك تترك مساحة للفراغ ستملؤها الشائعات والتحليلات المغرضة والمعلومات الكاذبة، الشعب يحبك، والشعب مع الجيش، لكنه يريد أن يسمعك، عبدالناصر كان يواجه تحديات عديدة، ومؤامرات خطيرة وعندما لجأ إلى الناس، وخاطبهم، واقترب منهم، انتصر على الجميع، الناس تريد أن تسمعك.
- قال المشير: حتكلم أقول إيه، أنا موش عاوز؟!
- قلت: لاحظ معى أنك لم تجرِ حديثًا صحفيًا أو تليفزيونيًا منذ سنوات طوال، الناس تريد تسمعك وتراك.
- استمر الحوار لفترة من الوقت وفى نهايته قال لى: طيب خلاص أنا موافق، قل لى ما هو اقتراحك؟!
- قلت للمشير: اقتراحى أن يتم إجراء حوار للتليفزيون بحيث تقوم عدة فضائيات بإذاعته إلى جانب التليفزيون المصرى.
- قال: ومَنْ سيكون معك فى إجراء هذا الحوار؟
- طرحت على المشير العديد من الأسماء، وفى النهاية جرى الاتفاق على أن يقوم بإجراء الحوار كل من الكاتب الصحفى صلاح منتصر ورئيس تحرير الأخبار ياسر رزق وأنا، وقال المشير للفريق سامى: يا ريت تجلس أنت ومصطفى ويتم الاتفاق بينكما على المحاور الرئيسية.
هبطنا سويًا أنا والفريق سامى عنان إلى الصالون الملحق بمكتبه فى الدور الأول، وأثناء الهبوط من الدور الثانى إلى الأول، قال لى الفريق سامى: أنت إزاى قدرت تقنع سيادة المشير بالحوار؟! لقد عجزنا جميعًا فى المجلس العسكرى عن إقناعه.
- قلت للفريق: أتمنى أن تكتمل هذه الخطوة، ولكن لدىَّ إحساس بأن المشير ربما يعتذر فى اللحظة الأخيرة!!
أمضينا أكثر من ساعة أنا والفريق سامى عنان فى الاتفاق على المحاور الأساسية للحوار، حتى يمكن إعداد المادة العلمية التى سوف يستند إليها المشير فى حواره، وجاء إلينا اللواء يسرى زكى «مدير مكتب المشير» وحصل على نسخة من المحاور وتساؤلات الشارع لعرضها على المشير، وأبلغنى أن موعد إجراء الحوار هو يوم السبت أى بعد ثلاثة أيام من لقائى بالمشير ورئيس الأركان.
مضيت بسيارتى إلى خارج مبنى وزارة الدفاع، اتصلت بالزميل ياسر رزق وأبلغته فوافق، وتواعدنا على التواصل، ثم اتصلت بالأستاذ صلاح منتصر، وأبلغته بالأمر، فوجدته مترددًا، وقال لى: أنت تعرف الحملة على المجلس العسكرى وأبعادها، وسيقال إننا نحاول التسويق للمشير فى هذا الوقت، ولذلك دعنى أفكر فى الأمر وسأرد عليك.
أدركت أن الأستاذ صلاح منتصر لا يريد أن يشارك فى الحوار، هممت بإبلاغ الفريق سامى بالأمر لنتفق على شخص بديل، إلا أننى وجدت اللواء يسرى زكى «مدير مكتب المشير» يتصل بى، كانت كلماته موجزة ومحددة.. قال لى: أستاذ مصطفى.. المشير بيقولك يا ريت نؤجل الحوار إلى وقت آخر.
لم أفاجأ بالموقف، كنت على ثقة أن الحوار لن يكتمل، فالمشير لا يريد أن يتحدث للناس، وقد قال لى إنه لا يريد أن يفهمه الناس خطأ، ويقال إنه يروِّج لنفسه ليظل فى موقعه.
قلت للواء يسرى زكى: يبدو أن المشير حسم الأمر، وأنا أقول إن هذا خطأ، لأنه لو شرح الحقائق للناس فسوف يرد على كل الشائعات، ويحاصر من يريدون شرًا بالجيش.
مضيت إلى منزلى، وفى اليوم التالى اتصلت بالأستاذ محمد حسنين هيكل، وأبلغته أن المشير لا يريد أن يتحدث، فكان الأستاذ مستاءً من صمت المشير، وقال لى: أعتقد أنه لن يتكلم!!
