محافظة كفر الشيخ تضم الكثير من الأماكن التاريخية والأثرية, وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلي الشيخ طلحة أبو سعيد التلمسانى المغربى الشاذلى , صاحب الضريح المقام بمدينة كفرالشيخ، الذى قدم إليها من المغرب سنة 600 هجرية..أما شعار المحافظة فهو «المركب فرعوني», لشهرة المحافظة بالصيد، أما السنبلتان فتشيران إلي إنتاج الأرز, والثلاث دوائر ترمز للريادة في النظام التعاوني الزراعي. كانت كفرالشيخ قديماً الإقليم السادس في الوجه البحرى, وتضم عاصمته القديمة «خاسوت» الفرعونية -ضاحية سخا الحالية التابعة لمدينة كفر الشيخ-, فهناك العديد من المناطق الأثرية المهمة التى تشغل أطلالها حالياً نحو 2000 فدان من الأراضى الأثرية في مختلف أنحاء المحافظة, وهي عبارة عن تلال أثرية أشهرها تل الفراعنة بدسوق، وتل قبريط بفوه، وتل الخنزيرى بالرياض، وتل سيدى سالم، وتل الجلاجل ببلطيم، وتلال سنجار، ومسطروة، والكوم الأخضر ببحيرة البرلس. ومن الثابت تاريخياً أن مصر عرفت مملكتين فى بداية تاريخ مصر الموحدة, الأولى فى الوجه القبلى وعاصمتها «نخن» والثانية فى الوجه البحرى وعاصمتها «بوتو» وقد احتفظ المركزان القديمان للحكم فى مصر بأهميتهما وشهرتهما طوال العصور التاريخية . كانت بوتو أو منطقة تل الفراعين عاصمة مصر في فترة ما قبل الأسرات, وتقع علي مساحة 761 فداناً شمال شرقي مدينة دسوق , التي تتميز باحتوائها العديد من المواقع الأثرية, أهمها معبد «الإلهة واجت» الذي يعاني من ارتفاع منسوب المياه الجوفية..ولتل الفراعين أهمية أثرية, وصفها الخبير الاثري الدكتور محمد عبد المقصود أنها كانت عاصمة مصر في عصر ما قبل الأسرات, وكانت تعد المصدر الوحيد لإضفاء شرعية الحكم لملوك مصر, فقد كان عليهم الذهاب إلي يوتو لتقديم القرابين للإله واجت- ربة تل الفراعين ومانحة السلطة- وتحتوي علي جبانة «يوتو العظيمة» التي وجد بداخلها آلاف التوابيت النادرة برميلية الشكل, وقد نُقش عليها كتابات توضح طقوس دفن الموتي, عند قدماء المصريين. ومنطقة المعابد التي تمتد لمساحة تسعة آلاف متر مربع, لم يكتشف من معابدها سوي معبد للإله «واجت», بينما تؤكد الكتابات الآثرية أن هناك معابد الإله إيزيس والإله حور وآلهة آخرين. أما سخا فتقع على بعد 2 كيلو متر جنوب مدينة كفر الشيخ, وهى «خاسوت» الفرعونية و»اكسويز» اليونانية الرومانية, وكانت سخا عاصمة الإقليم السادس من أقاليم الوجه البحرى, ومقراً وعاصمة للأسرة الرابعة عشرة الفرعونية. ويقع تل الخنزيرى- البالغ مساحته 53 فداناً- بمركز الرياض في محافظة كفر الشيخ, ويرجح الباحثون الاثريون أنه موقع مدينة كانت مقراً لأسرة ذات شأن كبير فى العصر القبطى. أما تل الخوالد- البالغ مساحته 80 فداناً- فيقع بمركز سيدى سالم على بعد 40 كم إلى الشمال الغربى من مدينة كفر الشيخ, ويرجح أنه كان موقعاً لمدينة أو قرية فرازنيز, وكانت مقراً لأسقفية, وتدل الشواهد الأثرية على السطح أنها بقايا يونانية رومانية. أما تل الخبيز- البالغ مساحته 13 فداناً بمركز سيدى سالم ويبعد 75 كيلو مترا من مدينة كفر الشيخ- فيرجح أن يكون موقع مدينة أخبيت أو جزيرة أخبيت المصرية القديمة القريبة من مدينة بوتو القديمة. وفي العصر القبطي تم إنشاء كنيسة سخا الأثرية التي يعود تاريخ نشأتها عندما أراد الملك «هيرودس» قتل الأطفال ببيت لحم اليهودية للتخلص من السيد المسيح بعد ولادته, وكانت رحلة السيدة العذراء مريم ووليدها عيسي «عليه السلام» إلى مصر مروراً بالعريش وتل بسطا ثم بلبيس وسمنود إلى أن وصلوا إلى سخا, ومكثت العائلة المقدسة بسخا مدة غير محددة التاريخ, وكانت هذه المنطقة تسمى «بى اخا», ثم أُطلق عليها سخا لسهولة النطق, و» بي اخا» تعنى قدم السيد المسيح الذي انطبع على حجر فى نفس المكان . واحتلت سخا بعد ذلك مركزاً مرموقاً ومتميزاً لإقامة العائلة المقدسة بها هرباً من اضطهاد الوالى الرومانى, واهتم الأقباط فى مصر بعد ذلك بهذا المكان ليصبح مركزاً دينياً كبيراً، وأصبحت سخا عاصمة للأسقف الرئيسي للمنطقة. شيخ المؤرخين المصريين تقى الدين المقريزي يذكر ان دير المغطس بسخا كان يجيء إليه المسيحيون من سائر أنحاء العالم كما يحجون إلى كنيسة القيامة بالقدس, وبذلك أصبحت لكنيسة سخا عند المسيحيين