سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الجلوكوز» الموت ب «الجفاف».. اختفاء المحلول من السوق بعد غلق «المتحدون فارما».. 3 شركات خاصة تسيطر على السوق.. نسبة العجز تصل ل3 ملايين عبوة.. ونقابة الصيادلة تسعى لحل الأزمة ب«مصنع سوهاج»
الكتابة عن أزمات الصحة في مصر، تحولت إلى "عادة"، الصحف تكتب كل صباح.. والبرامج التليفزيونية لا تمل من إطلاق التحذيرات.. والعقلاء منا يطالبون بالتدخل لإنهاء الأزمات، أو حتى الالتزام ب"المكاشفة"، في المقابل وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين، لا يزال يذهب إلى مكتبه كل صباح، يدير الوزارة، يطلق التصريحات، ويمنح هذا وعدا ب"إنهاء أزمته"، ويلقى على هذا لوما لتقصيره في أداء واجبه، لكن وسط هذا كله لا يتحدث – ولو بالهمس- عن الأزمات الحقيقية التي تعاني منها الوزارة، ولا يكشف – ولو بالإشارة- الخطط التي أعدها أثناء ساعات تواجده بمكتبه المكيف لمواجهة تلك الأزمات.. لكنه يكتفي بإصدار قرارات، يتضح فور تطبيقها أنها تزيد الأمور سوءا، وتدفع ب"أجساد المصريين" إلى الخروج من أبواب المستشفيات على "ترولى المشرحة". خلال الأسابيع القليلة الماضية، تعالت الأصوات التي تشير إلى وجود أزمة اختفاء عدد من أصناف الدواء، وزارة الصحة من جانبها التزمت بسياسة "ليس في الإمكان أفضل مما كان"، الوزير تحدث عن الإنجازات، ولم يقترب من الأزمات. "محاليل الجلوكوز".. هي الأخرى لم تكن بعيدة عن "شبح الاختفاء"، لكن سبب اختفائها يختلف عن أسباب اختفاء بقية الأصناف الدوائية، حيث اتضح أن قرارا وزاريا سبب الأزمة، القرار أصدره الوزير السابق، عادل عدوي، بغلق مصنع "المتحدون فارما"، الذي ينتج المحاليل الطبية بعد كارثة إصابة 30 طفلا من محافظة بني سويف بالتسمم عقب تناولهم "محلول وريدي". في المقابل، وبعد ساعات قليلة من صدور قرار "عدوي"، سارعت شركات الإنتاج الأخرى لاستغلال الأزمة في جمع المحاليل وتخزينها وتسريبها للسوق السوداء وبيعها بسعر أعلى من سعرها يصل إلى أضعاف السعر الأصلي. لا يمكن أن يتصور طبيب أن تخلو غرفة العمليات من محلول الجلوكوز، لأنه أساس كل العمليات الحيوية بجسم الإنسان، وعدم وجوده يعني إعطاء المريض الحقنة في الوريد مباشرة وهو تصرف تسبب في بتر أعضاء 4 مرضى بأحد مستشفيات محافظة الإسكندرية – وفقا لما أكده عدد من الصيادلة -، والطبيب لا غنى له عن المحاليل نظرا لحاجة مريض غيبوبة السكر الذي يحدث له هبوط في الدورة الدموية، فضلا عن العمليات الجراحية والحوادث، ومنذ إغلاق مصنع "المتحدون فارما"، الذي يصنع الجلوكوز بسبب خطأ في تركيبة أحد المحاليل والسوق المصري يعاني من نقص شديد في محلول الجلوكوز الذي يقتصر إنتاجه على 6 شركات 4 منهم خاصة و2 تابعة للدولة. سوق المحاليل الطبية تسيطر عليه حاليا 3 شركات فقط بعد غلق مصنع "المتحدون فارما"، نظرا لأن الشركات