جامعة الأقصر تنظم أول ملتقى توظيف لخريجي جنوب الصعيد    الدفاع المدني بغزة: رائحة الجثث تحت الأنقاض بدأت في الانتشار بكل أنحاء القطاع    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    استبعاد أفشة والشناوي.. قائمة الأهلي لمواجهة الإسماعيلي    رئيس نادي كريستال بالاس يهاجم صلاح.. ليس جيدًا كما يصوره الناس    السجن 15 عاما وغرامة 100 ألف جنيه لمتهم بحيازة 120 طربة حشيش في الإسكندرية    مصرع زوجين وإصابة أبنائهما إثر انقلاب سيارة ملاكي بطريق سفاجا - قنا    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع إسعاد يونس يتصدر محركات البحث    الفيلم البريطاني "النداء الأخير" يفوز بجائزة سمير فريد    أعراض لقاح أسترازينيكا.. الصحة تكشف 7 حقائق عن أزمة الجلطات    إعلام عبري: حزب الله هاجم بالصواريخ بلدة بشمال إسرائيل    لوقف النار في غزة.. محتجون يقاطعون جلسة بمجلس الشيوخ الأمريكي    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    الدولار يصعد 10 قروش في نهاية تعاملات اليوم    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الأهلي يهزم الجزيرة في مباراة مثيرة ويتأهل لنهائي كأس مصر للسلة    ستبقى بالدرجة الثانية.. أندية تاريخية لن تشاهدها الموسم المقبل في الدوريات الخمسة الكبرى    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    داج ديتر يكتب للشروق: ذروة رأسمالية الدولة.. ماذا بعد؟    «التعليم» تحدد موعد امتحانات نهاية العام للطلاب المصريين في الخارج 2024    رئيس الوزراء يهنيء السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    الخميس..عرض الفيلم الوثائقي الجديد «في صحبة نجيب» بمعرض أبو ظبي للكتاب    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    هيئة سلامة الغذاء تقدم نصائح لشراء الأسماك المملحة.. والطرق الآمنة لتناولها في شم النسيم    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    حمد الله يتحدى ميتروفيتش في التشكيل المتوقع لكلاسيكو الاتحاد والهلال    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عميان قهروا الظلام


مريم.. أول معيدة «كفيفة» بآداب عين شمس
«عبقري» الاتصالات بالأكاديمية العربية
جهاد.. فرس الرهان بكلية البنات
مرعى.. خبير عالمى بشهادة مصرية
عيونهم لا ترى لكن آذانهم تترجم الكلمات إلى نور يضيء لهم طريق التعليم، فلم «يلطموا الخدود» على فقدان نعمة البصر أو يشقوا الجيوب من قسوة الصعاب بل أمسكوا بخيوط الفرص حتى حققوا أحلامهم غير منقوصة، فصاروا أساتذة جامعيين متفوقين على ملايين الأصحاء.
في قلب الجامعات المصرية كتب عدد من المكفوفين قصصهم الناجحة بأحرف من نور، فهذا معيد كفيف وتلك أساتذة جامعية لا تستطيع المشي، وذاك بطل عالمي وخبير رياضي متمكن، فببساطة شديدة أحلامهم صارت حقائق تفتخر بها عائلاتهم وأبناؤهم من خلفهم.
1 مريم «شمس» جامعة عين شمس
«والدي له الفضل عليّ بعد الله فيما وصلت إليه».. كلمات تحفظها «مريم رمضان - أول معيدة كفيفة بقسم اللغة العربية في كلية الآداب جامعة عين شمس» عن ظهر قلب، متحدثة بفخر عن أب ظل يساعدها في مذاكرتها وتسهيل المناهج عليها بما يتماشى مع حالتها الصحية.
«مريم» تحدثت عن لحظة إبلاغها بتعيينها معيدة، قائلة: «ما صدقتش نفسي أما بلغوني الخبر إنى الأولى على الدفعة خاصة أن الفرق بينى وبين زملائي الأوائل في الدفعة نصف درجة فقط أو درجة فقط»، مؤكدة أن والدها له الفضل الأول بعد الله سبحانه وتعالى في تفوقها.
