تامر ممتاز: قيادات البنك المركزى لن تلجأ إلى التعويم.. وقد تلجأ إلى تخفيض العملة المحلية في حدود معينة إسماعيل حسن.. محافظ البنك المركزى الأسبق: الاقتراض واللجوء إلى المؤسسات المالية العالمية والودائع من الدول الخليجية "حلول مؤقتة".. وتنشيط موارد النقد الأجنبى هو الحل "تعويم الجنيه"... المصطلح الأكثر تداولا بين غالبية المصريين، فهناك من يعارض الأمر تحت بند "خلقت لأعارض"، وهو في الوقت ذاته لا يمتلك من المعلومات والخبرات ما يؤهله لتبرير رفضه، وهناك من يقول "لا مفر من التعويم"، وهو كسابقه ولكن على الجانب الآخر، حيث يرى أن الحكومة لا يأتيها الباطل من أي اتجاه، فلابد أن قرارها ب"التعويم" صحيح بنسبة 100%. وما بين الرافض من أجل الرفض، والمؤيد لأنه لا يمتلك رفاهية الرفض، هناك فريق ثالث يرفع شعار "كونوا بقدر الأزمة"، فريق يدرك تبعات استمرار الوضع الحالى كما هو عليه، كما يمتلك رؤية مستقبلية للأوضاع على اللجوء إلى حل "تعويم" العملة المحلية، لكنه في الوقت ذاته يطالب المصريين بإدراك حجم الأزمة، وعدم التقليل أو التهويل من مخاطرها. طارق عامر، محافظ البنك المركزى، المسئول الوحيد الذي يمتلك "القول الفصل"، والجميع في انتظار كلمته الأخيرة، فيما يتعلق بقرار التعويم من عدمه، وتحديدًا الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين الذين يدركون أبعاد هذه النوعية من القرارات المصيرية. من جانبه عقب إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزى الأسبق على الأمر بقوله: يجب على الجميع أن يتعامل مع أزمة العملة كونها واجبًا وطنيًا بحت ويبحث ويعمل على حلول للخروج منها، كما يفرض الوضع القائم على الحكومة أيضًا البحث عن وسائل وسُبل لتنشيط مصادر النقد الأجنبي، حيث أصبح واجبًا العمل على تشجيع السياحة والحد من استيراد السلع الاستهلاكية والاهتمام بالصادرات المصرية، وتشجيع المصدرين وإزالة كل العوائق التي تشكل أعباء عليهم مما يحد من عملية الاستيراد. محافظ "المركزى" الأسبق، تابع حديثه قائلا: كل مؤسسات الدولة أصبح لزامًا عليها أيضًا العمل على إيجاد حلول للمشكلات التي تعوق توفير العملة الصعبة؛ لأن عملية الاقتراض واللجوء إلى المؤسسات المالية العالمية والودائع من الدول الخليجية لا تتعدى كونها حلولًا مؤقتة، ولهذا يجب تأكيد أن تنشيط موارد النقد الأجنبى مهم للغاية في تلك المرحلة. في سياق ذى صلة قال تامر ممتاز، الخبير المصرفى الشواهد والمعطيات الحالية تشير إلى أن قيادات البنك المركزى لن تلجأ إلى حل التعويم في الوقت الحالى، لكنها من الممكن أن تقرر تخفيض العملة المحلية في حدود معينة، وعلينا أن ندرك هنا أن "التعويم" بالمعنى المبسط يعنى قيام البنك المركزى بتركه حرًا، دون تدخل، وجعله خاضعًا لقانون العرض والطلب، وهذا الإجراء في العادى يتم اللجوء إليه في حالة عجز البنك المركزى وفقدانه جميع الأدوات والآليات، وهذا الوضع لم يحدث في مصر حتى وقتنا الحالى، فلا يزال البنك المركزى يتمتع بالقوة الكافية للسيطرة على الأمر، إلى جانب أن الاحتياطي النقدى شهد ارتفاعًا في الآونة الأخيرة، حيث وصل إلى 19.5 مليار دولار، ومن المرجح أن يصل إلى 25 مليار دولار نهاية العام حال موافقة صندوق النقد الدولى بشكل كامل على إقراض مصر ال 12 مليار دولار، الذي تتفاوض عليه الحكومة ووصلت مع البنك إلى مراحل متقدمة من التفاوض. "ممتاز" واصل حديثه قائلا: تخفيض الجنيه يعنى أن يقوم البنك المركزى بتحديد سعر الصرف محاولا الاقتراب من سعر السوق السوداء وتقليل الفجوة بين السوقين، على أن يختار محافظ البنك المركزى توقيتًا موائمًا للحدث، وليس بالضرورة أن يكون في يوم العطاء الدولارى الدوري بل من الممكن أن يكون في أي يوم آخر، وأرى أن