شغل في القاهرة.. بحوافز وتأمينات ورواتب مجزية| اعرف التفاصيل    الأرز وصل ل 33 جنيه| قائمة أسعار السلع الأساسية اليوم 11-6-2024    ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه اليوم في البنوك    بث مباشر.. طلاب شعبة الأدبي بالثانوية الازهرية يستكملون الامتحانات اليوم    للإطمئنان على صحته.. آمال ماهر تشارك محمد عبده في دويتو غنائي عفوي    حكم الشرع في ارتكاب محظور من محظورات الإحرام.. الإفتاء توضح    دراسة ترصد زيادة كبيرة في معدلات تناول المكملات اللازمة لبناء العضلات بين المراهقين في كندا    ذاكرة الكتب.. كيف تخطت مصر النكسة وبدأت حرب استنزاف محت آثار الهزيمة سريعًا؟    شهداء وجرحى غالبيتهم أطفال في قصف إسرائيلي لمنزل مأهول شمال غزة    استشهاد 4 فلسطينيين وإصابة 8 آخرين في الضفة الغربية    واجهة المكتبات    إسرائيل تقصف شحنة أسلحة تابعة لحزب الله    عيد الأضحى 2024.. الإفتاء توضح مستحبات الذبح    هل يجوز الاضحية بالدجاج والبط؟ عالم أزهري يجيب    عاجل - مباشر حالة الطقس اليوم × الإسكندرية.. كم درجات الحرارة الآن في عروس البحر؟    مصطفى كامل يتعرض لوعكة صحية خلال اجتماع نقابة الموسيقيين (تفاصيل)    زيلنسكي يصل إلى برلين للقاء شولتس    أيمن يونس: لست راضيا عن تعادل مصر أمام غينيا بيساو.. وناصر ماهر شخصية لاعب دولي    ضياء السيد: تصريحات حسام حسن أثارت حالة من الجدل.. وأمامه وقتًا طويلًا للاستعداد للمرحلة المقبلة    عمرو أديب: مبقاش في مرتب بيكفي حد احنا موجودين عشان نقف جنب بعض    زكي عبد الفتاح: منتخب مصر عشوائي.. والشناوي مدير الكرة القادم في الأهلي    احتفالا بعيد الأضحى، جامعة بنها تنظم معرضا للسلع والمنتجات    التجمع الوطني يسعى لجذب اليمينيين الآخرين قبل الانتخابات الفرنسية المبكرة    عيد الأضحى في تونس..عادات وتقاليد    إيلون ماسك يهدد بحظر استخدام أجهزة "أبل" في شركاته    صحة الفيوم تنظم تدريبا للأطباء الجدد على الرعاية الأساسية وتنظيم الأسرة    مصر ترحب بقرار مجلس الأمن الداعي للتوصل لوقف شامل ودائم لإطلاق النار في غزة    تعليق ناري من لميس الحديدي على واقعة تداول امتحانات التربية الوطنية والدينية    وزراء خارجية "بريكس" يؤيدون منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    إنتل توقف توسعة مصنع في إسرائيل بقيمة 25 مليار دولار    تراجع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الثلاثاء 11 يونيو 2024    بعد 27 عاما من اعتزالها.. وفاة مها عطية إحدى بطلات «خرج ولم يعد»    عيد الأضحى 2024.. إرشادات هامة لمرضى النقرس والكوليسترول    الحق في الدواء: الزيادة الأخيرة غير عادلة.. ومش قدرنا السيء والأسوأ    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. إبراهيم فايق يوجه رسالة ل حسام حسن    إخماد حريق داخل حديقة فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    مصرع سيدة صدمتها سيارة أثناء عبورها لطريق الفيوم الصحراوى    تحذير عاجل ل أصحاب التأشيرات غير النظامية قبل موسم حج 2024    سعر الدولار والريال مقابل الجنيه في منتصف الأسبوع اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024    مجموعة مصر.. سيراليون تتعادل مع بوركينا فاسو في تصفيات المونديال    «جابوا جون عشوائي».. أول تعليق من مروان عطية بعد