بعد أكثر من عشر سنوات من المفاوضات الدبلوماسية والتجارية الشاقة، قررت أذربيجان أن تسهم في تقرير مصير قطاع الطاقة في منطقة وسط وجنوب أوربا، حيث تم الاتفاق بين دول الاتحاد الأوربي وبين شركة أذربيجان الوطنية للطاقة المعروفة اختصارًا باسم (سوكار) على إنشاء ممر ضخم للغاز الطبيعي يمتد من بحر قزوين إلى الأسواق الأوربية. وقد اختارت "سوكار" التي أصبحت فاعلًا أساسيًا للطاقة الإقليمية في منطقة أوراسيا البحر الأدرياتيكي لمد خطوط الغاز وليس خط ناباكو الذي تسيطر عليه شركات غربية، إذ سيمر خط الأدرياتيكي من بحر قزوين إلى اليونان وألبانيا ثم إلى إيطاليا، بينما يمر خط ناباكو من منطقة وسط أوربا إلى مركز التوزيع المركزي في بومجارت في دولة النمسا. وعلى الرغم من أن هذا الجديد لا يزال في المراحل الأولى للتأسيس، إلا أن رئيس المفوضية الأوربية، خوسيه مانويل باروسو، يقول إن هذا الخط سوف يوفر لدول الاتحاد الأوربي نحو 10% من احتياجاتها من الغز الطبيعي. ويبرز هذا الاتفاق كيف أن فاعلين صغارًا في مجال تصدير الغاز أصبحوا اليوم متحكمين جوهريين في السوق العالمية للطاقة، وعلى الرغم من أن أمريكا وأوربا يعانيان من انقطاع - في بعض الوقت - لإمدادات الغاز من منطقة وسط آسيا بسبب الاعتماد الأوربي على الصادرات الروسية، وانتهاج روسيا الاتحادية لسياسة (فرق تسد) داخل أسواق الطاقة بالاتحاد الأوربي، وأن ثمة مصالح أمريكية وأوربية في تنويع مصادر إمدادات الغاز الطبيعي، إلا أن الفاعل الأبرز الذي ساهم في صفقة خط الأدرياتيكي مع شركة الطاقة الآذرية كان هو تركيا التي تعد مركزًا حيويًا لصنع قرارات الطاقة في منطقة البحر الأسود، حيث إن شركة سوكار هي أكبر مستثمر خارجي في الاقتصاد التركي بسبب مشاركتها الأساسية في إنشاء الجزء الأكبر من ممر الغاز الطبيعي، وهو خط الأناضول الذي يمتد من تركيا إلى الحدود البلغارية، والذي يسمح بتدفق الغاز الآذري إلى شرق تركيا عبر دولة جورجيا، كما أن تركيا لها أهدافها الخاصة وراء إنشاء هذا الخط لأنه سوف يسمح بإمداداها بأكبر قدر ممكن من الغاز الآذري الذي سيمر بأراضيها قبل وصوله إلى الأسواق الأوربية.