قال عنه الشاعر الفرنسى لويس أراغون: إن فيه قوة تسقط الأسوار، وأسماه الدكتور على الراعى «الشاعر البندقية» «الجدع جدع .. والجبان جبان.. بينا يا جدع.. ننزل الميدان .. والميدان بعيد عن جوف المدينة.. يا تار الشهيد.. ف الكنال وسينا.. بحرى والصعيد.. احنا أهله ادينا.. أصلب م الحديد.. ف الشدة تلاقينا.. بالنار والسلاح.. نرفع الكفاح» .. هكذا أبدع الفاجومى «الشاعر» القدير أحمد فؤاد نجم قبل ثورة يناير ب44 عاما، ليجسد مع الملحن والمغنى الراحل الشيخ إمام أسطورة ثورة يناير قبل أن تحدث بزمن. حيث ولد فى 23 مايو 1929 فى قرية كفر أبو نجم بمدينة أبو حماد، وهو قطعة من أرض مصر ببشرته السمراء، وأسرته الريفية، فأمه فلاحة أمية من الشرقية اسمها: هانم مرسى نجم، وأبوه كان ضابط شرطة واسمه (محمد عزت نجم)، وكان ضمن سبعة عشر ابنا، توفى والده وهو فى السادسة من عمره ما أدى لانتقاله إلى بيت خاله حسين بالزقازيق، وقد التحق بملجأ أيتام عام 1936، قابل فيه عبد الحليم حافظ ليخرج منه عام 1945 وعمره 17 سنة، بعد ذلك عاد لقريته للعمل راعيا للبهائم، ثم انتقل للقاهرة عند شقيقه إلا أنه طرده بعد ذلك ليعود إلى قريته. عمل نجم فى معسكرات الجيش الإنجليزى متنقلا بين مهن كثيرة، كواء..لاعب كرة.. بائع..عامل إنشاءات وبناء.. ترزى .. وفى فايد -وهى إحدى مدن القنال التى كان يحتلها الإنجليز- التقى بعمال المطابع الشيوعيين، وكان فى ذلك الحين قد علم نفسه القراءة والكتابة وبدأت معاناته الطويلة تكتسب معنى، واشترك مع الآلاف فى المظاهرات التى اجتاحت مصر سنة 1946 وتشكلت خلالها اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال. فى سنة 1959 التى شهدت الصدام الضارى بين السلطة واليسار فى مصر، على أثر أحداث العراق، انتقل الشاعر إلى النقل الميكانيكى فى العباسية -أحد الأحياء القديمة فى القاهرة. يقول نجم: وفى يوم لا يغيب عن ذاكرتى أخذونى مع أربعة آخرين من العمال المتهمين بالتحريض والمشاغبة إلى قسم البوليس، وهناك ضربنا بقسوة حتى مات أحد العمال، وما زالت آثار الضرب واضحة على جسدى حتى الآن... وبعد أن أعادونا إلى المصنع طلبوا منا التوقيع على إقرار يقول إن العامل الذى مات كان مشاغبا وأنه قتل فى مشاجرة مع أحد زملائه، ورفضت أن أوقع، فضربت. وبعد ذلك عاش نجم فترة شديدة التعقيد من حياته، إذ وجهت إليه تهمة الاختلاس، ووضع فى السجن لمدة 33 شهرا. بعدها بسنوات عمل بأحد المعسكرات الإنجليزية وساعد الفدائيين فى عملياتهم، بعد إلغاء المعاهدة المصرية الإنجليزية دعت الحركة الوطنية العاملين بالمعسكرات الإنجليزية إلى تركها، فاستجاب نجم للدعوة وعينته حكومة الوفد كعامل بورش النقل الميكانيكى، وفى تلك الفترة قام بعض المسئولين بسرقة المعدات من الورشة، وعندما اعترضهم اتهموه بجريمة تزوير استمارات شراء، ما أدى إلى الحكم عليه 3 سنوات بسجن قرة ميدان، وهى التهمة التى أكدها «نجم» . وقد التقى بالسجن بأخيه السادس (على محمد عزت نجم)، وفى السنة الأخيرة له فى السجن اشترك فى مسابقة الكتاب الأول التى ينظمها المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون وفاز بالجائزة ، وبعدها أصدر ديوانه الأول من شعر العامية المصرية، وهو(صور من الحياة والسجن)، وكتبت له المقدمة سهير القلماوى ليشتهر وهو فى السجن، بالقصيدة التى مطلعها « فلاحينك هما هما.. فلاحين رمسيس وخوفو.. جيش..لاعيش ولا زمزمية.. فى الهجيرة تبل جوفه.. هو ماشى يجر خوفه .. أعمى سالك سكة عتمة.. خطوته على قد شوفه».. تعرف نجم بالشيخ إمام، الملحن الضرير، فى حارة «خوش قدم»، ليقرر أن يسكن معه ويرتبط به حتى أصبحا أشهر ثنائى معروف وأصبحت الحارة ملتقى المثقفين، وقد نجحا فى إثارة الشعب وحفزا هممه قديما ضد الاستعمار، ثم ضد الديكتاتورية الحاكمة، وهاجما غيبة الوعى الشعبى. ويقول نجم عن رفيق حياته إنه أول موسيقى تم حبسه فى المعتقلات من أجل موسيقاه، وإذا كان الشعر يمكن فهم معناه فهل اكتشف هؤلاء أن موسيقى إمام تسبهم وتفضحهم؟ قال عنه الشاعر الفرنسى لويس أراغون: إن فيه قوة تسقط الأسوار، وأسماه الدكتور على الراعى «الشاعر البندقية» . تزوج «نجم» مرات كثيرة أولها من فاطمة منصور وأنجب منها عفاف، ومن الفنانة عزة بلبع والكاتبة صافيناز كاظم وأنجب منها نوارة نجم، وممثلة المسرح الجزائرية الأولى صونيا ميكيو، والآن متزوج من السيدة أميمة عبد الوهاب وأنجب منها زينب، ولدى نجم 3 أحفاد.