وزير الطيران يقرر تشكيل لجنة التحقيق في حادث سقوط الطائرة وتحطمها باعتبار أن مصر هي الدولة التي وقع على أرضها الحادث استيقظ المصريون صباح الخميس الماضى، على كارثة عندما أعلن عن اختفاء طائرة مصر للطيران من طراز إيرباص 320 خلال رحلتها القادمة من باريس إلى القاهرة والتي تحمل رقم 804 وعلى متنها 66 فردًا بينهم 7 من طاقم الطائرة و3 من أفراد الأمن التابعين لشركة الطيران من على شاشات الرادار في كل المحطات الرادارية التابعة للشركة الوطنية للملاحة الجوية والقوات المسلحة، وذلك عقب عبورها المجال الجوى اليونانى ودخولها المجال الجوى المصرى مباشرة ودون أن تتلقى المراقبة الجوية في منطقة الاقتراب المشترك أي إشارة استغاثة من قائد الطائرة الكابتن محمد شقير أو مساعده الكابتن أحمد عاصم، وبدأت عملية البحث عن الطائرة دون جدوى. في ذلك الوقت كان مستقبلو ركاب رحلة باريس أمام صالات مبنى الركاب رقم (3) بمطار القاهرة الدولى في انتظار ذويهم، وشاهدوا على شاشات رحلات الوصول أن الرحلة تم تأخير وصولها وبعد 20 دقيقة من الكارثة تم رفعها من على الشاشة، هنا أدرك المستقبلون أن هناك شيئًا قد وقع، لكن لم يتصوروا ما حدث للطائرة وفشلت محاولاتهم لمعرفة الحقيقة وظلوا رابضين أمام المطار حتى شروق الشمس، بعدها بدأت تتسرب إليهم الأنباء حول الحدث رويدًا رويدًا، وتعالت أصوات تشير إلى أن الطائرة اختفت وجار البحث عنها. بدورها سارعت شركة مصر للطيران في تخصيص قاعة بعيدة عن مبنى المطار لاستقبالهم، وتحديدًا قاعة كمال علوى بمقر شركة مصر للطيران للخدمات الجوية لمعرفة مصير رحلة باريس، كما تم استدعاء أحد مشايخ الأزهر وأحد القساوسة لتهدئتهم وعدد من الأطباء وطاقم تمريض لإسعاف الحالات الطارئة. المشهد السابق استمر لساعات طويلة، ولم يحصل أقارب الضحايا على أي معلومات سوى أن الطائرة مختفية وجار البحث عنها، وتمسك معظم الأهالي بأمل ضائع وهو الوصول إلى الطائرة.. وبعد ما يقرب من 10 ساعات تسرب لهم خبر عقد شريف فتحى المؤتمر الصحفى حول الطائرة المصرية، لتخيب ظنونهم بعد أن شاهدوا وزير الطيران يتمسك برأيه في اختفاء الطائرة، في الوقت الذي كانت توحى فيه الردود ذاتها بأن الطائرة سقطت وتحطمت والمسألة لا تتعدى سوى استهلاك للوقت ومحاولة لتخفيف الصدمة على أهالي الضحايا رغم أن كل وسائل الإعلام بالدول الخارجية أعلنت سقوط الطائرة وتحطمها في مياه البحر المتوسط، فيما ذهب البعض للتأكيد أن الطائرة تعرضت لعمل إرهابى استهدفها عقب دخولها المجال الجوى المصري. بعدها بدأت المعلومات والبيانات الواحدة تلو الأخرى حتى تسلمت وزارة الطيران خطابًا رسميًا من وزارة الخارجية يفيد العثور على مواد طافية يرجح أنها لحطام الطائرة بالقرب من جزيرة كارباتوس اليونانية. بعد مرور 24 ساعة كاملة على اختفاء الطائرة تم كشف الحقيقة عندما نجحت دوريات تابعة للقوات المسلحة المصرية في العثور على بقايا حطام ومتعلقات الركاب على بعد 295 كيلو من سواحل الإسكندرية، وقدمت من جانبها شركة مصر للطيران التعازى لأسر الضحايا. أعقب ذلك قرار وزير الطيران بتشكيل لجنة التحقيق في حادث سقوط الطائرة وتحطمها باعتبار أن مصر هي الدولة التي وقع على أراضيها الحادث، ولكن السؤال متى تبدأ اللجنة التي يرأسها الطيار أيمن المقدم ؟ لا يمكن للجنة أن تبدأ إلا بعد العثور على الصندوقين الأسودين لأنهما كاتم أسرار رحلة الطيران. أما التحقيقات التي تشمل الحادث فهى نوعان تحقيق جنائى تقوم به النيابة العامة والتحقيق الفنى تقوم به لجنة التحقيق المشكلة بقرار وزير الطيران. ولحين توصل قوات البحث والإنقاذ إلى الصندوق الأسود ونقله إلى مقر لجنة التحقيق تبدأ خطوات التحليل للحادث والخروج بنتائج حول أسباب سقوط الطائرة. تجدر الإشارة هنا إلى أن الطائرة المنكوبة مزودة بجهازين لتحليل حوادث ووقائع الطائرة، الأول جهاز يقوم من خلال شريط مغناطيسى بتسجيل كل المحادثات