عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم السبت في الصاغة    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    واشنطن بوست: أمريكا دعت قطر إلى طرد حماس حال رفض الصفقة مع إسرائيل    "جمع متعلقاته ورحل".. أفشة يفاجئ كولر بتصرف غريب بسبب مباراة الجونة    كولر يرتدي القناع الفني في استبعاد أفشة (خاص)    الأرصاد الجوية: شبورة مائية صباحًا والقاهرة تُسجل 31 درجة    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    وكالة فيتش تغير نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    العالم يتأهب ل«حرب كبرى».. أمريكا تحذر مواطنيها من عمليات عسكرية| عاجل    حسين هريدى: الهدف الإسرائيلى من حرب غزة السيطرة على الحدود المصرية الفلسطينية    حي شرق بمحافظة الإسكندرية يحث المواطنين على بدء إجراءات التصالح    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    رئيس المنظمة المصرية لمكافحة المنشطات يعلق على أزمة رمضان صبحي    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    بعد انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم السبت 4 مايو 2024 في البورصة والأسواق    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    التموين تتحفظ على 2 طن أسماك فاسدة    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    صوت النيل وكوكب الشرق الجديد، كيف استقبل الجمهور آمال ماهر في السعودية؟    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. السبت 4 مايو 2024    هيثم نبيل يكشف علاقته بالمخرج محمد سامي: أصدقاء منذ الطفولة    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الإذاعى أحمد أبو السعود    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    فوزي لقجع يكشف حقيقة ترشحه لرئاسة الاتحاد الأفريقي    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    «صلت الفجر وقطعتها».. اعترافات مثيرة لقاتلة عجوز الفيوم من أجل سرقتها    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    السودان وتشاد.. كيف عكرت الحرب صفو العلاقات بين الخرطوم ونجامينا؟ قراءة    مصرع طفلين إثر حادث دهس في طريق أوتوستراد حلوان    احتراق فدان قمح.. ونفوق 6 رؤوس ماشية بأسيوط    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفريق سامي عنان قرر الترشح لرئاسة الجمهورية قبل إغلاق باب الترشيح بأيام

فصل من كتاب 'الجيش والإخوان' تحت الطبع الفريق سامي عنان قرر الترشح لرئاسة الجمهورية قبل إغلاق باب الترشيح بأيام
اللواء ممدوح شاهين اتصل بالمستشار حاتم بجاتو وسأله عن إمكانية الترشيح
تنشر 'الأسبوع اونلاين' فصلا مهمًا من كتاب 'الجيش والإخوان.. أسرار خلف الستار' لمؤلفه الكاتب الصحفي مصطفي بكري..
الكتاب يصدر الأسبوع المقبل عن الدار المصرية اللبنانية ويقع في 452 صفحة ويتضمن رصدًا وأسرارًا تُكشف للمرة الأولي عن الأيام الأخيرة في حكم مبارك وحتي قرار الرئيس مرسي بإقالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وعدد من قادة المجلس العسكري، ويتضمن هذا الفصل وقائع تُنشر للمرة الأولي حول القرار الذي اتخذه الفريق سامي عنان بالترشح لمنصب رئيس الجهورية قبل إغلاق باب الترشح بنحو أربعة أيام، والأسباب التي أعاقت هذا الترشيح.
قبيل إغلاق باب الترشيح للانتخابات الرئاسية بقليل، أدرك المجلس الأعلي للقوات المسلحة من خلال المعلومات المتوافرة لديه، أن الأمر قد يُحسم لمصلحة مرشح الإخوان المسلمين في نهاية الأمر، خصوصًا أن الإخوان وحدهم يمتلكون القوة الأكثر تنظيمًا.
حتي هذا الوقت لم يكن اللواء عمر سليمان قد قرر الترشح، كانت المعلومات تتردد، إلا أن الرجل لم يكن قد حسم خياره الأخير.
