الدكتور حسن أبو العينين - أستاذ جراحة الكلي والمسالك البولية- له تلاميذه في أوروبا والدول العربية, إذ حاضر في أكبر جامعات العالم ,ولا يزال يمارس عمله بدأب وجهد لتخفيف آلام الفقراء المرضي بمركز الكلي، الذي أنشأه رائد جراحات الكلي والمسالك البولية بالمنصورة ,وشهد بعلمه الدكتور زويل.. أبو العينين هو أمين عام جمعية عصر العلم,يرسم خارطة الطب والعلاج ويقدم حلولاً ناجعة في هذا الحوار.. كيف تري المنظومة الصحية ؟ - لابد من إعادة هيكلتها مرة أخرى بشكل يليق بمصر, فلا زال هناك قصور شديد فى منظومة الصحة والعلاج ,وخصوصا المرضى الفقراء, بسبب غياب نظام التأمين الصحى السليم, الذى يضمن للمريض الفقير العلاج الشامل, بالاضافة الى غياب الامكانات اللازمة لشراء مستلزمات العلاج ,فضلا عن غياب الادارة المحترفة, واضطراب نمط التعليم ,وخاصة التعليم الطبى الخاص غير المراقب ,مما يؤدى الى كارثة كبرى لعدم توافر الامكانيات الاساسية لتدريب الاطباء بتلك الجامعات وغياب المستشفيات التى يتدرب فيها ,لذا يتم تخريج اطباء ناقصى المعرفة ,الامر الذي يمثل خطورة كبيرة على المنظومة الصحية ,كل هذه العوامل تؤثر سلبا على المنظومة الصحية ,بالاضافة الى القصور الشديد فيما يتعلق بالبحث العلمى فى مصر,الذي يقتصر الآن على تقديم بعض الاوراق البحثية بغرض الترقى او الحصول على درجة علمية ليس إلا, ولا يسعى الباحث لتقديم المنظومة الصحية. صناعة الدواء ..أين أوجه القصور؟ - صناعة الدواء فى مصر تعانى قصوراً شديداً, والسبب الرئيسى هو السوق الافريقية التى تعتمد على الدواء المصرى بصورة اساسية نظرا لرخص سعره مقارنة بالاسعار العالمية, ولكن مقابل السعر نجد الدواء ليس فعالا ,لأن شركات الادوية المصرية تعتمد على زيادة ارباحها علي حساب درجة الجودة ,لذا فقد اهتزت سمعة الادوية المصرية وسط الشركات العالمية ,خصوصا بعد تردد انباء حول تصنيع ادوية «تحت بير السلم», بالاضافة الي غياب الرقابة على صناعة الادوية فى مصر, بالاضافة الى الاسترة والانبوبة والحقنة , كلها أصبحت محلية الصنع ,على اساس تشجيع المنتج المحلى والاستغناء عن المنتج المستورد الذى تكون تكلفته اقل . ما هى افضل دولة فى الأنظمة الصحية على مستوى العالم؟ - المنظومة الطبية السويدية من افضل النماذج على مستوى العالم , فهل تتخيل لو انك مريض ومؤمن عليك, فمن حقك استدعاء تاكسى ,يعطيك فاتورة وتقدمها إلى التأمين وتسترد اجرة التاكسى,ثم يتلقي المريض ارقي خدمة طبية في المستشفي. كيف نصل بالمنظومة الصحية إلى بر الأمان ؟ - كي ننهض بملف الصحة يجب الرقابة الشديدة على المناهج التعليمية فى كليات الطب, وبالذات الخاصة منها, حتى نتلافي الاخطاء المهنية الرهيبة التى يمكن ان يقع فيها ابناؤنا الخريجون ,لذا يجب اجراء امتحان لكل خريجى كليات الطب على مستوى الجمهورية (خاص وعام) لاختيار الافضل منهم ,القادرين على ممارسة المهنة ,حتى اضمن ان لدى طبيبا حقيقيا وليس فاشلا, ولا يحق لأى خريج الحصول على كارنيه ممارسة المهنة إلا بعد اجتياز الاختبارات ,وان ظل فى الاختبار 20 عاما, فلن اقبل طبيبا فاشلا.. وعلى الخريج المعين التفرغ الإجبارى لمدة 5 سنوات كخدمة عامة مقابل ما علمته الدولة مجانا مدة 25 عاما, وهذا موجود فى كل دول اوروبا ,حيث تعلم الدولة الطالب وتنتظر حتى يتخرج ويعمل وتحسب عليه كل ما أنفقته كى يقوم بسداده لرد جميل الدولة ، كما يجب الفصل بين العمل الحكومى والجامعى والعمل الخاص ,فلا يحق للطبيب أن يفتتح عيادة إلا بعد ان يقدم استقالته من العمل