والاتصالات الصوتية التي تتم بين طاقم طائرة القيادة وبعضهم البعض أو بين طاقم القيادة ووحدات المراقبة الأرضية، كما يسجل الأصوات والإشارات التحذيرية التي تحدث في كابينة القيادة أثناء الطيران مثل الإنذار بالحريق وخلافه. أما الجهاز الثانى فيقوم بتسجيل بيانات الرحلة للطائرة ومحركاتها بصورة رقمية، مثل سرعة الطائرة وارتفاعها واتجاهها المغناطيسى والعجلة الرئيسية للطائرة، كما يسجل بيانات خاصة بالمحركات مثل معدل سريان الوقود للمحركات وضغط الوقود ودرجة حرارته، ودرجة حرارة عادم المحركات وضغط الزيت داخلها يسجل بيانات أسطح التحكم للطائرة وبيانات جهاز تكييف الضغط داخل الطائرة. مجازًا.. يطلق على هذه الأجهزة الصندوق الأسود للطائرة رغم أن لونه (برتقالى) ويتحمل درجة حرارة تصل إلى 1100 درجة مئوية كما يتحمل تثاقل رأسى يصل إلى 100 مرة مثل عجلة الجاذبية الأرضية وذلك بهدف ضمان بقاء التسجيلات داخله في حالة آمنة تحت أي ظروف ليرجع إليها الفنيون في تحليل الحوادث. الانفجار الانفجار لا يحدث إلا لأسباب خارجية أما الرياح أو السحب الرعدية فهى تؤثر في حدوث مطبات هوائية واهتزازات ولكن لا تؤدى إلى الانفجار، هذا ما أكده خبراء الطيران ل"فيتو" ففى الأحوال الجوية السيئة جدًا مثل السحب الرعدية فإنها قد تحدث خللًا في السرعة وقد تؤدى الصواعق إلى حدوث هزة عنيفة أو تلف في العدادات وفى الأحوال الأكثر سوءًا قد يصاب الجناح بكسر يستدعى الهبوط الاضطرارى وبصفة عامة فإنه غير مصرح للطيارين دوليًا بالدخول في السحب الرعدية التي تتراوح ارتفاعها بين 20 ألف قدم و50 ألف قدم وبعرض مائة ميل وتضيء السماء بصورة تجعل الليل نهارا. ورغم ذلك فإن هذه السحب لا تؤدى إلى انفجار الطائرة.. إن أصعب مرحلة في الطيران هي مرحلة الإقلاع وكل مرحلة في الطيران لها خطورتها بعد أن يتم سحب عجلات الطائرة من على الممر. الطريق الملاحى.. آمن موقع حادث الطائرة المصرية المنكوبة طريق ملاحى سليم 100٪ ولا يوجد به أي خطورة من ناحية الجو وعليه تمر الطائرات كل يوم.. ومهما يكن الأمر فإن الثابت من خلال تاريخ الطائرة الإيرباص 320 أنها سليمة فنيًا 100٪ وأنها لا يمكن لها أن تنفجر بسبب سوء الأحوال الجوية أو عطل فني.. إذا هناك أسباب أخرى. الاختفاء يعنى كارثة لم يسجل تاريخ الطيران المدنى على مدى تاريخه الطويل حالة واحدة لاختفاء طائرة من على شاشات الرادار ثم ظهورها مرة أخرى في وقت لاحق، حيث إن الطائرة والبيانات الخاصة بها تكون مسجلة ومرئية لدى المحطات الرادارية. آخر اتصال لقائد الطائرة المصرية في الجو كان آخر اتصال أجراه الكابتن محمد شقير، قائد الطائرة المصرية، قبل عبور المجال الجوى اليونانى مع أحد أفراد المراقبة الجوية حيث قام بتحيته وشكره على التعاون معه طوال وجوده بالمجال الجوى اليونانى عند نقطة "كومبي" الفاصلة بين الدولتين اليونانية والمصرية وبعدها انقطع الاتصال. القدر يحول دون إتمام اللقاء كان آخر اتصال له أثناء وجوده في مطار "شارل ديجول" مع صديقه المهندس محمد سعيد محروس، رئيس شركة الميناء، أثناء وجوده في تورنتو بكندا في مهمة عمل وكانت المحادثة بينهما تتسم بالتفاؤل واتفقا على اللقاء في القاهرة لكن القدر حال دون إتمام اللقاء. السؤال الحائر ويتبقى السؤال الحائر بين المعقول واللامعقول حول الأسباب الحقيقية لوقوع الحادث خاصة بعد الشائعات التي أحاطت بالطائرة من كل جانب وسائل إعلامية بدول تحمل كراهية للوطن ومنابر إعلامية أيضًا، تابعة لجماعة الإخوان، تتابع حملاتها المشبوهة. كل ما تم تداوله والذي يدين مصر يأتى في إطار الحملات المشبوهة ولا يجب النظر إليها، لكن المؤكد أننا أمام واقعة بعينها والمؤشرات تؤكد أن هناك شيئًا قد وقع بعيدًا عن الأعطال الفنية، والدليل على ذلك أن قائد الطائرة لم يصدر منه إشارة استغاثة وهذا ما يجعلنا ندرك أن هناك كارثة قد وقعت دون إعطاء فرصة للاستغاثة فمن المسئول ؟