السيناريو الأقرب للتنفيذ من جانب "المركزى" يتمثل في إصدار قرار "تخفيض" وليس "تعويمًا"، نظرًا للخطورة التي يمثلها قرار "التعويم" على الاقتصاد، إلى جانب أن "التعويم" يكون في حالات الإفلاس وفقدان البنك المركزى السيطرة تمامًا على السوق وعدم مقدرته على استخدام الآليات والأدوات التي يمتلكها. أما أحمد قورة، الخبير المصرفى، فقد أوضح أن صدور قرار "تخفيض الجنيه" قد يكون الحل المناسب للأزمة الحالية، وأكمل قائلا: علينا أن ندرك أنه سيترتب على هذا القرار مخاطر سلبية، خاصة على محدودى الدخل، وذلك لاتساع الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية لما يقرب من 5 جنيهات، وتخفيض العملة المحلية سيكون عاملا مساعدًا لتشجيع الصادرات المصرية ما يعزز من النقد الأجنبى ويقضى -إلى حد ما - على تخوفات المستثمرين الأجانب من الاستثمار في مصر، إلا أن مخاطره تكمن في ارتفاع الأسعار خاصة تلك التي يتم استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة (الدولار الأمريكي)، وهو أمر من شأنه إضافة أعباء جديدة على المواطن البسيط والطبقة المتوسطة. وفيما يتعلق بالسعر الحقيقى ل"الدولار"، قال "قورة": السعر الحقيقى للدولار هو السعر الذي يتم تداوله بالسوق السوداء؛ لأنه هنا يكون خاضعًا للعرض والطلب، لكن البنك المركزى لن يقوم بترك السعر حرًا، بل ربما يقوم بعملية التخفيض حتى يصل الدولار لنحو 12 جنيها أو 12.5 جنيها على فترات زمنية وليس مرة واحدة، ويجب أن ندرك أن مصر تتعرض لأزمة عملة حقيقية فرضها عليها الواقع مع تراجع موارد النقد الأجنبى خاصة السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، بالإضافة إلى تراجع الصادرات. "قورة" واصل حديثه قائلا: إيرادات السياحة تراجعت إلى نحو 42%، وهو أمر في غاية الخطورة، إضافة إلى أن تحويلات المصريين العاملون بالخارج بلغت نحو 12 مليار دولار، وهو رقم ضئيل مقارنة بالفترة التي سبقت ثورة 25 يناير، وهو أمر يمكن تفسيره باتجاه المغتربين إلى السوق السوداء لتمرير أموالهم، نظرًا لاتساع فجوة السعر بين السوق الرسمية والموازية. الخبير المصرفى أنهى حديثه بالإشارة إلى أنه من المرجح أن يقوم البنك المركزى عقب قراره المحتمل ب"التخفيض" باتخاذ خطوة أخرى في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل برفع الفائدة على الأوعية الادخارية "العائد والاقتراض" بواقع 100 نقطة أساس، وقرار رفع الفائدة سيكون حتميًا لمواجهة معدل التضخم المرتفع نتيجة قرار تخفيض الجنيه أمام سلة العملات الأخرى سواء العربية أو العالمية، وتلك الخطوة ستمكن البنوك من الحفاظ على المودعين. يذكر أن البنك المركزى قرر تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض في اجتماعه الأخير عند 11.75%، و12.75% على التوالي، كما أبقت لجنة السياسة النقدية على سعر الائتمان والخصم عند 12.25%، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى 12.25%. ويعهد قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد رقم 88 لسنة 2003 للبنك المركزى المصرى بوضع وتنفيذ السياسة النقدية، وينص القانون على أن استقرار الأسعار الهدف الرئيسى للسياسة النقدية الذي يتقدم على غيره من الأهداف، وبناءً عليه يلتزم البنك المركزى المصرى –في المدى المتوسط – بتحقيق معدلات منخفضة للتضخم تسهم في بناء الثقة، وبالتالى خلق البيئة المناسبة لتحفيز الاستثمار والنمو الاقتصادي. وتتكون لجنة السياسة النقدية التي تم تشكيلها بقرار من مجلس إدارة البنك المركزى المصرى من سبعة أعضاء وهم محافظ البنك المركزى المصري، نائبا المحافظ، وأربعة أعضاء من مجلس الإدارة، ويتم اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة النقدية بواسطة تلك اللجنة