شاهدت افتتاح بطولة كأس الأمم الأفريقية، ثم مباراة مصر وزيمبابوى، وسمعت هتاف الشباب بكلمات النشيد الوطني تهز أركان الإستاد، فتذكرت كلمات الشاعر الكبير أحمد رامي التي تقول: "يا مصر أنتِ كنانة الرحمن في أرضه من سالف الزمان.. ساعد بلادك يا ابن مصر ونيلها، واهتف لها في السر والإعلان".. مشهد أعاد لمصر جمالها وقوتها في قلب أفريقيا، بل في قلب العالم، وسعدت كثيرا بالعروض التقديمية، والتي تجلَّت فيها حضارة مصر وهويتها منذ فجر التاريخ وحتى الآن؛ فهى باكورة حضارات أفريقيا ولؤلؤة ساطعة وتاج منير على مدار تاريخها؛ حيث إن مصر تشكل مع أشقائها من الدول الأفريقية تاريخًا حضاريًّا وكنزًا جغرافيًّا وسياسيًّا وثقافيًّا. استعادت مصر دورها الرائد في قلب أفريقيا، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على المستوى السياسي والثقافي والاقتصادي والحضاري، وما شهدناه من تنظيم وترتيب لافتتاح كأس الأمم الأفريقية يدل على وجود إرادة سياسية حقيقية لاستعادة الدور المصري في قلب أفريقيا الذي طمس لسنوات وسنوات؛ بل يدل هذا المشهد على أن في مصر شعبًا عظيمًا يبهر العالم باصطفافه الوطني، وحبه لمنتخبه الذي يمثل مصر أمام العالم. نعم هذه هي مصر التي يؤكد شعبها دائمًا، على مدار التاريخ، أنه يقهر التحديات، ويقضي على من يتربص بها، ويؤكد دائمًا عظمة المواطن المصري، في مشهد حضاري شهده العالم، ولمَ لا، لهذا المشهد من مشاهد عديدة وطنية عايشناها السنوات السابقة، ومصر هي قلب العالم وملتقى الشرق والغرب صانعة حضارة عريقة تضرب بجذورها في عمق التاريخ، محافظة على أرضها التي كانت هدفًا للمتنافسين على النفوذ من الإسكندر الأكبر، وحتى الاستعمار الفرنسي والبريطاني إلى الفرقة الناجية وخفافيش الظلام. ولكن أحلامهم تبددت في مهب الريح وتصدى المصريون لهم بداية من أحمس الأول وطرده للهكسوس الغزاة مرورًا بالحملة الفرنسية وهزيمة نابليون، إلى هزيمة الاستعمار البريطاني، وحتى العصر المعاصر والهزيمة الساحقة للجماعة الإرهابية. نعم لم تتوقف أطماع الاستعمار بأشكاله المختلفة والمتنوعة طمعًا في مصر في مقابل نضال المصري على طول التاريخ في صد الطامعين وخفافيش الظلام، وفى ذات الوقت يبني حضارته محافظًا على تاريخ أصيل لمصرنا الغالية، ويحضرني قول "جمال حمدان"، عالم الجغرافيا الشهير في كتابه شخصية مصر: "من قديم الزمان شغلت مصر العالم، بموقعها الفريد، وبشعبها الصبور، والذي سجل عظمة أعماله في سجل التاريخ". وأقول دائما إن مصر تتجدد باستمرار في حفاظها على أرضها، وفي استعادة هويتها وتقديم حضارتها من خلال قواها الناعمة، وليس أدلَّ على ذلك مما رأيناه من افتتاح مشرف ولائق ومبدع لكاس الأمم الأفريقية، وبداية مبشرة بالفوز في المباراة الأولى في اصطفاف بين شعب ورئيس يقدمون مصر بصورة مبدعة لكل العالم.