وأمام تطورات الأحداث التي كانت تشهدها البلاد في هذا الوقت، أدرك قادة الجيش أن إصرار المشير علي عدم السماح لأي منهم بالترشح لانتخابات الرئاسة، ربما يكون سببًا في دفع البلاد إلي مزيد من المشكلات والأزمات والفوضي، لا سيما إذا نجح مرشح جماعة الإخوان، وأصبحت الدولة بأسرها في قبضتهم.
كان الفريق سامي عنان يقرأ خريطة المستقبل جيدًا، كان يحذر ولكنه كان دومًا ينصاع لتعليمات المشير طنطاوي، ويرفض الخروج عليها، مهما كانت درجة الخلاف في وجهات النظر، وكان أخطر ما يقلق الفريق سامي هو شعوره بأن وصول التيار الإسلامي للحكم، قد يؤدي إلي زيادة حدة الانقسام في البلاد، وقد ينهي الدولة المدنية إلي الأبد، ويضع البلاد علي شفا نزاع وانقسام قد يؤدي إلي اندلاع حروب أهلية بين المصريين.
في 16 أغسطس 2011، كان الفريق سامي عنان قد طلب منِّي اختيار مجموعة من المثقفين أصحاب الرأي، يمثلون جميع التيارات بمن فيهم المعارضون لأداء المجلس العسكري، ليناقش معهم القضايا المطروحة، ويستمع إلي تصوراتهم حول آفاق المرحلة المقبلة.
وبالفعل قمت بإعداد كشف لنخبة من المثقفين لدعوتهم، استمرارًا لحوار سابق جري قبل ذلك مع آخرين، بمبني وزارة الدفاع وبحضور الفريق سامي وعدد من أعضاء المجلس العسكري. وفي هذا الاجتماع الذي عُقد في فندق 'الماسة' قال الفريق سامي عنان: إن مدنية الدولة قضية أمن قومي، وهي خط أحمر، لن نسمح بتجاوزه، وقال 'إن المجلس الأعلي مصمم علي تسليم مقاليد البلاد لرئيس منتخب، وإن الجيش سوق يبقي حارسًا لحماية الدستور، ولن نسمح لأي سلطة بأن تجور علي حق هذا الشعب'.
لقد تحدثت مع الفريق سامي قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة عندما طلب منِّي الترشح أكثر من مرة لانتخابات الرئاسة، فاعتذرت، وقلت له: 'لماذا لا تترشح أنت؟' فقال لي: 'ليس لديَّ مانع، المهم أن يوافق المشير علي ذلك'.
كان المشير يرفض ترشيح أي من أعضاء المجلس العسكري لانتخابات الرئاسة، ورغم الضغوط التي مورست عليه، والتحذير من خطورة المرحلة المقبلة، في ظل التوترات والأزمات التي كانت تسود البلاد فإنه ظل ولفترة طويلة يرفض ذلك.
وقبيل الانتخابات الرئاسية بقليل، كنت في لقاء مع المشير طنطاوي في مكتبه في وزارة الدفاع، ثم انضم إلينا بعد قليل الفريق سامي عنان، وفي هذا اللقاء كان المشير طنطاوي قلقًا علي مستقبل مصر، خصوصًا أنه أدرك أن الإخوان حتمًا سيحسمون الانتخابات الرئاسية لصالحهم.
سألني: ما رأيك في الفترة المقبلة؟!
قلت له: يا سيادة المشير.. الإخوان قادمون، وأنا أخاف أنهم لو وصلوا إلي السلطة فلن يتركوها، وسيحمِّلكم التاريخ المسئولية الكاملة عما ستصل إليه أحوال البلاد.
قال المشير: واحنا إيه ذنبنا؟ أنا أشاركك القلق لأنه من الخطر الشديد أن تسقط البلد في يد تيار واحد، لكن قل لي: ما العمل.. إيه المخرج؟!