فى هذا الوقت كان القلق يساور الجميع، أصبح المشير على قناعة بأن رئيس الجمهورية القادم لن يخرج عن واحد من المنتمين للتيار الإسلامى، لقد قرأ المشير سيناريو المستقبل متأخرًا، وأدرك أنه لابد أن يتصرف فى الأمر، لكنه ظل مترددًا حتى اللحظة الأخيرة.
فى هذا الوقت اتصل اللواء ممدوح شاهين «المسؤول عن الشؤون القانونية والدستورية بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة» بالمستشار حاتم بجاتو «الأمين العام للجنة العليا الانتخابات الرئاسية» وسأله: هل يمكن أن نمد فتح باب الترشيح لفترة من الوقت؟
- سأل المستشار بجاتو: وما السبب؟
- قال اللواء ممدوح شاهين: هناك أمر طارئ سأبلغك عنه فى حينه.
تعجب المستشار بجاتو من هذا المطلب، رد على الفور بالقول: لا أظن أنه ليس بمقدورنا مد فتح باب الترشيح لصالح مرشح معين وإلا فنحن سنفقد مصداقيتنا، ومع ذلك سوف أستطلع رأى المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا.
- قال ممدوح شاهين: هناك أحزاب ستقدم لكم طلبات بذلك.
اتصل المستشار حاتم بجاتو بالمستشار فاروق سلطان وأبلغه بالمطلب الذى حمله إليه اللواء ممدوح شاهين، فما كان من المستشار فاروق سلطان إلا أن اعتذر وقال: لن نستطيع مد فترة الترشيح ولا لساعة واحدة.
فى هذا الوقت وصل إلى مبنى اللجنة العليا للانتخابات رامى لكح «نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية» ومعه الناشط السياسى إيهاب الخولى، والتقيا المستشار حاتم بجاتو وسألاه عن ترشيح الأحزاب فسألهما المستشار بجاتو: هل هناك نية لترشيح أحد من طرفكم؟!
تردد رامى لكح فى الإجابة، ثم بعد فترة قال: بصراحة إحنا ناويين نرشح إما رئيس الحزب محمد أنور عصمت السادات أو عمر سليمان أو المشير أو الفريق سامى عنان، لقد كان رامى قد أعد خطاب الترشيح وحصل على موافقة الفريق سامى على الترشح.
كان الفريق سامى عنان قد اتصل بى فى هذا الوقت، وأبلغنى أن رامى لكح كان موجودا عنده فى مكتبه وأنه عرض عليه الترشح باسم الحزب لمنصب رئيس الجمهورية.
- قال لى الفريق: وإيه رأيك؟
- قلت له: يا ريت، المهم الوضع القانونى، هل يجوز أم لا؟!
فى اليوم التالى لزيارة رامى لكح وإيهاب الخولى إلى المستشار حاتم بجاتو، كان هناك أحد الشخصيات العسكرية البارزة تتصل بالمستشار بجاتو وتطلب مقابلته، لأنه يريد أن يشرب معه الشاى فى مكتبه.
رحب المستشار بجاتو بالزيارة وقال للمتصل: أنا فى انتظارك فى مكتبى فى الدور الأول بمقر اللجنة العليا للانتخاب الرئاسية بمصر الجديدة.
وعندما جاء المسؤول العسكرى الكبير، قال للمستشار بجاتو:
- هل هناك إمكانية لقبول أوراق الفريق سامى عنان حال ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية؟
- قال المستشار بجاتو: بالقطع لا يمكن.
- سأله المسؤول العسكرى: ولماذا؟
- قال المستشار بجاتو: لا يمكن ترشحه إلا لو استقال من الجيش نهائيًا، ثم إنه لابد أن يكون مقيدًا فى الجداول الانتخابية، وأنت تعرف أن باب القيد فى الجداول قد أُغلق منذ فترة، وبذلك لا يكون الفريق سامى متمتعًا بحقوقه السياسية.
مضى المسؤول العسكرى، وقد أصابه إحباط شديد، وأغلق باب الحديث فى هذه القضية مرة أخرى.
فى عدد صحيفة الأخبار الصادر يوم الجمعة 5 إبريل كان مانشيت الصحيفة غريبًا، إذ حمل عنوان «لا يحق للمشير أو الفريق عنان الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية».
