طبعا كلكم عارفين إنى أنا كبير عائلتى.. دا بالإضافة إلى أنى كبير البلد بتاعتى.. وطبعا كلكم عارفين أن مافيش مشكلة ملهاش حل عندى.. لأن معظمكم بتلجأولى في مشكلاتكم وأقوم بحلها والكل يشهد بذلك من أكبر راس في البلد حتى أصغر طفل. إلا أننى بالأمس وضعت في موقف لا أحسد عليه عندما دخل لمكتبى صديقى الحاج «مسعود العجاتى» وهو يقول لى: تصدق ياعم «أبو طقة» إن الست أم العيال عايزة تذلنى؟! فقلت له: ليه بتقول كدا كفالله الشر.. دى الست أم إبراهيم تتحط ع الجرح يطيب! قال: دا كان زمان ياعمنا قبل أزمة السكر! قلت: طب إيه علاقة السكر باللى أنت بتقوله؟!! قال: شوف ياعمنا.. الست مراتى دى عمرها ما علت صوتها عليا.. ودايما لما تكلمنى تحط وشها في الأرض.. أنا سى السيد في البيت وأنت عارف! قلت: طبعا.. بس إيه اللى حصل بقى؟! قال: إمبارح وأنا داخل البيت نافش ريشى فوجئت بها حاطة إيدها على وسطها وبتتهز وتقول لى «عايزين كيسين سكر ياسيد الرجالة».. فأنا لقيتنى ماحطيتش منطق وشعرت ساعتها أنها طالبة منى ألف ناقة حمرا من بلاد النعمان. قلت: ها وبعدين قال: الست بتاعتى دى عمرها ما طلبت منى حاجة بالبجاحة دى لأنها تعرف كويس إنى مافيش حاجة بتستعصى عليا.. فأنا شعرت من طريقة كلامها أنها عايزه تقولى يلا بقى ورينا المروءة ياسى السيد.. فقلت لها ما أنتى عارفة إن البلد كلها مافيهاش سكر ياست أنتى. فقالت لى: وزير التموين قال إن السكر موجود في المجمعات وفى الهيبرات.. وعندك أبو محمود جارنا جاب كيس سكر إمبارح وماحدش مالى عينه في الشارع كله.. هو أنت أقل من أبو محمود في إيه ولا أنا أقل من أم محمود في إيه يعنى. فقلت لها حاضر هجيبلك سكر بكرة إن شاء الله.. بس هو انتى من إمتى بتكلمينى بالطريقة دى بقى؟! قالت: من ساعة ما عرفت أنك مش قادر تتصرف في كيس سكر بقالك أسبوعين وأنا ساكتة وعاملة نفسى من بنها وسايباك نافش ريشك علينا. فقلت لها: احترمى نفسك ياوليه.. دا أنا راجل البيت هنا وماحدش يكلمنى بالطريقة دى فقالت لى بكل بجاحة: الراجل هو اللى يعرف يجيب سكر لأهل بيته يا أبو الرجال. بينى وبينك ياعم أبو طقة أنا حسيت إن الست دى بتنتقم من العشرين سنة اللى كانت ساكتة فيهم وقايمة بدور أمينة في فيلم سى السيد.. فما كان منى إلا إن قلتلها عليا الطلاق لو جبتى سيرة السكر تانى لأكون مطلقك بالتلاتة ومتزوج عليكى.. فقالت لى: عادى.. أهو دا بقى اللى انت فالح فيه.. عموما اللى أخدته القرعة تاخده أم الشعور. فقوم إيه دمى فار وقلت لها طب انتى طالق يابنت ستين في سبعين ثم تركت المنزل وقضيت ليلتى عند والدتى في البيت الكبير.. والنهاردة حسيت إنى اتسرعت وقلت أروح لعمى أبو طقة جايز يعرف يتصرفلنا في كيسين سكر أقوم أروحلها وأعرفها إنى راجل وقادر وإن أبو محمود مش أحسن منى.. ساعتها ستعود لسيرتها الأولى وتعيش «أمينة» وأعود أنا «سى السيد».. ها قلت إيه ياعم أبو طقة؟! قلت له: روح بوس على إيد مراتك ياحاج مسعود واقنعها بأن السكر حاليا لا يُباع إلا في بلاد النعمان حيث بحور الرمال والجيوش الجبارة وحاول تاكل عيشك اليومين دول زيى كدا تمام.. يا ابنى اطلب منى أي حاجة غير السكر وأنا خدامك! وهنا نظر لى الحاج مسعود نظرة احتقار سحلتنى من أسفل قدمى حتى أم رأسى وخرج من مكتبى وهو يقول: كلنا لها.. كلنا لها!!