موعد إعلان نتيجة امتحانات نهاية العام بجامعة طيبة التكنولوجية    وزير المالية: نستهدف تحقيق معدل نمو قدره 4.2% في العام المالي الجديد    بالفيديو.. عضو اتحاد الصناعات يكشف أسباب تحرك أسعار مواد البناء بالأسواق    تحديث جديد في سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري الآن    النائب هاني العسال: تطوير حوافز صناعة السياحة أولوية الحكومة الجديدة    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محافظ الجيزة: إلغاء إجازات الأطباء البيطرين والعاملين بالمجازر خلال عيد الأضحى    بنك التنمية الجديد: نسعى لعولمة أكثر عدالة لحل مشكلات الدول النامية    ضربات روسية على مواقع مسلحين في حمص ودير الزور بسوريا    إعلام إسرائيلي: انطلاق نحو 40 صاروخا من جنوب لبنان وسقوط أحدها في الجليل الأعلى    تطورات جديدة بشأن تجديد زيزو وأوباما وعواد مع الزمالك    تصفيات كأس العالم وأمم آسيا، تشكيل منتخب الإمارات المتوقع ضد البحرين في مواجهة الليلة    الجو نار، حالة الطقس اليوم الثلاثاء 11-6-2024 في محافظة المنيا    9 نصائح لطلاب الثانوية العامة لحل امتحان الاقتصاد والإحصاء    سأمنعها داخل شركتي.. إيلون ماسك يهدد آبل لهذا السبب (ما القصة؟)    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    التفتيش على محال الجزارة للتأكد من صلاحية اللحوم قبل عيد الأضحى في الشرقية    تكريم مبدعين من مصر والوطن العربي بافتتاح المعرض العام للفنون التشكيلية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 11-6-2024في المنيا    «الصحة» تنظم ورشة عمل حول تطبيق نظام الترصد للأمراض المعدية بالمستشفيات الجامعية    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    استخدام الأقمار الصناعية.. وزير الري يتابع إجراءات تطوير منظومة توزيع المياه في مصر    محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى المبارك    عاجل| صدمة ل مصطفى شوبير في الأهلي بسبب كولر    خبير تحكيمي يوضح هل استحق منتخب مصر ركلة جزاء أمام غينيا بيساو    موعد ومكان جنازة الموسيقار الشاب أمير جادو    موعد عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل دواعي السفر على منصة WATCH IT    «لا يكتفي بامرأة واحدة».. احذري رجال هذه الأبراج    منتخب هولندا يكشف بديل دي يونج في يورو 2024    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    أدعية مستحبة فى اليوم الخامس من ذى الحجة    ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية في بداية تعاملات اليوم الثلاثاء    محافظ بني سويف يوافق على تجهيز وحدة عناية مركزة للأطفال بمستشفى الصدر    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    تشكيل لجنة مشتركة بين مصلحة الضرائب ووزارة المالية لوضع قانون ضريبي جديد    وصول آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    محافظ الأقصر يبحث التعاون المشترك مع الهيئة العامة للرقابة الصحية    وزيرة التنمية الألمانية: هناك تحالف قوي خلف أوكرانيا    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    8 نصائح من «الإفتاء» لأداء طواف الوداع والإحرام بشكل صحيح    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    انتشال عدد من الشهداء من تحت أنقاض منازل استهدفها الاحتلال بمدينة غزة    شغل في القاهرة.. بحوافز وتأمينات ورواتب مجزية| اعرف التفاصيل    ذاكرة الكتب.. كيف تخطت مصر النكسة وبدأت حرب استنزاف محت آثار الهزيمة سريعًا؟    أبو الدهب: ناصر ماهر مكسب كبير للمنتخب    عيد الأضحى في تونس..عادات وتقاليد    آبل تطلق نظارات الكمبيوتر فيجن برو في السوق الألمانية    صلاح لحسام حسن: شيلنا من دماغك.. محدش جه جنبك    كواليس جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي ومدة إيقافه المتوقعة    عيد الأضحى 2024.. إرشادات هامة لمرضى النقرس والكوليسترول    الحق في الدواء: الزيادة الأخيرة غير عادلة.. ومش قدرنا السيء والأسوأ    أحمد كريمة: لا يوجد في أيام العام ما يعادل فضل الأيام الأولى من ذي الحجة    منتخب السودان بمواجهة نارية ضد جنوب السودان لاستعادة الصدارة من السنغال    وفد من وزراء التعليم الأفارقة يزور جامعة عين شمس .. تفاصيل وصور    هل تحلف اليمين اليوم؟ الديهي يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة (فيديو)    وزيرة الثقافة تفتتح فعاليات الدورة 44 للمعرض العام.. وتُكرم عددًا من كبار مبدعي مصر والوطن العربي    عالم موسوعي جمع بين الطب والأدب والتاريخ ..نشطاء يحييون الذكرى الأولى لوفاة " الجوادي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كراهية الشعوب لأمريكا.. لماذا؟
نشر في فيتو يوم 14 - 01 - 2013

زرت الولايات المتحدة منذ 1985 نحو أربعين مرة ... وغطت هذه الزيارات نحو نصف الولايات، كما غطت معظم الجهات، ويمكن أن أقول: إن محاور زياراتى كانت هى المدن الست التالية: نيويورك وواشنطون دى. سى وبوسطون وهيوستن ودالاس وسان فرانسيسكو ... فى هذه الزيارات تعاملت (إبان رئاستى لواحدة من أكبر شركات البترول متعددة الجنسيات) مع قيادات نفطية كبيرة عديدة فى ولاية تكساس، وزرت وتحدثت فى أكبر مراكز بحوث ( ) للدراسات السياسية والاقتصادية بكل من واشنطون دى. سى ونيويورك، كما حاضرت (أو تحدثت) بأكثر من عشرين جامعة مثل برينستون وكولومبيا وكاليفورنيا بيركلى (وغيرها) ... كما استقبلت فى وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومى ولجنة الحريات الدينية بالكونجرس ... وأيضا صدرت طبعات من بعض كتبى فى الولايات المتحدة (فى مدينة بورتلاند بولاية أوريجون)، وطالما فكرت مليًّا فى أحد الأسئلة التى ما أكثر ما سمعتها فى حياتى وهى: لماذا يكره كثيرون حول العالم الولايات المتحدة؟ ... وكنت أسمع هذا السؤال وبعقلى العديد من علامات الاستفهام، فمعظم الشباب فى أكثر المجتمعات بغضًا للولايات المتحدة يحلمون بالهجرة لها، ولأن يصبحوا أمريكيين! ودقائق من الحوار مع هؤلاء الكارهين لأمريكا تثبت أن معظمهم "شديد الإعجاب" بكل من "الحلم الأمريكى" و"الحريات العامة فى الولايات المتحدة"، وخضوع الكل للدستور والقوانين، وأيضا ب"قيمة المواطن الأمريكى" كإنسان ... كانت كل هذه الاعتبارات تمر أمام عينى عندما أسمع عبارات الكراهية والبغض للولايات المتحدة من الكثيرين فى شتى بقاع العالم، ومن أشخاص يمثلون كافة الأطياف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والمعرفية والثقافية... وكنت أيضا أذكر نفسى بأمرين: الأول هو ذلك البعد من ابعاد الطبيعة البشرية، والذى يجعل الأدنى يبالغ فى انتقاده للأكثر تقدما وثراء... والثانى ذلك الرصيد من "البغض اليسارى" لأمريكا ... وجدير بى أنا بالتحديد أن أعرف طبيعة وخامة ومصادر وأهداف هذا "البغض اليسارى"، أنا الذى كانت أول مؤلفاته هى ثلاثة كتب عن الماركسية! والحق أقول: إن شيئا من كل ما ذكرت لم ينجح فى حضى على أن أشارك هؤلاء الكارهين للولايات المتحدة مشاعرهم، فأكرهها كما هم يفعلون؛ إذ إن من العسير على ألا أرى أوجه التفوق الأمريكى فى عشرات المجالات أو أتجاهل العناصر التى تجعل جل من يكرهون أمريكا يحلمون بالهجرة لها، وبأن يصيروا هم أنفسهم من مواطنى الولايات المتحدة ... كما أنه من العسير على رجل يعرف دقائق تقنيات علوم الإدارة الحديثة ألا يكون معجبًا بآليات عمل وإبداع وتفوق الكيانات الاقتصادية الأمريكية، أو ألا يكون معجبًا بما تحدثه الجامعات الأمريكية من ارتقاء للعلم ولحياة البشر ... ومع ذلك فإننى لا أستطيع أن أنكر وجود وإلحاح وقوة السؤال الهام: لماذا تحظى الولايات المتحدة بكل هذه الكم من الكراهية تقريبا من معظم البشرية! وخلال سنوات العقد الأخير (2001 - 2010) بدأ (فيما أظن) السبب الحقيقى لهذه الكراهية يظهر أمامى بوضوح .. فأتتبعه وأتأمله وأفحصه، فيزداد يقينى بأنه هو بالفعل السبب الحقيقى لهذه الكراهية، وإن كان أحدا لم يعبر عنه بالوضوح الذى آمل أن أنجح فى توفيره فى هذا المقال.