كان ذلك مؤشرًا على حالة الجدل التى سادت أوساط المجلس العسكرى واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فى هذا الوقت، خاصة بعد أن حاولت عناصر من المجلس العسكرى اللحاق بالفرصة الأخيرة لإنقاذ البلاد.
- مضى اليوم الأول من الانتخابات السبت السادس عشر من يونية، وفى اليوم التالى، انتهى إغلاق اللجان الانتخابية فى الحادية عشرة مساء، وظل بعضها يفتح أبوابه حتى الواحدة صباحًا لتكدس الناخبين.
فى صباح هذا اليوم، كانت هناك معلومات وصلت إلى اللجنة الانتخابية الرئاسية تفيد بوجود تجاوزات صارخة فى بعض اللجان فى عدد من المحافظات.
وقد صرح المستشار حاتم بجاتو «الأمين العام للجنة الانتخابية الرئاسية» قائلاً: «إن اليوم الثانى للانتخابات شهد عدة مخالفات انتخابية، منها ضبط محاولات تسريب أوراق إلى خارج اللجان الانتخابية لبدء عملية التزوير بما يسمى «الورقة الدوارة»، إضافة إلى العثور على عدد من الدفاتر التى تحمل أوراقًا مسودة لصالح مرشح بعينه وصل عددها إلى ألفى ورقة وأغلبها كان فى محافظة الشرقية.
وشدد المستشار بجاتو على أنه تم ضبط البطاقات الانتخابية المسودة قبل استخدامها، وقال إن جميع أوراق الانتخابات المخالفة طُبعت فى المطابع الأميرية، وأن كل المخالفات التى وردت إلينا وتشكل جريمة أحلناها للنيابة العامة.
فى هذا الوقت، كانت معلومات قد تسربت إلى المجلس العسكرى تفيد بطباعة حوالى مليون و800 ألف بطاقة انتخابية جرى تزويرها فى المطابع الأميرية لصالح المرشح محمد مرسى، كما وصلت إلى المجلس معلومات تفيد بمنع بعض الناخبين الأقباط فى محافظتى المنيا وقنا من التصويت، بعد أن تلقوا تهديدات من عناصر تنتمى إلى جماعة الإخوان، إضافة إلى دخول شحنات حبر سرى جرى استخدامه فى اللجان التى تفوق فيها أحمد شفيق فى الجولة الأولى من الانتخابات، وهو حبر من شأنه أن يخفى الكلمات المكتوبة به بعد ثلث الساعة تقريبًا من استعماله.
وبعد التصريحات التى أدلى بها المستشار حاتم بجاتو معترفًا فيها بهذه التجاوزات، تدارس أعضاء المجلس العسكرى «المصغر» هذه التقارير، فطلب المشير طنطاوى من الفريق سامى عنان واللواء ممدوح شاهين الاتصال بالمستشارين فاروق سلطان وحاتم بجاتو، لمعرفة حقيقة ما يشاع، وقام الفريق عنان بفتح «اسبيكر» التليفون الأرضى الموجود فى القاعة ليُسمع نص المكالمة للمشير وللمجتمعين، وأبلغ الفريق سامى المستشار فاروق سلطان بالمعلومات المتوفرة لدى المجلس العسكرى، وقال له: هناك توافق بين المعلومات التى وصلت إلينا والمعلومات التى أدلى بها المستشار بجاتو، وإذا قررتم إلغاء جولة الانتخابات وإعادتها مرة أخرى وفق شروط جديدة تضمن نزاهتها، فنحن ليس لدينا مانع.
هنا قال المستشار فاروق سلطان: إن كل ما لدينا من معلومات لا يتجاوز ما ذكره المستشار حاتم بجاتو، وإن البطاقات الانتخابية التى تم ضبطها لا تزيد على ألفى بطاقة، وهو أمر لن يؤثر على نتيجة الانتخابات، ونحن سنرصد بقية التجاوزات ونرسلها إلى الجهات الأمنية والرقابية للتحقيق، وسنلغى أى لجنة انتخابية تثبت فيها هذه التجاوزات.