تعادل منتخب مصر    أحمد عبدالله محمود: «الناس في الشارع طلبوا مني أبعد عن أحمد العوضي» (فيديو)    إبراهيم عيسى: طريقة تشكيل الحكومة يظهر منهج غير صائب سياسيا    قصواء الخلالي: وزير الإسكان مُستمتع بالتعنت ضد الإعلام والصحافة    أحمد كريمة: لا يوجد في أيام العام ما يعادل فضل الأيام الأولى من ذي الحجة    رئيس خطة النواب: القطاع الخاص ستقفز استثماراته في مصر ل50%    وفد من وزراء التعليم الأفارقة يزور جامعة عين شمس .. تفاصيل وصور    منتخب السودان بمواجهة نارية ضد جنوب السودان لاستعادة الصدارة من السنغال    مفاجأة في حراسة مرمى الأهلي أمام فاركو ب الدوري المصري    بالصور.. احتفالية المصري اليوم بمناسبة 20 عامًا على تأسيسها    هل خروف الأضحية يجزئ عن الشخص فقط أم هو وأسرته؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    الاستعلام عن حالة 3 مصابين جراء حادث مروري بالصف    وزيرة الثقافة تفتتح فعاليات الدورة 44 للمعرض العام.. وتُكرم عددًا من كبار مبدعي مصر والوطن العربي    هل تحلف اليمين اليوم؟ الديهي يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة (فيديو)    مصر ضد غينيا بيساو.. قرارات مثيرة للجدل تحكيميا وهدف مشكوك فى صحته    أخبار 24 ساعة.. الحكومة: إجازة عيد الأضحى من السبت 15 يونيو حتى الخميس 20    أستاذ اقتصاد: حظينا باستثمارات أوروبية الفترة الماضية.. وجذب المزيد ممكن    عالم موسوعي جمع بين الطب والأدب والتاريخ ..نشطاء يحييون الذكرى الأولى لوفاة " الجوادي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعوب وكراهية أمريكا
نشر في صدى البلد يوم 26 - 01 - 2013

زرت الولايات المتحدة منذ 1985 نحو أربعين مرة، وغطت هذه الزيارات نحو نصف الولايات المتحدة كما غطت معظم الجهات.
وطالما فكرت مليا في أحد الأسئلة التي ما أكثر ما سمعتها في حياتي وهى: لماذا يكره كثيرون حول العالم الولايات المتحدة؟ وكنت أسمع هذا السؤال وبعقلي العديد من علامات الاستفهام، فمعظم الشباب في أكثر المجتمعات بغضا للولايات المتحدة يحلمون بالهجرة لها ولأن يصبحوا أمريكيين! ودقائق من الحوار مع هؤلاء الكارهين لأمريكا تثبت أن معظمهم شديد الإعجاب بكل من الحلم الأمريكي والحريات العامة في الولايات المتحدة وخضوع الكل للدستور والقوانين، وأيضا بقيمة المواطن الأمريكي كإنسان، كانت كل هذه الاعتبارات تمر أمام عيني عندما أسمع عبارات الكراهية والبغض للولايات المتحدة من الكثيرين في شتى بقاع العالم ومن أشخاص يمثلون جميع الأطياف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والمعرفية والثقافية.
وكنت أيضا أذكر نفسي بأمرين، الأول هو ذلك البعد من أبعاد الطبيعة البشرية الذي يجعل الأدنى يبالغ في انتقاده الأكثر تقدما وثراء، والثاني ذلك الرصيد من البغض اليساري لأمريكا، وجدير بي أنا بالتحديد أن أعرف طبيعة وخامة ومصادر وأهداف هذا البغض اليساري، أنا الذي كانت أول مؤلفاته هى ثلاثة كتب عن الماركسية! والحق أقول إن شيئا من كل ماذكرت لم ينجح في حضي على أن أشارك هؤلاء الكارهين للولايات المتحدة مشاعرهم، فأكرهها كما هم يفعلون، إذ إنه من العسير عليَّ ألا أرى أوجه التفوق الأمريكي في عشرات المجالات أو أتجاهل العناصر التي تجعل جل من يكرهون أمريكا ي يحلمون بالهجرة لها وبأن يصيروا هم أنفسهم من مواطني الولايات المتحدة.