وأشارت المعيدة «الكفيفة» إلى أن والدها كان يساعدها في دراستها ويقرأ لها الكتب وأحيانًا يسجلها لها على ملفات صوتية لتسهيل المذاكرة عليها، بالإضافة إلى صديقتها ورفيقتها التي كانت عينها التي ترى بها داخل الجامعة طوال سنوات دراستها وأكملت معها المشوار حتى في مرحلة التمهيدي بالماجستير.
ولا تنسى المعيدة مريم كل من وقف إلى جوارها، حيث أكدت أن مركز الإبصار بالجامعة كان من أهم الداعمين لها خلال فترة دراستها، حيث تعلمت الكتابة على الكمبيوتر بالمركز، كما وفر لها بعض الكتب الدراسية المسجلة على الملفات الصوتية والمكتوبة على ملفات وورد لسماعها ومساعدتها في الدراسة.
وأشارت إلى أنه من ضمن الصعوبات التي كانت تواجهها أثناء الدراسة هي صعوبة الحصول على بعض الكتب والمراجع المسجلة على ملفات صوتية، حيث إن هناك بعض الأساتذة الذين لم يسجلوا كتبهم على ملفات صوتية مما يصعب قراءتها بالنسبة لها.
«مريم» طلبت من إدارة الجامعة أن توفر لها شاشات عرض وأجهزة ملائمة لحالتها وتساعدها على توصيل المعلومة وشرحها للطلاب، مؤكدة تفاؤلها وحماسها لبدء محاضراتها، حيث إنه صدر قرار تعيينها معيدة بالكلية منذ أيام قليلة فقط ولكن لم تدخل محاضرة بعد.
2 أحمد «نور» الأكاديمية العربية
لم تكن الحياة وردية وبسيطة بالنسبة ل«أحمد حسن - أول معيد كفيف بالأكاديمية العربية»، فالشاب الذي عانى الأمرين أثناء فترة دراسته، ظل متمسكًا بحلم أن يصبح مهندسًا ولكن أحلامه كلها تحطمت عندما فوجئ بأن القانون يلزم الطلاب المكفوفين بالالتحاق بالشعبة الأدبية فقط دون العلمية.
أمام تلك الصدمة ثابر «أحمد» على تحقيق حلمه واستغل كافة الفرص المتاحة حتى صار أول طالب كفيف بكلية النظم والمعلومات بالأكاديمية العربية، ثم أول معيد كفيف بها، بعد حصوله على المركز الأول بمسابقة وزارة الاتصالات «الأولمبياد المعلوماتية»، حيث وافقت الوزارة للمرة الأولى على التحاق ذوي الاحتياجات الخاصة بالمسابقة على مستوى الجمهورية، والفائز بمنحة دراسية بكلية نظم المعلومات بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا.
شعر «أحمد» بأن حلمه في الالتحاق بكلية الهندسة بدأ يتحقق، بعدما تم اختياره للدراسة بكلية النظم والمعلومات، مؤكدًا أنه كان يعاني من بيروقراطية النظام وتعسفه ضد ذوي الاحتياجات الخاصة الذي يمنع انتساب الطلاب المكفوفين للأقسام العلمية، مما يعتبره إهانة لقدرات المكفوفين والذين يستطيعون أن يكونوا مهندسين أو كيميائيين.
وبلغة يسيطر عليها الفخر، قال «حسن»: «ظللت الطالب الكفيف الوحيد بالأكاديمية منذ عام 2005 وحتى 2009، وتم قبول دفعة لطلاب مكفوفين بعد ذلك وتم تعييني معيدًا لهم»، مؤكدًا أن عميد الكلية لم تكن لديه خبرة في التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة لذلك واجه صعوبة في التعامل معي في البداية.
وطالب الحكومة بأن تهتم بالمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم بالمجتمع وفتح المجلات أمامهم لتمكينهم من الالتحاق بالمجالات العلمية، مؤكدًا أن مستوى التعليم في مدارس المكفوفين ضعيف.
3 جهاد «حصان» كلية البنات
ابتلاها الله بالشلل في أطرافها السفلى مع سنوات عمرها الأولى، فكانت والدتها تحملها على كتفيها في كل مكان حتى حصلت على أول كرسي متحرك ليصبح سفينتها التي تبحر بها في بحر الدنيا، ومن هنا أحكمت «الدكتورة جهاد إبراهيم» قيادة دفة سفينتها حتى أصبحت أستاذًا مساعدًا بقسم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس.