كانت المعلومات التى وصلت إلى المجلس العسكرى أكبر بكثير مما صرح به المستشار بجاتو، إلا أن المشير استمع إلى المكالمة فأشار بيده للفريق عنان معتبرًا أن الأمر انتهى عند هذا الحد، ورفض ممارسة أى ضغوط على رئيس اللجنة العليا لإلغاء الانتخابات وارتضى بتفسيره للأمور.
أنهى الفريق سامى عنان المكالمة ووضع سماعة الهاتف، حيث سادت حالة من القلق الشديد من جراء التقارير والمعلومات الواردة والتى تشير إلى حدوث تجاوزات كبيرة فى العملية الانتخابية.
حتى هذا الوقت كان المشير طنطاوى متمسكًا بعدم الانحياز لمرشح ضد آخر، لقد كان يعتقد أن فوز أى من المرشحين سيكون تعبيرًا عن اختيار الشعب، وأنه لن يتدخل من قريب أو بعيد، كان يقول دائمًا: «الشعب يتحمل مسؤولية اختياره».
كانت معلومات عديدة تتردد فى هذا الوقت، تقول إن المشير طنطاوى وجد نفسه بين خيارين، أحلاهما مُرّْ بالنسبة له، غير أنه لم يحاول التدخل أو ممارسة أى ضغوط لصالح هذا الطرف أو ذاك لعدة أسباب:
- الأول: أن تدخل المجلس العسكرى لصالح أى من الطرفين يمكن أن يثير أزمات ومشكلات عديدة داخل الأوساط المجتمعية، خاصة أن هناك حالة استنفار من قِبل قوى عديدة ضد المجلس العسكرى، وتنتظر الفرصة المناسبة لإثارة الرأى العام ضده.
- الثانى: أن المجلس العسكرى، إذا قرر التدخل، فمن المؤكد أنه لن يقف إلى جانب مرشح الإخوان، بل سيقف بالقطع مهما كانت التحفظات إلى جانب الفريق أحمد شفيق المرشح المنافس، وهذا يعنى أن الإخوان المسلمين وحلفاءهم سيجدونها فرصة للتحريض ضد المجلس العسكرى وتوجيه الاتهامات إليه وإثارة الفوضى فى البلاد والسعى إلى الاصطدام به.
- الثالث: أن المجلس العسكرى ورئيسه المشير طنطاوى أخذوا على أنفسهم عهدًا منذ البداية بالوقوف على الحياد فى المعركة الانتخابية، وثبتت مصداقية ذلك من خلال انتخابات مجلسى الشعب والشورى، ومن ثم لن يكون من المقبول أو المعقول التدخل لصالح مرشح ضد آخر فى الانتخابات الرئاسية..
- الرابع: أن التدخل لدعم أحد المرشحين يعنى فتح الباب أمام تدخل الولايات المتحدة والمجتمع الدولى فى شؤون مصر، وفرض عقوبات ضد البلاد، قد تؤدى إلى مخاطر شتى على تسليح الجيش وحاجته إلى قطع الغيار، وكذلك قطع المعونة الاقتصادية والعسكرية المقدمة من الولايات المتحدة إلى مصر، وهو أمر يمكن أن يدفع البلاد إلى مرحلة خطيرة، لن تقف عند حدود قطع المعونات.
الخامس: أن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لا يمكن أن تقبل تدخلاً مباشرًا أو غير مباشر من المجلس العسكرى لصالح أحد المرشحين، لأن ذلك يضع اللجنة هدفًا للمتربصين والمضارين من جراء ذلك.
- السادس: أن المشير طنطاوى وغالبية أعضاء المجلس العسكرى كانوا قد عقدوا العزم على تسليم السلطة فى 30 يونية 2012 إلى الرئيس المنتخب دون أن يكون لديهم طموح نحو السلطة، وهو أمر دفعهم إلى التعامل مع مجريات الأحداث وكأنها تحصيل حاصل، يلعبون فيها فقط دور المحايد بين الشعب والمرشحين، خاصة بعد أن تعرض المجلس العسكرى فى أوقات سابقة لإهانات غير مبرَّرة، وشتائم تعدت كل الحدود، ولم يكن أمام أحد منهم سوى الانتظار بفارغ الصبر، لتسليم السلطة والانصراف بعيدًا عن شئون الحكم، ولذلك تركوا الأمر للخيار الشعبى الذى سيكون عليه تحمل مسؤولية الاختيار.