الحكومى او الجامعى إن كان أستاذا جامعيا, ولا يحق له الجمع بين الاثنين كما يحدث الآن, فالطبيب يذهب للمستشفى العام لمجرد جلب زبائن لعيادته الخاصة ويهمل مرضى المستشفى العام لأنه لن يستفيد منهم ,ومن هنا سأقطع عليه الطريق وسوف أوفر فرصة عمل لطبيب آخر,لأستطيع حل مشكلة البطالة من جهة ,ومن جهة اخرى سيتوفر لدى امكانات اعطى منها الاطباء رواتب كبيرة تغنيهم عن فتح العيادة. وعلى المواطن أن يساهم بدفع من جنيه إلى 10 جنيهات شهريا للدولة لدعم المرضي الفقراء, حينها سنجد لدينا نحو 300 مليون جنيه شهريا, اى 3,5 مليار جنيه سنويا, بالاضافة الى فرض (قرش واحد) على كل مكالمة موبايل تحت مسمى ضريبة الصحة, هذا كله إذا اضيف لميزانية الدولة التى لابد ان تصبح 10% بدلا من 3،5 % سيجعل لدينا افضل منظومة صحية تضاهى الهيئات الصحية العالمية من حيث جودة الخدمة وحسن الاداء ورفع المستوى الصحى للمواطنين , وأستطيع تطوير منظومة الاسعاف والاسعاف الطائر على الطرق. كما يجب العمل علي انشاء قناة خاصة تراقب الطرق وتبث ما يحدث بها على الهواء مباشرة بالطائرات, كما يحدث على مستوى العالم, لكشف الحوادث وقت وقوعها, وبالتالى سرعة إسعاف المصابين فى اى مكان. كيف يمكن «فلترة» صناعة الدواء فى مصر ؟ - صناعة الدواء فى مصر تحتاج الى فلترة, وهناك «مافيا», فعدد من مصنعى الدواء مثل الحواة ,اذ تجد ذات الدواء, واحد يباع بجنيه واخر ب 10 جنيهات, والرخيص غير فعال والغالى هو الفعال, ولذلك علينا ان نضبط المناقصات لأنها دائما تنظر للانواع الارخص ولا تنظر لمدى فاعلية الادوية ,وهذا بالتأكيد يقلل من امكانية علاج المرض, خصوصا المرضي الفقراء, لذا ننصح المرضى بشراء بعض الادوية مثل المضادات الحيوية من الخارج خوفا من حدوث مضاعفات للمريض بعد العملية ,لما تمثله الادوية المغشوشة من انتكاسة للمريض. كيف تري مواد الصحة فى الدستور الجديد؟ - مواد الصحة فى الدستور جيدة, فالدولة تتكفل بعلاج المريض . ضحيت بسنوات عمرك من اجل مصر, فماذا كان المقابل ؟ ضحيت بثلاثين سنة من عمرى من اجل مصر, تفرغت خلالها لمركز الكلى بالمنصورة, فحصل على درجة العالمية, وكل هذا بدون مقابل, وحصلت على رسالتي دكتوراه ورسالتي ماجستير من مصر ومن هولندا, وكنت اجرى كثيرا من العمليات الجراحية لمرضى من مختلف انحاء العالم, وكنت أدخل للمركز اكثر من 130 مليون جنيه سنويا مقابل عمل يدى وحدى , ولم أحصل علي جنيه واحد لنفسى, وكان يأتينى 700 متدرب من كليات الطب على مستوى العالم، وكانوا يدفعون مقابلا ماديا يدخل خزانة المركز, بالاضافة الى السمعة العالمية التى حظى بها المركز فى دول المتدربين , كما ان رؤساء الدول والدبلوماسيين الذين زاروا المركز اشادوا به, كل هذا جعلنا اكبر مركز كلى منافسه على مستوى العالم, وفى نهاية رئاستى للمركز وجدت كثيرا من المخالفات المادية والادارية, فأبلغت بها رئيس الجامعة والجنزورى وعصام شرف فلم يستجب احد ,فقدمت استقالتى, هذا هو جزاء علماء هذا البلد. لماذا لم يتدخل الدكتور غنيم بما له من ثقل لحل هذه المشكلة ؟ - الدكتور غنيم أهتم بالعمل السياسى بجانب مهنته كطبيب واستاذ جامعى, وكان يمكنه مساعدتى, لكنه خاف. هل تعيين العمداء ورؤساء الجامعات بالانتخاب فى صالح المنظومة العلمية ؟ - حاولت الترشح ضد رئيس الجامعة, ولكن رئيس الجامعة من الفلول, واصبح العميد ورئيس الجامعة يأتى لمكانه بالاجتماعيات, من حضور افراح وطهور, ولا يتم اختيار الاكثر علما, لذا فسوف يحصل الاخوان على جميع المناصب,لأنهم الأقدر على فعل ذلك.