حتى وإن تغيرت وجوه وزارية كثيرة مع بقاء رئيس الوزراء صاحب الإنجازات الضخمة في الغلاء، أو بالأحرى في السكوت عليه، والرضا به والقناعة بمزاياه بل والتغني بفضله، تبقى الحقيقة واحدة وهى أن كل هؤلاء الوزراء ما هم إلا موظفيين تنفيذيين بدرجة كبير معاوني رئيس الوزراء، فإن استشعر البعض اختلافًا فسيكون فقط في سرعة أداء السياسات المنوط بهم تنفيذها، لذا ستجد مشروعات رفع الدعم مستمرة، والحديث المستفذ والساذج عن أن ذلك يصب في مصلحة المواطن الفقير متواتر.. الجديد لا يأتي مع تغيير وجوه بل مع تغيير جذري في سياسات يراها الجميع ضد المواطن بينما يراها النظام في مصلحته! الوضوع صار مؤلمًا على الناس معيشيًا والأسعار في استعار كل يوم، لكن الحكومة ونظامها يرون ذلك إنجازًا مع وجود بعض وخزات الضمير التي تدفعهم أحيانًا لتسمية سياساتهم بالمؤلمة، مع أنها مهلكة وقاضية وقاتلة للفقراء ومن كانوا يومًا من متوسطي الحال.. حسنًا. ماذا سيفعل الوزراء الجدد أكثر من ترديد عبارات مستهلكة محليًا عن ضبط الأسعار، لا تدري تمامًا ضبها على أي موجة غلاء، ثم تراهم يسهبون في تطلعاتهم الكبيرة والمنحصرة في إرضاء رؤساهم، ثم ينزلقون لسخافات من نوعية تحقيق الانضباط الإداري، والذي يحرص عليه كل وزير ويتلخص عنده في حضور موظفي وزراته في وقت مبكر وانصرافهم في موعد محدد، لا يهم أنهم لا يفعلون شيئًا ولا يديرون منظومة عمل إبداعية ولا يخططون وفقًا لبرامج علمية ورؤى ونظريات سياسية واجتماعية، تنحاز للمواطن الذي تخلى الجميع عنه تحت مسمى وشعار تحيا مصر الذي ابتذلوه بدرجة مقيتة.. فهل مصر تساوي شيئا هى أو أي دولة في العالم بدون مواطنيها، هل عندما يموت كل مواطنىي مصر ستبقى مصر الحدود والأرض وانتهى الأمر وستغني الأرض لنفسها مثلًا! الحكومة الممتدة برئاسة شريف إسماعيل تنفض يدها يوميًا عن دعم المواطن الذي لا تهمه مشاريع ضخمة أثبت له التاريخ أن عائدها لا يمسه من قريب أو بعيد، المواطن الواقع تحت إمرة الحكومة يسمع يوميًا عن مناجم ذهب السكري وغيرها، وعن حديث رئيس هيئة الثروة المعدنية عن وجود مصر على خريطة الذهب العالمي، يفرح قليلًا أو لثواني ثم تركبه الهموم متسائلًا: وأين نحن من هذا وزجاجة الزيت تقترب من ثلاثين جنيها!، أين نحن من هذا وثمن كسرة الفول، والتي لا يعرف رئيس الحكومة ثنمنها -أبسط طعام مصري- تباع بجنيهين.. أين نحن من هذا ولم يعد هناك شيء يباع بجنيه!.. قطعًا كل علامات التعجب والاستفهام والدهشة والاستنكار لا تكفي. المواطن العادي غير النافذ وغير الثري يرى ويسمع عن الإنتاج الضخم الجديد، لحقول الغاز الممتدة في مصر ثم تصله فاتورة الغاز متضاعفة فيصاب بالقهر على حاله ويدرك أن بلده وخيراتها ليست له، فهو واقع تحت إمرة الواجبات فقط ولا يرى له حقوقًا، فحتى بعض السلع التموينية العينية التي كانت تستره حتى وقت قريب استبدلوها بقليل من الورق عديم القيمة، الذي يسمى جنيهات لا تسمن ولا تغني من جوع ولا من أي شيء آخر. إن كنتم حقًا تريدون تغييرًا فعليكم بالبدء في سياسات واضحة تنحاز للمواطن، وتغنيه عن السؤال وعن تسول حاجات يومه الأساسية ولا يكون مبدأ الحكومة: دعه يعاني ويتحمل من أجل مصر بينما مصر تشترى للسيد علي عبد العال سيارات بمبالغ ضخمة لكي تحمي سيادته من احتمالات الاغتيال، بينما كثيرون من الشعب المصري لا يعرفونه هو ومن معه، بل والوزراء السابقين واللاحقين ولا يهتمون بوجودهم من الأساس. [email protected]