"السجن تأديب وتهذيب وإصلاح".. هذه العبارة تلخص الغرض الأساسى من سجن أي مذنب أو مدان في قضية ما، فالسجن في حد ذاته ليس هدفا، بل وسيلة لتعديل سلوك الشخص كى يعود إلى المجتمع سويا نافعا، وليس مصابا بمرض نادر أو معدٍ كما حدث في حالة الشاب أحمد الخطيب، الطالب بأكاديمية مصر للعلوم والتكنولوجيا هذا الشاب صدر ضده حكم بالحبس لمدة 10 سنوات بعد إدانته بالانتماء إلى جماعات محظورة، وتم ترحيله إلى سجن وادى النطرون، وبعد عامين أصيب بمرض غامض تسبب في هزال جسده بشكل كبير مع تضخم في الكبد والطحال، ومع الوقت ازدادت حالته تدهورا لدرجة أنه شارف على الموت، وهنا فقط تم نقله إلى مستشفى خارج السجن ليكتشف الأطباء أنه مصاب بداء "الليشمانيا" بالغ الخطورة، وأكدت التقارير حاجته إلى علاج مكثف في مستشفيات مجهزة، وبعيدا عن تفاصيل الواقعة المعروفة للجميع، يبرز سؤال مهم: "لماذا لا يتم الإفراج الصحى عن الطالب أحمد الخطيب؟ وما الإجراءات التي يجب اتخاذها حتى يحصل على حقه في العلاج داخل مستشفى مناسب؟ وما موقف وزارة الداخلية من إطلاق سراحه وفقا للإجراءات القانونية؟ هذه التساؤلات وغيرها تجيب عنها "فيتو" في السطور التالية.. في البداية أكدت "فاطمة" شقيقة الشاب المصاب، أنه تم تقديم طلب إلى مكتب النائب العام في بداية شهر مارس الحالي، للإفراج عن شقيقها "أحمد" نظرا لظروفه الصحية شديدة الخطورة، وقال المسئولون وقتها إن دراسة الطلب سوف تستغرق أسبوعين على الأكثر بعدها سوف يعطونهم رقم "طلب العفو"، لتقديمه إلى الإدارة الطبية التابعة لقطاع السجون بوزارة الداخلية، والتي ستحدد ما إذا كانت حالة المريض توجب الإفراج الصحى عنه أم لا، حتى الآن لم نحصل على رقم الطلب من مكتب النائب العام، فتم تقديم طلب مماثل من خلال قطاع حقوق الإنسان، وأيضا لم يُبت فيه. وأضافت: "مصلحة السجون اتصلت بنا مؤخرا وأبلغتنا بنقل أحمد من مستشفى السجن إلى مستشفى حميات العباسية، نظرا لتدهور حالته، باعتبار أنها أكثر تجهيزا وتخصصا في علاج الحالات المرضية النادرة، وآخر مرة زرناه فيها كان لا يعى ما يقول ولاحظنا أن جسده نحيل للغاية، وكشفت التقارير والتحاليل الطبية أنه لا يعانى من سرطان الدم "اللوكيميا" كما أشيع، وإنما أصيب بمرض خطير آخر هو "الليشمانيا" الذي ينتقل عن طريق حشرة تسمى "ذبابة الرمل" نادرة الوجود في مصر، وخطورة مرض شقيقى تتمثل في أنه يدمر الجسم من الداخل بالتدريج، ويتسبب في تضخم الكبد والطحال، وإذا لم يتم علاجه سريعا وفى أماكن مجهزة طبيا بأجهزة حديثة وأدوية معينة، فإنه يدمر جميع أعضاء الجسم وتكون نهايته الحتمية هي «الوفاة»، وطالبت فاطمة الخطيب بالعفو الصحى عن شقيقها في أسرع وقت، حتى تتمكن أسرته من معالجته في أماكن أكثر تخصصا قبل أن يفقد حياته. أما الدكتور صلاح سلام، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، فقد شدد على ضرورة متابعة مشكلة المواطن أحمد طلعت الخطيب، السجين الذي أصيب بمرض "الليشمانيا" داخل محبسه، وأصبحت حياته مهددة، لافتًا إلى تقديم طلب للنيابة العامة تضمن شرحا تفصيليا لحالته الصحية، من أجل توقيع الكشف الطبى عليه، تمهيدا للحصول على قرار بالإفراج الصحى عنه وفقا لما نص عليه الدستور، وأضاف الدكتور سلام ل"فيتو"، أنه من المقرر أن يكلف النائب العام، الطب الشرعى بتوقيع الكشف الطبى على "الخطيب" وتقديم تقرير مفصل عن حالته، وضمه إلى ملف الإفراج عنه. من جانبه أكد حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن الرعاية الصحية للسجناء والمحتجزين حق إنساني، يجب كفالته بأعلى درجة ممكنة، مطالبًا بضرورة الإفراج الصحى عن كافة السجناء والمعتقلين الذين تستوجب حالتهم الصحية إخلاء سبيلهم، هذا بخلاف توفير الرعاية الطبية الكاملة داخل السجون المصرية وغيرها من أماكن الاحتجاز. وأعرب أبو سعدة، عن قلقه البالغ إزاء تردى الحالة الصحية للمواطن أحمد الخطيب، وطالب المستشار نبيل صادق، النائب العام بالإفراج عنه خشية على حياته من الخطر، كما طالب "أبو سعدة" بالإفراج عن أحمد الخطيب إعمالًا لنص المادتين 489 و486 من قانون الإجراءات الجنائية، والقاضى بضرورة الإفراج الصحى عن السجين الذي تستدعى حالته ذلك، وكذلك ما تقرره المادة 36 من القانون رقم 396 لسنة 1956 والتي تنص على أن "كل محكوم عليه يتبين لطبيب السجن أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر ويعجزه عجزًا كليًا يعرض أمره على مدير القسم الطبى للسجون لفحصه للنظر في الإفراج عنه". على الجانب الآخر أكد مصدر أمني مطلع بوزارة الداخلية، أنه يجرى حاليا دراسة الإفراج الصحى عن المسجون "أحمد طلعت الخطيب".