كما أنه من العسير على رجل يعرف دقائق تقنيات علوم الإدارة الحديثة ألا يكون معجبا بآليات عمل وإبداع وتفوق الكيانات الاقتصادية الأمريكية أو ألا يكون معجبا بما تحدثه الجامعات الأمريكية من ارتقاء للعلم ولحياة البشر، ومع ذلك، فإنني لا أستطيع أن أنكر وجود وإلحاح وقوة السؤال المهم: لماذا تحظى الولايات المتحدة بكل هذا الكم من الكراهية تقريبا من معظم البشرية!
وخلال سنوات العقد الاخير بدأ - فيما أظن - السبب الحقيقي لهذه الكراهية يظهر أمامي بوضوح، فأتتبعه وأتأمله وأفحصه، فيزداد يقيني بأنه هو بالفعل السبب الحقيقي لهذه الكراهية، وإن كان أحد لم يعبر عنه بالوضوح الذي آمل أن أنجح في توفيره في هذا المقال.
أستطيع اليوم وبعد الخلفية التي صورتها في القسم الأول من هذا المقال أن ألخص علة كراهية مليارات البشر للولايات المتحدة الأمريكية في عجز قيادات المجتمع الأمريكي عن اعتبار قيم المجتمع الأمريكي جزءًا متكاملا عضويا من المصالح الأمريكية، فالولايات المتحدة التي تخدم سياساتها الخارجية المصالح الأمريكية لم تدرك منذ صارت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر قوة علي سطح الأرض عشية استسلام اليابان في أغسطس 1945 قيم المجتمع الأمريكية، وقد ساعد علي استفحال هذا الفصام بين القيم الأمريكية كل من العوامل التالية: البرجماتية (الطبيعة والروح العملية البحتة) التي يتسم بها العقل الأمريكي، وافتقار العقل الأمريكي النسبي للحس التاريخي وللحس الثقافي لأسباب تاريخية وجغرافية لا تحتاج لتوضيح، فضلا عن غلبة الدافع المالي على الثقافة الأمريكية.
لكن وكما قال فولتير فإن الحماقة تظل حماقة ولو كررها ألف ألف إنسان! وقد كانت حماقة السياسية والساسة الأمريكيين منذ أغسطس 1945 أن أحدا لم يقف ويصيح: ياسادة! قيمنا هى أهم مصالحنا، والانفصام الكائن بين قيم المجتمع الأمريكي ومصلحة ليس هو مصدر هذه الكراهية فقط بل وسيجلب على الولايات المتحدة الأمريكية من المضار ما سيضر أبلغ الضرر بمصالحها بالمعنى الضيق الذي لا يفهم الساسة الأمريكيون حتى اليوم غيره! فكيف نفسر لأي إنسان علاقة الإدارات الأمريكية لسنوات مع حكام جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية؟ وكيف نفسر لأي عاقل الصمت الأمريكي المخزي تجاه انتهاكات حقوق الإنسان وحقوق المرأة و حقوق الأقليات في المجتمعات الحليفة للإدارات الأمريكية؟ وكيف نفس لأي إنسان معرفة الإدارات الأمريكية بقصص فساد مرعبة لشركاء لها حول العالم، وصمت هذه الإدارات لعقود عن هذه الحالات المذهلة من الفساد؟ وهل مما يتسق مع القيم الأمريكية التحالف التكتيكي منذ أكثر قليلا من ثلاثين سنة مع أسامة بن لادن لمحاربة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان ؟ وهل مما تجيزه الأنساق القيمية للمجتمع الأمريكي مساعدة نظم ثيوقراطية شرق أوسطية مناهضة لكل قيم الحداثة للوصول للحكم في بلدان مثل تونس ومصر؟
باختصار: كيف نبرر لمليارات البشر أن أمريكا ترضى لشعوب غير أمريكية بما لاتقبل 1% منه لمواطنيها؟ من هنا تنبع الكراهية التي هى بالقطع مبررة، والغريب أن الدوائر السياسية الأمريكية لا ترى هذه الهوة بين مايقبل في الخارج ولايمكن قبوله في الداخل، وإنها لا ترى أن هذا يفرز موجات عاتية من الكراهية للولايات المتحدة، وأنها لا ترى أن قيم المجتمع الأمريكي يجب أن تكون ركن الأساس للمصالح والسياسات الأمريكية، وأن إخراج قيم المجتمع الأمريكي من قائمة المصالح الأمريكية سيجلب مضارا هائلة وخسائر بالغة الجسامة للمجتمع الأمريكي.
نقلا عن "الأهرام"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.