رئيس جامعة العريش يتفقد سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني    وزير التعليم: حريصون على بذل الجهود لدعم التمكين الحقيقي للأشخاص ذوي القدرات الخاصة    «التمريض» تطلب من وزير المالية إعادة النظر في الدعم المقدم للفرق التمريضية    رئيس الوزراء يختتم جولته في بني سويف بتفقد القرية التكنولوجية    رئيس الوزراء يختتم جولته بمحافظة بني سويف بتفقد القرية التكنولوجية    «مستقبل وطن»: إدانة مصر للممارسات الإسرائيلية أمام المحكمة الدولية خطوة لحل القضية    النمسا تعلن استئناف تمويل الأونروا    لافروف: روسيا منفتحة على الحوار مع الغرب بشأن الاستقرار الاستراتيجي    إعلام عبري: تفكيك كابينت الحرب أقرب من أي وقت مضى    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    كلوب يودع جماهير ليفربول برسالة مؤثرة    فرص آرسنال للتتويج بلقب البريميرليج    نجم الترجي السابق ل «المصري اليوم»: إمام عاشور قادر على قلب الطاولة في أي وقت    «شكرا ماركو».. جماهير بوروسيا دورتموند تودع رويس في مباراته الأخيرة (فيديو)    إحالة طالب باعدادية الشرقية للتحقيق لمحاولته الغش بالمحمول    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    المصريون يزورون المتاحف مجاناً بمناسبة الإحتفال بيومها العالمي    صابرين تؤكد ل«الوطن»: تزوجت المنتج اللبناني عامر الصباح منذ 6 شهور    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    الرعاية الصحية: نمتلك 11 معهدًا فنيًا للتمريض في محافظات المرحلة الأولى    منها التمارين وخسارة الوزن، 5 طرق بسيطة لخفض ضغط الدم    جامعة طنطا تقدم الرعاية الطبية ل6 آلاف و616 حالة في 7 قوافل ل«حياة كريمة»    بعد الانخفاضات الأخيرة.. أسعار السيارات 2024 في مصر    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    تعرف على تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي.. في العناية المركزة    مسؤولو التطوير المؤسسي بهيئة المجتمعات العمرانية يزورون مدينة العلمين الجديدة    وزير الرياضة يترأس لجنة مناقشة رسالة دكتوراه ب"آداب المنصورة"    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    بعد الخلافات العديدة.. إشبيلية يعلن تجديد عقد نافاس    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    «الحرية المصري»: مصر لن تتخلى عن مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني    «المصل واللقاح»: متحور كورونا الجديد سريع الانتشار ويجب اتباع الإجراءات الاحترازية    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وزير الري يلتقي سفير دولة بيرو لبحث تعزيز التعاون بين البلدين في مجال المياه    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماجدة إبراهيم تكتب.. أمراض الثانوية العامة
اكتئاب.. قلق.. توتر.. محاولات انتحار.. يأس.. فقدان الثقة
نشر في اليوم السابع يوم 21 - 05 - 2009

هل جربت أن تغلق باب حجرتك على نفسك وترفض أن تأكل أو تشرب؟ هل شعرت بأن الدنيا سودة ومافيش أمل فى بكرة، وقررت أن تقدم بلاغا فى مؤلف أغنية «بكرة أحلى من النهاردة» تتهمه فيه بالكذب والتضليل؟ هل قررت أن تشترى سم فيران من الصيدلية اللى تحت البيت.. وتدسها فى دولاب الملابس لأنك قد تحتاجها فى أى وقت؟ هل جربت أن يدفع أهلك دم قلبهم من أجل طابور المدرسين الذين يترددون على منزلكم طوال أيام الأسبوع، والنتيجة أنك قلقان على طول وفاقد الثقة فى نفسك وعارف إن أخرتها لا تبشر بخير؟.. لو جربت هذه الأحاسيس منفردة أومجتمعة فهذا يعنى أنك طالب لسه مش عارف يخرج من عنق الزجاجة.. والزجاجة هنا شهادة الثانوية العامة.
