علاقتى بالصديق أبو بكر البغدادى تمتد إلى عشرات السنين.. وهذه أول مرة أصرح فيها بذلك.. ففى شهر الصيام لا أستطيع إلا أن أحكى لكم كل ماهو صادق.. فبينما كنت في زيارة للعراق في منتصف التسعينيات وفى ليلة ليلاء، كنت عائدا من رحلة صيد ومعى زميلى الفشار الهندى «هلنان باتشان» وإذا بنا نفاجأ بأربعة ملثمين يحيطون بشاب أعزل، ويجردونه من أشيائه.. انتظرنا بعيدا والفتى يخلع ساعة يده، ويخرج ما بجيبه من نقود، وهنا اتجهنا ناحية الملثمين، وأمرناهم بترك الشاب لحال سبيله.. وفجأة وجدنا الأسلحة البيضاء على رقابنا، ويأمروننا نحن أيضا بخلع ساعاتنا وإخراج ما بحوزتنا من نقود، فأوحينا لهم بأننا سنعطيهم ما يريدون، وبمجرد أن أبعدوا السنج والسكاكين عن رقابنا بدأنا في تلقينهم درسا في فنون القتال انتهى بتكتيفهم وربطهم في أعمدة النور، وأعدنا للشاب أشياءه وترجلنا ثلاثتنا حتى أوصلناه إلى منزله.. ومن هنا بدأت علاقتى بالشاب الطيب المسالم «إبراهيم». كان إبراهيم في ذلك الوقت مطلوبا للخدمة العسكرية.. وكان هو يريد إكمال دراسته الجامعية.. وقتها كانت تربطنى علاقة بوزير الإعلام العراقى فاتصلت به وشرحت له الوضع فأعطى لصديقنا شهادة الإعفاء من الخدمة العسكرية، بحجة ضعف نظره.. الأمر الذي جعل البغدادى مش عارف يعمل معانا إيه علشان يقول لنا شكرا! بعد ذلك عدنا نحن أشبال الفشارين كلا إلى بلده، واستمر الاتصال بينى وبين إبراهيم البغدادى حتى علمت أنه التحق بكلية الشريعة الإسلامية، وتخرج منها وأصبح إماما يخطب في الناس ثم درس الماجستير والدكتوراه، مرت السنوات وفى ليلة صيفية وبينما أتابع أحداث العالم، وبالتحديد في عام 2011 فوجئت بإعلان أمريكا عن مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار، لمن يلقى القبض على الإرهابى العالمى أبو بكر البغدادى. لم أكن أعرف ساعتها من هو أبو بكر البغدادى إلا من خلال معلومات أمريكية، ولكونه أحد قيادات تنظيم القاعدة، وتعلمون حضراتكم أن أي أحداث تتخللها مكافآت مالية بهذا الشكل لا بد أن نكون نحن أبطالها.. وبالفعل وصلنا إلى مكان البغدادى بعد معركة ضارية استخدمنا فيها الأسلحة البيضاء، وأسلوب الننجا القتالى، حتى وصلنا إلى مخبأه دون ضجيج وبينما نحن نحيط به إذا به يقول.. معقولة؟!.. صديقى أبو طقة هو من يسلمنى للأمريكان؟! ساعتها كدت أن أقع مغشيا على من هول المفاجأة.. إنه صديقى إبراهيم متخفيا خلف لحية كثيفة وعمامة. الصدمة جعلتنى أصرخ في زملائى: اتركوه فهذا ليس هو أبو بكر البغدادى! فتبسم إبراهيم قائلا: أنا أبو بكر البغدادى يا أبو طقة بيه.. أصبحت مشهورا مثلك يارجل.. ثم حكى لى كيف انضم إلى القاعدة حتى أصبح من قياداتها.. حتى أننى كنت محرجا من زملائى الذين عرضوا أنفسهم للخطر للحصول على المكافأة الضخمة فقلت لهم: معلش بقى ده عيش وملح.. إلا أن أبو بكر أقسم لهم أنهم لن يعودوا بدون أموال.. وفتح صندوقا وأخرج منه أموالا بعملات مختلفة تتعدى قيمتها الخمسة ملايين دولار، وأعطاها لهم.. وكان هذا هو الجميل الثانى الذي طوقت به رقبة البغدادى. ومنذ أيام قليلة صرحت قيادة الجيش الروسى بأنها استطاعت قتل أمير الدولة الإسلامية داعش المعروف بأبي بكر البغدادى.. وتناقلت الخبر جميع وسائل الإعلام العالمية.. إلا أننى وقبل طباعة العدد بساعات وجدت هاتفى يعلن عن مكالمة من الأمير الداعشى يقول لى فيها: أنا لسه عايش ياعمنا ومش ناوى أموت اليومين دول! ثم دار بيننا حديث مطول لا يخلو من الانفرادات سوف أعرضه عليكم في حلقة أخرى!