الأمانة وحسن الخلق والنظر الحاد ودقة التصويب أهم مواصفات «عنصر الحراسات» برامج مكثفة تضم تدريبات رياضية وتمرينات في السويدى إلى جانب الألعاب القتالية يراعى الحالة النفسية عند اختيار الحارس وأن تكون لديه القدرة على السيطرة على أعصابه مهما كانت الظروف "شهيد تحت الطلب".. هو الوصف الأدق لجنود مجهولين يحملون أرواحهم على أكفهم.. مستعدون دائما للتضحية بحياتهم مقابل إنقاذ حياة " شخصية مهمة".. إنهم رجال الحراسات الخاصة بوزارة الداخلية، الذين يعملون في صمت ولا يسمع أحد عنهم إلا بعد استشهادهم أو إصابتهم في حادث إرهابى يستهدف وزيرًا أو مسئولًا كبيرًا حالىًا أو سابقًا، مثلما حدث مع الحارس الخاص للدكتور على جمعة، الذي أصيب وهو ينقذ مفتى الديار المصرية الأسبق من محاولة إغتيال مؤخرا.. محقق "فيتو" في السطور التالية يلقى الضوء على رجال الحراسات الخاصة، ويرصد شروط اختيارهم لهذه المهام الصعبة سواء بدنيا أو نفسيا، وتفاصيل التدريبات التي يحصلون عليها، والمخاطر التي يتعرضون لها، وتأثر هذا العمل المحفوف بالمخاطر على صحتهم النفسية، وغيرها من التفاصيل. في البداية تحدث المحقق مع اللوء صلاح الشربينى، مساعد وزير الداخلية لقطاع التدريب سابقا، عن الحراسات الخاصة والظروف الصعبة التي يعملون فيها والمخاطر التي يتعرضون لها، فقال: «رجال الحراسات الخاصة «جنود مجهولون»، يتحملون على عاتقهم مسئوليات جسيمة تتمثل في حماية الشخصيات المهمة، من أي خطر قد يتعرضون إليه.. وفى اليونة الأخيرة ومع تزايد خطر الجماعات الإرهابية المتطرفة، زادت المسئوليات والأعباء الملقاة عليهم، وأيضا زادت المخاطر التي قد يتعرضون لها.. ورجل الحراسات الخاصة، يحمل "روحه على كفه" كما يقولون، ولديه قناعة تامة بأنه قد ينال الشهادة في أي لحظة، ولذلك فإن كل منهم يلقب نفسه ب "شهيد تحت الطلب".. وعنصر الحراسات الخاصة يعمل في ظروف صعبة للغاية، فالكثير من الشخصيات المهمة التي يتولى حراستها، مستهدفون من العناصر المتطرفة، ومن ثم فإن عنصر الحراسات، يكون هو الآخر مستهدفا بالاغتيال، وفى بعض الأحيان يبدأ المهاجمون باستهدافه أولا لتسهيل مهمة "قنص" الشخصية المهمة.. وفى كثير من الأحيان يستخدم المهاجمون أسلحة آلية متطورة، وسريعة الطلقات أي أنها لا تخطئ أهدافها أبدا، ما يصعب من مهمة عنصر الحراسات».. اللواء الشربينى أضاف: "يتم تدريب عنصر الحراسات الخاصة، وفق قاعدة ثابتة هي أن حياة الشخصية المهمة، هي مسئوليته ومهمته الوحيدة الحفاظ عليه من أي أذى، وفى نهاية التدريب يكون لديه استعداد تام للتضحية بحياته، لإنقاذ الشخص الذي يحرسه، وفى ذات الوقت حماية المحيطين به، أو المارة في الشارع من المواطنين وتجنب تعريضهم للخطر.. ويتولى عملية التدريب ضباط على مستوى عال من الكفاءة والخبرة، ومعظمهم عمل في الميدان مع شخصيات ومسئولين كبار، وهناك تعاون مع القوات المسلحة لتدريب عناصر الحراسات الخاصة، في مدرسة الصاعقة، وهى تدريبات متقدمة، تمكن "العنصر" من التعامل في