قلت له: أنا أعرف نبل أهدافك ومقاصدك، وأدرك أنك لن تسمح بتزوير الانتخابات لصالح مرشح ضد آخر مهما كان، ولكن أتخوف من أنه إذا سقطت البلد في يد الإخوان، فلن تعود إلينا مرة أخري، لأنهم إذا جاءوا فلن يتركوها إلا بثمن فادح، لكن لابد من مخرج. لقد كانوا هم أنفسهم يقولون إنه ليس من المصلحة أن يكون رئيس الدولة في هذه الفترة منتميًا إلي التيار الإسلامي، ولكنهم تراجعوا في موقفهم، وأنا أتوقع أن يفوز مرشحهم محمد مرسي!!
ثم قلت: إنني أذكر للفريق سامي عنان مقولة قالها لي عقب اجتماع للمجلس العسكري مع الأحزاب، عندما تم استبعاد خيرت الشاطر من الترشيح، لقد قال لي ساعتها: 'إن الجولة الأولي من الانتخابات سوف تسفر عن إعادة بين د.محمد مرسي، ود.عبد المنعم أبو الفتوح' والخيار سيكون بين الاثنين ولا ثالث لهما!!
هنا تحدث الفريق سامي عنان وقال: وأنا أكرر مرة أخري والأيام بيننا، النتيجة ستكون محصورة بين الاثنين، والاثنان ينتميان إلي مدرسة الإخوان المسلمين، ولكن ما الحل؟!
كانت تلك هي المرة الأولي التي أشعر فيها بقلق عارم يعتري المشير ورئيس الأركان، كان مبعث القلق هو الخوف علي مصر في مرحلة ما بعد انتخاب الرئيس، الذي حتمًا سيكون إخوانيًا أو منتميًا للمدرسة الإخوانية الفكرية.
كان المشير يشعر بأن إجراء الانتخابات الرئاسية دون وجود دستور سيفتح الباب أمام مخاطر شتي، حاول كثيرًا، لكنه كان دومًا يستجيب للمناورات والمراوغات التي كان يقوم بها الإخوان خلال اجتماعات المجلس العسكري مع الأحزاب، يوافقون، ثم يترددون، ثم يطلبون التعديلات، ثم ينتظرون الإذن من قياداتهم، ثم يطرحون نقطة خلافية، فينتهي الاجتماع دون التوصل إلي حل ينهي هذه الأزمة، ويدفع إلي خطوات للانتهاء من الاتفاق علي معايير تشكيل الجمعية التأسيسية وبدء إعداد الدستور.
في أكثر من مرة كان المشير يؤكد وبحزم 'أنه لا انتخابات رئاسية دون دستور'، لكنه الآن وجد نفسه أمام خيار واحد ووحيد، لابد من إجراء الانتخابات الرئاسية لتسليم السلطة في الموعد الذي قطعه علي نفسه.
كان الموقف محيرًا أمام المشير، فهو وعد في وقت سابق بتسليم السلطة في 30 يونية 2012 لكنه أيضًا يجد نفسه في موقع الحيرة، لأنه أيضًا وعد بعدم إجراء انتخابات رئاسية قبل الانتهاء من وضع الدستور.
قلت للمشير: ولكن لابد أن يكون هناك حل لهذه المعضلة، لا يجب إجراء الانتخابات دون دستور، لأنه إذا تُرك الأمر بلا حسم، فالرئيس المقبل 'الإسلامي' ستكون له الكلمة العليا علي الدستور!!
قال الفريق سامي عنان: كل ما تقوله نحن متفقون عليه، ولكن كيف الطريق؟ ما الحل؟
قلت: لقد سمعت أن هناك اتجاهًا لمد الفترة الانتقالية عدة شهور لحين إنجاز الدستور.
قال المشير: لكن هذا أمر ليس سهلا، أنت تعرف أن هناك من يتربصون بنا، وأنت تعرف أننا لسنا طامعين في سلطة أو مركز.