قدمت الدكتورة جهاد إبراهيم نموذجًا رائعًا لمتحدي الإعاقة في مصر، بعد أن تحدت إعاقتها طوال فترة دراستها، وحققت حلمها في حمل لقب «دكتورة»، حيث خشيت أن يعطل إصابتها بشلل الأطفال حلمها بالالتحاق بكلية الطب والتخصص في علاج مرضى شلل الأطفال لأنها الأقدر وأكثر الناس شعورًا بمعاناتهم.
لكن المفاجأة جاءت مع مجموع «جهاد» المرتفع الذي أهلها للالتحاق بكلية الطب فالتحقت بقسم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس، وكانت تواجهها صعوبات شديدة طوال فترة دراستها، بداية من وجود جميع المحاضرات في الأدوار العليا ولا يوجد مصعد بالكلية، فكانت تجلس بحديقة الكلية تنتظر نزول زملائها لكي تأخذ منهم ما كتبوه في المحاضرة وتقوم بتصويره لمذاكرته.
اتخذت الدكتورة جهاد من هذا الأسلوب طريقًا لمعرفة ما يشرح بالمحاضرات، وحرصت على مذاكرة دروسها والاحتفاظ بتفوقها حتى حصلت على المراكز الأولى، وتم تعيينها معيدة بالكلية، ثم حصلت على درجة الماجستير في الآداب بتقدير امتياز وعينت كأستاذة مساعدة بالكلية.
لم يتوقف طموح «جهاد» عند هذا الحد من النجاح بل واصلت التحدي في مجال آخر وهو مجال الرياضة ومارست لعبة السباحة وحصلت على بطولة الجمهورية فيها عام 2013، كما حصلت على فضية بطولة الجمهورية عام 2006 وذهبية عام 2007.
4 خاطر «شمعة» جامعة حلوان
قرر أن يتخذ من ظلام البصر نورًا للتعلم فتحدى كل الصعاب ليحقق حلمه، ويعيش كبقية زملائه دون الإحساس بالعجز لفقدان نور حياته التي يرى بهما، فأعلن «أحمد خاطر - الحاصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة عين شمس» الحرب على منافسيه في الدراسة، قاطعًا بسيف التحدي رأس «لقب الكفيف».
بمرور سنوات من التفوق، تم تعيين «خاطر» معيدًا بجامعة حلوان ليكون أستاذًا وأول كفيف يُعين بكلية الآداب جامعة حلوان، ورغم ظروف أسرته المادية إلا أنه تحول إلى كتابة بطولة تقترب من قصة العملاق الراحل طه حسين، ثم أصبح مستشارًا لهيئة اليونسكو ومستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
«بسبب إعاقتي التي ولدت بها كانت جميع المدارس ترفض التحاقي بها، فكنت أريد أن ألتحق بإحدى مدارس اللغات والتي رفضت كبقية المدارس، فقررت عائلتى حين ذاك إلحاقي بمدرسة للمكفوفين، ورغم إعاقتى فإنني كنت من المتفوقين دراسيًا، وكنت دائمًا من الأوائل، ففي الثانوية العامة كنت الخامس على مستوى الجمهورية».. كلمات بدأ بها الدكتور أحمد حديثه.
وتابع خاطر قائلًا: «من أكبر التحديات التي واجهتني في حياتي رفض الجامعات تعييني بعد حصولي على تقدير جيد جدًا، خلال سنوات الدراسة الأربع، حتى تمكنت من الالتحاق والتعيين بكلية الآداب جامعة حلوان فيما بعد، ومن التحديات التي تواجهني حاليًا في التدريس بالجامعة (عملية تصحيح أوراق الامتحانات)»، لكنه أكد أنها ليست مشكلته وحده بل كثير من أعضاء هيئة التدريس المكفوفين بالجامعات المصرية.
تدرج «الدكتور أحمد» في المناصب المختلفة وحصل على جوائز ليصل بها إلى منصب مستشار هيئة اليونسكو بمكتبة الإسكندرية ومتخصصا في تكنولوجيا القراءة للمكفوفين، ومستشارًا لوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عام 2012، وفي أحد المؤتمرات تحدث قليل على هامش المؤتمر مع وزير الاتصالات، حينها، والذي رد عليه بقوله: «أنا قررت أعينك مستشارًا لوزير الاتصالات».