أستطيع اليوم وبعد الخلفية التى صورتها فى القسم الأول من هذا المقال أن ألخص علة كراهية مليارات البشر للولايات المتحدة الأمريكية فى عجز قيادات المجتمع الأمريكى عن اعتبار "قيم المجتمع الأمريكى" جزءًا متكاملا عضويًّا من "المصالح الأمريكيةفالولايات المتحدة التى تخدم سياساتها الخارجية "المصالح الأمريكية" لم تدرك منذ صارت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر قوة على سطح الأرض عشية استسلام اليابان فى أغسطس 1945 أن "قيم المجتمع الأمريكى" لا بد وأن تكون ضمن، بل وعلى رأس قائمة "المصالح الأمريكية"، وقد ساعد على استفحال هذا الفصام بين "القيم الأمريكية" كل من العوامل التالية: (1) البرجماتية (الطبيعة والروح العملية البحت)، التى يتسم بها العقل الأمريكى. (2) افتقار العقل الأمريكى النسبى للحس التاريخى وللحس الثقافى، لأسباب تاريخية وجغرافية لا تحتاج لتوضيح. (3) غلبة الدافع المالى على الثقافة الأمريكية.. ولكن وكما قال فولتير، فإن الحماقة تظل حماقة ولو كررها ألف ألف إنسان! وقد كانت حماقة السياسة والساسة الأمريكيين منذ أغسطس 1945 أن أحدا لم يقف ويصيح: يا سادة! قيمنا هى أهم مصالحنا... والانفصام الكائن بين قيم المجتمع الأمريكى ومصالحه ليس هو مصدر هذه الكراهية فقط، بل وسيجلب على الولايات الأمريكية من المضار ما سيضر أبلغ الضرر بمصالحها بالمعنى الضيق الذى لا يفهم الساسة الأمريكيون حتى اليوم غيره! فكيف نفسر لأى إنسان علاقة الإدارات الأمريكية لسنوات مع حكام جمهوريات الموز فى أمريكا اللاتينية؟ وكيف نفسر لأى عاقل الصمت الأمريكى المخزى تجاه انتهاكات حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الأقليات فى المجتمعات الحليفة للإدارات الأمريكية؟ وكيف نفسر لأى إنسان معرفة الإدارات الأمريكية بقصص فساد مرعبة لشركاء لها حول العالم، وصمت هذه الإدارات لعقود عن هذا الحالات المذهلة من الفساد؟ وهل مما يتسق مع "القيم الأمريكية" التحالف التكتيكى منذ أكثر قليلا من ثلاثين سنة مع أسامة بن لادن لمحاربة الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان؟ وهل مما تجيزه الأنساق القيمية للمجتمع الأمريكى مساعدة نظم ثيوقراطية شرق أوسطية مناهضة لكل قيم الحداثة للوصول للحكم فى بلدان مثل تونس ومصر؟ ... باختصار: كيف نبرر لمليارات البشر أن أمريكا ترضى لشعوب غير أمريكية بما لا تقبل 1% منه لمواطنيها!؟ من هنا تنبع الكراهية والتى هى بالقطع مبررة، والغريب أن الدوائر السياسية الأمريكية لا ترى هذه الهوة بين ما يقبل فى الخارج ولا يمكن قبوله فى الداخل، وأنها لا ترى أن هذا يفرز موجات عاتية من الكراهية للولايات المتحدة، وأنها لا ترى أن قيم المجتمع الأمريكى يجب أن تكون ركن الأساس للمصالح والسياسات الأمريكية، وأن إخراج قيم المجتمع الأمريكى من قائمة المصالح الأمريكية ستجلب مضار هائلة وخسائر بالغة الجسامة للمجتمع الأمريكى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.