قلت للمشير: أتذكر مقولتك التي قلتها لنا في حضور وفد من مجلس الشعب برئاسة د.الكتاتني، عندما قلت 'ربنا ما يحكم عليّ أكون رئيس'.
ابتسم المشير، صمت، لم يعلق، ولكن الفريق سامي عنان قال: 'البعض يطلب منا أن نمد الفترة الانتقالية لحين الانتهاء من الدستور، ولكن الأمر ليس سهلا'.
ثم أردف الفريق سامي: حتي لو قبلنا بذلك، هل تضمن أن يقبل هؤلاء الذين لا يتوقفون عن الهتاف 'يسقط.. يسقط حكم العسكر'؟
قلت للفريق: بصراحة لا أضمن موقفهم، هناك حالة احتقان وتحريض ضد المجلس العسكري، وهو مخطط، هدفه بالأساس ممارسة الضغوط ضد الجيش، لتذهب السلطة إلي يد الإخوان. لكن هناك طرق عديدة، من بينها استفتاء الشعب علي استمراركم لفترة من الوقت، لحين الانتهاء من الدستور.
أدرك المشير أن هناك مشكلة حقيقية ستضاف إلي مجمل المشكلات المتفاقمة في البلاد، لم يعطِ ردًا حول الاقتراح، وبعد مناقشة مطولة حول الجمعية التأسيسية وإمكانية تشكيلها في ضوء الاجتماعات التي جرت بين المجلس العسكري والأحزاب، كان موعد الاجتماع قد قارب علي الانتهاء.
في هذا الوقت، أدركت أن المشير يشعر بقلق حقيقي علي الأوضاع في البلاد، قلت له: يا سيادة المشير، لقد أبلغتك أكثر من مرة رسالة من الأستاذ هيكل تقول 'نجاحك في خطابك'، وأنه دون مواجهة الشعب بالحقائق وإشراكه فيها، فأنت بذلك تترك مساحة للفراغ ستملؤها الشائعات والتحليلات المغرضة والمعلومات الكاذبة، الشعب يحبك، والشعب مع الجيش، لكنه يريد أن يسمعك، عبد الناصر كان يواجه تحديات عديدة، ومؤامرات خطيرة وعندما لجأ إلي الناس، وخاطبهم، واقترب منهم، انتصر علي الجميع، الناس تريد أن تسمعك.
قال المشير: حتكلم أقول إيه، أنا موش عاوز؟!
قلت: لاحظ معي أنك لم تجرِ حديثًا صحفيًا أو تليفزيونيًا منذ سنوات طوال، الناس تريد أن تسمعك وتراك.
استمر الحوار لفترة من الوقت وفي نهايته قال لي: طيب خلاص أنا موافق، قل لي ما اقتراحك؟!
قلت للمشير: اقتراحي أن يتم إجراء حوار للتليفزيون بحيث تقوم عدة فضائيات بإذاعته إلي جانب التليفزيون المصري.
قال: ومَنْ سيكون معك في إجراء هذا الحوار؟
طرحت علي المشير العديد من الأسماء، وفي النهاية جري الاتفاق علي أن يقوم بإجراء الحوار كل من الكاتب الصحفي صلاح منتصر ورئيس تحرير الأخبار ياسر رزق وأنا، وقال المشير للفريق سامي: ياريت تجلس انت ومصطفي ويتم الاتفاق بينكما علي المحاور الرئيسة.
هبطنا معًا أنا والفريق سامي عنان إلي الصالون الملحق بمكتبه في الدور الأول، وأثناء الهبوط من الدور الثاني إلي الأول، قال لي الفريق سامي: انت إزاي قدرت تقنع سيادة المشير بالحوار؟! لقد عجزنا جميعًا في المجلس العسكري عن إقناعه!!