أكثر الظروف صعوبة، وأكثر المواقف خطورة.. ولا يقتصر التدريب على الرماية واللياقة البدنية فقط، بل يشمل وضع خطط محكمة لتطويق المكان أو وإخلاء الشخصية وقت التعرض للخطر، وكذلك اكتشاف العناصر المتطرفة ومطاردتها.. أيضا هناك تنسيق تام بين عناصر الحراسات الخاصة، وقطاعات الداخلية الأخرى مثل رجال المرور الذين يفتحون الطريق لمرور الموكب، وضباط البحث الجنائى المنشورين على طول الطريق ". حسن الخلق والأمانة.. أولا التقى المحقق مصدرا أمنيا مطلعا، وسأله عن السمات الشخصية، والمواصفات البدنية التي يجب توافرها في عنصر الحراسات الخاصة، فأجاب: هناك سمات شخصية مهمة لا بد من توافرها في عنصر الحراسة الخاصة سواء ضابط أو أمين أو فرد شرطة، وهذه السمات أهم بكثير من المواصفات والقدرات الجسدية.. أهمها "حسن الخلق"، لأن عمله يقتضى وجوده مع الشخصية داخل مسكنه، ومرافقته في سفرياته الخاصة – المصايف على سبيل المثال - وربما يلتقى بأفراد أسرته ويتعامل معهم.. وفى بعض الأحيان تكون الشخصية "امرأة"، ومن ثم فإن مرافقيها من الحراسات الخاصة يجب أن يكونوا على مستوى عال من حسن الخلق.. "الأمانة" هي الأخرى من الصفات التي يجب توافرها في عناصر الحراسات الخاصة، فلا يجوز له التحدث عن أي شيء يراه في مسكن الشخصية المهمة، أو أي أمور قد يعرفها بالصدفة عن عمله أو عائلته.. أيضا لا بد أن يكون عنصر الحراسة الخاصة "شجاعا مستعدا للتضحية بنفسه" في أي وقت.. كما يجب ألا يكون عنصر الحراسات الخاصة "فضوليا"، وألا "يتلصص" على الشخصية المهمة، ولا يسأل عن أشياء لا علاقة له بها، ولا يشارك في أي حوارات أو مناقشات، وهنا يمكن القول إنه "لا يرى ولا يسمع، إلا كل ما هو متعلق بعمله فقط، ويكون كل تركيزه على الأماكن التي قد يأتى منها خطر على حياة الشخصية". لياقة بدنية ونظر حاد واصل المصدر حديثه قائلا: "اختيار عناصر الحراسات الخاصة، غالبا يكون من بين رجال العمليات الخاصة بقطاع الأمن المركزى، وفقا لمواصفات بدنية محددة، فالطول يجب ألا يقل عن 175 سم، وعرض الصدر 85 سم، وقوة النظر " ستة على ستة شارب" أي حاد، كما يمتاز بقوة عضلية كبيرة ولياقة بدنية فائقة تمكنه من التصرف بسرعة ودقة، وبالطبع لا بد ألا يكون قد خضع لعمليات جراحية كبرى، أو أصيب بأمراض خطيرة، أو بأعيرة نارية في مواجهات سابقة، كما يخضعون لاختبارات نفسية عديدة، للتأكد من اتزانهم النفسى، وخلوهم من أعراض التوتر والارتباك، وقوة الاعصاب، والثبات الإنفعالى، والعمل تحت ظروف صعبة.. بعد تحديد العناصر التي تنطبق عليها المواصفات البدنية، والسمات الشخصية التي تتحدد عن طريق تحريات سرية تجريها عدة جهات داخل الجهاز الشرطى، يتم إلحاقهم بمعهد التدريب، وفيه يخضعون لعدة برامج تدريبية مكثفة، وتتضمن تدريبات رياضية مثل الجرى، وتمرينات "السويدى" المختلفة ومنها "الضغط والعقلة"، وبعض الألعاب القتالية ك"الملاكة، والكاراتيه، والجودو" وغيرها.. وفى معهد التدريب قسم خاص للرماية باستخدام كافة أنواع الأسلحة