لقد كان لدى البعض قناعة بأن فوز الدكتور محمد مرسى سيضع جماعة الإخوان المسلمين أمام اختبار حاسم فى مواجهة الشعب، فإذا استطاعت الجماعة حكم البلاد وترسيخ مبادئ العدل والديمقراطية وتحقيق الأمن والاستقرار، فهذا سيدفع إلى المزيد من الالتفاف الشعبى حولها.. أما إذا فشلت الجماعة فى حكم البلاد واستخدمت أساليب الإقصاء وتصفية الحسابات وعجزت عن تحقيق الاستقرار والنهوض الاقتصادى، فهى بذلك تكون قد كشفت عن عجزها وعدم قدرتها على الحكم وإنقاذ البلاد، وساعتها سيواجهها الشعب وتخسر شعبيتها إلى الأبد.
لقد كان هناك من يرى أنه فى حال نجاح مرشح الإخوان المسلمين فى انتخابات الرئاسة، سوف تتكشف الحقائق سلبًا أو إيجابًا، وأنه مهما كانت الخسائر، فالإيجابيات ستكون أكبر، وسينعكس النموذج المصرى فى كل الأحوال على مستقبل شتى التيارات الإسلامية فى العالم العربى بأسره وليس فى مصر وحدها.
كان السؤال المطروح فى هذا الوقت، من بعض أعضاء المجلس العسكرى: ولكن ماذا إذا اتُّهم المشير والمجلس الأعلى بتسليم السلطة إلى الإخوان حال نجاح د. محمد مرسى؟ وكانت الإجابة من المشير: دعوا التاريخ يحكم، لقد تحملنا الكثير ومستعدون أن نتحمل ما هو أكثر، وقال: دعونا ننتظر، إذا نجح الرئيس أيًا كانت هويته وفشل فى إدارة شؤون البلاد، هنا، سيخرج الشعب عن بكرة أبيه ليطالب الجيش بالتدخل من جديد خاصة عندما يتعرض أمن البلاد للخطر، ويحدث التخبط والعشوائية فى القرارات.
- بعد إغلاق جميع اللجان أبوابها، اتصل المستشار حاتم بجاتو فى الواحدة صباحًا ليبلغ المستشار فاروق سلطان بآخر التفاصيل، فى حين بدأت النتائج تصل تباعًا إلى اللجنة العليا وإلى وسائل الإعلام.
فى هذا الوقت، غادر المستشار بجاتو مقر اللجنة العليا حيث كان يقيم فى فندق دار الدفاع الجوى القريب من مقر اللجنة العليا، طلب من أعضاء الأمانة الرد على استفسارات الصحفيين، وظل هو يتابع التطورات بنفسه حتى الثالثة والنصف صباحًا.
وفى اليوم التالى الاثنين 18 يونية وصل المستشار بجاتو والمستشار فاروق سلطان إلى مقر اللجنة العليا فى الحادية عشرة صباحًا.
كان الاتفاق المعلن هو أن يتم الانتهاء من فرز اللجان فى انتخابات الإعادة يوم 18 يونية، على أن يُفتح الباب لتلقى الطعون ابتداء من يوم الثلاثاء 19 يونية، كانت اللجنة العليا للانتخابات قد طلبت من جهاز الأمن العام بوزارة الداخلية والمخابرات العامة والرقابة الإدارية إجراء تحرياتها حول ما تردد عن تزوير بطاقات انتخابية صادرة عن المطابع الأميرية، ومنع المسيحيين من التصويت فى بعض اللجان، وغيرها من التجاوزات.
فى هذا الوقت، اجتمعت اللجنة الانتخابية فى صباح 18 يونية لمتابعة آخر النتائج، وقد وصلت جميع نتائج الفرز فى هذا الوقت، عدا نتيجة محافظة القاهرة.
وفى هذا الوقت أخطرت الأمانة العامة للانتخابات المستشار حاتم بجاتو والمستشار فاروق سلطان بأن الدكتور محمد مرسى متقدم فى الانتخابات بأكثر من مليون صوت.
وفى فجر هذا اليوم، كان د. محمد مرسى قد أعلن عن فوزه فى الانتخابات حتى قبيل إعلان النتيجة، ثم مضى إلى ميدان التحرير للاحتفال مع أنصاره بهذا الفوز الذى لم يُعلَن رسميًا حتى هذا الوقت.