قلت للفريق: أتمني أن تكتمل هذه الخطوة، ولكن لديَّ إحساس بأن المشير ربما يعتذر في اللحظة الأخيرة!!
أمضينا أكثر من ساعة أنا والفريق سامي عنان في الاتفاق علي المحاور الأساسية للحوار، حتي يمكن إعداد المادة العلمية التي سوف يستند إليها المشير في حواره، وجاء إلينا اللواء يسري زكي 'مدير مكتب المشير' وحصل علي نسخة من المحاور وتساؤلات الشارع لعرضها علي المشير، وأبلغني أن موعد إجراء الحوار بعد ثلاثة أيام من لقائي به.
مضيت بسيارتي إلي خارج مبني وزارة الدفاع، اتصلت بالزميل ياسر رزق وأبلغته فوافق، وتواعدنا علي التواصل، ثم اتصلت بالأستاذ صلاح منتصر، وأبلغته بالأمر، فوجدته مترددًا، وقال لي: أنت تعرف الحملة علي المجلس العسكري وأبعادها، وسيقال إننا نحاول التسويق للمشير في هذا الوقت، ولذلك دعني أفكر في الأمر وسأرد عليك.
أدركت أن الأستاذ صلاح منتصر لا يريد أن يشارك في الحوار، هممت بإبلاغ الفريق سامي بالأمر لنتفق علي شخص بديل، إلا أنني وجدت اللواء يسري زكي 'مدير مكتب المشير' يتصل بي، كانت كلماته موجزة ومحددة.. قال لي: أستاذ مصطفي.. المشير بيقولك ياريت نؤجل الحوار إلي وقت آخر.
لم أفاجأ بالموقف، كنت علي ثقة أن الحوار لن يكتمل، فالمشير لا يريد أن يتحدث للإعلام، وقد قال لي إنه لا يريد أن يفهمه الناس خطأ، ويقال إنه يروِّج لنفسه ليظل في موقعه.
قلت للواء يسري زكي: يبدو أن المشير حسم الأمر، وأنا أقول إن هذا خطأ، لأنه لو شرح الحقائق للناس فسوف يرد علي كل الشائعات، ويحاصر من يريدون شرًا بالجيش.
مضيت إلي منزلي، وفي اليوم التالي اتصلت بالأستاذ محمد حسنين هيكل، وأبلغته أن المشير لا يريد أن يتحدث، فكان الأستاذ مستاءً من صمت المشير، وقال لي: خسارة، إنه يضيع الفرص الواحدة تلو الأخري!!
في هذا الوقت، كان القلق يساور الجميع، أصبح المشير علي قناعة بأن رئيس الجمهورية القادم لن يخرج عن واحد من المنتمين للتيار الإسلامي، لقد قرأ المشير سيناريو المستقبل متأخرًا، وأدرك أنه لابد أن يتصرف في الأمر، لكنه ظل مترددًا حتي اللحظة الأخيرة.
في هذا الوقت اتصل اللواء ممدوح شاهين 'المسئول عن الشئون القانونية والدستورية بالمجلس الأعلي للقوات المسلحة' بالمستشار حاتم بجاتو 'الأمين العام للجنة العليا الانتخابات الرئاسية' وسأله: هل يمكن أن تمد اللجنة فتح باب الترشيح لفترة من الوقت؟
قال بجاتو: وما السبب؟
قال اللواء ممدوح شاهين: هناك أمر طارئ سأبلغك عنه في حينه.
تعجب المستشار حاتم بجاتو من هذا المطلب، رد علي الفور بالقول: لا أظن أنه بمقدورنا مد فتح باب الترشيح لصالح مرشح معين وإلا فنحن سنفقد مصداقيتنا، ومع ذلك سوف أستطلع رأي المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا.
قال ممدوح شاهين: أحد الأحزاب سيقدم لكم طلبًا بذلك.