«الكفيف ليس عبئًا».. كلمات يؤمن الدكتور أحمد خاطر بحروفها جيدًا، وعندما قرر التحدي والاعتماد على نفسه للوصول إلى هدفه قرر أن يدرس آداب اللغة الإنجليزية دون أن يطلب مساعدة من أحد، لكن ظلت الإعاقة الحقيقية في المجتمع ونظرته وعدم إتاحة الفرص للمكفوفين رغم قدراتهم الهائلة التي يتميزون بها.
لم تمنعه إعاقته من التحرك والوقوف والجلوس كثيرًا بالمحاضرات، فهو يتواصل جيدًا ويتفاعل جيدًا مع الطلاب خلال المحاضرات ليثبت للجميع أن الإعاقة ليست عبئًا أو أنها كانت حافزا له، قائلًا: «الإعاقة كانت حافزًا لي مثلي مثل غيري من متحدي الإعاقة، فقد جعله ما فقده وسلبه القدر منه أن يكون سببًا لنجاحه وتفوقه الدائم وتميزه».
وقدم الدكتور أحمد خاطر نصيحة للشباب، قائلًا: «الشباب الآن يفتقد القدوة، وعليهم الالتزام بالأخلاق والعودة إلى الدين، فهو كان يعتبر الموسيقار عمار الشريعي قدوته منذ الصغر.. طول ما إحنا عايشين لازم نبذل جهد وما نستسلمش أبدًا».
5 «مرعي» صائد البطولات
أمام الأحلام تتحطم أسوار العجز، وفي جامعة حلوان كان حلم أشرف مرعي قادرًا على تحويل الصعاب إلى أجنحة يحلق بهما عاليا في سماء البطولات ليحصد الجوائز العالمية رغم إعاقته، ليصبح أستاذ السباحة رئيس قسم بكلية التربية الرياضية بجامعة حلوان، والحاصل على درجة الدكتوراه في التربية الرياضية للأفراد المعاقين بالجامعة.
أشرف عيد إبراهيم مرعي شغل العديد من المناصب كرئيس اللجنة البارالمبية المصرية، وعضو اللجنة العلمية باللجنة البارالمبية الدولية، وعضو الائتلاف الأفريقي للإعاقة، ورئيس وفد الجامعات المصرية في التبادل الطلابي بين مصر وأمريكا، فضلا عن سلسلة منح دراسية ودورات تدريبية في مجال حقوق الإنسان والإعاقة من الولايات المتحدة الأمريكية والسويد، ثم أصبح عضو المنظمة الدولية للمعاقين في الشرق الأوسط.
وحصل «أشرف» كذلك على منحة فولبرايت بأمريكا لإجراء دراسات في مجال تخصصه، وكان أول من أسس الأولمبياد الخاص بمصر للأفراد ذوي الإعاقة الذهنية عام 1994، واختير عضوا بمجلس إدارة المجلس القومي لشئون الإعاقة بيناير 2015.
واتخذ أشرف مرعي من بطولاته وتفوقة صوتًا للدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة ليكون لهم سندًا وصوت الحق بالنسبة لهم، فبدأ عام 2000 في التوجه للمدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة من خلال إحدى المؤسسات الأهلية التي يرأسها، وحصل على عدة دراسات دولية تخصصية من الولايات المتحدة وأوروبا في هذا المجال.
كما شارك في تأسيس المنظمة العربية للمعاقين، ومناقشات إعداد الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعاقين بالأمم المتحدة وإعداد قانون الأشخاص ذوي الإعاقة بالأردن، واستطاع أن يترجم كل ذلك من خلال حصوله على عدد من البطولات والجوائز فحصل على المركز الثالث والميدالية البرونزية في سباحة الفراشة بدورة سول الألولمبية للمعاقين بكوريا الجنوبية عام 1988، ثم المركز الخامس في سباحة الفراشة ببطولة العالم لألعاب المعاقين بمدينة إسن عام 1989.
حاول أن يبسط ويوضح كيفية تعامل المعلم بمدارس التربية الفكرية، ولأنه أكثر الأشخاص تأهيلًا لذلك قام بتأليف كتاب دليل معلم ومعلمة التربية الرياضية لمرحلة الإعداد المهني بمدارس التربية الفكرية بتكليف من وزارة التربية والتعليم، عام 2002/ 2003.