الحكومية تعاني من سوء إدارة وتمويل لذلك عجزت الدولة عن توفير خطوط إنتاج المحاليل الطبية بها لسد العجز القائم في السوق. في المقابل.. مصدر مسئول بشركة النصر التابعة للشركة القابضة للأدوية كشف أن هناك ماكينة قامت الشركة بشرائها لإنتاج المحاليل الطبية، وتشمل طاقتها الإنتاجية 3 ملايين أمبول محاليل شهريا بتكلفة 8 ملايين جنيه منذ عامين وحتى الآن هذه الماكينة لا تعمل، مؤكدًا أن الماكينة في حال عملها يمكنها أن تغطي عجز المحاليل الطبية في السوق المصري، كما يمكنها أيضا التصدير للخارج – حسب تأكيده. أما الدكتور أشرف مكاوي عضو مجلس نقابة الصيادلة، فقد أوضح أن "سوق المحاليل الطبية ينقسم إلى شركات قطاع أعمال منها شركة النصر وشركة النيل للأدوية وشركات قطاع خاص منها مصنع "المتحدون فارما"، الذي أغلق منذ عام بقرار من وزير الصحة السابق، واحتياجات مصر من المحاليل تصل إلى 15 مليون عبوة محاليل شهريا"، بينما يتم إنتاج ما يقرب من 12 مليون عبوة محلول واصفا إياه بالرقم الضعيف. "مكاوي" في سياق حديثه كشف عن كارثة يلجأ إليها الصيادلة، وهي إعطاء الحقن للمرضى دون محلول مباشرة، حيث يلجأ إلى البديل للتعامل مع المريض في حالة عدم وجود محلول ما يؤدي إلى خطورة على صحة المريض. وحول الدور الذي من المتوقع أن تلعبه نقابة الصيادلة لتقليل من آثار تلك الأزمة قال "مكاوي": النقابة سوف تنشئ مصنعا لإنتاج المحاليل من المقرر أن يبدأ في الإنتاج خلال عام من الآن، ومحافظ سوهاج وافق على تخصيص قطعة أرض للصيادلة لإنشاء مصنع المحاليل الطبية للمساهمة في تغطية احتياجات السوق من المحاليل الطبية. من جانبه قال الدكتور مجدي عبد الحميد مدير سابق يعمل في مصنع "المتحدون فارما" الذي تم إغلاقه: تلك المرة الثانية التي يصدر فيها قرار بالغلق للمصنع، وإذا صدر قرار بإغلاقه للمرة الثالثة لا يمكن منحه ترخيص الإنتاج ويحول نشاطة بعيدا عن إنتاجه الأدوية وفقا لقواعد وزارة الصحة. وفيما يتعلق بأزمة اختفاء المحاليل قال الدكتور مجدي: المحاليل الطبية لا يوجد نقص في حجم إنتاجها، وهناك 6 شركات في السوق المصري تنتج محاليل طبية وهي "شركة اتسوكا مصر اليابانية، هايدلينا، الفتح، المتحدون فارما"، شركات قطاع خاص، بينما توجد شركتان "النصر والنيل" تابعتان للدولة للشركة القابضة للأدوية. "فيتو" تواصلت مع صاحب مصنع "المتحدون فارما" الدكتور جلال عبد الجواد، الذي أكد أن غلق المصنع يعتبر المرة الأولى بعد قرار وزير الصحة السابق الدكتور عادل عدوي، موضحًا أن وزارة الصحة شكلت لجنة منذ شهر يناير الماضي، وظل المصنع مغلقا لمدة عام وشهرين حتى الآن وتطلب أوراقا للمصنع إلى أن انتهى عملها ومن المقرر فتح المصنع وبدء الإنتاج أول أكتوبر المقبل، مؤكدا – في الوقت ذاته - أن المصنع يساهم في تغطية احتياجات السوق، وينتج 3 ملايين عبوة محلول شهريا موزعة على 20 صنف محلول.