كان الاتفاق قد جرى على إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية صباح الخميس 21 يونية، إلا أن اللجنة العليا للانتخابات أصدرت بيانًا أكدت فيه أنها قررت الاستمرار فى نظر الطعون المقدمة من المرشحين واستكمال فحصها، وهو ما يتطلب مزيدًا من الوقت قبل إعلان النتيجة النهائية للانتخابات.
وأوضحت اللجنة أن الطعون المقدمة تزيد على 446 طعنًا أبرزها من وجهة نظر المحامين الموكلين عن المرشحين تتعلق بوجود عدد غير قليل من بطاقات الاقتراع فى الصناديق تزيد على عدد الناخبين الحاضرين باللجان أو تقل، وما تردد عن تصويت بعض المتوفين وتكرار التصويت من بعض الناخبين وتوجيه الناخبين والعبث بالعديد من بطاقات الاقتراع عقب طباعتها وقبل وصولها للقضاة المشرفين على الانتخابات.
لقد أعلنت جماعة الإخوان المسلمين على موقعها الإلكترونى الاثنين 18 يونية أن محمد مرسى حاز على 31.732.000 ألف صوت بنسبة %52 مقابل 379.833.21 صوتًا للمرشح أحمد شفيق بنسبة تصل إلى حوالى %48، قالت الجماعة إن إجمالى الأصوات الصحيحة بلغ 25.575.973 صوتاً.
فى هذا الوقت راح ياسر على «المتحدث باسم حملة د. محمد مرسى» يستبق الجميع قبيل إعلان النتيجة النهائية، بالإدلاء بتصريحات لل«بى. بى. سى» قال فيها إن مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة ستجرى بعد أسبوع من إعلان فوز د. محمد مرسى رسميًا.
وقال إن مرسى سيختار خمسة نواب له فى الرئاسة، يكون من بينهم نائب قبطى وامرأة، ونائب من الشخصيات ذات الكفاءة من بينهم سلفى من خارج حزب الحرية والعدالة ونائب من شباب الثورة.
وكان د. محمد مرسى بدوره قد تعامل مع النتيجة التى أعلنها الموقع الرسمى لجماعة الإخوان، على أنها النتيجة النهائية ولم ينتظر إعلان النتيجة الرسمية، حيث وجّه الشكر للشعب المصرى ولمن قالوا «نعم» ومن قالوا «لا»، وقال إنه سيعمل على تحقيق التوافق الوطنى مع كل أطياف الشعب المصرى، وتعهد بأن يقف على مسافة واحدة من الجميع ويكون خادمًا للشعب بكل فئاته.
بعد إبلاغ المستشار حاتم بجاتو بأن د. محمد مرسى متقدم فى عدد الأصوات على الدكتور أحمد شفيق بما يزيد على المليون صوت بدون نتيجة القاهرة، أيقن المستشار بجاتو أن الانتخابات قد حُسمت لصالح د. مرسى.
فى هذا الوقت من ظهر 18 يونيو، اصطحب المستشار بجاتو اثنين من القضاة الذين كانوا يعملون معه فى الأمانة العامة للجنة الانتخابات الرئاسية، وذهب ثلاثتهم إلى مبنى وزارة الخارجية الكائن على كورنيش النيل، وذلك لإعادة جمع أصوات المصريين بالخارج، حيث كانت هناك شكوى مقدمة تقول إن عمليات تصويت جماعى تمت لصالح المرشح الرئاسى محمد مرسى فى السعودية وجنوب أفريقيا.
وبالفعل، بدأت عملية إعادة الفرز فى مبنى وزارة الخارجية من 12 ظهرًا إلى 11 مساءً، وفى هذا الوقت أصيب المستشار بجاتو بأزمة قلبية، وتم نقله إلى المستشفى، وبعد أن تحسنت حالته الصحية سأل عن آخر نتائج الفرز، فعرف أن الفارق حتى هذا الوقت كان يصل إلى ما يقارب ال900 ألف صوت لصالح محمد مرسى، اتفق المستشار بجاتو مع أعضاء اللجنة ومساعديهم على إعادة رصد الأصوات مرة أخرى، لمعرفة الأصوات الباطلة وإبعادها.
