لم يطرق الملحن الشاب بليغ حمدي أبواب سيدة الغناء العربي أم كلثوم إلا عن طريق أستاذه المطرب الفذ محمد فوزي، الذي انبهر بألحان وموسيقى بليغ، وتنبأ له بمستقبل باهر دفعه لأن يقدمه لكوكب الشرق، مؤكدًا لها أنه سيكون أيقونة الموسيقى في مصر لعقود قادمة. محمد فوزي الذي استمع لمقطع موسيقي من بليغ أثناء تلحينه لرائعة عبد الوهاب محمد "حب إيه"، قرر أن يصطحب ذلك الشاب الذي لم يكن قد بلغ من العمر عامه الثلاثين إلى منزل الدكتور زكي سويدان في أحد الحفلات التي حضرتها "الست" ليقدم لها اكتشاف الفن الجميل "بليغ حمدي"، وكما أبهر الأخير فوزي، حصل على تأشيرة المرور الأصعب من "ثومة" التي تغنت برائعة "حب إيه" في دسيمبر 1960 كباكورة ألحان بليغ لأم كلثوم. ورغم أن المبدع محمد فوزي كان أحد أمنياته في هذا الوقت التلحين لأم كلثوم، إلا أنه فضل تقديم تلميذه لها على نفسه، ولم تكن "حب إيه" هي المرة الأولي التي آثر فيها بليغ، فبعد أن اتفق فوزي مع أم كلثوم على أن يلحن لها أغنية «أنساك»، سبقه تلميذه بالصدفة ولحنها أيضًا، لتكون ثاني تعاون بين بليغ حمدي وأم كلثوم على حساب أمنية فوزي. ففي زيارة لبليغ لأستاذه ومعلمه «محمد فوزي، قام الأخير لمقابله أحد الضيوف، وترك بليغ يقرأ كلمات أغنية «أنساك» التي أعجبت بليغ تمامًا، وأخذ العود وبدأ يدندن، ولما عاد فوزي كان بليغ قد انتهي من تلحين الأغنية، واعتذر بليغ لفوزي عن تلحينه الأغنية. محمد فوزي لم يغضب من تلميذه أو يرفع عليه قضية مثلما يحدث حاليًا، وإنما اتصل بصدر رحب بكوكب الشرق قائلًا لها: «بليغ قام بتلحين الأغنية أفضل مني»، وتنازل لبليغ عن اللحن، وبذلك رحل فوزي دون تحقيق أمنيته في التلحين لسيدة الغناء العربي.