على الجانب الآخر قال الدكتور عصام عبد الحميد، عضو مجلس نقابة الصيادلة: وزارة الصحة غير قادرة على ضبط السوق والسيطرة على الشركات المنتجة، حيث إنه يتم إنتاج 9 ملايين عبوة محاليل شهريا من كل الأصناف، ويوجد في مصر أزمة استهلاك؟!.. إذن أين يذهب إنتاج تلك الشركات، والصيدليات تعاني من أزمة نقص محاليل والكميات التي تصل إليها غير كافية؟ عضو "الصيادلة" واصل حديثه قائلا: هناك شركتان بعينهما إنتاجهما يوجد في السوق السوداء وتضطر الصيدليات للشراء من السوق السوداء بأسعار ضعف ثمنها، وأرى أنه من مصلحة وزارة الصحة أن يعمل مصنع "المتحدون فارما" ليساعد في الإنتاج إلا أنه لا يمكن فتحه بدون استيفاء شروط التصنيع الجيد والحصول على شهادة التصنيع الجيد. "عبد الحميد" في سياق حديثه كشف عن مطالبة وزارة الصحة عدة مرات بإحكام الرقابة ومتابعة شركات الإنتاج وكميات إنتاجهم بدل من توزيع كراتين المحاليل في السوق السوداء دون رقابة عليها، موضحًا أن الكرتونة التي تضم 20 زجاجة محلول، وسعرها للمستهلك يصل إلى 140 جنيهًا تباع في السوق السوداء ب300 جنيه. كما أكد تتبع نقابة الصيادلة لعدد من مندوبي البيع في السوق السوداء ومعرفة أماكنهم وإبلاغ وزارة الصحة بها، مشيرًا إلى وجود مخازن تبيع المحاليل في السوق السوداء بشارع قصر العيني والشرقية والمنصورة. في ذات السياق قال الصيدلي على عبد الله، مدير مركز الدراسات الدوائية: بعد صدور قرار بغلق المصنع ظلت التشغيلات الخاصة بالمحاليل موجودة في الصيدليات تباع ولم يتم سحبها من السوق كما كان يجب، وإعلان وزارة الصحة سبب إغلاق المصنع حينها بأن المصنع حاصل على تصريح بإنتاج 80 ألف عبوة في حين أنه ينتج كميات زيادة تصل إلى 300 ألف عبوة بعيدا عن الرقابة العلمية والمالية يدفعنى للتساؤل أين كانت وزارة الصحة حينها؟، وهل زيادة إنتاج المصانع عن الكميات المصرح بها وسيلة لزيادة أرباحها والتهرب من الضرائب ؟، وأين دور التفتيش على إنتاج المصانع التابع لوزارة الصحة الذي يتابع خطوط الإنتاج؟، والمتعارف عليه أن أي تشغيلة لإنتاج الدواء يؤخذ منها 20 عبوة لا يتم بيعها تأخذها وزارة الصحة وعند حدوث مشكلة من منتج بعينه في السوق يتم إحضار تلك العبوات لإجراء مقارنة بينها وبين عينات السوق للتأكد من أن السبب عيب تصنيع أو عيوب تخزين في السوق أدت لحدوث مشكلة. وأضاف أن الدولة تمتلك مصنعين لإنتاج المحاليل هما شركتا النصر والنيل، والحكومة غير قادرة على افتتاح خط إنتاج جديد للمحاليل الطبية يسد العجز الموجود في السوق. وعن أسعار المحاليل أكد الصيدلي على عبد الله أنه قبل رفع الأسعار كان يصل سعر عبوة المحلول إلى 3.5 جنيهات بالنسبة للمحاليل رخيصة الثمن كالجلوكوز والملح المنتج في الشركات الحكومية، إلا أنه بعد رفع الأسعار وصلت إلى 7 و8 جنيهات السعر الجبري لها ومع ذلك لا تحقق الربحية للشركات المنتجة لها لذلك إنتاجها من المحاليل قليل، بينما يوجد محاليل مستوردة يصل سعرها إلى 250 جنيها منها الهيومن ألبومين لمرضى الكبد. وأكد شراء معظم الصيدليات للمحاليل من السوق السوداء مضطرين لذلك، موضحا أن الصيدلي أحيانا يشتري عبوة المحلول على سبيل المثال ب20 جنيها بالسوق السوداء ويبيعها للمريض بسعرها الجبري ب8 جنيهات في سبيل صرف الروشتة كاملة للمريض وبيع بقية أصناف الدواء ونوع آخر من الصيدليات يبيع عبوة المحلول، حسبما اشترها من السوق السوداء ويرتضي المريض ذلك لأنه لا يجدها وليس أمامه خيار آخر. "نقلا عن العدد الورقي.."...