6 مجدي حسين.. عندما تكون البصيرة أقوى من البصر
قولا وفعلا، وقف «مجدي حسين» على ناصية حلمه وقاتل إلى أن مكنه نور الحروف من الاصطفاف بين كبار الأساتذة بكلية الآداب في جامعة دمنهور.
والدكتور مجدي واحد من الذين لا يعترفون ب«فقدان البصر»، ولا تشغله بهجة الألوان، يؤمن فقط ب«لمسة الحروف»، فمن رئيس لقسم اللغة العربية بكلية الآداب إلى وكيل كلية الآداب بنفس الجامعة، ترك خلفه طريقًا طويلا من الصعاب، والآن أصبح جامعًا للغتين العربية والإنجليزينة معًا.
يقول الدكتور مجدي: «تعرضت للطمة على وجهي من أحد الجيران وأنا في الرابعة من عمري ففقدت بصري، لكن تلك الإعاقة صارت سببًا في التميز ودافعًا للنجاح والتركيز، فلولا الحادثة لربما كان قد تحول إلى عامل أو موظف، حتى بعد الحادثة كنت أدافع عن صديقي الذي تسبب في الحادثة عندما كان يريد أطفال الحي الاعتداء على، وظلت صداقتنا ممتدة خاصة أن كلا منا يشجع الزمالك».
«الطريق بدأ منذ الطفولة بعدما سامحت وتعايشت، فقد كنت متفوقًا منذ بداية تعليمي حتى تكلل هذا بحصولي على المركز الأول بالثانوية العامة للمكفوفين ولم يكن وقتها أي تقدير سوى صورتي التي نشرت بجريدة الجمهورية بتاريخ 8 أغسطس 1983، فلم يكن هناك تقديرًا للمتفوقين من المكفوفين».. كلمات أطلقها الدكتور مجدي والابتسامة لا تفارقه.
وأشار إلى أن تفوقه تسبب في حيرة الكثيرين فانتقل إلى القاهرة وبين جامعتي القاهرة وعين شمس بكليات الاقتصاد والعلوم السياسية والإعلام والألسن، لكن عزيمته لم تكن تتحمل معيشة القاهرة، فعاد وانتقل إلى كلية الآداب جامعة دمنهور وكان يود أن يدرس اللغة الإنجليزية حتى يكسر نظرية أن الكفيف لا يصلح أن يدرس سوى «لغة عربية أو قرآن» فهو يحب اللغة الإنجليزية وكان متفوقًا فيها جدًا، إلا أن القدر جعله يدخل قسم اللغة العربية الذي لم يكن يتخيل يوما أنه سيرأسه بعد 19 عاما بدءًا منذ 2006 وحتى 2015.
وخلال تلك الفترة، تولى الدكتور مجدي وكالة الكلية من 2011 وحتى 2014، وناقش خلالها ما يزيد على 75 رسالة دكتوراه، مؤكدًا أن الإعاقة البصرية رغم ألمها فإنها كانت دافعًا للنجاح ورغم كونه سكندريًا فإن لدمنهور عشقا خاصا.
7 ممدوح عبد الرحمن.. لا تراجع ولا استسلام
رد صادم وقع على أذنيه كالرصاص «لا تصلح أن تكون أستاذًا في الجامعة»، لكن الدكتور ممدوح محمد جفف دموعه سريعًا، واتخذ من تلك الكلمات رصاصا قتل به اليأس إلى أن جلس على كرسي أعرق أساتذة النحو بكلية دار العلوم.
«ممدوح محمد عبد الرحمن»، شاب سكندري يمتاز ب«الجدعنة»، يعرف الأصول، فشل في استكمال دراسته بكلية الهندسة، ورفض بعض الأساتذة التحاقه بإحدى الجامعات لكونه كفيفًا، إلا أنه جنى ثمار تعبه وأصبح أستاذًا للنحو والصرف لأكثر من 16 عاما بكلية دار العلوم في جامعة المنيا.
