عظيم أن يتحدث الرئيس في الإعلام، ويشرح للناس ما يعتبره إنجازات لفترة حكمه، التي تخطت السنتين بقليل، لكن ذلك لن يغير الواقع الصعب الذي يعيشه السواد الأعظم من المصريين هذه الأيام، وما سبقها، خاصة بعد انخفاض قيمة العملة رسميًا بمقدار 30%، وتدهور الأمان المجتمعي، خاصة من ناحية الغذاء وارتفاع أسعار الإيجارات بشكل مبالغ فيه، إذن أي حديث عن الإنجازات سيكون غير واقعي وغير مجدٍ في ظل صعوبات معيشية هائلة أفقرت المستورين من الشعب، وأطاحت بالفقراء لمراحل أدنى بكثير من كل العصور السابقة. تحدث الرئيس مع المذيع أسامة كمال عن حرية الإعلام واحترامه لحق التعبير، فهل نستطيع بكل أريحية أن نقول للسيد الرئيس إنه في خلال سنتين في حكمك صعبت الحياة على الضعفاء والفقراء ومتوسطي الحال، وإن الكثيرين من هؤلاء كان يعول كثيرًا على كلامك الذي صرحت به مع مذيعي مرحلة التمهيد (لميس الحديدي وإبراهيم عيسى) عندما قلت لهم بالنص: (أنا مش عاوز أرفع الدعم عن المصريين قبل ما أغنيهم). هل أغنيتهم سيادتك؟ وهل ضاعفت من دخولهم مثلما وعدت؟ هل رفقت بهم كما أوضحت أن تلك هي مهمتك التي ترشحت من أجلها وتخليت عن زيك العسكري المحترم لتختم بها حياتك العملية؟ الواقع -سيادة الرئيس- أنكم قمتم بتحقيق الوعد الثاني، وهو رفع الدعم عنهم ولم تحقق الأول مطلقًا، بالطبع تتذكر سيادتك أن أول قراراتك المؤثرة كانت رفع أسعار المحروقات والوقود بنسب تخطت النصف، وكان ذلك في رمضان قبل الماضي، تلك كانت أولى هداياك غير المفهومة لدى العامة والبسطاء الذين أشرف بالانتماء لهم، والدفاع عنهم، لذا لن أكون مجاملاً أو حتى دبلوماسيًا في الحديث عن كل ما مسهم وأتعبهم وزاد من بؤسهم، على مدى سنوات كان لكم من نصيبها اثنتان! لقد تضاعفت أسعار السلع تقريبًا في مصر خلال تلك المدة وبدأ رؤساء شركات الكهرباء والماء والغاز الحكومية في التقرب لدى الوزراء المختصين بمباركة موجة الغلاء الذي استشعر البعض أنه توجه عام للدولة وسياستها القائمة والمستقبلية، والدولة عند هؤلاء هو الرئيس وفقط. وقطعًا للشك باليقين، تحدثت -سيادتكم- في أكثر من مناسبة عن عدم قدرتك على إعطاء الشباب أو الاستمرار في دعم الماء والكهرباء، بينما يرى الشعب ويسمع عن زيادات مهولة وفلكية ومستفزة لجهات بعينها في الدولة، أيهما أولى سيادة الرئيس من يملكون الكثير أو من يحلمون بالقليل؟ وبالقطع هناك إنجازات إنشائية ولكنها ليست بالمجان، أو من قبل الدعم لشعب يستحق الرفق، كما أكدتم سيادتكم، الواقع أنها كلها من جيب الشعب، وخاصة فقراءه، فوزير الكهرباء الذي كان يتباهى بمحطة الصعيد أكد أن تكلفتها ستغطى بالكامل من جيوب المشتركين، كان يمكن قبول ذلك لو قال من جيوب أساطين رجال الأعمال وأصحاب المصانع الذين يبيعون للمصريين خيرات بلدهم بالسعر فوق العالمي، ومع ذلك قامت الحكومة الموقرة بتخفيض سعر الطاقة لهم بما يقرب من 40%..هل هؤلاء هم من كنت تقصدهم برفقك يا سيادة الرئيس، أم ماذا؟ أما عن الإنجاز الملوس في تطوير العشوائيات ونقل الفقراء لحي الأسمرات بالمقطم، فهذا عمل جد عظيم، ولكن تبقى قيمة الإيجار الشهري الكبير الذي لا يقدر هؤلاء المفقورون والضعفاء عن دفعه شهريًا، فأغلب هؤلاء "أرزقية" أو موظفون من الطبقة الدنيا في المجتمع، ولو كانوا يملكون من حطام الدنيا شيئًا ما دفنوا أنفسهم وأهليهم في العشوائيات، فلا يحق أن نهبهم الحياة مع منغصاتها.. الرفق يا سيادة الرئيس! سيكون الكلام عن الإنجازات حتمًا في موضعه عندما تتغير حياة الناس للأفضل وعندما يسود العدل بين فئات المجتمع بأكملها وعندما نشعر بأننا مواطنون متساوون في الحقوق وفرص الحياة، في دولة أو حتى شبه دولة، كما وصفتموها سيادتكم من قبل، غير ذلك سيكون مجرد كلام سريع الذوبان في واقع مر لا يطاق.