والذخائر، ويحرص المدربون على ثقل مهارات عناصر الحراسات الخاصة في التصويب على الأهداف الثابتة والمتحركة، ومن الوضع الثابت ووضع الجرى أو الإنبطاح أرضا، وتدريبات الرماية تحظى باهتمام خاص، نظرا لأهميتها القصوى في عمل عنصر الحراسات الخاصة ولا مجال للخطأ فيها نهائيا.. ويتم التدريب على استخدام «الطبنجات» الخفيفة في البداية، ثم البنادق الآلية، والرشاشات مختلفة الأعيرة، وصولا إلى الرشاشات المتعددة التي تصل سعة خزائنها إلى 360 طلقة.. ويمكن أن يكون البرنامج اليومى للمتدربين على النحو التالى: الانتظام في طابور صباحى في تمام السادسة، ثم البدء مباشرة في التمرينات الرياضية بالجرى في "تراك" خاص، ثم أداء بعض تمرينات السويدى، وفى السابعة والنصف تناول طعام الإفطار، ثم محاضرات مكثفة عن تأمين الشخصيات المهمة، وكيفية التعامل مع الأخطار التي تهدد حياتهم.. بعدها يبدأ التدريب على ألعاب القتال والاشتباك، وأساليب مواجهة "العدو".. وفى الثالثة عصرا تبدأ تدريبات الرماية.. وفى ميدان التدريب تتم "محاكاة" لعملية تأمين شخصية مهمة وقت الاعتداء عليها، في مختلف الظروف سواء في الشارع أو أمام المنزل أو خلال المشاركة في مؤتمر أو اجتماع.. هذا البرنامج يتم تعديله من وقت لآخر وفقا لسير عملية التدريب". اختبارات نفسية صعبة ولفت المصدر إلى نقطة وصفها بأنها الأهم على الإطلاق في عمل عناصر الحراسات الخاصة، وهى الحالة النفسية للحارس.. وقال: "الحالة النفسية من الأمور التي يتم وضعها في الحسبان عند اختيار الحارس الخاص، ولا بد أن تتوافر فيه عدة اشتراطات منها: "لم يسبق إصابته بأى مرض نفسى خطير مثل انفصام الشخصية، وألا يكون عصبى المزاج أو مندفعًا أو سريع الغضب، وله قدرة فائقة على السيطرة على أعصابه مهما كانت الظروف، وألا يفقد تركيزه لأى سبب من الأسباب".. المصدر أشار إلى أن عناصر الحراسات الخاصة يخضعون لاختبارات متعددة الغرض منها قياس قدرتهم على التحكم في الأعصاب، ومدى الثبات الانفعالى لديهم، والتوافق العضلى العصبى، وقدرتهم على العمل تحت ضغط وفى ظروف صعبة، وقدرتهم على تجنب الآثار السلبية لما قد يتعرضون له من مشكلات عائلية أو خاصة.. وخلال عملية التدريب يتم إعداد برامج واختبارات نفسية صعبة لتهيئة عناصر الحراسات الخاصة نفسيا، لتقبل ما قد يتعرضون له من إصابات بالغة قد تصل إلى درجة العجز، وخلق عقيدة لديهم بأن حياة الشخصية التي يتولون حراستها، أهم من حياتهم بألف مرة، وبالتالى فهم يتقبلون الشهادة بصدر رحب.. المصدر أضاف: " بعد تعرض عنصر الحراسات الخاصة لإطلاق نار، أو إضطراره لاستخدام سلاحه والاشتباك مع عناصر إرهابية، يحصل على إجازة إجبارة لمدة تتراوح بين 7، و10 أيام، بعدها يخضع لاختبار نفسى للتأكد من عدم تأثره سلبيا بالحادث، لأنه يكون قد "رأى الموت" بعينيه، ومن ثم فإنه ربما يصاب بحالة من الخوف الشديد لا تمكنه من أداء عمله مجددا، كما أن أي حادث اعتداء يتعرض له، قد يدفعه لاستخدام سلاحه، وإطلاق النار في مواقف لا