عصام حجي.. «الغامض» الذي قدم «علمه» قربانا ل«السياسة» مشروعه العلمى كشف أزمة الثقة بين التيارات السياسية «البديل» أزمة كل العصور في مصر.. طفل غير مكتمل الملامح دائما.. يبدو وكأنه سر من أسرار «المحروسة» التي كانت دائما حالة خاصة في نظامها السياسي وخياراتها الشعبية للالتفاف حول حاكم بعينه مرورا بإسقاط ورقة التوت عنه.. استمرت «إشكالية البديل» تفاحة محرمة ولعنة تقذف صاحبها في دوامات السقوط للأبد.. فمن بدائل عصر مبارك لبارونات ثورة يناير وأعلامها إلى حلفاء 30 يونيو الذين بهتت طلتهم السياسية ولم يعد لهم وجود.. فالبديل عندما يكون بلا طله.. بلا رؤية فإنه يكون أقرب إلى الشهب.. سرعان ماينطفى! مؤخرا.. فجر الدكتور عصام حجي، المستشار العلمى السابق لرئاسة الجمهورية، الباحث في علوم الفضاء بوكالة ناسا الأمريكية، قنبلة من العيار الثقيل، بطرحه مؤخرا مبادرة مصرية سلمية مفتوحة للجميع حسبما أسماها لمرشح رئاسى لم يحدده في انتخابات الرئاسة القادمة في 2018، تحت راية موحدة لمحاربة الفقر والجهل والمرض، ويكون العدل والتعليم والصحة الأساس لتحقيق طموحات المصريين، في أن تصبح مصر دولة مدنية، ذات اقتصاد قوى تستطيع من خلاله أن تحفظ كرامة الجميع. "حجي" جعل لمشروعه الرئاسي، مجموعة مبادئ، اختصرها في التعليم، ونشر روح التسامح، ووقف الانهيار الاقتصادى والاحتقان الاجتماعي، عبر برنامج زمنى من أربع سنوات، يستعين خلالها بالخبرات المصرية في الداخل والخارج، مع وضع الأولويات لها في الموازنة العامة للدولة، وتكريس كل العوائد الداخلية والمساعدات الخارجية للقضايا الخمس. كل الشواهد المحيطة تشير إلى أن "حجى" لا يقف على أرض سياسية صلبة تمكنه من إقناع الجميع بجدية مشروعه؛ فالأطراف المتصارعة على جدلية «ثورة دى ولا انقلاب»، والذين يمثلون رأس مشروع «عالم ناسا»، يرونه مجرد ديكور زائف تم استخدامه لتجميل وجه السلطة الانتقالية التي أعقبت عزل الإخوان، دون الالتفات لاعتذاره المتكرر عن الفترة التي عمل فيها، مع الرئيس السابق المستشار عدلي منصور. وربما تظل هذه النقطة مرافقة تحتاج إلى تأمل في كيفية بناء الرجل تصوراته للمستقبل، وبناء شبكة تحالفاته لمشروعه الرئاسي، لاسيما وأن الكثيرين يرونه يطرح مجرد مبادئ عامة قٌتلت بحثا، دون أن يجد الآلية والوعاء المناسب لاستيعابها، فضلا عن عدم استعانته بأشخاص يلتف حولهم المصريون، يتأكدون من خلالها من جدية الطرح، ونزاهته عن الهوي، وحصانته ضد «إنفلونزا السلطة» التي تصيب كل من يقترب منها. والمثير أنه منذ إعلان "حجي" عن مبادرته، لم تعلن أي شخصيات عامة تبنيها للمبادرة، أو تتحرك للتنسيق معه، ما يكشف عن عمق أزمة الثقة بين التيارات السياسية، سواء العتيقة أوالتقليدية، أو الحركات والأحزاب والرموز التي ظهرت بعد ثورتى 25 يناير، و30 يونيو، لتبقى أبواب النبوءات مفتوحة على مصراعيها، لما قد يحدث مع مشروع «عالم ناسا» خلال الفترة القليلة المقبلة، بغض النظر عن عدم ترشيح نفسه، واكتفائه بالملف العملى والبحثي.