أكدت دراسة حديثة أعدها مركز «عيون» لحقوق الإنسان، أن مدينة الحوامدية هى المقر الرئيسى للزواج السياحى منذ عشرين عاماً، موضحاً أن معالم المدينة وقراها تغيرت كثيراً حتى أنها تبدو مدينة خليجية على أرض مصرية. عزة الجزار - منسق عام مشروع مناهضة الاتجار بالفتيات بالمركز- تقول: لقد وصل الأمر إلى محو الهوية المصرية من الحوامدية، وكأنها مدينة خليجية، فالأسماء هنا: فهد وسلطان وطلال وفيصل وجواهر وحصة، وملابس الرجال والنساء خليجية، أما الأكلات فهى الكبسة والمندى والبريانى والمضغوط وغيرها، حتى الألفاظ والكلمات المتداولة بين أهالى الحوامدية هى ألفاظ وعبارات خليجية، وكأننا فى مدن سعودية وكويتية وإماراتية وقطرية! خمسون قرشا أجرة المعدية التى تنقلك من أمام مستشفى المعادى الى قرية «طموه» حيث يبيع بعض الآباء بناتهم لمن يدفع اكثر، والعرسان تتراوح اعمارهم بين الخمسين والسبعين أما العرائس فمن 51 حتى 71 عاما ليصبحن ضحايا الطلاق المبكر فى مجتمع مازال ينظر بريبة شديدة الى المطلقات. ما ان يصل «الزبون» الخليجى حتى تتجاذبه أيادى الامهات وفى النهاية يتفقن على عرض بناتهن فى بيت إحداهن اما الازواج فيتابعون مشهد عرض بناتهم للبيع بلا مبالاة! تقف البنات ويعاينهن الكهل كبضائع وعندما يقع اختياره على احداهن تنشب مشاجرة «وهمية» بين الامهات والبنات فيضطر الثرى الخليجى الى ترضيتهن بدفع مائتى جنيه لكل فتاة ومثلها لامها. التقينا عددا من الضحايا فماذا قلن؟ ابتسام عادل (81 عاما) تقول: تزوجت لأول مرة فى الرابعة عشرة من عمرى آنذاك اتصلت السمسارة بوالدى كى يرانى رجل خليجى ودخلت السمسارة تدعى «أم ربيع» الى غرفتى واختارت من بين ملابسى «تى شيرت» وجيبة قصيرة ثم ادخلت الرجل فأبدى اعجابه بى وبدأ يتفاوض مع ابى حول السعر فاتفقا على 04 ألف جنيه اعطى منها ابى لام ربيع 0002 جنيه، وكان الرجل أكبر سنا من والدى واشترط على والدى عدم إنجابى واقنعنى والدى بالزواج من هذا الرجل، ثم جاء المحامى وكتب العقد ووقعت انا ووالدى واحد اقاربنا على العقد. وفى صباح اليوم التالى اصطحبنى الى شقته وقضيت معه اقل من شهرين لم استطع التحدث هاتفيا الى والدى خلال هذه المدة، وبعد انتهاء فترة اجازة زوجى اتصل بوالدى فجاء ليأخذنى ويسافر الرجل الى غير رجعة. وتضيف:«لست وحدى من حدث معها مثل هذا فأهالى قرية «طموه» فقراء وهم يضطرون الى تزويج البنات الصغيرات للخروج من دائرة الفقر والحرمان، بالإضافة لانتشار السماسرة الذين يحتفظون على هواتفهم بأرقام الاهالى للاتصال بهم فى حال وجود عريس، وبالطبع فسعر البنت البكر اعلى بكثير من المطلقة حتى لو كانت فى مقتبل شبابها». نسرين (61 عاما) تقول: «تزوجت فى العام الماضى، جاء السمسار الى والدى ومعه رجل خليجى فى عمر والدى وارتديت ملابس مكشوفة وقصيرة فأعجبت الرجل ودفع لوالدى مبلغا لا اعرفه، لكنه اعطى السمسار الف جنيه وتزوجنى الرجل لعدة ايام ثم طلقنى وفى الشهر ذاته زوجنى ابى لخليجى اخر ولكن كان المهر قليلا فالخليجيون يعشقون العذراء ولى من صديقاتى من تتزوج لمدة يوم أو يومين، والفقر يدفع الاسر الى تزويج بناتهن الصغيرات». سهام 71 عاما تحكى مأساتها بقولها: كنت فى الصف الثانى الاعدادى واخذتنى جارتى ووضعت لى الماكياج، فوالدتى متوفاة واصطحبتنى الى عمارة فخمة وكانت اول مرة اصعد بالاسانسير ودقت جارتى الجرس ففتح لنا رجل كبير السن رحب بنا ترحيبا شديداً وقدمت لنا خادمته العصائر والفاكهة، وقال لجارتى: مين القمر اللى معاكي؟ فقالت: دى حاجة حلوة قوى، عجبتك؟ فقال: زى القمر.. واعطانى فى يدى مبلغا فرفضت وامام اصراره الشديد وافقت لكننى اعطيت المبلغ لجارتى أمام الرجل الذى اعطاها ايضا مبلغا ثم اعادتنى جارتى لبيتي. وفى طريق عودتنا قالت جارتي: ايه رأيك فى الراجل اللي كنا عنده؟ قلت: راجل كريم، قالت: هو ده اللى هتتجوزيه، راجل غنى وهيساعدك انتى واخواتك وللا عايزين تعيشوا فى الفقر طول عمركم؟ وفى الصباح جاء الرجل ومعه المحامي، ووقعنا عقد الزواج فى حضور ابى الذى استلم المهر، ثم اصطحبنى الرجل الى شقته فأخذت أبكى وهو يجردنى من ثيابى، لكنه عاشرنى بالقوة وبالضرب وبعد ايام من وجودى معه هربت منه وعدت الى بيت ابى لأبكى بين يديه، والصدمة الكبرى ان ابى استمع إلى بلا مبالاة وكأن شيئا لم يحدث! لكن قصة شيماء تدمى القلب ترويها بقولها: عمرى 71 سنة واسكن منطقة «بيجام» بشبرا الخيمة، كنت كأى طفلة تذهب لمدرستها تحمل كراساتها وكتبها، وكنت متفوقة فى دراستي، كنت احلم بمستقبل باهر وبوظيفة مرموقة تنقذنا من الفقر المدقع الذى يتجسد حولى فى كل شيء، بيتنا القديم واثاثه المهترئ وابى قعيد البيت الذى تنافست الامراض على احتلال جسده الواهن وامى التى تدبر بمعجزة وجبة واحدة نتناولها يوميا ولا نعرف طعما للحم سوى فى المواسم والاعياد حتى جدران شقتنا كالحة وألوان الجير بهتت وتساقطت. شيماء تستكمل رواية مأساتها بقولها: كانت لنا جارة تدعى أم ممدوح معروفة فى الحى ب «الخاطبة» لكنها كانت تفعل اى شيء من اجل الحصول على المال، ضرب الودع وقراءة الفنجان والخدمة فى البيوت وكانت تتردد علينا من حين الى آخر، ولان حالنا يسر العدو ويحزن الحبيب فقد عرضت على أمى تزويجى من عريس اماراتى يريد الاستقرار فى مصر والزواج من فتاة مصرية مقابل مهر ضخم وشقة على النيل ورسمت أم ممدوح احلاماً وردية لامى وأبى المريض حتى أبى كان ينفذ أوامر أمى بلا تردد فهو لاحول له ولاقوة، وبالفعل تزوجت الرجل الاماراتى بعقد عرفى وخلال خمسة اشهر تنقلنا بين ست شقق مفروشة فهو لايحتمل البقاء فى شقة واحدة اكثر من شهر، وعندما علم بحملى منه ثار ثورة عارمة واصر على اجهاضى وبالطبع رفضت فحاول اجهاضى، بالقوة اكثر من مرة وباءت محاولاته بالفشل عندئذ قام بسرقة عقد زواجنا العرفى وهرب الى الامارات، ووجدت نفسى وحيدة فى شقة مفروشة لا استطيع دفع عشرة جنيهات من ايجارها الضخم فعدت الى بيت ابى وتمر شهور وأضع حملي. ووسط دموعها الغزيرة ونحيبها تضيف شيماء : زاد الفقراء واحدا من اين لى بثمن ملابس الرضيع وادوية وكشف وكيف ارفع رأسى بين جيرانى الذين يظنون اننى حملت سفاحاً فالاب قد هرب الى بلده بلا عودة وسمعة سيئة سوف تلازمنا، بالاضافة الى الفقر المدقع والجوع والحرمان الذى نعيشه مع اننا شرفاء والا ما كان هذا حالنا. «هبة»- احدى ضحايا الزواج السياحي-« 61 عاما» تروى مأساتها مع تجربة الزواج السياحى: كان عمرى 41 عاما عندما جاء الى منزلنا رجل سعودى عمره 07 عاما ليتزوجنى واجبرنى اخوتى الذكور السبعة على الموافقة على تلك الزيجة وقد دفع لهم مبلغ 51 الف جنيه، وتذكرت ابى الذى توفى قبل عام من اتمام الزواج، فما كان والدى ليوافق على ذلك. تستكمل هبة: كنت فى البداية اخاف من زوجى السعودى