زمان كانت شهادة الثانوية العامة شهادة محترمة بيسموها (التوجيهية) يستطيع الشخص الذى يحملها على كتفه أن يشتغل بيها ويستوظف ويفتح بيت ويبقى راجل ملو هدومه، أما الآن وتقريبا يجى من عشرين سنة لم تعد الثانوية العامة تؤهل الرجل لأن يصبح ملو هدموه، وبالكاد تؤهله لأن يشتغل ل«ملو الولاعات» ومع هذا أصبحت الثانوية العامة هم بالليل وشحططة بالنهار.
عم محمد، 50 سنة، حكى لنا عن تجربته مع ثلاثة أولاد دخلوا الثانوية العامة وحتى الآن مش عارفين يخرجوا منها : «أصل على وسعيد وحسين جايين «فوق روس بعض» بين كل واحد سنة.. بس أنا متفائل خير السنادى لأن ولادى بعد ما أخدوا خبرة فى الثانوية العامة أكيد هيبيضوا وشى.. وينجحوا الثلاثة مع بعض».. آمين يارب.. قلبنا معاك.. ويقول عم محمد بسذاجة شديدة: «الثانوية العامة ده زى البطيخة سعات تبقى السنة حمرا وزى الفل وتعدى هوا وسعات تبقى قرعة وتبقى سنتنا سودة.. مش معدية!!».
أما فوزية، 45 سنة، فعندها أحمد «بسم الله ما شاء الله» استطاع اجتياز الثانوية العامة بنجاح من أول سنة، أما أخوه أشرف فمشكلته أنه قرر أن يتوقف فجأة عن المذاكرة بعد سقوطه فى امتحان اللغة الإنجليزية.. ورفض حتى يدخل الملحق.. وانطوى على نفسة لا يأكل ولا يشرب، وأطلق للحيته العنان.. وواصل الليل بالنهار أمام شاشة الكمبيوتر.. فحاولت فوزية وزوجها مساعدة أشرف وإقناعه بأن السقوط فى الثانوية العامة ليس نهاية العالم، وماله لما يضيع أد ثلاث أو أربع سنوات من عمره علشان يحصل على لقب حامل شهادة الثانوية العامة.. وانتهى الأمر بأشرف كما تقول والدته فى عيادة الطبيب النفسى الذى شخص الحالة على أنها انطواء شديد وصدمة من جراء حرب الثانوية العامة.
أمراض نفسية.. محاولات انتحار.. يأس وفقدان الثقة فى كل شىء هى الكود الرسمى لامتحانات الثانوية العامة.
الإحصاءات الرسمية تقول إن حالات الانتحار تزيد بنسبه 50 فى المائة كلما اقتربنا من موعد امتحانات الثانوية العامة، وتزيد حالات الانتحار بين البنين على البنات، لأن امتحان الثانوية كما يطلق عليه أهل المهنة من المدرسين السنة المصيرية لتحديد المستقبل، وطبيعى أن يهتم الولد بمصيره الدراسى عن البنت اللى مسيرها تتجوز وتقعد فى البيت.
وعن وسائل الانتحار يحدثنا الطالب (أ. س) الذى حاول الانتحار العام الماضى بعد صراع مع مرض الثانوية العامة لأربعة أعوام مرتين فى تانية ثانوى ومرتين فى تالتة ثانوى: حسيت بالموت وشفته بعينى لما قررت تناول جرعه كبيرة من الأسبرين وفشلت محاولتى الأولى بعد أن تم نقلى إلى المستشفى وعملوا لى غسيل معدة، كنت أتمنى أن يتم الموضوع ولا أعود لعذاب الثانوية العامة مرة أخرى، والله العظيم الموت أهون من اللى إحنا فيه، وطالبة أخرى تحكى عن قصة صديقتها التى قررت الانتحار خوفا من مادة الفيزياء فألقت بنفسها من الدور الثالث، حيث تسكن ولكنها لم تمت، فقط أصيبت بكسور وخدوش، وقالت الطالبة متسائلة: «لغايت امتى هتفضل الثانوية العامة بعبع؟! خلوها سنة.. ولا خلوها سنتين.. إحنا عايشين فى نفس المأساة، دروس خصوصية وهستيرية تحصيل الدرجات.. وأخيراً ندخل كلية قمة ونتخرج ما نلاقيش شغل».