أهمية كبيرة, وماتزال الوفود تأتى إليها من جميع أنحاء مصر لزيارتها ومشاهدة الآثار التاريخية الموجودة بها. كما تمتاز المدينة بالعديد من الآثار الإسلامية مثل مسجد إبراهيم الدسوقي, وهو من المساجد العريقة في العالم الإسلامي, ويقصده الآلاف من الزوار من جميع أنحاء مصر والدول العربية والإسلامية والأوروبية أيضاً, وتقول الرواية إنه في حياة الشيخ إبراهيم الدسوقي جاء الأشرف خليل قلاوون ، سلطان مصر في ذلك الوقت لزيارته بعد أن سمع عن أخلاقه وكرمه, فأمر ببناء زاوية صغيرة بجانب الخلوة, وبعد أن مات دفن إبراهيم الدسوقي بخلوته الملاصقة للمسجد.. وتمتاز هذه المدينة بالعديد من الاثار الاسلامية, أما مركز البرلس بكفر الشيخ فيضم العديد من الأضرحة والمساجد وأشهرها مسجد غانم الأشعري ببرج البرلس ويقع بالقرب من شاطئ البحر المتوسط, ويعتبر الأمير غانم بن عياض الأشعري من اوائل المسلمين العرب الذين حكموا المنطقة وانتصر أهل البرلس علي الرومان بقيادته عام 53هجرية وبعض أهل البرلس عرب قرشيون . وتضم مدينة بلطيم عددا من المساجد, أشهرها مسجد فتح ويقع بأعلي هضبة بلطيم , ومسجد يعقوب , ومسجد حسن الرفاعى, ومسجد يوسف السطوحي بقرية البنائين . كما يوجد بمدينة فوة 365 مسجدا أثريا وقبة ومزارا, فهي تعد المدينة الثالثة من حيث الآثار الإسلامية بعد القاهرة، ورشيد, والرابعة علي مستوى العالم في الآثار الإسلامية, ويستدعي الانتباه في مساجد فوة وجود المراسيم الرخامية في مساجدها, وهذه المراسيم عددها سبعة، ثلاثة منها في مسجد نصر الله، واثنان في مسجد القنائي، واثنان في مسجد أبو النجاة, وهي تتعرض في نصوصها السلطانية للعديد من الموضوعات مثل إلغاء الضريبة, أو إبطال عادة اجتماعية معينة, أو رفع ظلم من المظالم, كما يلاحظ أن الاهتمام بالمساجد لم يقتصر علي مدينة فوة, بل امتد إلي ضواحيها, فلقد أنشأ الأمير خليل أغا مسجداً في العلوى سنة 1133 هجرية وهي تقع في جنوب مدينة فوة . ويعد مسجد عبد الرحيم القنائي في مدينة فوة, من المساجد المعلقة, وبه أروع منابر مساجد فوة علي الإطلاق, وأقيم المسجد مكان الخلوة التي أقام بها الشيخ عبد الرحيم القنائي -أحد مشاهير الصوفية المصرية في العصر المملوكي- أثناء زيارته للعالم سالم أبو النجا بفوة. وازدهرت التجارة بمنطقة فوة بالعصر الإسلامي, ففي العصر الفاطمي, ومع التغييرات الإدارية التي طرأت في زمن المستنصر بالله , قام بدمج الكور الصغرى في عدد أقل من الكور الكبري, لتبرز مدن جديدة. وفي العصر الأيوبي – كما يذكر المقريزي- « وأما منذ أيام صلاح الدين يوسف بن أيوب فإن أراضي مصر كلها صارت تقطع للسلطان وأمرائه وأجناده « , أما عبرة فوة المزاحمتين وجزيرة بني نصر -طبقا لما ورد فى روك صلاح الدين عام 572 هجرية- فكان مقدارها 646 و 112 بالدينار, وقد تأثرت فوة فى العصر الأيوبي بالصراع الإسلامي- الصليبي الحربي. ورغم تركز الصراع الحربي على الجبهة الشمالية الشرقية للدلتا إلا أن فرع رشيد قد اتخذ طريقا لإحدي الحملات الصليبية الحربية التي سلكته حتي فوة سنة 600 هجرية, حيث أقامت عدة أيام تنهب المدينة, ويذكر الذهبي عن هذه الحادثة : «دخلت مراكب الفرنج الي فوة فاستباحوها ورجعوا» . وقد أفرد المؤرخ الشهير شرف الدين ابن الجيعان كتاباً خاصاً أسماه « التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية», ذكر فيه أقاليم مصر وما بها من بلدان مرتبة على حروف المعجم ,ومن الأقاليم التي ذكرها ابن الجيعان اقليم فوة والمزاحمتين والبلاد التي تتبع هذا الاقليم وهي اتفينه – الجزاير – العطف – المعلفية – بورنبارة – جزيرة الذهب – حوض الخولي – والبسقيل – دماليج – ديبي – بيشا – سنديون – محلة العلوي – محلة الامير – منية بني مرشد –منية حماد – نطوبس الرومان. وعن فوة يقول: «وهذا آخر اقليم فوة», وطبقاً لما ورد في التحفة السنية نستطيع ان نضع تصورا لاقليم فوة والمزاحمتين في العصر المملوكي . واستمرت فوة في العصر العثماني مركزا إداديا, وفي سنة 1826 م أنشئ قسم بلاد الارز غرباً, وجعلت فوة مقراً له لأنها أكبر قراه وأعمرها , وفي سنة 1871 ميلادية سُمي مركز فوة لوجود المركز بها, وكانت في ذلك الوقت تتبع مديرية الغربية, وعندما أنشئت محافظة كفر الشيخ أصبحت إحدى مدنها.