فى هذا الوقت، كانت الطعون تصل تباعًا من د. أحمد شفيق ود. محمد مرسى، وكانت اللجنة تبحث ما تضمنته هذه الطعون المقدمة أولاً بأول، كانت أبرز شكاوى د. أحمد شفيق متعلقة بتزوير نحو مليون 1.800 بطاقة انتخابية صادرة عن المطابع الأميرية، وكذلك الحال منع المسيحيين من التصويت فى بعض اللجان، كان التزوير الحاصل فى الأوراق الصادرة عن المطابع الأميرية قد جاء لصالح محمد مرسى، وكان الذى أبلغ اللجنة العليا عن هذه البطاقات هو أحد القضاة المشرفين على اللجنة الرئاسية بمحافظة الشرقية فى اليوم الأول للانتخاب، وكان عدد البطاقات التى جرى ضبطها هى فقط2500 بطاقة صادرة عن المطابع الأميرية، وجمعيها مزور لصالح المرشح د. محمد مرسى. فى هذا الوقت أجرى المستشار فاروق سلطان اتصالًا بوزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم، كما أجرى المستشار حاتم بجاتو اتصالًا باللواء أحمد جمال الدين مدير الأمن العام فى هذا الوقت، كما أجرى اتصالاً بوكيل إدارة الرقابة الإدارية والمخابرات العامة.
بدأت عملية الفحص، كانت هناك شكوى مقدمة عن منع الأقباط فى إحدى قرى محافظة المنيا «قرية دير أبو حنس» وأربع قرى فى محافظة قنا.
ولكن قيل إن هذه المعلومات غير صحيحة فى حين أن مناطق عديدة فى محافظات بحرى والصعيد، مارس فيه الإخوان إرهابا شديدا لمنع الناخبين وتهديدهم واستخدام أساليب الترغيب لحضهم على اختيار المرشح الرئاسى محمد مرسى، ورصد فى هذا الوقت توزيع أموال ضخمة على مئات الآلاف من الناخبين فى القرى والأرياف، مما يمثل رشوة انتخابية توجب إلغاء الانتخابات فى العديد من هذه اللجان.
فى يوم الجمعة 22 يونية، احتشدت فى ميدان التحرير حشود غفيرة من الإسلاميين وبعض الفصائل الثورية تحت عنوان «مليونية الشرعية»، وكان الهدف من ورائها الضغط على اللجنة العليا للانتخابات، حيث رفعت الشعارات التى توجه الاتهامات إلى اللجنة وتحذرها من إعلان فوز أحمد شفيق، وتطالب المجلس العسكرى بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل وتسليم السلطة إلى الرئيس المقرر الإعلان عن انتخابه فى وقت لاحق.
وفى اليوم ذاته عقد المرشح الرئاسى د. أحمد شفيق مؤتمرًا صحفيًا أعلن فيه فوزه فى الانتخابات، وكان أحمد سرحان المتحدث الرسمى باسم حملته قد أعلن فى وقت سابق أن تقديرات الحملة تشير إلى تقدم شفيق بنسبة من %51.5 إلى%52 على المرشح المنافس محمد مرسى.
وفى فجر هذا اليوم صعد أحد الحراس للدور العلوى بمقر اللجنة الانتخابية إلى المستشار حاتم بجاتو والذى كان قد بدأ فى النوم بعد طول عناء، أيقظه الحارس وقال له إن هناك مندوبًا من النيابة العامة يريد تسليم مظروف من النيابة، صعد المندوب وسلم المظروف شخصيًا إلى المستشار بجاتو.
وعندما قام بفتحه وُجد أنه تقرير مقدم من وكيل الإدارة العامة للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية مكون من 18 صفحة يثبت وجود تلاعب فى طبع البطاقات الانتخابية بالمطابع الأميرية.
كنت موجوداً بمنزلى فى هذا الوقت، وكان الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، قد أجرى اتصالاً معى قبيل إعلان النتيجة ليسألنى: هل أنت متأكد مما قلته منذ قليل من أن الحرس الجمهورى اتجه إلى منزل أحمد شفيق؟ فقلت له: نعم. قال: أنا معلوماتى عكس ذلك، الدكتور محمد مرسى هو الفائز، يبدو أن الجماعة العسكريين خدعوك وحاولوا تسريب هذه المعلومة عن طريقك، قلت له: وما مصلحتهم والنتيجة اعتمدت وستعلن بعد دقائق؟ ثم إن أحداً منهم لم يدل لى بمعلومة واحدة، لأنهم لا يعرفون شيئًا بكل وضوح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.