نشأ «عبد الرحمن» عاشقا منذ صباه للميكانيكا مهنة الأجداد، حلم بالالتحاق بكلية الهندسة، وفي طريق تحقيق مراده تمرن في ورش أسرته بالإسكندرية، كما تعلم الزراعة ورعاية الماشية في أسيوط مسقط رأس والده حتى التحق بمدرسة «شدوان الثانوية العسكرية».
الدكتور عبد الرحمن تحدث عن مشواره، قائلا: «كنت أسافر إلى الدول العربية والأوروبية للعمل منذ أن كنت في الصف الثاني الثانوي طوال مدة 3 شهور الإجازة إلى أن التحقت بكلية الهندسة وحققت حلمي، عملت خلال تلك الفترة ميكانيكيًا وبائعًا وكهربائيًا ونجارًا وغيرها من الأعمال بالمقاولة في لبنان والعراق وسوريا، وسافرت إلى إيطاليا عام 1979 مستقلا مركب ومتجهًا إلى اليونان واصطدم رأسي بجزء من المركب أثناء عودتي وحال نهوضي اصطدم رأسي مرة أخرى بالقرب من العين لكنني لم اهتم».
«أكملت رحلتي إلى اليونان وعدت بهدايا لأشقائي، وكنت آنذاك في الفرقة الثانية بكلية الهندسة، وعندما كنت أستعير بعض الكتب من المكتبة فوجئت بأنني غير قادر على الرؤية وقررت العودة إلى المنزل، فطلبت من أحد زملائي أن يصطحبني للمنزل لكنه اعتقد أنني أمزح معه فتركني بمفردي وذهب».
تابع: «أبلغت والدتي بوجود نقطعة سوداء بعيني لكنها لم تصدقني في بادئ الأمر ومع استمرار الشكوى أحضرت لي قطرة لكن الألم استمر فذهبت برفقتها إلى الطبيب فأخبرنا بإصابتي بانفصال شبكي حينها تذكرت إصابتي التي حدثت في المركب من شهر، وبدأت أذهب للعلاج بكلية الطب بجامعة الإسكندرية، ثم سلسلة من العلاج المجاني وبالفعل انتظرت 3 أشهر دون جدوى، إلى أن جاء يوم عجزت فيه عن رؤية أسئلة الامتحان».
وأضاف: «ذهبت للطبيب مرة أخرى فأخبرني أنني أعاني من انفصال شبكي بالعين الأخرى، وتم حجزي مرة أخرى بالمستشفى لمدة شهرين إلى أن أتي أحد الأطباء الفرنسيين فأجرى لي عملية جراحية وانتهى الأمر بأن فقدت البصر».
وواصل حديثه قائلا: «التحقت بكلية الآداب وكنت أرغب في دخول قسم التاريخ لحبي له، لكن والدتي هي وزميلي عبد الرحمن الرفاعي - رئيس محكمة حاليًا - نصحاني بالالتحاق بقسم اللغة العربية، امتنعت لكوني غير جيد في مادة النحو لكنه أبلغني أن شقيقته ستساعدني في الدراسة، وبالفعل اقتنعت بحديثه، وكانت والدتي هي من تتولى أمري وتكافح معي كما كان لأشقائي فضل كبير في مساعدتي حتى حصلت على المركز الرابع على الدفعة في السنة الأولى واستكملت رحلة تفوقي وحصلت على منحة من الكلية لاستكمال دراستي كان أجرها 25 جنيها، فكنت أذهب للكلية حتى الظهر وأختتم عملي وأذهب للعمل بإحدى المدارس في الفترة المسائية كنت أتحصل منها على 80 جنيهًا».
واختتم حديثه بقوله: «بعد أن حصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه قدمت في 10 إعلانات بجامعات مختلفة وعينت أستاذا مساعدا بالعريش لكنني عانيت كثيرا في رحلة عملي وقدمت في جامعة السويس والمنوفية وعينت بكلية التربية جامعة المنصورة لكن عميد الكلية رفض استكمال إجراءات تعيين أستاذ جامعي كفيف، ورفعت دعوى قضائية وحكم فيها لصالحي، ثم التحقت بدار علوم المنيا وجاءتني إعارة للسعودية لمدة 5 سنوات وعدت وصرت أستاذا مساعدا، ثم أستاذًا ورئيسًا لقسم النحو والصرف والعروض بالكلية لنحو 16 عامًا»، والآن أصبحت أستاذا متفرغا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.