ولكنه اغدق علينا بالاموال والهدايا الذهبية، كنا نعيش فى شقة مفروشة فى مصر الجديدة ثم تنقلنا بين المهندسين واكتوبر، واحيانا كنا نقيم فى فندق وكان اخوتى يدفعونى الى طلب الاموال منه، وعندما ارفض كانوا يضربوننى فقد كان هدفهم ان يبيعونى ويقبضون الثمن، وقد تعرفوا عليه عن طريق زوج اختى الذى يعرف سمساراً وعندما «شبع» العجوز منى طلقنى وحاول اخوتى ان يعيدوه الىَّ بشتى الطرق حتى انهم اخذوا ورقة الطلاق لاحد الدجالين ليعمل له عملاً حتى يعود اليّ مرّة اخري. اما «وفاء 81 عاما» فتحكى تجربتها تخرج كلماتها مع دموعها: ابى يعمل نقاشا وكان عائلا لاسرتنا من خلال صنعته وابتلاه الله بمرض خبيث فى صدره اقعده عن العمل واخذنا فى بيع اثاث المنزل واخى الصغير حاول ان يجد عملا وأخيرا عمل سائق «توك توك» وكان اجره لايجدى فى توفير متطلبات المنزل وعلاج والدي. وتضيف وفاء: لم يجد أبى حلا سوى ان يزوجنى من ثرى وتزوجت من عجوز سعودى وكان عمرى وقتها 61 عاما ودفع زوجى لأبى 7 آلاف جنيه فقط ودام زواجنا لعامين كان يأتى خلالها زوجى مرات قليلة، واخر مرة التقينا فيها كان فى شقة مفروشة وكان بصحبتنا احد اصدقائه وهو الاخر متزوج من مصرية، وكانت تقوم بأفعال لا تروق لى فقد خلعت حجابها امامنا ودخنت الشيشة والسجائر وطلب زوجى ان اقلدها وان اقوم باعمال تنافى اخلاقى ودينى، فرفضت ما طلبه منى فطلقنى وعدت الى منزلنا لاجد الفقر هو المصير المحتوم وكانت الصدمة ان اختى الكبرى هى الاخرى كانت قد تزوجت من رجل سعودى ايضا. اسماء- ضحية اخرى من ضحايا الزواج السياحى «71 عاما» تقول: توفيت امى وتركتنى مع خمسة اخوة وتزوج ابى بعد وفاتها واذاقتنا زوجته الوان العذاب وكانت اختى الكبرى قد تزوجت من سعودى وذهبت لتعيش معه فى المملكة وانجبت له خمسة اولاد وتوفى زوجها وظلت هى هناك فى السعودية ترعى ابناءها الخمسة، وكانت ترسل لنا مصاريف المنزل وساهمت فى زواج اخوتى وعرضت علىَّ زوجا سعودياً يبحث عن مصرية فوافقت حتى اهرب من جحيم زوجة ابى وتزوجته وسافرت الى السعودية لاعيش معه هناك، وبعد اشهر حملت منه ولكنى لم اعد احتمل الحياة معه فقد كان مريضا عقليا ويتصرف مثل الاطفال.. يأكل «المصاصة» ويرتدى ملابس غريبة ويضربنى بدون اسباب فهربت منه وذهبت الى السفارة فرحلونى الى مصر وعدت لمنزل ابى وزوجته التى عاملتنى بقسوة شديدة وعندما وضعت طفلى أخذه منى أهل زوجى وعلمت عندما عدت أن ابى اخذ مهراً 03 ألف جنيه مقابل تزويجى لهذا الرجل وقام بعدها بتزويج اختى بنفس طريقة زواجي. صباح هى الاخرى خاضت تجربة الزواج السياحى ولكن اكثر من مرة اولها كانت تبلغ من العمر 61 عاما وتروى تجربتها قائلة: اسرتنا مكونة من 7 بنات وولدين وابى كان يعمل فى شركة السكر وعندما وصل سن المعاش فتح محلا لبيع الهواتف المحمولة وتزوجت وقتها من شاب قطرى عن طريق سمسار وعشت معه اربع سنوات ولكنى طلبت منه الطلاق على الرغم من انه كان طيبا وشابا ودفع لى 04 ألف جنيه مهرا ولكنى فرطت فى النعمة لانه كان عقيما وتعرفت بقطرى اخر هناك وتزوجت منه وحصلت على 02 ألف جنيه كمهر وكان ضابطا ومتزوجا ولديه اطفال ولكنه طلقنى بعد ان عرفوا فى عمله بأمر زواجنا، وتضيف صباح: تزوجت بعد ذلك عدة مرات لكنه كان زواجا عرفياً والآن لا ارغب فى خوض تجربة زواج اخرى مؤكدة انها انفقت المبالغ التى حصلت عليها من الزواج بالكامل.