تستدعى ذلك.. وبعد اجتيازه ذلك الاختبار يعود إلى مزاولة عمله مرة أخرى". أسلحة متطورة ووسائل اتصال حديثة انتقل محقق "فيتو" إلى مصدر أمني آخر وسأله عن أنواع الأسلحة التي يحملها عنصر الحراسات الخاصة، فأجاب: "تختلف أنواع الأسلحة التي يحملها عناصر الحراسات الخاصة، باختلاف الشخصية التي يتم تأمينها، وما إذا كانت مستهدفة بقوة من الجماعات المتطرفة أم لا، وهذا الأمر يتم تحديده وفقا لتحريات الأجهزة المختصة وعلى رأسها الأمن الوطنى.. فمثلا وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم، تتم حراسته من قبل ضباط على مستوى عال جدا من الكفاءة، مسلحين برشاشات متطورة من نوعية "هيكلر" الألمانية، ويتحرك في موكب يضم سيارات حراسة وأفرادا مسلحين أيضا، وتشديد الحراسة عليه رغم خروجه للمعاش، لأنه على قائمة المستهدفين من الجماعات الإرهابية خصوصا "الإخوان"، لأن فض اعتصامى رابعة والنهضة تم في عهده، ونفس نوعية السلاح تكون بحوزة عناصر الحراسات الخاصة المرافقين للوزراء، خصوصا الوزارات السيادية.. أما الشخصيات العامة فإن تسليح حراستهم يتدرج بحسب الخطورة على حياتهم، فهناك من يتم تأمينهم بضباط مسلحين بطبنجات متطورة ألمانية الصنع أيضا، وهناك من يتولى حراستهم أمناء شرطة وأفراد يحملون طبنجات متطورة، مع خزائن طلقات احتياطية".. كما تتم الاستعانة بسيارات الحراسة لتأمين أصحاب المناصب الحساسة والمهمة، مثل وزراء الداخلية والخارجية ورئيس مجلس النواب، ورئيس الوزراء، ورجال الدين الإسلامى والمسيحى، حيث تُخصص لكل منهم سيارة أو سيارتان بكل منها ضابط وأمين شرطة و4 مجندين، فضلا عن وضع تمركزات أمنية للحراسة أمام مساكنهم على مدى ال "24" ساعة تضم أمينى شرطة ومجندين.. المصدر أضاف أنه بعد ظهور أسلحة متطورة في أيدى العناصر الإرهابية، واستخدامها في العديد من الجرائم، حرصت الجهات المختصة على تزويد أفراد الحراسات الخاصة بالأسلحة المتطورة القادرة على مواجهة أسلحة الإرهابيين، وكذلك الاعتماد على وسائل اتصال حديثة، لا يمكن رصد المكالمات التي تصدر منها، للتنسيق بين الجهات الأمنية المختصة في حالة حدوث أي هجوم على "الشخصية المهمة.. وبالنسبة للوفود الأجنبية الزائرة للبلاد، فيتم تأمينها بواسطة مأموريات تضم عناصر قتالية من العمليات والحراسات الخاصة، مسلحين بأسلحة آلية متطورة للغاية، وتظل هذا الحراسة مع الوفد الأجنبى حتى يغادر البلاد ". خطوات تعيين الحراسة كشف مصدر أمني مطلع عن خطوات تعيين الحراسة الخاصة موضحًا: "الخطوة الأولى هي تقديم طلب تعيين حراسة إلى وزارة الداخلية، موضحا فيه أسباب طلب الحراسة.. الخطوة الثانية يتم عرض الطلب على قطاع الأمن الذي يتولى إجراء التحريات حول صاحب الطلب، والتأكد من صحة الأسباب الواردة به، وبناء على تلك التحريات يتم قبول الطلب أو رفضه.. الخطوة الثالثة في حالة الموافقة، يتم إحالة الأوراق إلى قطاع الحراسات الخاصة، الذي يحدد العناصر المناسبة حسب "أهمية الشخصية والمخاطر التي قد يتعرض لها".