اتصل المستشار حاتم بجاتو بالمستشار فاروق سلطان وأبلغه بالمطلب الذي حمله إليه اللواء ممدوح شاهين، فما كان من المستشار فاروق سلطان إلا أن اعتذر وقال: لن نستطيع مد فترة الترشيح ولا لساعة واحدة.
في هذا الوقت وصل إلي مبني اللجنة العليا للانتخابات رامي لكح 'نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية' ومعه الناشط السياسي إيهاب الخولي، والتقيا المستشار حاتم بجاتو وسألاه عن ترشيح الأحزاب فسألهما المستشار بجاتو: هل هناك نية لترشيح أحد من طرفكم؟!
تردد رامي لكح في الإجابة، ثم بعد فترة قال: بصراحة إحنا ناويين نرشح إما رئيس الحزب محمد أنور عصمت السادات أو عمر سليمان أو المشير أو الفريق سامي عنان، لقد كان رامي قد أعد خطاب الترشيح وحصل علي موافقة الفريق سامي عنان علي الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
اتصلت بالفريق سامي عنان في هذا الوقت لأسأله عن حقيقة هذه الشائعات، فقال لي: إن رامي لكح كان موجودًا عنده في مكتبه، وإنه عرض عليه الترشح باسم الحزب لمنصب رئيس الجمهورية.
قلت له: إذن الخبر صحيح!!
قال لي الفريق: وإيه رأيك؟
قلت له: ياريت، المهم الوضع القانوني، هل يجوز أم لا؟!
في اليوم التالي لزيارة رامي لكح وإيهاب الخولي إلي المستشار حاتم بجاتو، كان هناك إحدي الشخصيات العسكرية البارزة تتصل بالمستشار بجاتو وتطلب مقابلته، بزعم أنه يريد أن يشرب معه الشاي في مكتبه.
رحب المستشار بجاتو بالزيارة وقال للمتصل: أنا في انتظارك في مكتبي في الدور الأول في مقر اللجنة العليا للانتخاب الرئاسية بمصر الجديدة.
في هذا الوقت الخميس 5 أبريل 2012 اتصل الفريق سامي عنان بالدكتور مصطفي الفقي وطلب منه إعداد خطاب له يلقيه بمناسبة ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية.
أبدي د.الفقي دهشته، لم يصدق في بداية الأمر، إلا أنه أثني علي هذه الخطوة وبدأ في إعداد الخطاب الذي سيلقيه الفريق سامي عنان بمناسبة ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية.
بعد هذا الاتصال بقليل وصل المسئول العسكري إلي مبني اللجنة العليا للانتخابات وسأل المستشار بجاتو بشكل واضح وصريح:
هل هناك إمكانية لقبول أوراق الفريق سامي عنان حال ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية؟
قال المستشار بجاتو: بالقطع لا يمكن.
سأله المسئول العسكري: ولماذا؟
قال المستشار بجاتو: لا يمكن قبول أوراقه إلا لو استقال من الجيش نهائيًا، ثم إنه لابد أن يكون مقيدًا في الجداول الانتخابية، وأنت تعرف أن باب القيد في الجداول قد أُغلق منذ فترة، وبذلك لا يكون الفريق سامي متمتعًا بحقوقه السياسية.
أبدي المسئول العسكري دهشته، ولقد أصابه إحباط شديد، ثم قرر العودة سريعًا لإبلاغ الفريق سامي عنان بالأمر.
في عدد صحيفة الأخبار الصادر يوم الجمعة 5 أبريل 2012 كان مانشيت الصحيفة غريبًا، إذ حمل عنوان 'لا يحق للمشير أو الفريق عنان الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية'.
كان ذلك مؤشرًا علي حالة الجدل التي سادت أوساط المجلس العسكري واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في هذا الوقت، خصوصًا بعد أن حاولت عناصر من المجلس العسكري اللحاق بالفرصة الأخيرة لإنقاذ البلاد من السقوط في قبضة الإخوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.