أولياء الأمور، الطلبة، ميزانية الدروس الخصوصية، كليات القمة، وكليات القاع، منظومة واحدة متشابكة ومتشعبة لا يفصل بينها شىء، فأولياء الأمور يريدون من أبنائهم النجاح، ودخول أحسن الكليات، والطلبة يطالبون الآباء بمزيد من الدروس الخصوصية لتحصيل المزيد من الدرجات، والمدرس هو المستفيد الوحيد من هذه المنظومة الذى يوصل الليل بالنهار لإعطاء الدروس ويلضم الإجازة بالدراسة، فبدلاً من النظام القديم الثانوية العامة تختزل فى سنة تصبح على مدار عامين.. «24 شهر دروس» بالتمام والكمال.
وهناك مستفيد آخر ربما لا يشار إليه بالبنان وهو المجلس الاستشارى للثانوية العامة الذى يظل يعمل، مرة يلغى الثانوية العامة ومرة يرجعها، مرة يجعلها سنة واحدة ومرة سنتين، وكانوا ناويين يخلوها ثلاث سنوات، وها هنا ينكشف الستار عن المجرم الحقيقى، والأسلوب الوحيد للانتقام من الثانوية العامة هى الإبلاغ عن هؤلاء المجرمين والله أعلم.
الدكتورة نهلة ناجى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، تقول إن طلبة الثانوية العامة بين نارين.. ضرورة اجتياز الامتحان فى عام أو عامين على حسب النظام المقرر، والنار الأخرى أن يجدوا مكانا فى أحد الكليات، وتتحول المعاهد الفنية العليا إلى وصمة عار، وتضيف نهلة ناجى: أعتقد أن الحل من وجهة النظر العملية أن يتم تغيير الصورة الذهنية للمجتمع كله عن التعليم الفنى، وأن تحرص الدولة ووزارة التربية والتعليم على إعلاء شأن التعليم الفنى، وأن تتحرر شهادة الثانوية العامة من قيود الجامعة وربطها بالتعليم الجامعى كما فى الخارج، وأن يجد هؤلاء الشباب الفرصة لإثبات أنفسهم فى عمل كل مؤهله الثانوية العامة ومن يريد استكمال دراسته الجامعية يصبح اختيارا وليس إجبارا ليتسنى له العمل.
وعن الأمراض النفسية التى قد يتعرض لها طلبة الثانوية العامة خاصة قبل الامتحانات وأثناءها.. تقول الدكتورة نهلة: كثرة الضغوط من الأهل على الطالب بالاهتمام بالمذاكرة وضرورة الحصول على مجموع كبير علشان يدخل كلية الطب أو الهندسة بالإضافة إلى كثرة الدروس الخصوصية وضيق الوقت المتاح لمذاكرة كل ما يؤخذ، والصراع الأزلى مع الوقت، كل هذا من شأنه توليد نوع من القهر النفسى وإيجاد نوع من التوتر الشديد والقلق قبيل امتحانات الثانوية العامة، إضافة إلى الاستعداد النفسى لبعض الطلبة سواء البنين أو البنات من سيطرة الهواجس والشكوك مما قد يدفع البعض إلى إصابته بحالات هستيرية وإغماء متكرر مع كل امتحان.
وعن شخصية الطالب الذى يقدم على الانتحار هو فى الأساس ذو شخصية حساسة بدرجة كبيرة، ويترك الهواجس والظنون تستولى على مشاعره، ويفقد الثقة فى نفسه وفى عدالة تقييم إجاباته فى الامتحان، ولذلك نجد الكثير من الطلبة ينتحرون أثناء الامتحانات.. أو بعد النتيجة مباشرة، ويأتى الاكتئاب على رأس الأمراض النفسية التى تصيب أكثر من 20 فى المائة من طلبة الثانوية العامة، وهذا المرض من شأنه تحطيم نفسيته وفقدان شهيته للأكل أو التواصل مع أقرانه، وقد تستمر حالة الاكتئاب حتى بعد النجاح مما قد يؤثر على أدائه الجامعى وعدم استمتاعه بالحياة الجامعية.
أمراض نفسية.. أحلام لن تتحقق.. مستقبل غير واضح.. وأخيراً شهادة عبارة عن ورقة نبلها ونشرب ميتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.