محمد سعيد: تعويم الجنيه في الوقت الحالي يحمل الكثير من المخاطر مصرفي: توفير موارد النقد الأجنبي دور الحكومة وليس البنك المركزي تزايد حدة التكهنات باقتراب خفض قيمة الجنيه بعد تشديد الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه الأخير، على أن الحكومة ستقوم بتوفير السلع والمواد الغذائية الرئيسية بأسعار معقولة خلال شهر أو شهرين، بغض النظر عن سعر الدولار أمام الجنيه، وهي الجملة التي تم تكرارها 3 مرات. وأدت هذه التصريحات إلى اشتعال المضاربة على الدولار في تعاملات السوق السوداء ليتجاوز حاجز ال13 جنيهًا. وقفز سعر الدولار في السوق السوداء إلى ما بين 13.80 و14 جنيه للدولار، مقابل السعر الرسمي البالغ 8.88 في البنوك. وأكد اقتصاديون، أن التلميحات الرئاسية وتصريحات محافظ البنك المركزي عن تخفيض الجنيه، تهدف بالأساس إلى تحريك عمليات بيع وشراء العملة في السوق السوداء، حتى يمكن الإعلان عن خفض كبير في قيمة الجنيه. وتوقع هاني جنينة رئيس قسم البحوث في بنك الاستثمار بلتون فايناشيال، أن يتراوح السعر الرسمي للدولار بعد تعويم الجنيه مابين 11.5و 12.5 جنيه. وأعلن البنك المركزي المصرى اليوم، ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي إلى 19.591 مليار دولار بنهاية شهر سبتمبر الماضي مقابل 16.564 مليار دولار خلال الشهر الماضي. وقال محمد سعيد، العضو المنتدب لشركة أي دي تي للاستشارات والنظم: إن "بداية الحديث عن تحرير سعر الصرف كان من خلال تصريحات محافظ البنك المركزي عن تخفيض قيمة الجنيه خلال شهر رمضان الماضي، أدت إلى إشعال المضاربات في السوق السوداء وتحريك سعر الدولار بشكل عنيف، مشيرًا إلى أن الحديث عن السياسات النقدية للبنك المركزي قبل تنفيذها كان خطأ كبير. وفي يوليه الماضي، أعطى محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر تلميحًا قويًا، بأنه سيتحرك لخفض سعر صرف الجنيه، قائلًا: "لن أفرح باستقرار سعر الصرف والمصانع متوقفة"، وأن انخفاض الجنيه له إيجابيات لتنمية الصادرات. وأضاف سعيد ل"التحرير"، أن التصريحات الحكومية والتلميحات الرئاسية عن قرب تحريك سعر الجنيه قد يكون الهدف منها زيادة أسعار الدولار في السوق السوداء لكي تكون مُبررًا لتحريك سعر الجنيه في السوق الرسمية بشكل كبير أو بمعنى أخر إيجاد الذريعة المناسبة لتحرير سعر صرف الجنيه. وأكد أن أي قرار لتعويم الجنيه في الوقت الحالي، يعد تسرعًا يحمل الكثير من المخاطر، خاصة في ظل عدم وجود احتياطيات آمنة من النقد الأجنبي تكفي للسيطرة على المضاربات. وأشار العضو المنتدب لشركة أي دي تي للاستشارات والنظم، إلى أن قرار التعويم سيجعل سوق النقد الأجنبي تحت رحمة المضاربين. من جانبه قال رئيس العلاقات المصرفية والتمويل التجاري بأحد البنوك: إن "البنك المركزي يمتلك دائمًا خطة لتعويم الجنيه"، مؤكدًا أنه ليس هناك أي بديل في الوقت الحالي لقرار التعويم. وأضاف المسئول المصرفي الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي ليست هي العائق أمام تحريك سعر الصرف، فالاحتياطي يجب أن يستخدم في حالات الضرورة القصوى، مشيرًا إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم وجود مصادر للنقد الأجنبي تكفي الاحتياجات المحلية وهو دور الحكومة ورجال الأعمال وليس البنك المركزي. وتابع أن قرار تحفيض قيمة الجنيه ووصوله إلى السعر العادل وليس المدعم سيساهم في خفض فاتورة الاستيراد وتقليل معدلات الاستهلاك للسلع الترفيهية. وفيما يتعلق بتلميحات البنك المركزي والرئاسة عن وجود نية لتعويم الجنيه، أكد المسؤول أن مثل هذه التصريحات شئ متعارف عليه في دول كثيرة، بهدف تحريك سوق العملة وليس إشعال المضاربات.